أعراس وبناجح والآخرون.. متضامنون بحمولة سادية وخلفية سياسية
لا يمكن لمبدأ “التقية التي أباحها الإسلام، استثناءا، لحماية الإنسان من الضرر في عقيدته ودنياه” أن يستوعب “كل هذا المنسوب الكبير من النفاق الذي يتدثّر به اليوم أدعياء الدين من إرهابيين ومتطرفين وسدنة العدل والإحسان”.
فحتى التقية الشيعية، في مفهومها الموغل في المرونة والتوسع حد الشطط العقدي، لا يمكنها أن تقنع الناس بأن علي أعراس، الإرهابي المنذور لقتل المغاربة، قد أصبح اليوم مناضلا حقوقيا وناشطا سياسيا ينافح من أجل إطلاق سراح عمر الراضي وسليمان الريسوني.
فالتقية لا يمكنها أن تغير بروفايل الإرهابي المتطرف إلى مناضل سياسي وحقوقي، حتى ولو قص لحيته وشاربه واجتهد في تركيب جمل باللغة الأعجمية! كما لا يمكنها أيضا أن تمسح من ذهن المغاربة وأرشيف المحاكم رواسب أسلحة الكلاشينكوف والذخيرة الحربية التي أدخلها على أعراس إلى المغرب بغرض ترويع الآمنين وقتل الأبرياء.
فما ينطبق اليوم على الإرهابي علي أعراس إنما يتجاوز حدود مفهوم ” التقية” ليلامس فرضية “استغباء النفس وافتراض الغباء في ذكاء المغاربة”. فالرجل الذي يطل هذه الأيام من بوابة اليسار البلجيكي على الوسائط التواصلية، ربما نسي أو يتناسى بأن التطرف والإرهاب لا تجفف منابعهما تغريدات تويتر ولا تدوينات فايسبوك، حتى ولو تضامن فيها، وبوجه مكشوف، مع المغتصبين وهاتكي العرض بالعنف.
فعندما “يتضامن” الإرهابي علي أعراس مع عمر الراضي وسليمان الريسوني إنما يزيد من تأزيم وضعهما القانوني وتعسير حالتهما الصحية. ذلك أن الفكر النظري الذي ينهل منه المتطرفون لا يعتد بالتضامن بقدر ما يعترف ب”التترس” لتحقيق مآربه المقيتة. ولعلّ هذا ما دفع الإرهابي علي أعراس إلى مطالبة عمر وسليمان بالاستمرار في الإضراب عن الطعام وليس توقيفه، لأنه بكل بساطة لا يبتغي سوى التصعيد وإذكاء التوتر وعلى حساب صحة هؤلاء المضربين المتابعين في جرائم الحق العام.
ولئن كان علي أعراس، تفضحه جرائمه الإرهابية وماضيه المتطرف، فإن حسن بناجح تفضحه في المقابل الخلفية التي صوّر فيها شريطه التضامني المزعوم. فلسان حال جماعة العدل والإحسان يتضامن من باب خرق القانون! فالمعني بالأمر وثق شهادته المزورة في الشارع العام وفي شهر رمضان، وفي سياق مطبوع بالحجر الليلي، كما كان يتباهى باحتساب أيام الإضراب عن الطعام الذي دخل فيه عمر الراضي وسليمان الريسوني بينما شظايا لعابه كانت تتطاير على محيا حامل الميكروفون بدون ارتداء الكمامة الواقية! فهل التضامن يكون بتعريض صحة الناس للأذى؟ وهل تهديد الأمن الصحي للمغاربة أهون من التضامن مع المشتبه بهما في هتك العرض والاغتصاب؟ أم أن حسن بناجح يستبدل الذي هو خير بالذي هو أدنى؟
وفي المحصّلة، فالتقية والتضامن لا يستقيمان بدون غنج ودلال المناضلات ذوات الظفائر والجدائل الذهبية. فكانت المفاجأة من إحدى ضحايا توفيق بوعشرين التي خرجت بدورها تطلب السراح لعمر الراضي رغم أن في جعبته ضحية تتقاسم معها النوع الاجتماعي والجنس والمهنة وهي حفصة بوطاهر. بل وتتقاسم معها معاناة الأماكن المغلقة وجموح النزوع الذكوري عندما ينفرط من لجامه.
إنها ملامح “سادية” التضامن والمُتضامن بالمغرب. فالجمعيات الحقوقية تحولت للأسف من بيئة حاضنة للضحايا والنساء إلى بؤرة شبه حقوقية تتضامن مع المشتبه بهم في خرق حقوق النساء وإذلال المختلفين في الميولات الجنسية. والإرهابيون من أمثال علي أعراس صاروا يفتون بمواصلة الإضراب عن الطعام بدعوى تقاطع الإرهاب مع الاغتصاب في المقاصد ضد الدولة. أما الذئاب الملتحية الملتحفة لأردية الإسلام السياسي فهي مثل “الصروف” الذي يهيم حيث يهيم كل من يحمل مخططا تخريبيا أو مشروعا مناوئا للدولة.
*محمد الهيني
*محام بهيئة تطوان