السلطة القضائية والنيابة العامة تحاربانهم وجهل المواطن وراء السقوط في الفخ يجمع متتبعون للشأن القضائي، أن ظاهرة سماسرة المحاكم، تسيء إلى صورة العدالة بالبلاد، وتفقد الثقة في المؤسسات القضائية، ما دفع مختلف المتدخلين إلى تبني إجراءات جديدة، ضمنها تزويد المحاكم بالكاميرات وتشديد المراقبة للولوج إلى بنايات المحاكم. وكشفت فضائح بين الفينة والأخرى على صعيد محاكم مختلفة، جر هؤلاء السماسرة موظفين ومسؤولين قضائيين إلى ردهات التحقيق والتفتيش الإداري، إذ بات المتقاضون "الضحايا" يستعينون بحوارات ورسائل نصية ومحادثات عبر العالم الافتراضي، لوضعها رهن الحاجة، كلما أخل الوسيط بالالتزام بوعوده لتخفيف عقوبة معينة أو الحصول على البراءة أو توريط آخرين، وتفجرت نوازل وصل مداها إلى وسائل الإعلام الدولية. وباتت رئاسة النيابة العامة تلجأ إلى فتح الأبحاث كلما تسربت تسجيلات أو نشرت وسائل الإعلام أخبارا، مفادها وجود شبهات في تلاعب بالملفات وتلقي رشاو. ع . ل لا دخـــان بــدون نـار سماسرة داخل المحاكم وقود استمرار الجريمة تكررت قضايا إيقاف سماسرة محاكم في العديد من المدن، ورغم العقوبات الحبسية التي تنزل عليهم جراء ما يقترفونه في حق المتقاضين والعدالة، فإن الجرائم تستمر ويتكرر معها سيناريو الإيقاف، بل إن المتقاضين أنفسهم طوروا أساليب إسقاط السماسرة، إذ أنهم يحتفظون بأدلة تمكنهم من الانتقام من المعني بالأمر إذا احتال عليهم أو لم ينفذ ما طلب منه. ولعل ما يشجع استمرار السلوك الذي يسيء إلى العدالة ويحول الأحكام إلى مجرد سوق للمزاد وما ينتج عن ذلك من إساءة للدولة ككل، وجود بعض الموظفين المرتشين الفاقدين للضمير المهني، والذين يتعاملون مع هؤلاء السماسرة، ويتمادون في الإساءة إلى القضاء، إذ أن قضايا عالجتها مختلف المحاكم، عرفت تورط موظفين إلى جانب سماسرة. وإن كانت الحالات الأكثر، أظهرت أن متهمين أوقفوا في كمائن تبين أنهم مجرد محتالين يصطادون ضحاياهم ويستدرجونهم عن طريق ادعائهم القدرة على حل القضايا الرائجة بالمحكمة الابتدائية، لأنهم على علاقة بجهات قضائية، قادرة على إيجاد فتوى للقضية المثارة، فإن قضايا أخرى ورطت موظفين ما يطرح استفهامات حول مدى تفشي الجريمة داخل بعض المحاكم، إذ كما يقول المثل لا نار بدون دخان. ويزيد في بعض الأحيان عدم تعميق الأبحاث مع الموقوفين في حجب متهمين آخرين، سيما الذين يشتغل السماسرة لفائدتهم، إذ أن إدانة سمسار محاكم بأكادير بثلاث سنوات حبسا، طرحت تساؤلات حول مصير من ذكرهم في مكالمة هاتفية مسربة، سيما أن تسجيلا صوتيا، حمل مضامين تمس في صميم استقلال القضاء ونزاهته، وذكر جهات تسهل مأمورية خرق القانون عن طريق الرشاوى. وقضت المحكمة بثلاث سنوات سجنا نافذا ضد السمسار وغرامة قدرها 5 آلاف درهم، من أجل النصب والتدخل بغير حق في وظيفة عامة. وجاء إيقاف المتهم، بعد يومين من انتشار شريط سمعي يخص مكالمة هاتفية، تفضح مجمل تدخلاته لحل قضايا معروضة على القضاء بالمنطقة والأسماء التي يتعامل معها، كما دخل الوكيل العام للملك لدى استئنافية أكادير على الخط، للإشراف على الأبحاث المتعلقة بمضامين الشريط، المسيئة إلى القضاء، سيما أن المتهم حدد في مكالمته المسربة الملفات التي تدخل فيها، وضمنها ملف منتخب معروف متابع في ملف أمام قاضي التحقيق، إذ أشار إلى أن الملف كان سببا في عودته إلى أكادير، مضيفا ملفات قضايا أخرى. وضمن العبارات التي وردت في التسجيل "هاد شي علاش رجعت لأكادير والمسائل الثانية، صحابي هادو لي غادي يفكو الأمور راهم مستعدين لكل شيء، هاداك قاضي التحقيق خفنا لا يعكس لينا، ولكن دابا راه درنا ليه الطريق. هادشي راني خدام فيه مائتين في المائة". كما أضاف جملا تفيد مهاتفته مسؤولا بما يلي " "وي سعادة الرئيس بخير، قلت لك الجلسة يوم الاثنين، وأنا مشيت إلى أكادير بشأن داك الدري ديال طانطان لي جاب لينا الناجم، وغادي نفكو وحايلو، باغين واحد الأمانة غادي نعطيها ليهم باش نفكوه". كما تحدث عن ملف آخر بما مضمونه "وهداك الملف ديال النائب ديال …راه نهار الاثنين غادي يخرج ولدو ولا ولد اختو" .ورغم إحالة المكالمة المسربة على الخبرة وفتح بحث مستعجل في مضامينها، لم يعلن عن نتائجه، سيما أن مواقع التواصل الاجتماعي عجت بالتعاليق التي أشارت إلى أسماء معروفة، زعزعت الثقة في قضاء سوس، خصوصا أن ملف المنتخب المتحدث عنه في الشريط، اشتهر في أوساط الناس، إثر متابعته رفقة عشرة متهمين آخرين بشأن التزوير في محرر رسمي واستعماله والتزوير في محرر عرفي واستعماله، وغيرها من التهم التي تخص ملف السطو على عقارات. المصطفى صفر