ارحلوا

أحسن ما يقوم به المسؤولون عن تدبير العاصمة الاقتصادية، أن يكتبوا رسالة الرحيل. فلم يعد سكان البيضاء يرغبون في أي شيء على الإطلاق. يريدون فقط أن يعلن هؤلاء فشلهم، ويخرجوا من الباب الخلفي ويتواروا عن الأنظار في انتظار الحساب، لأن ما يقع اليوم في العاصمة الاقتصادية مخجل بكل المقاييس ولا يشرف أحدا: مخجل أولا، لأن في الوقت الذي "يقيم" الوالي والعمدة في مكتبيهما المكيفين، يموت مواطنون قهرا وضغطا نفسيا في الشوارع والمحاور والطرقات ووسط الأنفاق وفوق القناطر، التي صرفت عليها الملايين دون جدوى. ومخجل ثانيا، أن يقضي أصحاب السيارات والشاحنات وسيارات نقل المستخدمين وأطفال المدارس ومستعملو الحافلات (في عز الجوع والعياء والعطش) ساعات في الجحيم، من أجل العودة إلى منازلهم كل يوم، فقط لأنكم فشلتم في وضع مشاريع وبنيات تحتية في المستوى، تخفف من الضغط في أوقات الذروة، وأنظمة للمرور تشتغل تلقائيا لتفادي الاختناقات في نقاط محددة. ومخجل في المقام الثالث، لأننا لم نسمع أن الوالي، أو العمدة، عقدا اجتماعا عاجلا لإيجاد حلول لمعضلة حركة السير. فلماذا يصلح مسؤول في مدينة إذا كان غير قادر على تقديم جواب عن مشكل طارئ؟ إن فشل مسؤولي المدينة في قطاع النقل والتنقلات ووضع منظومة مناسبة للطرق والممرات والمدارات والمواقف وعلامات التشوير والتحكم في مداخل ومخارج المحاور الكبرى، هو فشل للمدينة برمتها، وفشل لجميع مشاريعها ومخططاتها وبرامجها. فمدينة متروبولية تخنقها مليون سيارة وشاحنة، هي مدينة فاشلة بامتياز، ولن يقنعنا أحد بلائحة القناطر والأنفاق والطرق، مادامت لم تؤد وظيفتها في الوقت المناسب. اليوم، لا يبحث المواطنون عن أسباب ومبررات ولا يريدون معرفة من يحكم البيضاء، ومن يتحكم في من، ومن يتلقى الأوامر، ومن يتآمر عليها، ومن يتاجر بمآسيها، ومن يريد أن تبقى عاصمة المال والأعمال وقاطرة المغرب مجرد قرية بئيسة تثير الشفقة. البيضاويون لم يعودوا يريدون أجوبة. يطالبون فقط بتنحي مسؤولين لم تطلب منهم أفكار، ولا تمويل أو برامج، أو بحث عن استثمارات ومشاريع. كان مطلوبا منهم فقط تنزيل مخطط للتنمية أشرف جلالة الملك منذ 2014 على توقيع اتفاقياته، وعبأت له الدولة أكثر من 33.6 مليار درهم ويمتد لخمس سنوات. يريدون رحيل مسؤولين، يكلفون ميزانية الدولة ملايين الدراهم على شكل تعويضات عن المهام وتأمين وسيارات وحرس وحشم وسفريات، ويعجزون عن تنفيذ برنامج معد سلفا، من قبل الدولة. رحيل مسؤولين بلا كفاءة أو خبرة مسلطين على الرقاب، أغرقوا عجلات المدينة في وحل الكوارث، في الوقت الذي تتقدم مدن أخرى، مثل الرباط ومراكش وطنجة، بأقل ما يمكن من إمكانيات ودعم مباشر للدولة. البيضاء جريحة. فرجاء أوقفوا النزيف. قبل فوات الأوان.

ارحلوا

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مفارقة الإقبال والانتقاد

أرباب الحمامات: "طلقو" الدعم

مقالات ذات صلة