إسبانيا تنتصر لسكان المخيمات

قرار مدريد أجبر جنرالات الجزائر على الاعتراف بأنها طرف ثابت في الملف بقلم: الفاضل الرقيبي إذا كان الإقرار الإسباني الأخير بمغربية الصحراء، من خلال الاعتراف بمقترح الحكم الذاتي حلا واقعيا وصادقا لمشكل الصحراء، قد أدخل الجزائر وتوابعها، من مكاتب وتمثيليات "بوليساريو"، في موجة هستيرية وجنون غير مسبوق، إلا أنه من جهة أخرى لاقى قبولا، ولو محتشما، من قبل سكان المخيمات المقهورين، والذين باتوا يبحثون عن مخرج من "لحمادة"، التي يبدو أنها لم تكتف بتجريدهم من كرامتهم بل حتى من فلذات أكبادهم، فباتوا بين من تحرقه الغطرسة الجزائرية في بئر تنقيب عن الذهب، ومن تدفع به "بوليساريو" إلى الأحزمة الدفاعية، ليموت من أجل تعزيز حربها الوهمية وبلاغاتها الخرافية. فبغض النظر عن حسابات السياسة ومصالح المغرب وإسبانيا، إلا أن الإقرار الإسباني جاء لينتصر لأجيال منهارة تحت خيم لم تعرف الاستقرار يوما، وراحت ضحية سنوات من الدعاية والتحريض الممنهج، ضد كل ما له علاقة بالسلام، ولو ترك اللاجئون الصحراويون المبعثرون في تندوف على سجيتهم، ودون أي ترهيب، لقالوا شكرا إسبانيا. فما الذي جناه الصحراويون من البقاء في الأراضي الجزائرية كل هذه السنين غير تعميق جراحهم، وترسيخ مفاهيم خاطئة لا تخدم شيئا، غير الأجندات الجزائرية المملة والبعيدة عن الواقعية؟ لم تكن الخطوة المغربية غير بقعة نور سطعت في ظلام المخيمات الدامس والمليء بالمتناقضات والقهر، فبينما كان رئيس الحكومة الإسبانية يبرق إلى الديوان الملكي بخصوص دعمه الواقعي للمقترح المغربي، كان الجيش الجزائري يدك آبار التنقيب عن الذهب على رؤوس شباب صحراويين، تقطعت بهم السبل للبحث عن لقمة عيشهم، بسبب منعهم من ممارسة أي نشاط تجاري، وحرمانهم من حقوقهم الأساسية باعتبارهم لاجئين، كالحق في العمل والتنقل، وهي أشياء تراها الجزائر عوامل ترف ستخرج الصحراويين عن طوعها وتمكنهم من إدراك الحقيقة. ولا شك أن ما قامت به إسبانيا خدم الصحراويين بالدرجة الأولى، لأنه ساهم بشكل مباشر في فضح النوايا الجزائرية تجاه هذه القضية التي ظل النظام العسكري ينكر تورطه فيها، ويتستر بمجموعة من المصطلحات والخطب العصماء. فقد أجبر قرار مدريد جنرالات الجزائر على الاعتراف بأنها طرف ثابت في هذا الملف بعد سحب سفيرها بمدريد، وتجنيد رئيس برلمانها لتناول القضية في افتتاح إحدى جلساته/ ناهيك عن تسخير وسائل الإعلام وسفاراتها في الخارج للتعبئة من أجل تنظيم مظاهرات ضد قرار حكومة سانشيز، الذي يعتبر في النهاية انتصارا لإرادة المنطق، وانحيازا لمصلحة الصحراويين التي تتجسد في إنهاء الملف وعودتهم إلى وطنهم، الذي هجروا منه لغايات وأجندات لن تنتهي إلا على أجسادهم. وبكل واقعية، وبعيدا عن أي مزايدات، فإن الرابح الأول من برقية سانشيز هم صحراويو المخيم، المنتمون للصحراء، حقيقة لا استيرادا من أحياء تندوف الفقيرة وشمال مالي وموريتانيا، فهم وحدهم من ذاق مرارة اللجوء وقساوة المناخ والجزائر معا، فإسبانيا لم تخدم مصالح المغرب في هذه القضية، بقدر ما حكمت لغة العقل تجاه الصحراويين، الذين تعتبر هي ومجتمعها المدني الأقرب إليهم، بحكم أن الجمعيات الإسبانية العاملة في الحقل الإنساني تعمل منذ خمسين عاما في تلك الخيم.

إسبانيا تنتصر لسكان المخيمات

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"ولاد الناس"

قطع غيار فاسدة تغزو الأسواق

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات