المناخ الاقتصادي

ستنتهي "الجذبة" الانتخابية، بعد أيام قليلة، (بكل ما لها وما عليها)، وسيُعلن رئيس الحكومة المعين عن تشكيلة حكومته، وفريق الوزراء الذي سيرافقه في خمس سنوات المقبلة، وستهدأ جميع الأصوات المرحبة والمنتقدة، وسينصرف كل واحد إلى حال سبيله، باستثناء "الحكومة"، التي ستظل تحت الأنظار على الدوام. لقد بذل المغرب مجهودات كبيرة، سياسيا وقانونيا وتنظيميا وماليا، من أجل الوصول إلى هذه اللحظة من التداول الحضاري على السلطة، واستكمال بناء المسلسل الديمقراطي، وصولا إلى مؤسسات منسجمة ومتماسكة وقوية ببوصلة واحدة تقريبا. وعليه، فإن ما ينتظر حكومة أخنوش ضخم جدا، بضخامة الملفات المعلقة، ومشاريع الإصلاح قيد التنزيل، في جميع القطاعات دون استثناء، ليس أقلها معالجة المعضلة الاجتماعية وأجرأة قوانين وتدابير الحد من الفوارق، وتحسين الدخل وتقليص نسب الفقر والهشاشة ورفع القدرة الشرائية للمواطنين وتعميم التغطية الصحية وإعادة النظر في منظومة تعويضات المتقاعدين، والاهتمام أكثر بالأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة والعالم القروي والقطاعات المتضررة من تداعيات كورونا. وإذا أمكن اعتبار المدخل الاجتماعي أساسيا لمد جسور الثقة بين الحكومة والمواطنين، خصوصا في 100 يوم الأولى، فإن هذا الجهد سيظل ناقصا، بل معاقا، في غياب الطرف الآخر من المعادلة، ونعني إعادة بناء المناخ الاقتصادي الذي تضرر في السنوات الأخيرة بإجراءات خارجة عن السياق. وفي تقديرنا أن واحدة من أولى مهام حكومة أخنوش، نزع الخوف من صدور آلاف المستثمرين ورجال الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال، الذين يراقبون الوضع من بعيد، وينتظرون ما ستسفر عنه الأيام المقبلة من إجراءات: إما تعيدهم إلى الواجهة، باعتبارهم فاعلين أساسيين في التنمية، أو تقنعهم بأنه لا جدوى من الاستمرار. إن حجم الملايير المودعة، اليوم، في الصناديق الحديدية، في الفيلات والضيعات والشقق والشركات، أكبر دليل على حرب الاضطهاد والتخويف، التي عاشها المستثمرون المغاربة في السنوات الأخيرة، بعد أن تحولت مديرية الضرائب إلى مقصلة معلقة فوق الرؤوس. ولتجنب هذا الوضع، لم يكن أمام هؤلاء غير "تهريب" أموالهم إلى "كوفرفورات" منزلية، بعد أن أضحى الحجز على الحسابات البنكية عادة يومية لأجهزة الحكومة السابقة، التي رأت أن حل أزماتها المالية لن يتأتى إلا عن طريق "التغول الضريبي"، الذي أعطى نتائج عكسية على الاقتصاد برمته. لذلك، سيكون مهما للغاية أن تفك الحكومة المقبلة شفرة الأرقام السرية للصناديق الحديدية، وتقنع أصحابها بالعودة إلى ضخ أموالهم في دورة التنشيط الاقتصادي، ولن يتأتى ذلك إلا بإشاعة الإحساس بالأمن والسلم الضريبيين، وتحويل مديرية الضرائب إلى مؤسسة مواطنة وشريكة في التنمية، بدل لعبة القط والفأر، التي فرضت عليها بفعل فاعل. إن تحسين المناخ الاقتصادي وعودة الروح إلى المبادرة الخاصة، وزرع الشجاعة في قلب الرأسمال، لا يقل أهمية عن الملفات الاجتماعية الأخرى، بل يعتبر الأول مقدمة للثانية، وبدونه سنكون مثل من يصب الماء في الرمال. الرهان صعب، لكنه ليس مستحيلا. وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.

"سالف عذرا" على "الأولى"

دبي والبيضاء... العشق الممنوع عند "بيجيدي"

مقالات ذات صلة

أنتم تستعملون حاجب إعلانات