fbpx
مجتمع

الأفـران العشوائيـة … الخبـز الغـازي

عددها بالآلاف وغزت الأحياء الشعبية والراقية وتهدد صحة المواطنين

رغم تحذير منظمات وشبكات صحية من خطورة الأفران العشوائية التي تعتمد على الغاز في طهي الخبز، فإنها انتشرت في الآونة الأخيرة بشكل كبير في الأحياء والأزقة، وأصبحت مصدرا هاما لتزود السكان بالخبز والحلويات، إلا أن السلطات المختصة لم تتدخل لتحجيم هذا النشاط، أو فرض شروط إنتاج صحية على أصحابها، وهو ما فتح الباب أمام كثيرين من أجل المتاجرة في مادة حيوية، دون مراعاة للجوانب الصحية وحقوق المستهلكين.

اكتسب أرباب الأفران العشوائية، ثقة زائدة في أنفسهم في الأشهر الأخيرة، فبعدما كان نشاطهم يقتصر على الأحياء الشعبية، أصبح هؤلاء يقصدون أزقة الأحياء الراقية، من قبيل مقاطعة المعاريف بالبيضاء، التي تجاوز فيها عدد الأفران العشوائية المخابز المعتمدة، بالنظر إلى الاقبال الهائل عليها، لأنها تخفض الأسعار، وتقدم الخدمة في ثوان معدودة عكس المخابز.

انتشار غير مسبوق
إلى عهد قريب كان من الصعب العثور على فرن عشوائي، في أزقة مقاطعة المعاريف، لكن أصحابها فطنوا إلى عدم إعداد المخابز لبعض الأنواع من الخبز، من قبيل «المحراش» و»البلدي» و»خبز الدار»، وغيرها من الأنواع، التي تميزت بها هذه الأفران، إضافة إلى البيع بأسعار منخفضة، الأمر الذي مهد لها الطريق نحو كسب المزيد من الزبائن.
وعاينت «الصباح» في جولة قادتها إلى بعض هذه الأفران، ظروف إنتاج غير صحية، وقلة النظافة، إضافة إلى آليات تفتقد إلى الجودة الكافية، من أجل إنتاج خبز صحي، إذ أن جميع هذه الأفران تتخذ من «الكاراجات» ورشات للإنتاج، وتعتمد على أفران ذات جودة ضعيفة، علما أن الخبز والحلويات يجب أن يتم طهوها فوق حرارة 250 درجة، وهو ما تفتقد إليه هذه الأفران، إضافة إلى الاعتماد على الغاز في عملية الطهو، والذي يهدد تسربه بتسمم الخبز، وهو أمر شائع في هذه الورشات العشوائية.
وتستقبل الأفران العشوائية آلاف الزبائن يوميا، إذ تشتغل باستمرار دون انقطاع، وهناك من يضطر إلى الانتظار أمام المحل، إلى حين إخراج الخبز من الفرن، إذ يفوق الطلب العرض في الكثير من الأحيان.
ورغم أن مهنيي المخابز، ناشدوا الحكومة في الكثير من الأحيان، من أجل التدخل لوضع حد لفوضى الأفران العشوائية، إلا أن السلطات الوصية لم تبد تجاوبا مع دعوات المهنيين، الذين طالبوا بإدماج هذه الفئة عوض إقصائها، والعمل على تأهيلها ومساعدتها على التنظيم، كما تقترح المخابز أيضا جعل هذه الوحدات خاصة بالتسويق، وعدم التدخل في عملية الإنتاج، لأنها تحتاج إلى معايير صارمة، عكس التسويق، الذي يتطلب فقط نقل البضاعة في ظروف جيدة، وحفظها بعيدا عن الملوثات.

مخاطر صحية
ولعل أبرز المشاكل التي يواجهها القطاع، هو تراوحه بين وزارة الصناعة ووزارة الفلاحة، إذ أن أرباب المخابز ليس لهم مخاطب واحد، ما أدى إلى انتشار الفوضى، وهو ما دفع بعض الجمعيات المهنية، إلى المطالبة بفك الارتباط بوزارة الصناعة، قصد إيجاد حلول مناسبة رفقة وزارة الفلاحة، خاصة في ما يتعلق بغلاء أسعار المواد الأولية، ومحاربة الأنشطة العشوائية، سواء تعلق الأمر بالأفران، أو بالأشخاص الذين يبيعون الخبز في الأزقة والأسواق، في غياب تام لشروط السلامة الصحية.
وليست الجمعيات المهنية وحدها التي تطالب بمراقبة عمل الأفران العشوائية، بل إن الشبكة المغربية للحق في الحياة والحق في الصحة، أشارت بدورها إلى جملة الخروقات، التي تشوب عملية الإنتاج والتسويق، إذ دعت في تقرير سابق، إلى ضرورة فتح تحقيق حكومي، في ما يتعلق بجودة الدقيق المستعمل لإنتاج الخبز، مؤكدة على ضرورة وضع نص قانون، يحدد كميات الملح والسكر و»الخميرة»، التي تتم إضافتها إلى الدقيق.

أرقام
يعتبر قطاع المخابز من أهم الأسواق، التي تحقق أرباحا ضخمة سنويا، في وقت يستهلك فيه المغاربة كميات كبيرة من الخبز، باعتباره مادة حيوية تحضر في جميع الموائد المغربية، وفي جل الوجبات اليومية، وحسب الفدرالية المغربية للمخابز والحلويات، فإن المغرب يتوفر على 5970 مخبزة، و3979 مخبزة عصرية، و1989 وحدة تقليدية، وأما الجامعة الوطنية لأرباب المخابز والحلويات، فتقر عدد المخابز العشوائية، بـ 12 ألف وحدة.
وحسب أرقام الفدرالية، فإن معاملات القطاع تصل إلى 7.8 ملايير درهم سنويا، ويصل رقم معاملات المخبزة الواحدة سنويا حوالي 1.3 مليون درهم، ويستهلك الفرد ما قدره 20 كيلوغراما في السنة من خبز المخبزة، وتستهلك المخبزة الواحدة في اليوم، ما معدله 240 كيلوغراما من الدقيق، ويوفر القطاع 52 ألف منصب شغل، بمعدل 7.3 مناصب قارة لكل مخبزة، و1.4 منصب غير قار.

عصام الناصيري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى