السكن العشوائي وخلخلة البنية الديموغرافية وضعف التغطية الأمنية عوامل تنامي الجريمة تم التعرض لهذه النقطة السوداء من منطلق تحول مصطاف سيدي بوزيد ومولاي عبدالله إلى مجال خصب لإنتاج الجريمة بكافة أنواعها ، ذلك مرده بالأساس إلى تنامي ظاهرة البناء العشوائي خاصة إبان مرحلة الربيع العربي التي بدأت في 2011، وبالتالي نحن اليوم نجني الثمار السلبية لهذه الظاهرة التي كانت مسؤولة عن إنتاج ظواهر سلبية خطيرة مست سكينة وطمأنينة السكان، يحدث هذا في ظل خصاص أمني كبير، إذ تؤكد الإحصائيات أن مركز الدرك الملكي بسيدي بوزيد صاحب الاختصاص الترابي بكل من مولاي عبدالله وسيدي عابد، لا يتوفر سوى على 25 عنصرا موكولا لهم توفير الأمن لأزيد من 110 آلاف نسمة بتراب جماعتي مولاي عبدالله وسيدي عابد بمعدل دركي لكل 4400 مواطن وهو رقم أقل ما يقال إنه مخجل ولا يرقى إلى سقف المتعارف عليه. سيدي بوزيد ... منتجع بمشاكل متعددة عين لاجودان سعيد ناصير على رأس مركز الدرك الملكي بسيدي بوزيد، قادما إليه من خميس الزمامرة، في مهمة جديدة لا تبدو أبدا سهلة وطيعة، سيما أنه يخلف سلفه الذي تم عزله من مهامه لمخالفته الضوابط العسكرية، والوافد الجديد على هذا المركز الترابي الذي منذ مدة ليست بالقصيرة، وهو من المراكز الدركية التي تعد في قلب العاصفة، خاصة لتعدد الفضائح الكبيرة المرتبطة بانتشار دور الدعارة بسيدي بوزيد وتنامي الاتجار في المخدرات بشتى أنواعها بمولاي عبدالله وتصاعد وتيرة الهجرة السرية نحو أوربا، إضافة إلى المنحى التصاعدي للجريمة بكل أشكالها. جنس وخمور ومخدرات في 1969 بدأ الاهتمام بمصطاف سيدي بوزيد على عهد العامل صالح لمزيلي، لتخفيف الضغط عن شاطىء الجديدة، وانطلقت فيه في ما بعد تجزئة للريع أخلصت في جزئها الكبير للعشوائية، والتطاول على الممرات ومساحات كبيرة من الملك العمومي وتحفيظها في ظروف غامضة، وهو ما جعل المصطاف بدون خريطة طرقية واضحة تسهل المراقبة الأمنية اللازمة، وهو الأمر الذي حوله إلى وجهة آمنة للدعارة بمختلف أصنافها، وانتشرت به ظاهرة كراء البانكلوهات المفروشة تلبية لرغبات الباحثين عن اللذة العابرة. ووضعت القيادة الجهوية مركز الدرك بسيدي بوزيد في إطار الاقتراب أكثر لتطويق هذه الجرائم، لكن الأيام أكدت فشل مهام أكثر من قائد تعاقب على المركز سالف الذكر، إذ لم يزدد هذا المصطاف إلا انحرافا نحو الرذيلة، بل انضافت الليالي المؤثثة بالممنوعات، فضلا عن أن المصطاف يتوفر حاليا على 6 حانات لا يحترم جلها الوقت القانوني للإغلاق، إضافة إلى تحول الساحة المجاورة للولي الصالح سيدي بوزيد وكل المجال البحري طول الطريق المؤدية إلى مولاي عبدالله والشوارع المظلمة، إلى حانات في الهواء الطلق تعاقر فيها الخمور على مرأى من الجميع في واحدة من الصور التي تحيل أصلا على زمن "السيبة". مولاي عبدالله .. عشوائية وإجرام نما المجال الجغرافي لمولاي عبدالله أمغار بشكل رهيب خاصة في مرحلة "تسونامي البناء العشوائي" الذي ترتب عن فشل تدخل السلطة الإقليمية في 2011 بدوار المنادلة لهدم منازل عشوائية والتصدي لها بإحراق سيارة رئيس الدائرة وكسر كتف قائد سرية الدرك الملكي بالجديدة، وما أعقب ذلك من طوفان البناء إبان مرحلة الربيع العربي، وهو ما رفع عدد سكان جماعة مولاي عبدالله إلى نحو 120 ألف نسمة في تطور ديموغرافي لم يسبق له مثيل، جعلها في الرتبة الثانية من حيث عدد السكان بعد الجديدة عاصمة الإقليم. تطور سكاني بهذا الحجم الرهيب كان له ما بعده من حيث إنتاج الجريمة بشتى أنواعها، خاصة اعتراض السبيل والخيانة الزوجية والسرقات الموصوفة وجرائم القتل، وانتشار بؤر المخدرات وصناعة الماحيا، إذ بات من الصعب التأكد من هويات كل قاطني تراب الجماعة، وهو أمر يسائل الوضع الأمني بهذه الجماعة التي راحت ترخي سلبياتها الرهيبة على المجال الحضري للجديدة عاصمة الإقليم، خاصة على مدخل طريق مراكش. تحديات مستعصية لم يعد ساحل مولاي عبدالله ذلك الشريط الذي عرفه الناس مجالا لجني الطحالب لتحسين مدخول فئات هشة من أبناء الجماعة، بل أضحى مصدر قلق كبير للسلطات الأمنية من منظور اتخاذ منافذه البحرية، منصات مفضلة للهجرة السرية وأيضا لتهريب المخدرات نحو الضفة الأخرى، ما أضحى يفرض مجهودات أمنية استثنائية لقطع دابر المتاجرين في البشر والمخدرات، وهي مسؤولية ثقيلة تقع بشكل كبير على عاتق الكولونيل ماجور الذي تولى القيادة الجهوية للدرك الملكي بالجديدة، التي خبر تضاريسها منذ كان مكلفا بقبطانية الجرف الأصفر في مهمة تتعلق بالدرك البحري، وعلى خلفية ذلك ليست له أبدا مبررات موضوعية لإقناع الرأي العام الجديدي، بأسباب تأخر الاستجابة إلى الانتظارات الأمنية لسكان الإقليم والتي من شأن تلبيتها الوصول إلى السكينة الضرورية التي تنشدها شرائح كبيرة من المجتمع الجديدي.