شهادات

تراكمات وإحباط جاء العزوف وفقدان الثقة نتيجة تراكمات. ويتزايدان بشكل مضطرد من سنة لأخرى وبين مختلف فئات الناخبين. ولعل ذلك رد فعل مفكر فيه أو أنه قرار جمعي يبطن الكثير من الأجوبة. فئة عريضة لا تهتم ولا تشارك في الانتخابات، ولم تعد تثق في العمل السياسي والحزبي رغم الحملات التي تشنها الحكومة في كل استحقاق انتخابي لحثهم على المشاركة السياسية ترشحا وتصويتا. في تقديري يعود سبب هذا الصد والإعراض، إلى حجم الإحباط الذي أصاب الناخبين المغاربة في مدى قدرة المستشار والبرلماني والمجالس المنتخبة على إحداث التغيير المنشود في البنى التحتية للمقاطعات، وفي القيام بأدوارها ومهامها على أكمل وجه. ولما فقدت هذه الفئات الأمل، ابتكرت لنفسها حلولا، فأبدعت حملات مقاطعة سلع ومنتوجات، وأعرضت عن الشأن السياسي وخاضت في العمل التطوعي والإحساني. كما انخرطت بوعي أو بدونه للترويج لمنشورات ومواقف تشجع على العزوف السياسي، وتفرغ العملية الانتخابية من جدواها وفاعليتها. واقع الحال في المغرب يؤكد غياب الثقة بين الأحزاب المشكلة للمشهد السياسي والمواطنين، ولعل متابعة مصائب الشأن السياسي في الأسبوع الأول من غشت الجاري تغنينا عن الجواب، فظاهرة الترحال السياسي وشراء التزكيات وموقعة الأصهار والأبناء، تؤشر على أن الهيآت الحزبية المغربية مطالبة بإعادة بناء نفسها وتجديد دمائها وتطوير آليات تواصلها وعدم اعتبار الحزب امتدادا للمشروع العائلي. نور الدين شكرادة (أستاذ وجمعوي ونقابي) مسلسل خذلان تنعدم الثقة تماما بين المواطن والفاعل السياسي، بسبب تاريخ مديد من الخذلان نتج عنه عزوف ملحوظ عن المشاركة في الانتخابات والاهتمام بالعمل الحزبي والسياسي، لأن الثقة في أداء السياسيين مؤشر هام وأساسي لقياس رضا المواطنين تجاه السياسات الحكومية. تكمن هذه الثقة السياسية في العلاقة بين النظرية والتطبيق، فالسياسيون يفقدون ثقة جماهيرهم عندما يصبحون أقل فعالية في توصيل ما يريده أو يتوقعه المواطن. عموما فعدم الثقة السياسية يظهر عندما يدرك المواطن أن أداء الفاعل السياسي لا يرقى إلى تطلعاته. إن هذه الإشكالية راجعة للصورة النمطية التي أصبحت تلتصق بالسياسي المغربي، نظرا لتوالي قضايا الفساد، من قبيل شراء الأصوات واعتماد المحسوبية في سياستها الداخلية، عوض منح الفرص للكفاءات. كذلك دوامة تكرار المشهد السياسي المغربي نفسه، فالمواطن لم يلمس دورا حقيقيا للمؤسسات الدستورية (برلمان وحكومة) في تغيير واقعه المعاش، أو أي تطور في القطاعات الأساسية للبلاد، وهو ما أقنع فئة عريضة من الناخبين بأن تصويتهم لن يحدث تغييرا، وأنه ليس له أي دور مؤثر في رسم مستقبل البلاد أو تدبير الشأن العام. هناك عامل غياب الديمقراطية داخل الأحزاب، خاصة التي تعاني الشيخوخة داخل أطرها ونخبها، وهذا ما عكسته وتعكسه العديد من المنشورات والفيديوهات على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي للمواطنين. وبالتالي، فإن تفسير عدم المشاركة في الانتخابات، هو نتيجة للخيبات المتكررة من طرف الفاعل السياسي في علاقته بالمواطن، والعزوف عن التصويت يبقى شكلا من الأشكال النضالية التعبيرية التي ينهجها المواطن ليوضح مدى رفضه لسياسة الأحزاب المغربية التي لم تطور نفسها. وفاء الصيباري (فاعلة جمعوية) مرادف الخداع يعاني الفاعل السياسي (الأحزاب السياسية) مع اقتراب كل موعد انتخابات أيا كان نوعها، في سعيه لاستقطاب واستمالة الناخبين، دون أن يعلم أنه أو فئة منه، ساهمت في هذا الوضع. انعدام الثقة بين المواطن المغربي والمؤسسات الرسمية والحزبية، جزء من الواقع المر وحقيقة لا يمكن إغفالها، وهو ما نستشفه يوميا في ما يعبر عنه المواطنون في تفاعلاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، وهي ترجمة فعلية لحالة البؤس التي تعرفها الممارسة السياسية عموما. لقد أضحى العمل السياسي في وعينا الشعبي، مرادفا للخداع والكذب والتدليس. يغيب الضمير والوازع الأخلاقي، وتعتمد سياسات رسمية تقوم على تشجيع الريع والاغتناء غير المشروع، وحماية الفساد والمفسدين، وتهميش دور الحكومة ومؤسسات الوساطة الاجتماعية عبر ضرب مصداقيتها وتحجيم دورها داخل الدولة والمجتمع. ومن المحطات التي ساهمت بشكل كبير في فقدان الثقة بين الساسة والمواطن، حكومة التناوب وما رافقها من إحباط الآمال في غد أفضل. وكانت حصيلتها سلبية جدا ومحبطة. أما المحطة الثانية فتتمثل في حكومة الإسلاميين، التي عقد عليها المواطن المغربي كل آماله، خصوصا أنها تزامنت مع الربيع العربي، إلا أن ما حصل خالف كل التوقعات، حيث نالت من مكتسبات الشعب المغربي وعمقت جراحه، من خلال الإجهاز على الوظيفة العمومية وتحرير قطاع المحروقات، وإلغاء صندوق المقاصة إلى غير ذلك. أحمد الناده (جمعوي) حلم يائس بالنسبة إلي هناك أسباب عديدة ساهمت في تضخيم ظاهرة المقاطعة، بينها غياب النقاش الجاد حول التحديات الداخلية والخارجية الحقيقية التي تواجهها بلادنا، وتقديم صورة عن الانتخابات التشريعية في جميع مراحل ومستويات تحضيرها، بأنها في الأساس عملية ترمي للإبقاء على الوضع القائم، وترميم «الثغرات» التي أقيمت للحيلولة دون تطويره أو تغييره. يسود الاعتقاد بأن المشاركة في الانتخابات واختيار نواب جدد مهما كانت كفاءاتهم، لا يقدمان ولا يؤخران شيئا. وهذا ما يزيد الوضع قتامة والمستقبل ضبابية في انتظار انتباه الفاعل السياسي لنفسه وتطوير أدوات اشتغاله ومحاربة الفساد فيها قبل الدعوة بمحاربة الفساد في المؤسسات. صحيح أن تزوير الانتخابات، بالمعنى التقني والتقليدي للكلمة، لم يعد هو العامل الأساسي الذي يكيف نتائجها، لكن المشاركة السياسية لم تعد تغري أمام تداول الوجود والخطابات نفسها وتشابهها دون تطوير. تقديم الوعود وحدها، ليس حلا طالما أن المواطن اكتشف أنها واهية ولم تطبق على أرض الواقع في محطات سابقة، فكيف ستشجع على تصديق وعود أخرى قد يصدم لعدم جديتها أو جدية من أطلقوها وهو العالم بماضي من أطلقها والأحزاب التي ينتمون إليها وساهمت في التسيير. إن العزوف عن المشاركة في الانتخاب، الذي اتسع بشكل ملحوظ، يعكس الطموح إلى تغيير سياسي عميق، أصبح اليوم حلما مشتركا بين جميع شرائح المجتمع، رغم اختلاط هذا الحلم بما يشبه اليأس من حدوثه في المنظور القريب. لبنى العلمي (أستاذة وجمعوية) توالي الخيبات أعتقد أن اتساع فجوة الثقة بين المواطن والفاعل السياسي، أساسها توالي خيبات الأمل وتدني مستوى الخدمات والمشاريع العموميـة. ولنتفحص لوائح بعض المنتخبين والعائلات الانتخابية ونبحث في ظروف ثرائها الفاحش، لنهتدي لجزء من الأسباب المؤرقة للمواطن. الجميع يتحدث عن التغيير ومحاربة الفساد، لكن كيف استشرى هذا الفساد ومن ساهم فيه، وأي تغيير تنشده أحزاب لم تغير حتى جلدها وشاخت بقادتها وبرامجها وسياستها. ونتيجة لما سبق تنعكس لدى العامة صورة نمطية، هي أن النواب والسياسيين ومن يمشون في طريقهم ليسوا سوى مرتزقة ساعين وراء الريع. رغم ذلك لا نحمل المسؤولية الكاملة للأحزاب والفاعل السياسي، الفراغ الذي نتركه كمواطنين هو جزء من المشكل والطبيعة لا تقبل الفراغ. فيصل بنموسى (مهندس برمجيات) استقاها: حميد الأبيض (فاس)

شهادات

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

بساين والمدني بسريع وادي زم

الدفاع الجديدي يعزز صفوفه

مقالات ذات صلة