أحداث تونس ترخي بظلالها على المنطقة العربية

جيل كيبل قال إن الشعوب العربية تتابع بشغف ما يحدث وتعيش ثورة بالوكالة قال جيل كيبل، أستاذ العلوم السياسية في باريس، والخبير في العالم العربي الاسلامي، في تحليله لثورة الياسمين بتونس وعلاقتها بالأنظمة في البلدان العربية الأخرى، بضرورة النظر إلى خصوصية ما حدث في تونس. وأضاف كيبل في حوار مع جريدة ليبيراسيون الفرنسية ضمن ملف خاص، أن الثورة التونسية قامت بها في المقام الأول الطبقة المتوسطة المتعلمة والعلمانية إلى حد كبير. إنها حركة مختلفة جدا عن أعمال الشغب التي هزت الجزائر مطلع شهر يناير الجاري، إذ اقتصرت في الغالب على اشتباكات بين الشباب المهمشين الذين هاجموا مخازن المؤونة أو رموز الطبقة الوسطى بدل مواجهة دولة قوية للغاية.في تونس، بدأت الحركة بعد انتحار شاب يبيع الخضر والفواكه كان ضحية لوحشية الشرطة والفساد. إنه رمز يتحدث عنه العالم العربي كله، في كل مكان يمكنك أن تجد مثل هذه الحالة، ولكن خصوصية الحالة التونسية تكمن في حقيقة تأثير الحادث على عموم الشعب. فكانت الطبقة المتوسطة قادرة على النزول الى الشوارع، وقهر قوة زين العابدين بن علي في البداية. وباعتراف الجميع، فإن هذا النصر ربما لم يكن ممكنا، أو على الأقل ليس بهذه السرعة، إذا لم يسارع الجيش إلى الوقوف ضد هذا الديكتاتور الذي كان دائما متخوفا منه، ويعتمد في المقام الأول على الشرطة. وحول إمكانية إعادة السيناريو نفسه في بلد مغاربي أو عربي آخر قال جيل كيبل إن من بين مميزات تونس أنها بلد غير نفطي، بل الطبقة الوسطى هي التي تنتج ثروة البلاد، ومكنته من بناء مستقبل، لكن هذه الطبقة التي خلقت دينامية إنتاجية وكدت وتعبت من أجل بناء تونس تعرضت للنهب من قبل أقارب وأصهار الرئيس زين العابدين بن علي.وفي كثير من البلدان العربية، بما في ذلك تلك الموجودة في الخليج، تتابع الشعوب بشغف ما يحدث في تونس، دون أن يغيب عن نظر تلك الطبقة الوسطى والنخب المثقفة حقيقة أنهم يعيشون على أرباح النفط التي توزع عليهم من قبل الأنظمة الحاكمة.واستبعد أستاذ العلوم السياسية في باريس والخبير في العالم العربي الاسلامي، حدوث ثورة مثيلة في بلد عربي آخر، مضيفا أن الشباب في مصر يتداول نكتا من قبيل:"الطائرة التي تأخذ زين العابدين بن علي من تونس ستتوقف في طريقها بشرم الشيخ لتأخاذ راكبا جديدا". إن ما حدث في تونس فتح للجميع الطريق للتحدث بصراحة عن الفساد والمحسوبية والقمع من قادة دولهم. "إنهم يعيشون ثورة بالوكالة، ولكن لا أعتقد أن من الممكن حدوث ثورة أخرى".ومن بريطانيا، ينظر الكاتب الانجليزي ريتشارد سبنسر إلى الثورة في تونس بعين لا يكتمل تفاؤلها، إذ يرى أن انقلاب الجمعة أحدث صدمة وهزة عبر العالم العربي، ولكن لا ينبغي أن نتوقع عهدا جديدا من الإصلاح الديمقراطي.ويسترجع الكاتب تفاصيل المقابلة التي كشفت عنها وثائق ويكيلكس بين زين العابدين بن علي ومساعد وزيرة الخارجية الأمريكية في 2008،وهي التي تضمنت نصيحته حول العالم العربي، مؤكدا أن تونس جزء من المغرب العربي وشمال أفريقيا وليس الشرق الأوسط المنقسم. واصفا وقتها الزعيم الليبي معمر القذافى بأنه شخص غير طبيعي، وأشار إلى أن الوضع فى مصر متفجر قائلا: “عاجلا أو آجلا سيتولى الإخوان المسلمون السلطة".ويشير الكاتب إلى أن زين العابدين بن علي قام بقراءة خاطئة للأوضاع، وأولئك الذين يأملون الآن أن تؤدي الثورة فى تونس إلى ميلاد عهد من الإصلاح الديمقراطي بالمنطقة عليهم أن يكونوا مستعدين لما هو غير متوقع.ويلفت الكاتب إلى حالة الغليان في أوساط الشارع المصري، فبينما كان التونسيون يتجمعون أمام سفارتهم بالقاهرة للاحتفال بسقوط نظام زين العابدين، انضم إليهم الشباب المصري صارخين: “لقد جاء دور المصريين”، وينقل الكاتب عن أيمن نور قوله: “إن هناك الكثير من أوجه الشبه بين مصر وتونس، لذا فإن ما حدث فى الأخيرة أعطى تفاؤلا للمعارضة المصرية”.ونظرت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية إلى ثورة الياسمين من زاوية أخرى. واعتبرت ما حدث في تونس بأنه أول ثورة تحدث بفعل التسريبات الأخيرة لموقع "ويكيليكس" لبرقيات دبلوماسية أمريكية. وجاء في تلك البرقيات التي نقلتها صحيفة "لوموند" الفرنسية أن أقرباء الرئيس التونسي زين العابدين بن علي "أشبه بالمافيا"، وأن النظام التونسي "لا يقبل لا النقد ولا النصح".وردا على ذلك، قال وزير الشؤون الخارجية التونسي كمال مرجان، آنذاك، إن وثائق ويكيليكس “لا مصداقية لها”، ولن يكون لها تأثير على العلاقات التونسية الأمريكية. وأكد مرجان أن هذه التسريبات “لا مصداقية لها ولا يمكن أن تؤخذ في الاعتبار”، مشيرا الى أنها تقييمات شخصية لسفراء الولايات المتحدة وهي لا تعبر البتة عن مواقف واشنطن.وتحدثت إحدى البرقيات التي تم إرسالها في يونيو 2008 بعنوان “ما هو لكم هو لي” عن إساءة استخدام النفوذ من جانب أقرباء الرئيس التونسي زين العابدين بن علي. وأشارت الى أن زوجة الرئيس التونسي، ليلى الطرابلسي، حصلت من الدولة على أرض منحة مجانية لبناء مدرسة خاصة، ثم أعادت بيعها. وفي صيف 2009، ذكرت برقية أخرى أن “الرئيس بن علي يتقدم في العمر” وأن “نظامه متصلب”، وأنه “ليس لديه خليفة معروف”. واعتبر الدبلوماسيون- حسب التسريبات- أن العمل في تونس يزداد صعوبة فالقيود “التي تفرضها وزارة الخارجية” ترغمهم على الحصول على إذن خطي قبل أي اتصال مع أي مسؤول حكومي.وجاء في البرقية أن على الولايات المتحدة أن تطلب من الدول الأوربية تكثيف جهودها “لإقناع الحكومة التونسية بتسريع الإصلاحات السياسية”. جمال الخنوسي

أحداث تونس ترخي بظلالها على المنطقة العربية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تطهير تونس من المفسدين

بني ملال وسيدي قاسم يوسعان الفارق

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات