عودة الكفر إلى الفكر… الفتنة النائمة

شيوخ السلفية وراء التحريض ضد عصيد منخرطون في تشكيل قوة حزبية مفتوحة على كل الاحتمالات تشبه أجواء الاحتقان التي يمر بها النقاش السياسي في المغرب، أجواء ما قبل 16 ماي الإرهابية. فقد كانت خرجات بعض ذوي الأفكار المتطرفة، تسعى إلى تجييش الرأي العام عبر تأويل وتحوير الأفكار الصادرة عن أصحابها، من أجل هدر دمائهم ونشر الفتنة في البلاد وبين العباد. وتشاء الصدف أن يكون تكفير المفكر الأمازيغي، أحمد عصيد، مع اقتراب الذكرى العاشرة لتلك الأحداث الإرهابية التي هزت مدينة الدار البيضاء وذهب ضحيتها عشرات المواطنين أبرياء. التحريض ضد عصيد... مؤشر خطيرتكفير الناشط الأمازيغي، أحمد عصيد، بعد تحريف حديثه عن النبوة، أثار مخاوف الكثير من المتتبعين لما يجري في محيط المغرب، في تونس ومصر تحديدا، حيث تحولت حملات تكفير أصحاب الآراء المختلفة إلى تجارة ودعاية تستهدف المعارضين للسلطة والمناضلين عموما. هذه المخاوف تكرست بعد أن توالت الحملات المضللة التي استهدفت فكر الناشط الأمازيغي. فقد وصف الشيخ السلفي، حسن الكتاني، في تصريح خطير، أحمد عصيد بـ»عدو الله»، فيما ذهب شيخ السلفية، محمد الفيزازي، إلى القول «لقد حاورت عصيد أكثر من مرة، وحاولت هدايته وأعترف أنني فضلت في إقناعه بعظمة الإسلام وجلال القرآن، وصدق النبي والرحمة المهداة.. بل ما زادت دعوتي عصيد إلا نفورا». بالمقابل، اتهمت أحزاب سياسية رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، بالبحث عن مبررات لتكفير السلفيين للمفكر أحمد عصيد، وذلك في تصريح لرئيس الحكومة، خلال افتتاح أشغال مؤتمر شبيبة حزبه، قال فيه «إنه ليس من المعقول التعريض للرسول (ص)، لأنه سيد الخلق، ولا نقبل بهذا».هذه الأجواء التحريضية اعتبر بعض المتتبعين أنها تحاكي الأجواء التي سبقت أحداث 16 ماي الإرهابية، حيث كانت الدعوة إلى التكفير وهدر الدم، صراحة أحيانا، كما جاء على لسان الشيخ السلفي، حسن الكتاني، أو تلميحا كما هو الحال عند شيخ السلفية، محمد الفيزازي، بالمقابل ينضاف إلى الحملة رئيس السلطة التنفيذية نفسه، الذي تخلى عن قبعة الحكومة، ولبس قبعة الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، حتى يتسنى له الانخراط في جوقة التحريض ضد عصيد.وفي السياق ذاته، دقَّت أحزاب سياسية ناقوس الخطر، مذكرة بسيناريو 16 ماي نفسه، وبالأجواء التي كانت سائدة قبل أحداث 16 ماي الإرهابية، حين «كان الكثيرون يصمتون على الفتاوى المتطرفة بدعوى أن بلدنا بعيد عن الغلو والتطرف، حتى استفاق الجميع على الكارثة»، إذ نبهت هذه الأحزاب أجهزة ومؤسسات الدولة إلى ما يمكن أن يترتب من أخطار عن فتاوى غير ملائمة للعصر ولواقع المجتمع المغربي، ومن حملات تحريضية ضد كتاب ومثقفين. سيناريو 16 ماي يطل من جديدبالمقابل، لقيت الحملة ضد الناشط أحمد عصيد، بسبب أفكاره وممارسة حريته في التعبير عنها، تضامنا من قبل بعض الأحزاب السياسية، ذات المرجعية اليسارية. فقد نقل فريق التحالف الاشتراكي، لحزب التقدم والاشتراكية، قضيته إلى مجلس المستشارين، في طلب إحاطة بشأنِ ما تعرفه الساحة الوطنية في الآونة الأخيرة من فتاوَى، ومن مس بالحريَّات الفرديَّة من قبل من وصفهم بالمتطرفين، وتخصيص بعض الأئمة خطب الجمعة «لأجل الانخراط في التشهير والتحريض ضد التعبير عن آراء يتمُّ تأويلهَا بشكل غير سليم، فِي إشَارةٍ إلَى حملة الشجب التِي يتعرضُ لها الناشط الأمازيغِي والحقوقِي، أحمد عصِيد، على خلفيَّة حديثه عن تناقض المنظومة التربوية، ومقررات التربية الإسلاميَّة».الموقف نفسه عبر عنه الديوان السياسي للحزب، حين أكد «رفضه القوي للتطرف والغلو من أي جهة كان، ويعلن عن تضامنه الكامل مع ضحايا هذه الممارسات، ويحذر من مخاطر الزج ببلادنا في متاهات المس بحرية التعبير والتشهير بالأشخاص والتحريض على الفتنة والقتل».وفي السياق ذاته، تضامن الاتحاد الاشتراكي مع أحمد عصيد، ضد ما يتعرض له من حملة للتكفير والتحريض. وعبر االحزب عن قلقه الشديد «بعد الهجمة التكفيرية المتصاعدة التي انخرطت فيها عدد من القوى الرجعية، وعززها رئيس الحكومة، لتحويل الأنظار عن المشاكل الاجتماعية والاقتصادية الخطيرة التي يعيشها المغرب، ومحاولة تغطية الفشل الذريع في تدبير الشأن العام». ونبه بلاغ المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي، إلى أن ما يحدث «هو جزء من توجه عام بدأ ينخر المجتمع المغربي، مما يدعو إلى فتح نقاش وطني حول الشأن الديني في المغرب، ومشروعية إصدار الفتاوى من طرف من يطلقون على أنفسهم فقهاء وشيوخ، الشيء الذي يتنافى مع دستور البلاد».حالة الاستنفار التي تسببت فيها اتهامات السلفية إلى المفكر أحمد عصيد، أعادت إلى الأذهان سيناريو اغتيال المناضل اليساري، شكري بلعيد، في تونس بسبب أفكاره ومواقفه، وهو الوضع الذي دفع الكثير من الأحزاب السياسية الديمقراطية إلى التحسيس بالخطر القادم، سيما أن شيوخ السلفية الذين يقفون وراء الحملة التحريضية ضد الناشط الأمازيغي، يسعون إلى الانخراط في الحياة السياسية وتشكيل قوة حزبية، في تجربة إدماج جديدة للقوى الإسلامية مفتوحة على كل الاحتمالات. إحسان الحافظي

عودة الكفر إلى الفكر… الفتنة النائمة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

عصيد: في الديمقراطية لا حاجة إلى الفتاوى

محاكمة عدل متهم بالتزوير بمكناس

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات