العدالة والتنمية و”البام”… صراع بلا ذاكرة

يسجل التاريخ أن النزوع نحو إقصاء طرف حزبي من اللعبة السياسية كانت له نتائج عكسية انتقل الصراع بين العدالة والتنمية وحزب الأصالة والمعاصرة إلى ساحة القضاء، أو على الأقل هذا ما يعتقده حزب عبد الإله بنكيران، حين قال "حسب المعطيات المتوفرة لحد الآن هناك تدخلات حاسمة من بعض المتنفذين المناوئين للتحالف المسير لمدينة سلا تهدف إلى توجيه هذا الملف لتحقيق أهداف حزبية عجزوا عن تحقيقها بالوسائل الديمقراطية". الكلام نفسه ذهبت إليه بعض تسريبات "ويكيليكس"، حينما ذكرت أن الصراع مع حزب العدالة والتنمية المغربي، يتم أحيانا بوسائل غير ديمقراطية، وهي عبارة تشير بالأساس إلى الصراع بين هذا الحزب و"البام" الذي وضع نفسه على طرف النقيض من العدالة والتنمية منذ البداية.اللافت للانتباه في الصراع الدائر بين الحزبين، هو تدخل الدولة طرفا فيه، فوزارة الداخلية لا تفوت الفرصة للرد على تصريحات الأمين العام للعدالة والتنمية، عبد الإله بنكيران، إلى درجة بدت معها وكأنها ناطق رسمي باسم الأصالة والمعاصرة، علما أن الاتهامات الموجهة إلى رجالاتها بدعم الحزب الجديد ليست وليدة اليوم، بل إن بعضها واقع. إن تحول الدولة إلى طرف في صراع سياسي صرف، قد ينتهي بإعلان نتائج الانتخابات أو ترسيم حدود التحالفات، يشكل خطرا على الدولة نفسها، ويجعلها طرفا سياسيا لا يمكن الاحتكام إليه، إذ لا يمكنها أن تلعب على الحبلين معا، الخصم والحكم. إن التدافع السياسي بين الأحزاب، شيء طبيعي بل واجب، حتى تحافظ الحياة السياسية على حراكها، غير أن دخول جهات داخل الدولة على الخط، بغرض فرض نموذج معين، يثير المخاوف، من أن تكون هناك جهات رسمية تسعى إلى تقوية العدالة والتنمية، من خلال هذا النوع من الصراعات الهامشية، دون أن تدرك، أو لعلها تدرك وتلك مصيبة أخرى. فقد جرب النظام في المغرب هذه الطريقة مع أحزاب المعارضة في وقت سابق، غير أنه وصل إلى نتائج عكسية تماما. وعوض أن يكسر شوكة معارضيه، تقوت بفضله. المتغير الوحيد اليوم، هو قواعد اللعب وطرفا الصراع هذه المرة (العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة).في السياسة، تحديدا، التاريخ لا يعيد نفسه، وإن أعادها فإنما على سبيل الملهاة أو المأساة، والمأساة الحقيقية التي قد تقع هو هذا النزوع الإقصائي لطرف سياسي بسبب مواقفه أو أفكاره أو توجهاته، التي تؤثث مشهد التعددية التي اختارها نظام الراحل الحسن الثاني منذ أول دستور للبلاد، قطع به الطريق على خصومه ومنازعيه في الشرعية.إن المأساة الحقيقية، ليست في محاكمات بسبب الفساد أو الخروقات المالية، اعتقل على خلفيتها قيادي عضو الأمانة العامة للعدالة والتنمية بسلا، وإنما المخاوف الحقيقية أن تصح فرضيات حزب بنكيران وتكون كل الأسماء والوقائع التي تحدث عنها وراء مؤامرة سياسية تستهدف العدالة والتنمية، لأن الفاعلين في نسج خيوط هذه "المؤامرة" يكونون حينها قد أخطؤوا الطريق، ولم يستفيدوا من عبر التاريخ، وتكون الدولة بلا ذاكرة وهي التي تحفظ في سجل صراعها السياسي، في الماضي، وقائع من جلسات محاكمات لقادة أحزاب اليسار، تحديدا، قدموا أحيانا وبحوزتهم أسلحة نارية وأحيانا أخرى بتهم زعزعة النظام وسيل من المحاكمات لم تزدهم إلا قوة، يلجون المحاكم مناضلين بيدهم ورق ويغادرونها أبطالا من حديد، ولم تنته الأسطورة إلا حينما ذابت وسط العراك السياسي السلمي والمتعدد. إحسان الحافظي

العدالة والتنمية و”البام”… صراع بلا ذاكرة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جبهة القوى ينتقد تدبير ملف الصحراء

حزب الطليعة يعقد مؤتمره الإقليمي الثاني بتاونات

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات