لا حكامة في ظل تفكيك المدن إلى وحدات مصطنعة

محمد عامر المتخصص في الجغرافية الحضرية قال إن مجالس المدن أبانت عجزا مهولا في التسيير جمعت مقاربة الوزير السابق المكلف بالجالية المغربية، محمد عامر، مسألة التقطيع الترابي بين الخبرة الميدانية، حيث شغل منصب كاتب عام بقطاع إعداد التراب الوطني والتعمير، ثم كاتبا عاما بوزارة إعداد التراب الوطني والماء والبيئة، وبين التخصص الأكاديمي، على اعتبار أنه أستاذ باحث في مجال الجغرافية الحضرية، فهو يعتبر أن مراجعة التقطيع الجماعي الحالي يجب أن تذهب في اتجاه تقليص عدد الجماعات المحلية، والعمل على ترشيد الموارد والإمكانيات وتحقيق تناغم أكبر بين الإطار الترابي ومتطلبات المواطنين من حيث الفعالية والولوجية والقرب. مشددا على أنه لا يمكن إصلاح نظام حكامة المدن دون تجاوز الوضع الإداري القائم المتمثل في تفكيك الكيان الإداري للمدينة وإقامة وحدات مصطنعة لا يمكن في كل الأحوال أن تفي بأدوارها التنموية.في ما يلي نص الحوار: ماهي في نظركم الأهمية التي تكتسيها مسألة التقطيع الترابي في الظرفية السياسية الراهنة؟ وإلى أي درجة تستدعي إعادة النظر؟يكتسي التقطيع الترابي أهمية كبرى، نظرا لأنه الإطار الذي سيسمح بترجمة الاختيارات التي يتضمنها المشروع الجهوي، وبتعبير أدق فالتقطيع الترابي هو شرط لازم لإنجاح مشروع الجهوية المتقدمة، لذا لا ينبغي عزل التقطيع الترابي عن الأهداف التي يطمح إلى تحقيقها المشروع الجهوي، ويجب أن يسمح شكل وطبيعة التقطيع من إنجاز الأهداف السياسية والتنموية التي ينتظرها المواطنون من الإصلاح الجهوي.لقد راكمت بلادنا تجارب هامة في مجال التقطيع الترابي منذ فترة الحماية إلى اليوم، وهي تجارب غنية بالدروس والعبر بالنسبة إلى المستقبل، ذلك أنه في كل فترة كان التقطيع أداة لتنفيذ المشروع السياسي والتنموي المراد إنجازه.صحيح أنه لم يسبق أن حظي موضوع التقطيع باهتمام الطبقة السياسية كالذي نشاهده منذ الشروع في تحضير المشروع الحالي، ومرد ذلك في نظري هو السياق الدستوري والسياسي الذي نعيشه والوعي المتزايد للدولة وللفاعلين بضرورة إقرار جهوية متقدمة تساهم في تقوية البناء الديمقراطي وفي بناء تنمية مندمجة ومستدامة، يضاف إلى هذا أن التقطيع الحالي أبان عن العديد من الاختلالات التي يجب أخذها بعين الاعتبار في بلورة المشروع الجديد. كيف تقيمون التجارب السابقة؟ وما هي الاختلالات التي يجب تجاوزها سواء في المسطرة المتبعة أو الأهداف المتوخاة؟بالرجوع إلى التقطيع الترابي الحالي الذي يقسم تراب المملكة إلى 16 جهة يمكن إبداء الملاحظات التالية: بالنسبة إلى عدد الجهات وبالنظر إلى حجم سكان المغرب ومساحته الترابية وبالمقارنة مع تجارب دول أخرى، يبدو أن عدد الوحدات مرتفع ولا يسمح بتشكيل جهات تتوفر على المؤهلات والإمكانيات البشرية التي من شأنها أن تجعل منها كيانات ترابية قوية قادرة على أداء أدوارها التنموية، خاصة في السياق السياسي الحالي الذي يفرض تنافسية ترابية بين الجهات في إطار من الوحدة والتكافل، كما أن هناك أمثلة عديدة تبين عدم نجاعة وفعالة التقطيع الحالي كإطار للتعبئة السياسية للفاعلين و المواطنين ولبناء مشروع للتنمية منسجم و متضامن.حالة جهة الدارالبيضاء، التي جاء التقطيع ليحاصرها، ويحد من إشعاعها ويعاكس ديناميتها، عندما جعل حدود الجهة تتطابق مع المدار الحضري للمدينة، حالة فريدة في العالم، ذلك أن المجال الحيوي للدار البيضاء يتجاوز مدارها الحضري القريب ليشمل عدة أقاليم (برشيد، سطات، الجديدة...) تربطها علاقات قوة معها على المستويات البشرية والاقتصادية والاجتماعية، فهناك العديد من الصناعات التي استقرت في هذه الأقاليم وحافظت على مقراتها الاجتماعية بالمدينة، بسبب أزمة العقار ولا تعير أي اهتمام لهذه الحدود الإدارية المصطنعة، لذلك فالتقطيع الجديد يجب أن يواكب الدينامية الترابية، ويؤطر المبادرات الفاعلة في المجال ولا يعمل على معارضتها و عرقلتها.مثال آخر يهم جهة تازة، تاونات، الحسيمة، التي تعتبر نموذجا في ما ينبغي تجنبه، ذلك أن واضعي التقطيع لم يعيروا أي اهتمام للبعد البشري في تشكيل هذه الجهة وللمعطيات التاريخية وللروابط الاجتماعية والاقتصادية الموجودة، فكان من نتيجة ذلك أن ولدت هذه الجهة ميتة، على اعتبار أن سنوات عديدة مرت على وجودها الإداري دون أن يتمكن الفاعلون والمواطنون من تملكها واعتبارها إطارا يسمح بالعمل المشترك والمتضامن بين مكونات الجهة، كما أظهرت الصراعات السياسية الدائمة بين مكوناتها الثلاثة عدم قابليتها للحياة، فالقواسم المشتركة بينها لا تسمح ببروز كيان ترابي موحد ومتماسك. على ذكر التدبير السياسي والأمني، ما هي الأبعاد التي يتعين أخذها بعين الاعتبار عند محاولة رسم الخريطة الترابية المرتقبة؟ الأبعاد التي يجب أخذها بعين الاعتبار متعددة ومتنوعة وقد تختلف من جهة إلى أخرى، انطلاقا من التنوع الشديد الذي عرفه التراب المغربي والسياق التاريخي الذي تحكم في تشكل وحداته الترابية.الأبعاد التاريخية والثقافية التي تشكل التراث المشترك بين مكونات الجهة والتي يجب أن لا نهابها كما حصل في الماضي بالنسبة إلى جهات الشمال، بل يتعين استغلال هذا الموروث التاريخي لتعبئة السكان للانخراط في مشروع سياسي وتنموي مشترك يتجاوز الحسابات والحساسيات المحلية الضيقة، فعلى عكس ما يروج له في بعض الأوساط ليس هناك أي تناقض ما بين التشبث بالموروث الثقافي والمحلي والانفتاح علي الآخر والتآزر معه في إطار مشروع تنموي مشترك، وهناك تجارب كثيرة عبر العالم تؤكد هذا الأمر.ثم هناك الأبعاد المرتبطة بالانسجام والتنوع داخل الوحدة الترابية الواحدة، إذ يجب أن تتوفر الجهة على الحد الأدنى من الانسجام بيني مكوناتها البشرية والطبيعية والاقتصادية، وفي الآن نفسه، يجب أن تعكس التنوع الذي يميز المجال المغربي.هذا بالإضافة إلى حجم الجهة وإمكانيات الولوج لمختلف أطرافها دون إكراهات ، ذلك أن الجهة يجب أن تكون في حجم يجعل منها فاعلا أساسيا وشريكا نشيطا في المجموعة الوطنية دون أن يتضخم هذا الحجم، ليتحول إلى عائق يخل بالتوازن الذي يجب أن يحافظ عليه النسيج الترابي الوطني وإلى إكراه أمام الفاعلين الجهويين.كما تجدر الإشارة إلى ضرورة الأخذ بعين الاعتبار مكتسبات وتراكمات مختلف التقطيعات الترابية السابقة، والتي تتمثل في إنجازات ومشاريع مهيكلة داخل الجهة من بنيات إدارية واقتصادية أساسية تملكها الفاعلون والمواطنون يمكن أن تلعب دورا أساسيا في صقل معالم الجهة وتقوية أدوارها التنموية .وتشكل المدن الكبرى التي تتمتع بنفوذ وإشعاع ترابي واسع عناصر أساسية في البنيان الجهوي، والحديث عن التراكمات لا يعني الخضوع للأمر الواقع وإغفال ما تراكم من ممارسات مرتبطة بمصالح خاصة أو فئوية تريد باسم الواقعية أن تدافع عن أغراض لا تخدم دائما المصلحة العامة للمواطنين داخل الجهة، لذلك يتعين على الفاعل السياسي في مغرب اليوم أن يدرك استحالة وضع تقطيع جهوي يرضي كل الطموحات ويستجيب لكل الانتظارات، فلابد من البحث عن صيغ تسمح بأخذ المطالب المحلية بعين الاعتبار، وذلك بشكل لا يعيق إنجاز المشروع الجهوي أو يفرغه من محتواه. وضعت اللجنة الاستشارية الملكية للجهوية مشروعا للجهوية المتقدمة، واقترحت أيضا مشروعا جديدا للتقطيع الترابي، ما هي الاعتبارات التي اعتمدها التقطيع وإلى أي حد يستجيب للمبادئ التي تطرقتم إليها؟اللجنة الاستشارية للجهوية اشتغلت لفترة طويلة دامت شهورا ووضعت مشروعا متكاملا لسياسة جهوية متقدمة، واعتمدت في ذلك على رأي كل الفاعلين السياسيين والمهنيين، وعلى فعاليات أخرى عديدة ومتنوعة، ويتكون هذا المشروع من جزأين مترابطين: الجزء الأول يتعلق بمراجعة اختصاصات الجهة في أفق تقويتها واقتراح العديد من الإجراءات والإصلاحات المصاحبة التي يجب على بلادنا إنجازها بموازاة تطبيق المشروع، ويهم الجزء الثاني خريطة جهوية جديدة تتضمن عددا أقل من الجهات مراجعة لحدود ومكونات جهات جديدة .المشروع يتسم بالجديةمشروع التقطيع المقترح يتسم بكثير من الموضوعية والجدية سواء في ما يتعلق بعدد الجهات المقترح (12 بدل 16) أو بالمكونات والحدود الجغرافية للجهات، وللتذكير، فإن بلادنا عاشت في عهد حكومة التناوب برئاسة عبد الرحمان اليوسفي تجربة فريدة في تاريخها، تهم الحوار الوطني حول موضوع إعداد التراب الوطني، والذي شارك فيه الآلاف من المواطنين والفاعلين وطنيا وجهويا ومحليا، وأثمر هذا الحوار وضع مخطط وطني لإعداد التراب الوطني حدد التوجهات الكبرى لتنظيم وهيكلة والاختيارات التي يتعين إنجازها لتثمين مؤهلات مختلف المجالات والتقليص من الفوارق بين الجهات والمجالات. كما شكلت مسألة التقطيع الترابي أحد الموضوعات التي نالت اهتماما خاصا توج بوضع دراسة شمولية تناولت من جهة تقييم مختلف التجارب السابقة، ومن جهة ثانية اقتراحات لتقطيع جهوي اعتمادا على معاير متعددة ومتداخلة، من إيجابيات هذا العمل أنه أنجز في سياق خاص بعيدا عن ضغوطات الاستحقاقات الانتخابية وساهم فيه خبراء وكفاءات لها اطلاع واسع على قضايا الجهة والجهوية، ومن حسن الحظ أن اللجنة الاستشارية الملكية للجهوية انطلقت من هذه الأرضية، وعملت على إغنائها على ضوء خلاصات الاستشارات التي قامت بها مع مختلف الفاعلين، وجاءت اقتراحاتها في مجال التقطيع الترابي متطابقة إلى حد بعيد مع ما وضعته وزارة إعداد التراب الوطني بمناسبة الحوار العمومي الذي نظم آنذاك. لا ينبغي تسييس التقطيع الجهويأعتقد أنه في مجال التقطيع الترابي، لا يجب أن ننطلق من الصفر، ونتجاهل المجهودات التي بذلت قبل ذلك، كما هو الحال بالنسبة إلى تلك التي بذلتها حكومة التناوب، أو ما قامت به اللجنة الملكية الاستشارية للجهوية الموسعة، ينضاف إلى هذه التجارب والممارسات التي راكمتها بلادنا منذ عقود، أقول ذلك، لأنني لاحظت من خلال عدد من الخطابات والمواقف وردود الأفعال الأولية، أن هناك من يغفل أو يتغافل هذا الواقع.كما أن هناك العديد من الفاعلين السياسيين الذين لا يبذلون أي جهد للاطلاع على التراكمات الموجودة، خاصة على الحيثيات والخلفيات التي تم الاعتماد عليها في اقتراح مشروع التقطيع الجهوي الذي وضعته اللجنة الملكية الاستشارية، وعدم الاطلاع على هذه الدراسات لا يسمح بحوار هادئ ومفيد حول هذا الموضوع، وتجعل الكثير من ردود الأفعال تنطلق أساسا من التعليق على الخريطة الجهوية المقترحة دون معرفة الرؤية والمرجعية التي تؤسس عليها، أرى أن هناك ثلاث قضايا يجب الانتباه إليها بهذا الخصوص:أولا يجب أن نتجنب تسييس مسألة التقطيع الجهوي، والانطلاق من معطى أنه موضوع يقتضي توافقات سياسية بين الأحزاب والأقاليم وأطراف الجهات، بحيث يصبح الهدف هو إرضاء أطراف والاستجابة إلى رغبات، بدل التفكير في إيجاد إطار يسمح بالانخراط في مشروع تنموي مستقبلي مشترك، وهذا بطبيعة الحال لا يعني عدم التشاور والحوار السياسي بين الفاعلين وإبداء ملاحظاتهم وتعديلاتهم لإغناء المشروع، على اعتبار أن الحوار السياسي حول التقطيع لا يجب أن يتحول إلى هاجس سياسي يفرغ المشروع من محتواه .وثانيا، يجب علينا التحرر نهائيا من الاعتبارات الأمنية، خاصة في مغرب يطمح إلى دمقرطة مؤسساته، فالأمن الحقيقي هو التنمية وليس العكس.ثالثا، يجب أن نجيب على سؤال ما هو التقطيع الذي يمكن من بلورة سياسات عمومية تجعل مجموع مكونات الجهة تستفيد من ثمار التنمية؟ ضرورة التشاور قبل إحالة مشاريع التقطيع على البرلمان لا بد من التذكير أولا بأن عملية التقطيع الترابي هي من اختصاص السلطة التنظيمية، في الماضي، وباستثناء المشاورات التي كانت تقوم بها وزارة الداخلية مع الأحزاب السياسية في موضوع تقسيم الجهات، لم يسبق أبدا أن كان التقسيم الإداري والجماعي موضوع مشاورات منظمة، صحيح أن العمالات والأقاليم أنشئت استجابة لرغبة السكان والفاعلين، لكن وزارة الداخلية ظلت تمسك بزمام المبادرة في هذا الشأن، فكان علينا أن ننتظر دستور 2011 الذي أحال في فصله الـ 71 وضع مبادئ تحديد الدوائر الترابية في إطار قانون تنظيمي، وبطبيعة الحال، ستساهم الأحزاب السياسية عن طريق ممثليها في البرلمان في إبداء رأيها في كل القوانين التي ستعرض على المؤسسة النيابية.لكن بالنظر إلى الأهمية التي تكتسيها النصوص القانونية المتعلقة باللامركزية والجهوية، فلا بد من إقرار منهجية تشاورية قبل إحالة هذه المشاريع على البرلمان، تسمح بالاطلاع على آراء الفاعلين السياسيين واقتراحاتهم لإغناء هذه المشاريع.وفي هذا الإطار، يجب الانتباه إلى مسألة أساسية من ناحية المنهجية التي يجب اتباعها وتتعلق باعتماد مقاربة شمولية وليس تجزيئية للإصلاحات الترابية، فالحكومة مطالبة بتقديم رزنامة الإصلاحات الترابية والنصوص المرتبطة بها دفعة واحدة لمعرفة مستوى الانسجام بين النصوص وإبراز محتواها الإصلاحي، وفي هذا السياق، يمكن تفسير موقف المستشارين في الغرفة الثانية من مشروع القانون المتعلق بتحديد مبادئ التقطيع الترابي الذي تم تقديمه بمعزل عن مشروع الجهوية المتقدمة. مشروع القانون لقي ردود فعل بمجلس المستشارين مشروع القانون، الذي تقدمت به الحكومة أمام مجلس المستشارين لقي ردود فعل أولية كانت وراء تأجيل النظر فيه إلى وقت لاحق، يتضمن مبادئ عامة لتحديد الدوائر الانتخابية الترابية للجماعات الترابية (الجهات، العمالات والأقاليم، والجماعات المحلية)، ولا تثير هذه المبادئ العامة من الناحية النظرية إشكالات كبرى لأنها تعكس رغبة السلطات العمومية في معالجة الاختلالات التي أبانت عنها الممارسة على مختلف المستويات الترابية وفي بلورة وحدات ترابية متوازنة وقابلة للاستمرار، فبالرغم من أن النص لا يحتوي على تفاصيل الحيثيات التي تم الاعتماد عليها لصياغة المبادئ العامة، إلا أنه يتبين بجلاء من خلال عدد من التوجهات وجود وعي متزايد لدى الإدارة الترابية بأهمية مراجعة التقطيع الترابي في شموليته ضمانا لبناء ترابي منسجم ومتوازن، وهو بذلك إقرار بأن الحوار حول التقطيع الترابي لا يجب حصره في تنظيم الجهات، بل يجب أن يشمل المستويات الترابية الأخري.لا شك أن الجميع يتذكر الجدل الذي صاحب عملية التقطيع الجماعي والانتقادات الشديدة التي أثارتها عملية خلق جماعات محلية لا تتوفر فيها مقومات الحياة والاستمرارية، وأبانت تطورات السنوات الأخيرة صحة تلك الانتقادات كما ظلت أصوات كثيرة تطالب بمراجعة التقطيع الحالي، وجاء المشروع المذكور بمبادئ هامة تستجيب في جوانب عديدة لهذه الانتظارات، خاصة ما تعلق منها بمعالجة الاختلالات وتقليص الفوارق بين أجزاء الجماعة، ومراعاة التكافل بين المجالين القروي والحضري وبين الحواضر وضواحيها، وتوفير حد أدنى من الموارد البشرية والطبيعية والحفاظ على وحدة التجمعات الحضرية ...إن مراجعة التقطيع الجماعي الحالي، ارتكازا على هذه المبادئ سيمكن لا محالة من تقليص عدد الجماعات ومن ترشيد الموارد والإمكانيات، وتحقيق تناغم أكبر بين الإطار الترابي ومتطلبات المواطنين من حيث الفعالية والولوجية والقرب.بالنسبة ألى العمالات والأقاليم سيمكن تطبيق المبادئ المقترحة من إجراء بعض التعديلات لضمان وجود وحدات إدارية لا تثير إشكالات كبرى. وخلاصة القول يكمن الرهان الأساسي في ما يتعلق بالتقطيع الترابي في احترام المبادئ المقترحة من قبل مشروع القانون وتوفر الإرادة السياسية لتطبيقها على أرض الواقع. أزمة حكامة غير مسبوقة بالمدنتعاني المدن، خاصة منها العواصم الجهوية، أزمة حكامة غير مسبوقة أصبحت اليوم عنصرا كابحا لنموها وتطورها، ويتجلى ذلك بوضوح في التنافر والصراع الحاد الذي يشل الأغلبيات السياسية داخل مجالس المدن والتسيب الذي يطبع التسيير والتدبير الفاسد الذي تعرفه دواليب الإدارة. لا أحد يشك في الدور الحاسم الذي تلعبه المدن . خاصة الكبرى في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية، فهي تتوفر على مؤهلات حقيقية لإنتاج الثروات وفرص الشغل، كما تشكل أدوات فعالة في مواجهة التنافسية العالمية واستقطاب الاستثمارات، إن أزمة التسيير والتدبير لا تسمح بتثمين هذه الاعتبارات، بل أصبحت من أكبر الإكراهات التي تحد من فعالية ومردودية هذه الفضاءات.ومن المفارقات الغريبة أنه في الوقت الذي أبانت فيه الدولة عن وعي متميز لدور المدن في مجال التنمية والاستقرار السياسي والاجتماعي، وأنجزت استثمارات هائلة لتحسين بنياتها وتطوير تجهيزاتها، أبانت الأغلبيات التي تتعاقب على إدارة هذه المدن عن عجز مهول في القدرة على حسن التسيير، وعن إصرار غير مسبوق على العبث واللامسؤولية.ولهذه الأسباب، يجب التفكير في إصلاح جوهري يمكن المدن خاصة الكبرى من وضع خاص يضمن للسياسيين المنتخبين دورهم في وضع الاختيارات، وبلورة التوجهات واقتراح السياسات والبرامج والسهر على متابعة تنفيذها وتقييم نتائجها من جهة، ويسمح بإقامة إدارة جماعية قوية ومنظمة تشتغل وفق تعاقد واضح مع المنتخبين، يتم بمقتضاه تفعيل مبدأ أساسي في الدستور الجديد ألا وهو ربط المسؤولية بالمحاسبة، وسيمكن النظام الجديد من تجاوز التضارب والتداخل الحاصل في الأدوار والمسؤوليات بين المنتخبين والإداريين.وبطبيعة الحال، لا يمكن إصلاح نظام حكامة المدن دون تجاوز الوضع الإداري القائم المتمثل في تفكيك الكيان الإداري للمدينة، وإقامة وحدات مصطنعة لا يمكن في كل الأحوال أن تفي بأدوارها التنموية، فإصلاح نظام الحكامة يقتضي الرجوع إلى وحدة المدينة إداريا وسياسيا. أجرى الحوار: ياسين قطيب

لا حكامة في ظل تفكيك المدن إلى وحدات مصطنعة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

حياة الشيخ وحياة الأمازيغيين

هيأة قضائية متنقلة لمحاكمة سجين بالمستشفى

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات