حرب ما بعد التطليق…جحيم الأزواج والأبناء

أزواج يدفعون نفقات لا تناسب مداخيلهم ويمنعون من رؤية أبنائهم بعض المتضررين من المستحقات المرتفعة التي قضت بها محكمة الأسرة ضدهم بمناسبة تطليق للشقاق، مطلوب من الزوجة، يعتبرون أن مثل هذه الأحكام تقضي على الرجل بالإفلاس وتحكم عليه بالبقاء طول العمر رهينة بظروف صعبة نتيجة المغالاة في النفقات التي حددتها المحكمة، والتي لا يقوى مدخوله الشهري على مواجهتها.ج. 46 سنة، ذو مستوى تعليمي عال، وجد نفسه بين عشية وضحاها محروما من ابنته ومحاصرا بجلسات للتطليق. يروي أنه لم يكن يصدق أن تكون الإنسانة التي اختارها ليرتبط بها بالعقد المقدس، سوف تنهي حياته إلى جحيم، وتحوله إلى لعبة بين المساطر القضائية والمبالغ المالية المرتفعة التي انتهت إليها قناعة القاضي.البداية كما يروي، كانت بعد الزواج، إذ ساعدها في إتمام دراستها كما اتفقا على ذلك، واستمر الوضع مستقرا إلى أن تسلمت زوجته عملها إطارا في إحدى المؤسسات العمومية. بدأت ملامح العلاقة تتغير والنفور يدب بين الزوجين، إلى أن اكتشف أنها ارتبطت بشخص آخر، زميل لها في عملها، فبدأت المعارك، التي حسمتها بطلب مقدم إلى محكمة الأسرة تروي فيه أنها لم تعد تريد هذا الزوج. يقول (ج)، حتى الأسباب التي وضعتها في مقالها الافتتاحي لم تكن مقنعة، "فمن حقي كزوج أن أرفض هذا النوع من التطليق لأنه، هروب من مواجهة الجرائم التي ارتكبتها في حق الرباط المقدس، وفي حق ابنتنا الوحيدة".كان (ج) في فترة تصاعد الشنآن، قد تفرع لزوجته التي غادرت بيت الزوجية، وبدأ يتعقبها، وفي إحدى المرات ضبطها في منزل صيفي رفقة خليلها، وأبلغ عناصر الدرك وحرر محضرا إلا أنه تم إطلاق سراحها، لتتابع في حالة سراح، وكان مضمون المحاضر يشير إلى أن الاثنين كانا يناقشان أمورا مهنية داخل المنزل الصيفي!ظل يطارد الحكم الجنحي لإدانة الزوجة والانتصار لكرامته قبل أن يفاجأ بمسطرة التطليق للشقاق، حاول إقناع القاضي أنها ليست إلا هروبا من واقع ما اقترفته يداها من آثام، لكن كان ذلك دون جدوى وانتهت القضية بالتطليق وبأداء الزوج نفقات اعتبرها غير مستحقة، سيما أنه أصبح ممنوعا من رؤية ابنته.سبر أغوار مساطر أخرى إلا أنه كان يصد بمقولات أخرى ويتم تتفيه شكاياته واعتبارها ناجمة عن الشقاق الذي وقع بينهما.استسلم في الأخير وشرع في تسديد المستحقات رغم ارتفاع مقدارها خوفا من الدخول إلى السجن.ليست حالة (ج) هي الوحيدة، فمحاكم الأسرة تعج بقضايا مشابهة، يصبح فيها القضاء وسيلة للانتقام من الزوج، وجعله طيلة حياته أسير تلبية مقتضيات الحكم، إذ لم ينفع في حالات إعسار الزوج أو تبيان أن الزوجة المطلقة موسرة، إيقاف تنفيذ الحكم أو تعديله، بل القانون يطبق رغم العيوب التي فيه.من القضايا المثيرة التي عرضت على محكمة البيضاء، قضية "أبو حسن"، وهو شخص كادح يعمل مياوما، قادته الظروف إلأى الارتباط بكادحة مثله، لا عمل لها. إلا أن الحياة الزوجية ستعرف عاصفة بعد خمس سنوات، بسبب السلوكات التي بدرت من الزوجة.فوجئ أبو حسن بهروب زوجته من بيت الزوجية وسط المدينة القديمة. بحث عنها ولم يجدها، قبل أن يعلم أنها تعاشر شخصا آخر وتقيم معه، فقرر الاستغناء عنها. مرت الأيام، قبل أن تظهر محاولة الصلح متذرعة برؤية ابنها، رفض وطردها آمرا إياها بالعودة من حيث أتت.خطأ أبو حسن أنه لم يباشر أي مسطرة قضائية، واعتبر أن الأمر سنتهي هكذا، كما أن وضعه المادي لا يسمح له بالدخول في مساطر قضائية لما تطلبه من تضييع الوقت والمال، في الوقت الذي يعمل فيه مياوما، أي أنه يحصل قوت يومه بناء على ما يقدمه من خدمات في اليوم نفسه.ذات يوم فوجئ بحكم ابتدائي غيابي بمثابة حضوري، يقضي عليه بالتطليق للشقاق وبأداء مستحقات الزوجة وأبنائها وجعل الحضانة للأم.استغرب للحكم الذي أبلغ به، رغم أنه لم يبلغ في أي وقت أو يشعر بأي دعوى تطليق جارية ضده.توجه إلى مكتب محام واطلعه على الحكم طالبا منه أن ينظر إلى مشكلته ويبحث له عن حل، فكانت المفاجأة أن المحامي انتبه إلى شيء مهم، كان بيت القصيد في الدعوى كلها.ما إن أكمل المحامي تلاوة الحكم حتى وجه الكلام إلى أبي حسن مخبرا إياه أنه سبق أن أشعر بالجلسة وتسلم تبليغا لاستدعاء بالحضور، إلا أنه لم يفعل. نفى أبو حسن وأقسم اليمين على أنه لم يكن في علمه أنه موضوع دعوى. فأخبره المحامي أن ابنه سعيد تسلم التبليغ، عندها استشاط أبو حسن غضبا وأخبر المحامي ألا ابن له يحمل هذا الاسم وأن دفتر الحالة المدنية بحوزته، ليمده للمحامي الذي فوجئ بعدم وجود ابن بهذا الاسم في الدفتر.رغم كل ذلك كان الحكم قد نزل والمستحقات يجب أن تدفع إلى المطلقة، أما دعوى عدم التبليغ أو التزوير الذي طالها فهي بعيدة عن رفع المعاناة وإعادة المياه إلى مجاريها.الرجل لا يطيق أن "تطلقه" زوجته وتستفيد من مستحقات مالية مبالغ فيها، ويتم حرمانه من زيارة أبنائه عقابا إضافيا لم ينزله القضاء وإنما أنزلته المطلقة أو أسرتها، فتزداد الحروب بين الطرفين ضراوة لتصل إلى بعضها على محاولات قتل أو اعتداء وغيرها من التطورات التي تحصل في لحظة غضب. م . ص

حرب ما بعد التطليق…جحيم الأزواج والأبناء

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مبالغ النفقة تحطم الأرقام القياسية بالبيضاء

الخلل في انعدام مقياس موضوعي ووطني للنفقة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات