مـن يتحمـل العـبء الضريـبي بالمغـرب؟

الفلاحون والمنعشون العقاريون معفون والأجراء والموظفون يؤدون ثلثي مداخيل الضريبة على الدخل من يؤدي الضرائب في المغرب؟ بالرجوع إلى الدستور نجد أنه ينص في الفصل 39 أنه يجب « على الجميع أن يتحمل، كل على قدر استطاعته، التكاليف العمومية، التي للقانون وحده إحداثها وتوزيعها، وفق الإجراءات المنصوص عليها في هذا الدستور». وفي الفصل 40 يشير إلى أن «على الجميع أن يتحمل، بصفة تضامنية، وبشكل يتناسب مع الوسائل التي يتوفرون عليها، التكاليف التي تتطلبها تنمية البلاد، وكذا تلك الناتجة عن الأعباء الناجمة عن الآفات والكوارث الطبيعية التي تصيب البلاد». لكن بالرجوع إلى طريقة تنزيل هذا المقتضيين على أرض الواقع، نجد أنه إذا كان الدستور يؤكد أن على الجميع تحمل التكاليف العمومية كل حسب قدراته وإمكانياته المالية، فإن هذا المبدأ يظل نسبيا بالنظر إلى مجموعة من الإجراءات الاستثنائية والإعفاءات التي يستفيد منها بعض شرائح الملزمين. ويتضمن النظام الضريبي المغربي العديد من هذه الإجراءات، علما أن تمتيع شرائح معينة من الملزمين بتدابير امتيازية، ينعكس سلبيا على الشرائح الأخرى، إذ يرتفع الضغط الضريبي عليها، وذلك من أجل تعويض التكاليف التي تحرم منها خزينة الدولة جراء هذه التدابير والإعفاءات. وفي هذا الإطار نجد، حسب الإحصائيات الرسمية الصادرة عن المديرية العامة للضرائب والخزينة العامة للمملكة ووزارة المالية، أن 73 في المائة من موارد الضريبة على الدخل تأتي من الاقتطاعات من مداخيل الأجراء والموظفين، وذلك بالرجوع إلى تقديرات إنجازات قانون المالية للسنة الماضية. وحدد قانون المالية للسنة الجارية مداخيل الضريبة على الدخل في 32 مليارا و947 مليون درهم، يساهم فيها الأجراء بأزيد من 16 مليار درهم، والموظفون بقيمة 7 ملايير و457 مليون درهم، ولا تتعدى مساهمة المهنيين (المهن الحرة) 3 ملايير و763 مليار درهم، ويأتي المبلغ المتبقي (5 ملايير و698 مليون درهم) من مختلف أصناف المداخيل الأخرى الخاضعة للضريبة.وجدير بالذكر أن وعاء الضريبة (المداخيل الخاضعة لها) تشمل إضافة إلى مداخيل الأجراء والموظفين، المداخيل العقارية، والفلاحية وتلك المتأتية من المهن الحرة. وإضافة إلى الميز المسجل بين الأجراء والموظفين ومختلف الملزمين الآخرين، نجد أن هناك ميزا داخل فئات الأجراء أنفسهم، إذ أن 47 في المائة من الأجراء فقط هم الذين يؤدون الضريبة، في حين أن ما لا يقل عن مليون و800 أجير معفون من الضريبة، وذلك دون احتساب الأجراء الذين يشتغلون في القطاع غير المنظم.وهكذا يتضح، في ما يتعلق بالضريبة على الدخل، أن الأجراء والموظفين هم الذين يساهمون بثلثي المداخيل، في حين أن كل فئات الدخل الأخرى تساهم بالثلث، وهكذا يصبح الضغط كله متمركزا على فئة الأجراء، علما أن الضريبة تقتطع لهم من المنبع، عكس الفئات الأخرى التي تقدم تصاريح بدخلها إلى إدارة الضرائب، وبعدها يتم احتساب الواجب أداؤه.ويشمل الميز نفسه الضريبة على الشركات، إذ سبق أن أكد عبد اللطيف زغنون، المدير العام للضرائب أن 2 في المائة من المقاولات، فقط، تساهم بما يناهز 80 في المائة من موارد الضريبة على الشركات، وأن 75 في المائة تصرح بأرباح تقل عن 3 ملايين درهم.بالمقابل هناك العديد من المقاولات التي تحقق أرباحا طائلة، في حين لا تساهم بدرهم واحد في خزينة الدولة، إذ تستفيد من إعفاء شامل من الضريبة، مثل الشركات العقارية، بالنسبة إلى المداخيل التي تجنيها من مشاريع السكن الاجتماعي التي تنجزها، كما أن هناك المقاولات الفلاحية الكبرى، التي تستفيد من إعفاء منذ الثمانينات.إضافة إلى هذا التمييز القانوني، فإن عددا من المقاولات تعتمد أساليب احتيالية من أجل التملص من الضريبة ومنها من يتهرب من أدائها، وذلك في غياب مراقبة فعالة من قبل المصالح المختصة. وأسفرت المقاربة التي اعتمدتها إدارة الضرائب، أخيرا، في ما يتعلق بالمراقبة على نتائج مشجعة.وأكد زغنون، في هذا الصدد، في لقاء سابق مع صحافيي مجموعة «إيكو ميديا» أن ما يعادل 13 ألفا و577 مقاولة صرحت، للمرة الأولى، بتحقيق أرباح. وأوضح أن عمليات المراقبة تمكن من التأكد من مدى صحة المعلومات المقدمة إلى الإدارة. وأثار المسؤول الأول بالمديرية العامة للضرائب مسألة الموارد البشرية بالمديرية، إذ اعتبر أنه يتعين توظيف ما لا يقل عن 400 شخص سنويا من أجل الاستجابة إلى حاجيات الإدارة من الموارد البشرية، خاصة أن هناك عددا من الأطر والموظفين يحالون على التقاعد، إذ يصل عدد المغادرين إلى حوالي 160 موظفا، يحالون على المعاش سنويا. ويتراوح عدد الموظفين الجدد، حسب المدير العام، ما بين 300 و 350 موظفا يدمجون سنويا.وتشير إحصائيات وزارة الاقتصاد والمالية إلى أن إجمالي موارد الضريبة على الشركة وصلت، خلال السنة الماضية، إلى 42 مليارا و538 مليون درهم، ساهم فيها قطاعا الصناعة والخدمات بما يناهز 30 مليار درهم، والمؤسسات البنكية بقيمة 7 ملايير و231 مليون درهم، ووصلت مساهمة شركات التمويل والتأمين إلى مليارين و514 مليون درهم، وتساهم مختلف الشركات الأخرى بقيمة مليارين و 703 ملايين درهم.إلى جانب الضرائب المباشرة، التي تشكو من عدم التوزيع العادل، هناك الضرائب غير المباشرة، التي تتميز بأن الذي يؤديها إلى الخزينة ليس هو الذي يتحملها بالفعل، مثل الضريبة على القيمة المضافة، والضريبة الداخلية على الاستهلاك، التي تؤديها الشركات المنتجة والمقدمة للخدمات لفائدة خزينة الدولة، لكنها تستردها، من خلال إدراجها في سعر البيع، ويصبح المستهلك هو من يتحمل هذه الضرائب في نهاية المطاف. عبد الواحد كنفاوي

مـن يتحمـل العـبء الضريـبي بالمغـرب؟

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

63 في المائة من موارد الميزانية العامة محاصيل جبائية

تراجع الموارد الجبائية متم غشت الماضي

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات