الخلفي: السلاح الأمريكي أنهى أحلام الجنرالات

الخلفي قال إن اعتراف واشنطن بمغربية الصحراء ضوء أخضر باستعمال عتادها في الصحراء كشف مصطفى الخلفي، الوزير الأسبق المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني والناطق الرسمي الأسبق باسم الحكومة، أن سبب الهجمة الجزائرية على المغرب بعد الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، أن المغرب حصل بذلك على ضوء لاستعمال السلاح الأمريكي في الصحراء، موضحا أن واشنطن كانت تضمن اتفاقات صفقات التسلح مع المغرب شرط استعمالها في الدفاع عن التراب الوطني، كما هو معترف به من قبل الإدارة الأمريكية. وفي ما يلي نص الحوار. أجرى الحوار : ياسين قُطيب > كيف تقرؤون مستجدات ملف الصحراء؟ > دخلت قضية الصحراء المغربية مرحلة جديدة بفعل المستجدات المتسارعة خاصة منذ سنة تقريبا، وحق للمغرب أن يعتز بما تحقق على هذا المستوى بقيادة جلالة الملك، لأننا إزاء نتائج غيرت الوضع بشكل ملموس ونوعي. ويكفي بهذا الخصوص الاطلاع على التقرير الأخير لأمين عام الأمم المتحدة، والذي كان بمثابة الإطار الذي رسم ملامح قرار مجلس الأمن، بالإضافة إلى المواقف الإيجابية المعبر عنها من قبل عدد متزايد من دول العالم نعم هناك تحديات مازالت مطروحة، لكن وجب تقييم وتثمين ما تحقق، فهناك أولا الصد الحازم لتحرشات وافتزازات خصوم الوحدة الترابية، وهنا تجدر الإشارة إلى معطيات ملموسة تضمنها تقرير الأمين العام للأمم المتحدة الذي تحدث عن ألف عملية إطلاق نار و30 محاولة تسلل، في مجال زمني يقل عن السنة، بمعنى أن التحرشات كانت بوتيرة ثلاث عمليات في اليوم الواحد، ورغم ذلك لم يتغير الوضع على أرض الواقع. أصبح المغرب يتوفر اليوم على قوة ردع حقيقية ملموسة جعلت إعلانات دعاية بوليساريو إنهاء وقف إطلاق مجرد كلام لم يغير أي حقيقة على أرض الميدان، أمام الوجود العسكري المغربي في الصحراء, بالنظر إلى أنه كانت هناك استهانة بقدرة بلادنا على المواجهة، خاصة بعد الهزيمة النكراء لخصوم وحدتنا الترابية في الكركرات وفي غيرها، وسقوط أطروحة إمكانية حل الملف المفتعل بالعمل العسكري، علما أن الجبهة الموالية للجزائر هي التي التزمت أمام المنتظم الدولي بالانخراط في العملية السياسية للاستفادة من وقف إطلاق النار بداية تسعينات القرن الماضي، لكنها فشلت في السلم كما فشلت في الحرب. > ما هو سبب هذه الحملة الجزائرية غير المسبوقة ؟ > لقد صد المغرب تحرشات مسلحة لبوليساريو وحقق نجاحات سياسية وعسكرية في المدة الأخيرة، ونحن هنا لا نتحدث عن شهر أو شهرين، بل إن حملة العدوان على الحدود المغربية دامت سنة كاملة تميزت بتدبير مغربي حازم أكد أن الفعل يصدق القول. وبالإضافة إلى المعطى العسكري هناك جبهة أخرى حقق فيها المغرب نصرا كاسحا, ويتعلق الأمر بفتح القنصليات الذي تواصل طيلة هذه السنة، إلى أن وصل إلى ما مجموعه 14 قنصلية، بمعنى أن أغلب التمثيليات القنصلية افتتحت بالتزامن مع الهجمات الانفصالية أي 14 من أصل 24 فتحت في العيون والداخلة، بالإضافة إلى القنصلية الأمريكية الافتراضية، وهذا معطى سياسي واضح، يعني أن هناك تحولا كبيرا في الاعتراف الدولي بالوضع القانوني للأقاليم الجنوبية كجزء لا يتجزأ من التراب الوطني، دون أن ننسى جانبا مهما من هذا الاعتراف الذي تشكله مواقف صريحة للدول العربية والإفريقية، فلم يعد الأمر يتعلق ببيانات دبلوماسية. لذلك نلاحظ اليوم أن حالة السعار أوصلت خصوم الوحدة الترابية إلى مرحلة ردود الفعل الهستيرية بسبب الضربات المتتالية، وعدم توقعهم لهذا التطور النوعي في النزاع المفتعل، الذي يزيد تأكيد شرعية مغربية الصحراء على المستوى القانوني والواقعي، بالنظر إلى أن كل المناورات و الأعمال العدوانية التي كانت الحدود الشرقية مسرحا لها في المنتصف الثاني من سبعينات وثمانينات القرن الماضي كانت تهدف إلى قطع الطريق على كل تطور اقتصادي واجتماعي في الأقاليم الجنوبية في إطار مخطط حرب استنزاف انتهت بالفشل. > ما هي الأهداف الحالية للجنرالات من هذه الحرب المعلنة؟ > الإستراتيجية التي تحرك بها الجزائر خيوط ملف الصحراء المغربية تعتمد مقاربة قديمة، سبق أن تم التعبير عنها من قبل المؤسسين الأوائل لأساطير الدولة الوهمية، عندما قيل بأن المشكل يجب أن يبقى على الدوام حجرا في حذاء المغرب، أي أن يشكل عائقا لكل تقدم أو تنمية ليس في الأقاليم الجنوبية فحسب بل في كل ربوع المملكة. لكن الذي حصل هو العكس فما كان ينتظر الخصوم من أن تكون الصحراء مصدر استنزاف لقدرات المغرب اتضح أنه أصبح رافعة من رافعات النمو الاقتصادي الوطني، ولم تعد تشكل ثقلا على كاهل البلاد، كما كان يتم الحديث عن ذلك، على اعتبار أن الأمر تطلب تضحية وطنية، وهو ما كان بالفعل، إذ كانت القضية الأولى للمغاربة خيارا مبدئيا لا يقدر بثمن، بتضحيات مجيدة للشعب المغربي بقيادة جلالة الملك الراحل الحسن الثاني، وبعده جلالة الملك محمد السادس، لكن الخصوم استندوا إلى قراءة اقتصادية ضيقة تقول بأن النزاع سيستنزف مقدرات المغرب وسيجعله ضعيفا مع توالي السنين. ١٠٠ مليار في الصحراء > هل تعني أن ما يقع الآن لن يتجاوز عتبة حرب استنزاف دون مواجهة متوقعة؟ > لقد سقطت الأوهام التي توهمها النظام الحاكم في الجارة الشرقية، فالمعطى الثابت اليوم هو عكس ما كانوا يخططون له، وللدلالة على ذلك أسوق مسألة عميقة في دلالتها، ذلك أن الاتحاد الأوربي عندما أراد، في 2019 أن يجدد اتفاق الشراكة مع المغرب ويدمج فيه الأقاليم الجنوبية أرسل بعثة من لجنة العمل الخارجي، فعاينت المجهود التنموي الجبار المبذول من قبل الدولة المغربية في الصحراء فكان تقريرها الإيجابي بالنسبة للمغرب أكبر دليل محايد، بل إن أعضاء اللجنة عبروا عن تفاجئهم بضخامة المشاريع التي استثمر فيها المغرب بالصحراء، والتي تجاوزت المائة مليار درهم، منذ عودة الصحراء إلى التراب، علما أن السلطات المغربية قدمت منتصف السبعينات تقريرا إلى الأمم المتحدة عن الوضع التي تركت عليه إسبانيا الصحراء، ويكفي أن نعلم بأن الجارة الشمالية تركت هناك 3 آلاف تلميذ في حين نتحدث اليوم عن أزيد من 60 ألف تلميذ. عرقلة مسار التنمية لم يعد الأمر يتعلق بمجهود تنموي جهوي بل هناك اليوم قطب اقتصادي قائم الذات، وهذا هو سبب تصاعد الهجمة الجزائرية التي لم يسبق لها مثال في تاريخ النزاع المفتعل، إذ لم يقع مثل الذي نتابعه اليوم حتى في التسعينات، عندما قطعت العلاقات في 1994 ورغم ذلك تم في السنوات الموالية إطلاق خط أنبوب الغاز «المغرب العربي- أوربا»، هذه المرة في أقل من 3 أشهر وقع ما لم يحدث في أكثر من أربعة عقود، قطع العلاقات في 24 غشت الماضي، أياما بعد ذلك منعت الطائرات المغربية من عبور المجال الجوي الجزائري، وأسابيع بعد ذلك أنهت الجزائر العمل بأنبوب الغاز. لقد أصبحت الصحراء قطبا اقتصاديا صاعدا يمتد إشعاعه إلى جنوب الصحراء، ويكفي الاطلاع بهذا الخصوص على مضامين التقرير الأخير للأمين العام للأمم المتحدة، في الفقرات المتعلقة بضمان تنقل الأشخاص والبضائع بين المغرب وباقي الدول الافريقية عبر طريق الكركرات، وخص بالذكر مشروعين كبيرين هما الطريق السريع تزنيت -الداخلة والميناء الأطلسي بالداخلة الذي أطلقت الدولة مناقصة دولية بشأنه وبدأت الأشغال التمهيدية لورش ينتظر أن يكلف أكثر من 10 ملايير درهم، وطبعا هناك مشاريع لم يتضمنها التقرير مثل المركز الاستشفائي الجامعي وكلية الطب بالعيون ومشروع سقي خمسة آلاف هكتار من محطة تحلية مياه البحر، كل ذلك يمكن أن يوصف بأنه ثورة اقتصادية بالصحراء، يتعدى إشعاعها دول الجوار القريب إلى عموم دول جنوب الصحراء. لذلك فإن أهم الرهانات المعلنة لدى الخصوم هو السعي إلى تعطيل وعرقلة هذا المسار الذي زاد من نجاحه الانخراط الدولي من خلال فتح القنصليات في العيون والداخلة. لكن هناك ورش لم تسلط عليه الأضواء بالشكل الكافي, وهو استكمال الإجراءات القانونية المتعلقة بمد الحدود البحرية للمغرب، الذي أعتبره عملا إستراتيجيا استمر العمل فيه زهاء العشرين سنة، إذ بدأ العمل به في عهد حكومة عباس الفاسي وبعدها حكومة عبد الإله بنكيران بمساهمة أمينة بنخضرة، حيث تمت تعبئة الموارد المالية الخاصة 2013 ثم بعد ذلك في 2017 تم إعداد القوانين الخاصة وتستمر الأجرأة في عهد الحكومة الحالية. لذلك يمكن القول بأن المغرب يحصد اليوم نتائج عمل أربع حكومات متتالية في أوراش الصحراء. حالة نفسية غير سوية ليس هناك أي مشكل مع الشعب الجزائري بل هناك مشكل مع الحكم أو ما يسميه إخواننا الجزائريون «لبوفوار»، وهو ما عبر عنه جلالة الملك في خطبه الأخيرة عندما أكد بأن المغرب لا يمكن أن يكون مصدر تهديد أمني ومساس باستقرار الجارة الشرقية ووحدتها الترابية، لكن النظام الحاكم هناك له عقيدة مناقضة تماما، وهو ما تم التعبير عنه بجملة قيلت مؤخرا وكانت ترفع شعارا في بداية النزاع في الصحراء، وهي أن قضية الصحراء جزء من أمن الجزائر، بمعنى المسألة ليس فيها مكان لمبادئ من قبيل تقرير المصير والتحرر وغيرها من مصطلحات الدعاية الانفصالية، والدليل على ذلك أن الجزائر عارضت المبدأ في فيتنام، ويمكن أن أقول بأن العداء للمغرب مصدره جهة معينة في الحكم، محكومة بحسابات تاريخية، لذلك فعندما ندرس مذكرات الجنرال خالد نزار مثلا، وهو يتحدث عن لقاء تم بوهران في بداية الثمانينات بين الملك الراحل الحسن الثاني والرئيس الجزائري الأسبق الشاذلي بن جديد، الذي طلب من صاحب المذكرات أن يشرف على تنظيم زيارة للملك إلى ثكنة على الحدود المغربية، وهو الأمر الذي قوبل برفض قاطع من الجنرال، ونكتشف ردة فعله عن حالة نفسية غير سوية. وكشفت مذكرات نزار أن الجيش الجزائري حصل على مخططات الجدار الرملي الدفاعي الذي كان المغرب بصدد استكماله، وطلب الجنرالات الضوء الأخضر لمهاجمته، لكن جهات ما رفضت ونقل نزار من المناطق العسكرية المحاذية للحدود المغربية. عمل احترافي سلمي عكس دعاية الانفصال لم تصدر لو شبه إدانة أممية لما قام المغرب به في الصحراء، سواء في تقرير الأمين العام أو في قرار مجلس الأمن الأخير ويكفي للدلالة على ذلك أن تطلع على وصف غوتيريش لتحرير ممر الكركرات بـ»التدخل»، نظرا لأن ما قامت به القوات المسلحة الملكية كان عملا احترافيا سلميا، إذ لم تسجل منذ ذلك اليوم، 13 نونبر 2020, أي حالة توقف لحركة المرور بالمعبر، ما يترجم قدرة المغرب على ضمان الأمن والاستقرار في المنطقة، ولم يكن الأمر حصيلة عمل فجائي، بل جاء عبر مراحل مدروسة منذ 2016، بالنظر إلى تحرشات الميليشيات شرق الجدار الأمني بدأت منذ 2006 وبعدها استهدفت الشاحنات العابرة للطريق الفاصلة بين المغرب موريتانيا. تفوق مغربي ميداني بالنظر إلى التقارير العسكرية وخاصة مركز الدراسات الإستراتيجية بواشنطن نلاحظ أن الخصوم دخلوا في السنوات الأخير سباقا محموما نحو التسلح, إذ خصصت الجزائرية ميزانيات انتقلت في ظرف 6 سنوات من 6 ملايير دولار إلى 10 ملايير مقابل ثلث تلك الميزانية بالنسبة إلى المغرب، لكن على الميدان وقف الجميع على التفوق المغربي الذي استفاد من دروس الحروب الأخيرة، خاصة في حرب ناكورني كاراباخ بأدزيبدجان و الطريقة التي انتهت بها العمليات القتالية في ليبيا التي كشفت بأن الغلبة كانت لسلاح الطائرات المتحكم فيها عن بعد.

الخلفي: السلاح الأمريكي أنهى أحلام الجنرالات

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تحت الدف

حان الوقت لتقييم الأنظمة المحفزة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات