طفولة محطمة وأرواح مفقودة

هذا بالتأكيد حادث إخباري، لكنه من المحتمل أن يصل ويلمس الأشخاص الأقل تعاطفا بيننا. بالتأكيد، بالنسبة إلى أي شخص يعيش في المغرب، من المستحيل أن لا يراهم. هم من يلمعون الأحذية في المدن الكبيرة، ويبيعون السجائر أو يقومون بأعمال إصلاح طفيفة على الدراجات. لسوء الحظ، يشكل الأطفال والمراهقون العاملون جزءا كبيرا من المشهد الاجتماعي المغربي. ورغم أن عددهم بدأ يقل تدريجيا،، فهم في حدود مائة وخمسين إلى مائتي ألف، وفقا للتقديرات المتاحة، إلا أننا يجب أن نتذكر أن هؤلاء الأطفال والمراهقين، يعملون في إطار غير قانوني. ميلود، البالغ 11 سنة من عمره، تعرض للضرب حتى الموت على يد صاحب القطيع وصاحب العمل المزعوم، لأنه كان يغفو خلال إنجاز مهامه المتمثلة في مراقبة قطيع من الأغنام. ولم يكتف مشغله بذلك، بل حاول إخفاء جريمة القتل بالادعاء أنها انتحار، من خلال تعليق جثة ميلود الصغيرة، هامدة على شجرة، في محاولة فاشلة للهروب من مسؤوليته المزدوجة، المتمثلة أولا في استغلال ضعف طفل يبلغ من العمر 11 سنة، وثانيا بضرب طفل خائف وعاجز، إلى أن قتله. يجب عدم السماح بحدوث مثل هذه الفظاعات مرة أخرى. يجب أن لا نسمح لهؤلاء المجرمين بالتكاثر، ولهذا يجب علينا استخدام الرد القانوني المناسب لوضع حد نهائي لاستغلال للأطفال بجميع أشكاله. فمكان طفل يبلغ من العمر 11 سنة، هو على مقاعد المدرسة، أثناء النهار، ومع أسرته خلال الليل. وهو معطى لا يحتمل أي نقاش. لهذا السبب يجب علينا الآن إظهار أقصى درجات الشدة في مواجهة هذه الأفعال والممارسات، من خلال قمعها وتسمية الأشياء بمسمياتها، إذ يتعلق الأمر بالاتجار بالبشر. يجب التذكير أنه يقصد بالاتجار بالبشر تجنيد شخص أو استدراجه أو نقله أو تنقيله أو إيواءه أو استقباله، أو الوساطة في ذلك، بواسطة التهديد بالقوة أو باستعمالها أو باستعمال مختلف أشكال القسر أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع، أو إساءة استعمال السلطة أو الوظيفة أو النفوذ أو استغلال حالة الضعف أو الحاجة أو الهشاشة، أو بإعطاء أو بتلقي مبالغ مالية أو منافع للحصول على موافقة شخص له سيطرة على شخص آخر لغرض الاستغلال. لنذكر أيضا أنه لا يشترط استعمال أي وسيلة من الوسائل المنصوص عليها في الفقرة الأولى أعلاه لقيام جريمة الاتجار بالبشر تجاه الأطفال الذين تقل سنهم عن ثماني عشرة سنة بمجرد تحقق قصد الاستغلال. كما تجدر الإشارة إلى أنه يقصد بالسخرة جميع الأعمال أو الخدمات التي تفرض قسرا على أي شخص تحت التهديد، والتي لا يكون هذا الشخص قد تطوع لأدائها بمحض اختياره. ولا تدخل في مفهوم السخرة الأعمال المفروضة لأداء خدمة عسكرية إلزامية، أو نتيجة إدانة قضائية، أو أي عمل أو خدمة أخرى تفرض في حالة الطوارئ القاهرة. يشمل الاستغلال جميع أشكال الاستغلال الجنسي، سيما استغلال دعارة الغير والاستغلال عن طريق المواد الإباحية، بما في ذلك وسائل الاتصال والتواصل المعلوماتي، ويشمل أيضا الاستغلال عن طريق العمل الجبري أو السخرة أو التسول أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق أو نزع الأعضاء أو نزع الأنسجة البشرية أو بيعها، أو الاستغلال عن طريق إجراء التجارب والأبحاث الطبية على الأحياء، أو استغلال شخص للقيام بأعمال إجرامية أو في النزاعات المسلحة. لنطبق هذا القانون، وننصف ميلود الصغير، وبذلك نمنع أطفالنا من أن يعيشوا المصير الكارثي نفسه لهذا المواطن الصغير الذي من الواضح أننا فشلنا جميعا تجاهه ونسينا جميعا ذلك. محمد ألخوير (محام بهيأة تطوان وعضو مجلس إدارة جمعية "إنصاف")

مقتطفات

الخبرة الطبية تبرئ التورابي

مقالات ذات صلة