ميثاق الحكامة بمجلس البيضاء يعتمد رؤية جديدة لدور الأغلبية والمعارضة

العدالة والتنمية على هامش التحالف وأحزاب أخرى تستنجد للركوب في قطاره تعد استراتيجية المواثيق إحدى الآليات الأساسية لأجرأة التحالفات السياسية على أرض الواقع، وتعاقدا سياسيا يجمع بين مكونات التحالف من أجل بلوغ الأهداف المرجوة، اعتمادا على رؤية سياسية موحدة لا تعفي الأحزاب السياسية الموقعة على الميثاق من التزامات مشتركة يكون تطبيقها رهينا بأجندة زمنية محددة. ويبقى البعد المحلي حاضرا بقوة في ربط التوافقات الوطنية بين أحزاب التحالف على مستوى البرلمان والمواقف السياسية المشتركة إزاء قضايا وطنية معينة، بتدبير مجالس المدن، وهو ما كان يطالب به الاتحاد الاشتراكي في وقت سابق إبان حكومة جطو، حين طالب عبد الرحمان اليوسفي من الوزير الأول السابق ادريس جطو أن تعكس الأغلبيات المتمخضة عن الانتخابات الجماعية لسنة 2003 الأغلبية الحكومية في عدد من مجالس المدن، تنفيذا للأوراش الحكومية على المستوى المحلي، إلا أن الخريطة السياسية عقب هذه الانتخابات نقلت أحزاب المعارضة إلى تدبير الشأن المحلي وأحزاب الأغلبية الحكومية إلى صف المعارضة في عدد من المجالس المحلية، وهو تناقض لم يستسغه الاتحاد الاشتراكي والاستقلال وغيرهما من مكونات التحالف الحكومي التي وجدت نفسها في مواجهة بعضها البعض في عدد من مجالس المدن، فلم يتدخل الوزير الأول آنذاك لحث أغلبيته على التدخل من أجل ضبط مواقف مستشاريها وكتاباتها الجهوية فيما يخص ضبط التحالفات المحلية على ايقاعات التحالف الحكومي، واستمر الوضع على هذا الحال حتى في انتخابات 2009، إذ كان حزب «البام» المعادلة الأساسية في ترتيب التحالفات في عدد من المدن من قبيل مراكش والبيضاء وطنجة ووجدة، رغم أنه حزب يوجد في صف المعارضة وطنيا، إلا أن ذلك لم يمنعه من احتلال المرتبة الأولى على مستوى نتائج الانتخابات الجماعية والغرف المهنية.وانطلاقا من هذه الرؤية، يسارع حزب «البام» إلى إعداد ذاته للانتخابات التشريعية المقبلة بناء على قطب سياسي لم تتضح معالمه بعد، يجمعه بالتجمع الوطني للأحرار والاتحاد الدستوري، من خلال إعادة هيكلة الأغلبيات في مجالس المدن والتي أثبت الواقع أنها كانت ظرفية وانتقالية وغير مؤطرة برؤية سياسية موحدة بإمكانها أن تسعف في إخراج المشاريع الهيكلية في عدد من المدن إلى حيز الوجود، كما أن السنة الجارية تعد سنة الانتخابات بامتياز، إذ تعتمد بعض المكونات السياسية على الشأن المحلي لترتيب أوراقها استعدادا للانتخابات التشريعية المقبلة، ما يعني أننا سنعيش سنة إنتخابات عاصفة، على مستوى تدبير المدن، كما يحدث حاليا في الدار البيضاء والرباط، حيث يبدو أن الأغلبيات المسيرة لها لم تعد قادرة على العمل بشروط وأجندة واضحة المعالم، وصار الجمود السمة الطاغية على تدبير شؤونها.حزب العدالة والتنمية يعد المستهدف الأول من عمليات إعادة الهيكلة التي يجري الإعداد لها في البيضاء ومراكش والرباط، ويتضح من خلال الأخبار المتداولة في كواليس هذه المجالس أن سحب التفويضات من هذا الحزب والنزيف الذي يطول مستشاريه بانتقالهم إلى «البام» أو أحزاب أخرى مقربة منه، يعني تحجيمه والحد من اتساع نفوذه في عدد من المدن قبل سنة 2012.