“الفراشة”يحكمون بشوارع سلا

فوضى على امتداد أربعة كيلومترات من شارع ابن الهيثم حولت حياة السكان إلى جحيم حي الانبعاث من الأحياء الكبرى بسلا، يفوق عدد سكانه 200 ألف نسمة. يقسم هذا الحي شارع رئيسي اسمه ابن الهيثم، يمتد من حي السلام بمقاطعة تابريكت إلى وادي الذهب بمقاطعة العيايدة. بعد إعادة هيكلة هذا الشارع، احتله الباعة الجائلون وأصحاب المحلات التجارية والمهاجرون العائدون من أرض المهجر لعرض سلعهم واللصوص والعرافات...، مستغلين رصيفه المقسم إلى اثنين، ما يثير فوضى وضجيجا ويتسبب في عرقلة حركة السير. إنجاز: عبدالحليم لعريبي يمتد شارع ابن الهيثم بسلا على مسافة أربعة كيلومترات. يعود إحداث الشارع إلى سبعينات القرن الماضي بطريقة عشوائية، قبل أن تتم إعادة هيكلته قبل عشر سنوات. وفور الانتهاء منه وإحداث رصيف بين الاتجاهين، احتله البائعون الجائلون بالكامل وأصحاب المقاهي والعربات المجرورة المخصصة للأكل. فوضى عارمة لا تكاد تنقطع أصوات منبهات السيارات، وبين الفينة والأخرى يقع عراك بين مستعملي الشارع العام والباعة، في وقت استسلمت فيه السلطات الترابية والمنتخبون للأمر الواقع، بعدما تحول الشارع إلى سوق عشوائي كبير يتقاطع مع مجموعة من الشوارع الأخرى. يصعب على أصحاب السيارات المرور بسهولة، فعلى امتداد أربعة كيلومترات ينتشر الباعة الجائلون وسط الرصيف، يأتون من أحياء ومدن محيطة بسلا لعرض منتوجاتهم. عبدالحكيم واحد من القاطنين قرب الشارع، حول هؤلاء حياته إلى جحيم، يحكي أنه منذ السبعينات كان ملاذا لأصحاب العربات المجرورة بالدواب الذين يثيرون الفوضى العارمة، لكن بعد تأهيله احتله مختلف التجار ومن مختلف الأصناف. كل شي موجود على امتداد شارع ابن الهيثم كل شيء موجود. تجار الخضر والفواكه وأصحاب الألبسة المستعملة والجديدة وقطع غيار السيارات والتجهيزات المنزلية والزرابي والأفرشة والأواني المنزلية والكتب المستعملة والمبيدات والمواد الفلاحية...، وحتى المواد الغذائية القادمة من البوادي كالألبان والبيض وخبز "التنور" والأرانب والدجاج والتين والعسل تجدها بابن هيثم. سلع يعرضها أصحابها بعدما كسب الشارع الكبير صيتا، ليس على مستوى المدينة، بل في المدن المحيطة، وامتد إلى قبائل زعير وزمور والسهول وعامر والغرب، فكل نازح وباحث عن لقمة عيش، بات هذا الشارع الكبير ملاذه الأول والأخير للبحث عن فرصة عمل. لا يوجد فقط الباعة الجائلون بالشارع المذكور أو أصحاب عربات الأكل المجرورة، بل حتى العرافات لهن نصيب من الرزق بهذا الشارع. واحدة من هؤلاء تتحدر من إقليم الخميسات كسبت شهرة كبيرة وسط الراغبين في حل مشاكلهم الاجتماعية والعقد النفسية. تأتي العرافة وتجلس إلى جانب أرملة طاعنة في السن تبيع الدجاج، وبين الفينة والأخرى تقصدها نسوة من مختلف الأعمار بحثا عن حل مشكل ما. هميزات تحول الشارع الكبير إلى فرصة للراغبين في التبضع والبحث عن "هميزات» بأثمنة منخفضة. مواطنون من مختلف الأعمار يتوجهون إلى الشارع بحثا عن بضاعة رخيصة. أحمد مهاجر بالديار الإيطالية يجلب معه السلع كلما أتيحت له فرصة العودة إلى الوطن الأم. يجلس هذا الخمسيني أمام سلع مستعملة تبدأ بالأواني المنزلية المستعملة وذات الجودة الرفيعة إلى أدوات فك البراغي والأحذية البلاستيكية والخوذات الخاصة بالفلاحين، والمحافظ المحمولة على الكتف. ثمن هذه السلع يختلف بكثير عن الأثمنة الموجود بالمراكز التجارية، ويمكن أن يبيع أحمد بضاعة بعشرين 20 درهما في الوقت الذي يفوق ثمنها بالمراكز التجارية المختصة 300 درهم. شارع ابن الهيثم لا يقصده الراغبون في البحث عن اقتناء المواد المنزلية أو المأكولات أو الباحثون عن العرافات، بل حرفيو الصباغة والكهرباء والترصيص والبناء والجبس...الذين لهم حظ داخل هذا السوق العشوائي. مراد عامل ترصيص في عقده الرابع، واحد من الذين يترددون بين الفينة والّأخرى على هذا الشارع الرئيسي، بحثا عن مستلزمات يحتاجها في عمله الميداني، ويحكي أن أدوات عمله يقتنيها من هذا الشارع منذ عقد، شأنه شأن الحافظ وهو عامل بناء يتحدر من ابن جرير ويشتغل في أوراش البناء ويتردد بدوره على هذا الشارع، أملا في العثور على أدوات بناء ذات جودة عالية وبأثمان منخفضة. تفرع شوارع أخرى مع تزايد الاحتلال التام لشارع ابن الهيثم وكسبه صيتا كبيرا وسط الباعة الجائلين الذين لم يستفيدوا من محلات تؤويهم بأسواق القرب، تفرعت عنه شوارع أخرى، ليجد سكان شارعي «أم اكرين» و»حسان» بدورهما محاصرين من قبل الباعة الجائلين. يشتكي أصحاب المحلات التجارية من مضايقة الباعة الجائلين لهم، وبعدما عجزت السلطات الترابية والمنتخبين عن إيجاد حل لوضعيتهم، اضطروا إلى عرض سلعهم بشوارع ابن الهيثم وأم اكرين وحسان. بعض من هؤلاء التجار يعرض سلعا قليلة وفي حالة موافقة الزبون على رغبته في الشراء يأتي به إلى داخل المحلات التجارية، خصوصا أصحاب الملابس الجاهزة والأفرشة والأجهزة المنزلية.

“الفراشة”يحكمون بشوارع سلا

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

إنزالات الأساتذة تعود

عودة الأحياء الجامعية بعد عامين من الإغلاق

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات