أسقط الراحل عبد الرحمان اليوسفي، ولو بعد مماته، قناع المتهافتين على المال العام، وأعطى للسياسيين درسا بليغا مفاده أن الجاه والثروة يذهبان جفاء، وما يمكث في الأرض، إلا الإخلاص للوطن والأخلاق. في زمن التهافت على المال العام وحروب الريع ومحاكمة منتخبين في قضايا تبذيره، تطل وصية اليوسفي، مثل قطعة ثلج على قلوب "الملهوطين"، إذ أوصى بجعل شقته متحفا مفتوحا للجميع، بكل محتوياته، من كتب ووثائق وهدايا وأثاث، فمن حق المغاربة الاطلاع على جزء من تاريخهم، ومن حق العالم اكتشاف زهد وعفة سياسيين مغاربة. لم يكتف اليوسفي بذلك، بل أوصى بتحويل كل أمواله إلى المؤسسة الوطنية للمتاحف، تجسيدا لقيم مغاربة أصيلة تعبر عن الاستقامة والعفة، في وقت يصرخ سياسيو "البيليكي"، طمعا في الاستفادة من المال، بسبب مهام تطوعية، أو يكافحون لتسلق الكراسي، حيث تتعدد المهام والتعويضات، فيكنزون أموالهم في الحسابات البنكية. لله درك، إذ آمنت أن خدمة الوطن لا تحسب بالمال، فعشت كريما ومت زعيما. خالد العطاوي