الحمونـي: الحكومـة صمـاء

رئيس فريق التقدم والاشتراكية أكد أن أغلب الوزراء ليست لديهم علاقة بأحزاب الائتلاف أكد رشيد الحموني، رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، وعضو المكتب السياسي للحزب، أن الحكومة التجأت إلى «حلب المواطن»، الحلقة الأضعف، من خلال رفع الرسوم، مقابل رفضها تعديلات من شأنها وقف تدهور القدرة الشرائية ودعمها. وأوضح الحموني في حوار مع «الصباح»، أن حكومة أخنوش تشكل، بالفعل، استثناء، لأنها مازالت غائبة رغم الحراك الذي تعيشه عدد من المدن، احتجاجا على غلاء المعيشة وإجبارية جواز التلقيح. في ما يلي نص الحوار: أجرى الحوار: برحو بوزياني > كيف استقبلتم في المعارضة رفض الحكومة للتعديلات المشتركة التي تقدمتم بها؟ > نسجل هذا الأمر بكل أسف واستياء، فعدم التفاعل الإيجابي للحكومة مع التعديلات المشتركة للمعارضة يدعو للقلق من خلال العلاقة التي تريد أن ترسمها الحكومة مع أحزاب المعارضة، خصوصا أن التصريحات الأخيرة لبعض أطرافها تؤكد عدم احترام دور المعارضة المنصوص عليه، في المقتضيات الدستورية، خصوصا الفصل العاشر الذي اعتبرها طرفا فاعلا ومشاركا في تدبير الشأن العام. إن عدم التفاعل الإيجابي يمكن قراءته بداية وإشارة غير سليمة في علاقة الحكومة مع المعارضة، التي تحاول أن تبسط سيطرتها والهيمنة والقضاء على التعددية السياسية. نحن اليوم أمام مسار مقلق يجعل هذه الحكومة منغلقة على ذاتها وغير منفتحة على أحزاب المعارضة. > صوتم ضد مشروع القانون المالي، ما هي أهم الانتقادات التي دفعتكم إلى اتخاذ هذا الموقف؟ > سجلت في مداخلتي باسم الفريق في مناقشة مشروع قانون المالية، مجموعة من نقاط الضعف، وفي الوقت ذاته قدمنا بشكل مشترك مع أحزاب المعارضة تعديلات مهمة، لكن الحكومة أغمضت عينيها، ومررت مشروعا لا يتضمن أي إجراءات إيجابية، تهم الضريبة على الثروة، أو تخفيض الضريبة على الدخل أو إعفاء التعويضات ذات الطابع الاجتماعي، حيث لا تزال الاقتطاعات الضريبية بالنسبة إلى الناتج الداخلي مرتفعة جدا، مقارنة مع معدل الدول المجاورة، وإرجاء تنزيل الإصلاحات الجبائية في مقتضيات بسيطة وثانوية جدا، ما يجعلنا نشكك في قدرة الحكومة على ضمان ديمومة تمويل ورش الحماية الاجتماعية. > على ذكر الجبايات، كيف تقبلتم التدابير التي جاء بها المشروع؟ > للأسف، الحكومة التجأت إلى «حلب المواطن»، الحلقة الأضعف، من خلال رفع الرسوم المفروضة على بعض التجهيزات المنزلية، في مقابل رفضها تعديلات من شأنها وقف تدهور القدرة الشرائية ودعمها، وحماية المستهلك، وتحقيق العدالة المجالية، وتقوية النسيج المقاولاتي الوطني، وكذا حماية المنتوج الوطني، وهي التعديلات التي لم تتجاوب معها الحكومة، للأسف. > هل لمستم تنزيلا للشعار الذي رفعته الحكومة حول «الدولة الاجتماعية» من خلال مشروع قانون المالية؟ > أعلنت الحكومة أنها حكومة اجتماعية، والحال أن الأدوات التي تسخرها في قانون المالية، لتحقيق الرهانات الاجتماعية الكبرى، بما فيها الشغل والتعليم والصحة، لا تيسر ذلك. وأكثر من ذلك، أننا في فرق مجموعة المعارضة تقدمنا، ضمن تعديلاتنا، البالغ عددها 73، بتعديلات بشأن رفع الرسوم على الكحول والخمور، بهدف ضمان جزء من تمويل الخدمات الصحية، مادامت الخمور تتسبب في كلفة إضافية للصحة العمومية. واستغربنا لرفض الحكومة اقتراحاتنا، مفضلة مصالح لوبيات القطاع على تعزيز المداخيل العمومية. أكثر من ذلك، اقترحنا عدم تضريب بعض المواد الأولية التي تدخل في صناعة أدوية حيوية لخفض سعرها، فرفضت تعديلاتنا. لقد اعتبرت « في مداخلتي أن توظيف مفهوم «الدولة الاجتماعية» بمثابة سرقة فكرية موصوفة من قبل الحكومة اليمينية والضعيفة سياسيا، بل إن توظيفها ينطوي على كثير من المغالطات، التي تروم إخفاء توجهاتها الغارقة في الليبرالية. وحين نتفحص تفاصيل قانون المالية، سيتضح جليا أن هناك إجحافا في حق هذا المفهوم السياسي، وتحريف مقوماته المرتبطة أساسا بالعدالة الاجتماعية والإنصاف الضريبي، ودعم القدرة الشرائية، وتجويد المرفق العام وتنمية الخدمات الاجتماعية. إن الأمر يتعلق فقط باستغلال للمفهوم، للتغطية على مصالح لوبيات مالية ببعض «جرعات اجتماعية»، بعضها لا يسمن ولا يغني من جوع، وبعضها الآخر لا يد ولا فضل لهذه الحكومة فيه. > شكل القانون المالي أول محطة لإطلاق العمل المشترك بين أحزاب المعارضة. هل يمكن أن تشكل بداية لتنسيق أشمل خارج البرلمان للضغط على «تغول» الحكومة؟ > بلاغ المكتب السياسي لـ 22 شتنبر الماضي، والتقرير الأخير للجنة المركزية للحزب حددا تموقع الحزب في المشهد السياسي الوطني، في موقع المعارضة الوطنية الديمقراطية، المسؤولة والبناءة، مع ضرورة القيام بالخطوات والمبادرات الضرورية لتوفير الشروط الملائمة كي تتضافر جهود ونضالات القوى الديمقراطية والتقدمية، على أساس المشترك. وتنسيق أحزاب المعارضة اليوم يندرج في سياق هذا التوجه، ويمكن اعتباره مرحليا لمواجهة التوجهات اللاشعبية التي جاءت في مشروع قانون المالية. ونحن حريصون في التقدم والاشتراكية، أن تكون تعديلاتنا التي تقدمنا بها بشكل مشترك مع باقي مكونات المعارضة منسجمة مع قناعاتنا وتوجهات الحزب. أما التنسيق خارج البرلمان، فالحزب يعتبر التنسيق مع مكونات اليسار أولوية، ومع كل القوى الحية للبلاد والحركة المواطنة والديناميات الحقوقية والنسائية والشبابية والمطلبية والنقابية وغيرها ضروريا. قلق وحيرة > تعيش البلاد على وقع أزمة اجتماعية عمقتها حالة الغلاء وارتفاع الأسعار. كيف تنظرون إلى سياسة الحكومة في التعاطي مع احتجاجات الشارع؟ > مع الأسف الشديد، اليوم ما زلنا نعيش وسط حالة من القلق والحيرة تنخر من الداخل فئات واسعة من المجتمع المغربي، وسببها الأساس هو السياسات العمومية المرتبكة التي لم تستطع تقديم أجوبة حقيقية للمواطنات والمواطنين. وما زاد الطينة بلة، هو عدم تمكن الحكومة الحالية من التفاعل السريع ولو تواصليا، وبالأحرى أن تتمكن من وضع ترسانة إجراءات سريعة تفي بالتزاماتها التي رفعتها شعارات في حملاتها الانتخابية. وعكس ذلك، بدأت تتقاطر علينا الزيادات، تلو الأخرى في أسعار المواد الأساسية، التي عرفت ارتفاعا مهولا، ما عمق مشكل غلاء المعيشة. حكومة استثناء إن ترويج الحكومة في خطاباتها أنها تشكل استثناء إيجابيا في الظرفية الحالية، والتبجح بأن برنامجها لم يسبق لأي حكومة أن جاءت به، يثير الاستغراب، لذلك فإننا في التقدم والاشتراكية، نقول لهم، طبعا، تشكلون استثناء، لأن أغلبية وزراء الحكومة، ليس لديهم أي علاقة بالأحزاب المشكلة للائتلاف الحكومي. حكومة تشكل، بالفعل، استثناء، لأنها لحد الآن مازالت غائبة، رغم الحراك الذي تعيشه العديد من المدن احتجاجا على غلاء المعيشة وإجبارية جواز التلقيح، وكأننا، بكل أسف، أمام «حكومة صماء». أي نعم، إنها حكومة استثنائية، كما يحلو لبعض مكوناتها التبجح، لأننا أمام وضع غير مفهوم لتعديل حكومي، هو الأسرع في التاريخ السياسي. بالفعل هي كذلك استثناء. يجب أن نذكر قراء جريدتكم، أن حزبنا سبق أن نبه هاته الحكومة الاستثنائية في بلاغات مكتبه السياسي إلى ضرورة الحفاظ على القدرة الشرائية وحماية المواطنات والمواطنين من لهيب الارتفاع غير العادي لأسعار السوق، وقلنا إن عليها أن تتخذ إجراءات سريعة، وأن تتفاعل مع احتجاجات الفئة المستضعفة والطبقة المتوسطة. تنسيق المعارضة > نجح الحزب في تعزيز موقعه في البرلمان، ما هي الأوراش التي تنكبون عليها لتقوية دوره في الساحة السياسية؟ > طبعا استطاع حزب التقدم والاشتراكية أن يحقق نتيجة مشرفة ومنصفة لمساره النضالي، لقد أبانت مناضلات ومناضلو الحزب عن حضور قوي خلال الانتخابات السابقة، وقادوا الحملة بنظافة اليد، وبشهادة الجميع كانت من الأجود، بإمكانيات مالية متواضعة جدا. لقد لعب حزبنا منذ سنوات أدوارا كبيرة في المسار السياسي الوطني، وساهم في تدبير الشأن العام لسنوات وكانت لمسته حاضرة، رغم الأعداد القليلة من النواب البرلمانيين. وهنا حري بالذكر بأن حزبنا كان له الفضل في تنسيق صفوف المعارضة السابقة، من خلال سهره على إيجاد الصيغ التوافقية اللازمة التي مكنت بلادنا من إنجاح التهييء القبلي للانتخابات، سيما على صعيد القوانين الانتخابية التي جاءت بمكتسبات إضافية، مع أننا قلنا إنها ليست كافية. ينكب الحزب على تطوير آلته التنظيمية، وتجديد هياكله. نموذج لتنمية بولمان > أعيد انتخابكم لولاية ثالثة في البرلمان عن دائرة بولمان. هل يمكن أن تقدموا لنا تجربتكم في إقليم يعاني التهميش، وحصيلة ترافعكم عنه؟ > إقليم بولمان وكل المناطق التابعة له تعيش حالة من التهميش والإقصاء على مستويات متعددة، سواء من حيث البنية التحتية، أو من حيث الخدمات العمومية، فالمشكل لا يكمن في الإمكانيات المتوفرة بكثرة ونوعية، بل يكمن في «الحكامة» وفي حاجة إلى تحويل هذه الإمكانيات إلى ثروات من شأنها النهوض بأوضاع الإقليم وبالأوضاع الاجتماعية لسكانه وعموم المناطق المجاورة له. هناك مجهودات كبيرة يقوم بها عامل الإقليم، رفقة جيل جديد من رجال ونساء السلطة، بيد أن الأمر يتطلب انخراطا جديا ومسؤولا للحكومة والجهة، من أجل إرجاع الثقة للمواطنات والمواطنين في الإقليم، الذي ما زال يعاني في صمت، فنسبة بطالة الشباب مرتفعة وفرص الشغل شبه منعدمة، ما يستدعي بناء نموذج إقليمي، متعدد الأبعاد والمجالات لتطوير الحياة الاجتماعية والاقتصادية بالإقليم. تمتين الجبهة الداخلية > تعرف العلاقات المغربية -الجزائرية تصعيدا غير مسبوق. كيف تنظرون إلى دور القوى التقدمية والنخبة في البلدين لوقف طبول الحرب؟ > السلوكات العدوانية التي يتعامل النظام الجزائري بها تجاه وطننا، هي محاولة بئيسة تسعى إلى التغطية على فشله الذريع في تدبير شؤون الشعب الجزائري، الذي يستحق كل التقدير والاحترام، وما محاولة تحويره للأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها الجزائر وتصديرها خارج ترابه، إلا هروب من المسؤولية الداخلية وتصرف لامسؤول موسوم بالكثير من المغالطات والعقد، والتي تفتقد الكثير من الحكمة والتبصر. إن تعنت خصوم وحدتنا الترابية في إطالة النزاع المفتعل حول أقاليمنا الجنوبية ينم عن تخبطهم إزاء عقيدتين، عقيدة السلم والتنمية والبناء التي تطبع مسار سياسة المغرب ،مقابل عقيدة الحرب لدى الخصوم وعقيدة الانفتاح مقابل عقيدة الانغلاق وعقيدة الديمقراطية والتعددية والنظام المؤسساتي التي يرسخها المغرب، مقابل المنظومة الأوليغارشية الملغية لكل صوت مستقل وحر. اليوم ينبغي أن نواصل إنجاز المشاريع الإنمائية المهيكلة في أقاليمنا الجنوبية، تجسيدا للتماسك الوطني، في سياق المشروع الوطني التنموي الديمقراطي التحديثي، الذي تنبغي مواصلته على أساس تعزيز البناء المؤسساتي والممارسة الديمقراطية، وإعطاء التنمية أبعادها الاجتماعية والتضامنية، تقوية للجبهة الوطنية بقيادة جلالة الملك. المغرب يحقق اليوم مكتسبات هامة وبشكل متصاعد على عدة أصعدة، آخرها القرار رقم 2602 الصادر عن مجلس الأمن، وأيضا القرار الذي اعتمدته اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة. وأمام كل ذلك، يجب ألا نغفل اليوم الأدوار التي ينبغي أن تقوم بها جميع القوى الحية في البلاد، من أجل الدفاع عن القضية الوطنية وتمتين الجبهة الداخلية، على جميع المستويات الديمقراطية والاجتماعية والاقتصادية. في سطور - من مواليد 22 ماي 1971 بميسور - متزوج وأب لثلاثة أطفال - عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية - برلماني لثلاث ولايات عن الدائرة التشريعية بولمان - نائب رئيس لجنة القطاعات الاجتماعية في الولاية السابقة - عضو سابق بالجماعة الترابية ميسور - رئيس المهمة الاستطلاعية لمقالع الرمال ومقرر المهمة الاستطلاعية لمديرية الأدوية في الولاية السابقة - رجل أعمال في مجال التأمينات - وكيل عام للتأمين - حاصل على الإجازة في شعبة الكمياء سنة 1995 بكلية العلوم بجامعة سيدي محمد بنعبدالله بفاس - رئيس جمعية مستعملي مياه السقي بميسور - كاتب محلي سابق لجمعية حملة الشهادات بميسور 1996

الحمونـي: الحكومـة صمـاء

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

وضعية الهيني تؤجل محاكمة حامي الدين

مسجد السنة... ترميم بمعاول الهدم

مقالات ذات صلة