fbpx
الأولى

العثماني يلبس ثوب العلماني

رئيس الحكومة السابق والقيادي في “بيجيدي” يعطل آيات القتال

فجأة استفاق سعد الدين العثماني من الحلم الصفيق وأضحى قاب قوسين من العلمانية، التي بنى مجده السياسي على معارضتها ومحاربتها، فصار نهبا لألسنة الأصوليين والسلفيين الذين ظل مصرا على الانتساب إليهم.
القيادي في حزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الأصولية، لم يجد غضاضة في “الخروج إليها نيشان”، وهو يطالب بإعادة النظر في فهم قواعد القرآن الكريم، وفق ما أصّله علماء السلف، بما يتماشى مع تطور ومستجدات العصر، معتبرا أن آيات من القرآن انتهى زمانها، دون أن يفرط في التمسك بصفته سلفيا خالصا.
العثماني، الذي حل، أخيرا، ضيفا على «منتدى الريسوني» رفقة باحثين آخرين لمناقشة موضوع “آيات القتال في القرآن.. نحو فهم مقاصدي» أثارت خرجته حفيظة السلفيين الذين تحلقوا سابقا حول مشروع حزب العدالة والتنمية، وساندوه باعتبارهم احتياطا انتخابيا، ليمهد لهم الطريق نحو دولة الخلافة والشريعة التي يحلمون بها.
ووجه رئيس الحكومة السابق صفعة قوية إلى تيار الإسلاميين الذين بنوا مشروعهم الإيديولوجي على فكرة صلاحية الشريعة لكل زمان ومكان، ليفاجئهم بقوله إن هناك العديد من الآيات القرآنية انتهى زمانها، حسب المفسرين، كما هو الشأن بالنسبة للآية القائلة “وأعدُوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل” التي لم يعد ممكنا تطبيقها في زمن الدبابات والطائرات.
كما تحدث بواقعية عن الآيات الخاصة بالرق وملك اليمين، موضحا استحالة عودتها، وهو ما فتح عليه نيران السلفيين مثل حسن الكتاني الذي وصف العثماني في خرجته بأنه “كان خطيرا مثل العديد من أفكاره القريبة من العلمانية”.
وتوقف العثماني عند “آيات القتال” التي كانت محور وموضوع اللقاء، قائلا إن تأويلها على غير ما قاله السلف من الصحابة والتابعين راجع إلى جملة من الأسباب، من بينها «تدهور العقل الفقهي»، ودخول العالم الإسلامي «مرحلة التخلف على جميع المستويات».
وأوضح الباحث في الفقه الإسلامي هاته المسألة بقوله «القول بأن آيات القتال خاصة بزمانها ليس قولا جديدا، بل قاله علي ابن أبي طالب، وابن عباس، وقتادة، وغيرهم من الصحابة والتابعين، ونحن لا نخترع شيئا من عندنا، بل نقول فقط ما قاله السلف الصالح».
ودعا العثماني إلى «تمحيص كثير من الأمور المرتبطة بأحكام الحرب والقتال وأحكام العلاقات الدولية التي صاغها الفقهاء والتي هي بنت زمانهم»، مشيرا إلى أن بعض آيات القتال «يمكن أن نناقش هل هي عامة أم خاصة، ولكن أغلبها صرح السلف من الصحابة والتابعين بأنها خاصة أو منسوخة، وهذا واضح لدى العلماء الذين ضبطوا معنى النسخ».
ورفض العثماني إقامة الحرب على الآخر المخالف في العقيدة، قائلا: «لا أجد أساسا في الشرع ولا في مبادئه لمقاتلة الآخر الذي لم يقاتلك ولم يعادك، فقط لأنه يخالفك في العقيدة».
«صحوة» العثماني وأفكاره الجريئة التي أفصح عنها من خلال هذا اللقاء، جعلت الكثيرين يتساءلون في ما إذا كانت مؤسسة على التجربة التي خاضها الحزب في تدبير الشأن الحكومي طيلة عقد من الزمان، وجعلته يعيد النظر في العديد من المسلمات والأوهام التي حصد بفضلها أصوات الناخبين، قبل أن يخذلهم ويظهر لهم أن تلك الشعارات سرعان ما تتبخر أمام الواقع الذي لا يرتفع، أم أنها تعبير عن تحرر عقدة اللسان الذي ظل مبلوعا طيلة عقود وآن له أن ينطلق.

عزيز المجدوب


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات

نود أن نشكركم على زيارتكم لموقعنا. لكننا نود أيضًا تقديم تجربة مميزة ومثيرة لكم. لكن يبدو أن مانع الإعلانات الذي تستخدمونه يعيقنا في تقديم أفضل ما لدينا.