مندوب السياحة قال لـلصباح إن المدينة تتحول تدريجيا من سياحة عبور إلى سياحة إقامة أكد عبد الفتاح باودن، المندوب الإقليمي للسياحة ببني ملال، أن المدينة تتوفر على مؤهلات مهمة تحتاج إلى الاستثمارات، من أجل تحويلها من مدينة عبور إلى وجهة سياحية للاستقرار. وأوضح باودن في حوار مع "الصباح"، أن جميع الفاعلين من مجالس منتخبة وقطاع خاص وجماعات ترابية مسؤولون عن تنمية القطاع، باعتباره رافعة للتنمية الجهوية. في ما يلي نص الحوار: أجرى الحوار: برحو بوزياني- تصوير (عبد المجيد بزيوات) ما هي المؤهلات السياحية التي تتوفر عليها بني ملال، ولماذا لم تستطع لحد الساعة استثمارها بشكل أفضل؟ لدى بني ملال مؤهلات تشكل نقط قوة، فهي معروفة ببطاقتها البريدية المتمثلة في عين أسردون، والتي تحظى بصيت وطني ودولي، والدليل على ذلك، أن حجم التدفقات السياحية على المدينة، تتركز على هذا الموقع السياحي. وحسب إحصاء قامت به المندوبية، فقد تبين أن عددا كبيرا من السياح الأجانب يتوقفون في منتزه عين أسردون، وهذا يقودنا إلى الحديث عن مشروع التهيئة الذي يعرفه المنتزه، وإحداث متحف به وتحديث مرافقه، وفضاءات للاستقبال السياحي وأخرى للقراءة وألعاب الأطفال. وهناك مخطط لربط المنتزه بعدد من العيون المجاورة، مثل عين تمكنونت وعين سيدي بويعقوب. وهذه المدارات ستوفر لها جميع المؤهلات، لجعل الزوار يمددون الإقامة بالمنتزه، وتحويل المدينة من سياحة عبور إلى سياحة إقامة. طيب، ما هي الأهداف التي وضعتموها لتحسين جاذبية المدينة؟ أكيد أن قطاع السياحة بالمدينة والإقليم عموما يتمتع بمواقع ذات أهمية سياحية، أهمها الجروف الصخرية، التي تعتبر فضاء سياحيا بامتياز، وتحتضن أنشطة راجلة وراكبة، ورياضة التسلق التي تستهوي هواة الترفيه والرياضة وسياحة المغامرة. وهناك أيضا محيط المدينة الذي يتوفر على شريط الدير، وقرية فم العنصر وتاكزيرت وغرم العلام والقصيبة، ونحن نتعامل مع المعطى السياحي، ليس بمنطق التقسيم الإداري، بل نعتبر الفضاءات السياحية متكاملة ومتجانسة، ولذلك، لدينا إقليم نعتبره وجهة سياحية صاعدة، لأنها تتوفر على مؤهلات كبيرة، لكن ما يعوزنا هو استثمارها لتحويلها إلى رافعة للإقلاع السياحي الحقيقي على مستوى الإقليم. وهناك أيضا عرض ثقافي متميز يتسم بالأصالة والعادات، خاصة في المناطق الخلفية للإقليم، والتي تجعل من السفر مزدوجا في المكان والزمان، يمكن الزائر من الغوص في العادات والتقاليد والأعراس بطقوسها الغنية، ما يجعل السائح في سفر زماني، يرى من خلاله غنى الموروث الثقافي للجهة وأسواقها الأسبوعية، التي تمثل اختزالا لمرحلة تاريخية في حيز محدد. ونلاحظ أن السياح الأجانب تستهويهم الوقفات بتلك الأسواق، لأنها تختزل تاريخا في لحظة محددة، والتعرف على علاقات الأفراد وأزيائهم، في منطقة تجمع بين السهل والجبل والدير. تتميز بني ملال بمزيج من المكون العربي والأمازيغي واليهودي. هل ترون أن هذا الغنى يشكل رافدا لتنمية سياحية أيضا؟ صحيح، هناك تنوع ثقافي، لأن بني ملال نموذج للتمازج والتلاقح الثقافي بين المكونات العربية والأمازيغية واليهودية، ولا أدل على ذلك أن المدينة العتيقة وسط بني ملال، تتوفر على الملاح الذي كانت تقطنه أسر يهودية، ومع الانفتاح بين المغرب وإسرائيل، نستعد لاستقبال أفواج من الجالية اليهودية التي تتحدر من المنطقة، في ما يعرف بالسياحة الدينية، وزيارة الأضرحة، فالمنطقة تعج بعدد من الأضرحة اليهودية. هذا الغنى في المؤهلات يدفعنا للتساؤل عن واقع المؤسسات والبنيات السياحية بالمدينة؟ فعلا، الإشكال هو هذه المفارقة بين العرض السياحي بالمدينة، وهو عرض خام هائل، لكن على مستوى البنيات والتجهيزات، هناك نقص وليس في مستوى الطموحات، ونحن ما زلنا في حاجة إلى المبادرة الخاصة، التي يمكن أن تعزز قيمة العرض المتوفر بالمدينة، لأننا نتوفر على بنيات متواضعة، رغم توفرنا على فنادق أربعة نجوم، وصيغ إيواء أخرى مثل دور الضيافة، والمآوي، لكن الحضيرة ما زالت ضعيفة. ونحن بحاجة ماسة إلى المزيد من الاستثمارات من أجل رفع الطاقة الإيوائية للفنادق، وتنوعها ما يمكنها من الاستجابة لمختلف أنواع الطلب الحاصل أو المرتقب. وماذا عن النقل السياحي؟ مازال لدينا خصاص في أسطول النقل السياحي، فعدد الشركات بالإقليم محدود وتمارس أنشطتها خارج الإقليم، والمدينة، ونحن نتفهم الفاعل الخاص الذي يبحث عن الربح وتنمية مشاريعه، لكن نأمل في أن يكون هناك زخم من النشاط، يمكن الأسطول من التمركز داخل المدينة، واستقطاب المزيد من شركات النقل السياحي. وبخصوص توزيع الأسفار، نتوفر على مجموعة من الوكالات، لكن نتوسم خيرا أن تخرج تلك الوكالات من المنطق التجاري المحض لتعتبر نفسها فاعلا في التنمية، والنهوض بهذه المهمة، من خلال التخلي عن التوزيع، والقيام بصناعة الأسفار وإنتاجها، والحال أن أنشطتها تبقى تقليدية وتنحصر في بيع التذاكر والقيام ببعض الحجوزات. نحن نؤسس لبناء سياحة تكون رافعة حقيقية للتنمية ببني ملال، وهذا يتطلب انخراطا أكبر لوكالات الأسفار، لتصبح أداة إنتاج أيضا. يطرح تسويق الوجهة ضرورة تنويع المنتوج السياحي. ماذا عن فكرة المهرجانات والملتقيات السنوية لجلب السائح؟ فعلا المهرجانات تساهم في تنشيط وخلق إشعاع بالمدينة والجهة، وتحقيق تدفقات سياحية تعود بالنفع على فضاء الاستقبال. وأؤكد أن المهرجانات مكون ضمن مكونات التنشيط السياحي، لكن كل ما يدخل في إطار التنشيط الرياضي والفني والثقافي يمكن من استقطاب أفواج ووفود للمدينة، وتساهم في إنعاش الدورة الاقتصادية، وخلق إشعاع للوجهة. فضلا عن هذا، نتوفر اليوم على مجلس جهوي للسياحة، من مهامه القيام بإنعاش المنتوج، عبر قنوات الإشهار والدعاية والحضور على مواقع التواصل الاجتماعي، وإنجاز أشرطة للدعاية، ونحن بصدد إعداد عروض للدعاية بشراكة بين المجلس الجهوي والمكتب الوطني المغربي للسياحة، باعتباره الشريك المؤسساتي الذي يرافق المجالس الجهوية في مهمة إنعاش المنتوج السياحي الجهوي. واليوم نسجل بارتياح، بعد سنوات من الفراغ، أننا نتوفر على مجلس جهوي من الداعمين له مجلس جهة بني ملال خنيفرة، الذي يوفر له الموارد للقيام بمهامه. ما ذا عن دور القطاع الخاص في الاستثمار في القطاع السياحي؟ السياحة فعل تجاري قبل أن تكون فعلا إداريا، ودور الدولة هو تحفيز التنمية ومرافقة الفاعلين، لكن الفاعل الخاص، هو الفاعل الرئيسي في تنمية القطاع، لأن بدون الاستثمار في العرض السياحي، والبنيات وحلقات الإنتاج المختلفة، لا يمكن الرهان على تنمية سياحية. ويمكن أن تكون لدينا مواقع ومؤهلات رائعة، لكن في غياب فنادق وأسطول للنقل، وطواقم الإرشاد السياحي وقنوات التوزيع، لا يمكن أن يكون لنا نشاط سياحي. إن الفاعل الخاص له دور محوري. لذا نؤكد على دور الاستثمار الخاص في تنمية السياحة. وما زلنا في حاجة إلى المزيد من الاستثمارات لتحقيق الطفرة الكمية، والتوفر على فنادق مصنفة، لرفع جودة الخدمات والتمكن من الرقي بالسياحة بالجهة. 172 مليون درهم لتأهيل المواقع السياحية على ذكر دعم المجالس الترابية، ما هو حجم الدعم الذي تخصصه المجالس المنتخبة وضمنها مجلس الجهة لتنمية الجهة؟ يجب التأكيد في البداية أن تنمية السياحة مسؤولية جماعية، لأن القطاع بطابعه الأفقي، تتقاطع داخله مجموعة من الفعاليات والفاعلين، فالجهة اليوم منخرطة بشكل ممتاز في المجهود التنموي المبذول في السياحة، من خلال اتفاقية شراكة تربطنا بالمجلس، خصص لها مبلغ 172 مليون درهم، والهدف منها تأهيل أهم المواقع السياحية، في الجهة وتعزيز الإنعاش والتنشيط السياحيين. وهناك أيضا اتفاقية شراكة لمجلس الجهة مع المجلس الجهوي للسياحة تمكنه من الاعتمادات الخاصة بتسييره. ومجلس الجهة واع بأهمية السياحة، باعتبارها رافعة للتنمية المحلية وهو منخرط بشكل ايجابي في إنعاش القطاع. ويبقى اليوم أننا بحاجة إلى المزيد من انخراط باقي الجماعات الترابية على مستوى الجماعات المحلية، وكان بودنا أن تكون الجماعات حاملة لواء التنمية السياحية في دائرة نفوذها الترابي، وتصبح شريكا في تأهيل المواقع السياحية.