سيبدأ قطار إعادة هيكلة أغلبيات مجالس المدن من البيضاء من الدار البيضاء، ويبقى الميثاق المؤطر لتحالف الأحرار والبام والاتحاد الدستوري، شبيها بميثاق طنجة الذي جاء لوضع حد للصراعات التي ميزت الأحزاب المكونة للتحالف، وكان لها تأثير سلبي على أداء المجلس، كما أن عدم ضبط أحزاب أخرى لمستشاريها في مجلس مدينة الدار البيضاء مثل حزب الحركة الشعبية الذي فقد فريقه في المجلس، ويعمل من تبقى منه على انتظار موافقة « البام» على انضمامهم إليه، ما من شأنه أن يضع هذا الحزب على هامش القطب المسير للبيضاء إذا لم يقم بإعادة هيكلة ذاته محليا ووطنيا.ونص ميثاق الدار البيضاء من جهة أخرى على كيفية تحسين أداء المجلس للدفع بالمشاريع التنموية بالمدينة من خلال جعل نظام الحكامة المحلية منفتحا على مرحلة جديدة، يحل فيها منطق الدولة المواكبة محل منطق الإدارة الوصية، والانتقال من المقاربة القطاعية لتدخل مصالح الدولة فوق تراب الجماعات، إلى المقاربة التعاقدية والتشاورية حول مشاريع مندمجة.وتفيد المصادر ذاتها، أن الميثاق المذكور جاء أيضا من أجل إحلال ممارسة جماعية جديدة تنبني على توافق النخب السياسية المحلية المشكلة للمجالس المنتخبة في وضع التصورات التنموية الكفيلة بتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين وتحقيق حراك تنموي يستجيب لانتظارات وتطلعات السكان، مع جعل المنتخب الجماعي في قلب العملية التنموية، والفاعل الرئيسي في هندسة السياسات العمومية المحلية في إطار الشراكة مع الدولة والقطاع الخاص.ونص ميثاق الحكامة المحلية في الشق المتعلق بتسيير المجالس الجماعية، على تقوية التواصل بين مكونات التحالف، أي الجهاز التنفيذي للمجلس والجهاز التداولي، والالتزام بواجب حضور دورات المجلس، وتوسيع فضاء النقاش بإشراك جميع الفعاليات السياسية المكونة للمجلس، وتفعيل دور اللجان بشكل يسمح لها بأن تكون قوة اقتراحية، مع الاستجابة لطلب الأعضاء عقد دورات استثنائية أو إدراج نقط في جدول أعمال الدورات مع مراعاة للشكليات والشروط التي يحددها القانون، وتكريس ثقافة التشاور بين رئيس المجلس الجماعي ورؤساء المقاطعات، والعمل مع سلطة الوصاية بمنطق الشريك ووفقا للمقتضيات القانونية المنظمة، لما فيه مصلحة المدينة وسكانها.كما يعتبر أصحاب المبادرة أنها تعد مدخلا حقيقيا لإصلاح الممارسة السياسية والحزبية بالمغرب وترجمة للتنسيق المشترك بين أطراف الميثاق على المستويين المركزي والجهوي، مشيرة إلى أنها ستكون اللبنة الأولى لعمل جدي سيشمل مجالس وجهات عديدة بالمغرب في سبيل بناء المشروع المجتمعي الذي تنادي به الأحزاب الموقعة على الميثاق، مع التشديد على أن الميثاق لا يهدف فقط إلى تشكيل الأغلبية في المجالس، بل إلى الاتفاق على أرضية عمل مشتركة وتحديد المسؤوليات في التسيير الجماعي. رشيد باحة

ميثاق الحكامة بمجلس البيضاء يعتمد رؤية جديدة لدور الأغلبية والمعارضة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

المريزق: "البام" بمكناس يقود ثورة هادئة

إعادة تشكيل خريطة التحالف بسلا قد يعصف بالعدالة والتنمية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات