زحاف: التخليق مرآة الثقة

الرئيس الأول بمحكمة الاستئناف بالقنيطرة قال إن عدم البت في الملفات المزمنة يرجع إلى عملية التبليغ أكد عبد الهادي زحاف، الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بالقنيطرة، أن التخليق هو مبدأ عام يشمل أولا جميع الفعاليات التي تعمل داخل المحكمة من مستشارين وموظفين ورؤساء مصالح، وأيضا باقي الهيآت ومساعدي القضاء لأنهم هم أيضا فاعلون في إنتاج القرار القضائي. وقال في حوار مع "الصباح" إن تحديد الآجال الاسترشادية للبت في القضايا لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتجاوز المقتضيات المسطرية المنصوص عليها في القانون. وفي ما يلي نص الحوار: أجرت الحوار: كريمة مصلي - تصوير (عبد المجيد بزيوات) عينتم في فبراير الماضي في هذا المنصب القضائي، ما هي النقاط الأولية في برنامج عملكم؟ > عينت في فبراير الماضي، رئيسا أول لمحكمة الاستئناف بالقنيطرة، معتزا بالثقة المولوية الغالية، وبطبيعة الحال كدأب أي مسؤول قضائي عندما يلتحق بالمحكمة لا بد أن يضع برنامج عمل مضبوطا، ويحدد أولويات العمل، وهو الأمر الذي سطرته منذ التحاقي في 9 فبراير الماضي، وأكدت عليه في كلمة التنصيب، التي جرت في التاريخ نفسه، وهناك مجموعة من الأولويات التي وضعتها في برنامج العمل يأتي في مقدمتها، ما يشكل أهمية كبيرة بالنسية إلي وللمجلس الأعلى للسلطة القضائية وهو مبدأ التخليق الذي يروم نشر قيم العدل والإنصاف داخل المحاكم ، وأن تتسم القرارات القضائية الصادرة عن المحاكم بالعدل. والمسألة الثانية تهدف إلى العمل بروح الفريق داخل محكمة الاستئناف بالقنيطرة، وإعمال السلطة الأبوية في التعامل مع المحيط القضائي والإداري داخل المحكمة، إذ يشكل أهمية قصوى لكي يستطيع كل العاملين على اختلاف مستوياتهم، أن يقدموا أحسن مجهوداتهم، والنقطة الثالثة هو التنسيق مع هيأة المحامين بالقنيطرة لأن دورها مهم في تصريف الشأن القضائي بمحكمة الاستئناف بالقنيطرة، وأيضا بالمحاكم الابتدائية التابعة لها. وما ينطبق على المحامين ينطبق على باقي مساعدي القضاء من خبراء وتراجمة وعدول وموثقين. وتأتي بعدها نقطة حسن الإصغاء للمتقاضي ضمن المخطط الذي وضعته من أجل تنظيم الاستقبال والولوج إلى المحكمة، بالنظر إلى الأعداد الغفيرة للمتقاضين وأحيانا أخرى من الفضوليين الذين يرتادون المحكمة، وبتنسيق مع الوكيل العام نعمل على تنظيم الولوج، هذا بالإضافة إلى هدف النجاعة. قبل الخوض في مسألة النجاعة، تحدثتم في البداية عن التخليق، في أي اتجاه انصب ذلك؟ > التخليق هو مبدأ عام يشمل أولا جميع الفعاليات التي تعمل داخل المحكمة من مستشارين وموظفين ورؤساء مصالح، وأيضا يمكن الحديث عن التخليق عن باقي الهيآت ومساعدي القضاء لأنهم هم أيضا فاعلون في إنتاج القرار القضائي، وأيضا يمتد إلى خارج المحكمة في ما يخص فئات الأشخاص التي تحترف النصب على المواطنين، وكما تعلمون فمحيط المحاكم ليس نظيفا دائما لأن جنباتها يتردد عليها بعض الطفيليين وبعض محترفي النصب. وحسب الاحصائيات التي أجريتها بعد الالتحاق بالمحكمة، فإنه في الآونة الأخيرة تم ضبط ست حالات وأحيلت على النيابة العامة وأجريت معها الأبحاث الضرورية وأحيلت على قضاء الحكم وصدرت فيها أحكام بالإدانة بالحبس النافذ، وهذا من شأنه أن يعطي انطباعا لدى المواطن بضرورة تجنب طرق باب الوسطاء. كيف دبرتم النجاعة القضائية داخل المحكمة؟ > بطبيعة الحال النجاعة والفعالية هما محوران أساسيان تشتغل عليهما السلطة القضائية وقد أصدرت في شخص الرئيس المنتدب عدة دوريات تصب في هذا السياق. فحين الحديث عن النجاعة والفعالية لابد من استحضار أسباب النزول، أولها هو أن المحاكم شهدت في حقبة من الحقب تراكم العديد من الملفات القديمة أو ما يسمى بالملفات المزمنة، منها ما يرجع إلى عشر سنوات، أو أكثر من ذلك، فكان لابد العمل في اتجاه تقريب القضاء من المتقاضي، بناية ومفهوما، وإصدار الأحكام والقرارات داخل أجل معقول. فأول مسألة على هذا المستوى قمت بها وهي رصد الملفات المزمنة داخل المحكمة في المادة المدنية بمفهومها العام، ثم في المادة الزجرية بمفهومها العام، ثم وقفت على أسباب عدم البت في هذه القضايا، وشكلت المعضلة الأساسية في ذلك التبليغ، بنسبة 92 في المائة، سواء في القنيطرة أو المدن الأخرى الخاضعة لنفوذ الدائرة الاستئنافية، والقوى والمداشر التي تشكل النسب الأكبر في صعوبة التبليغ فكانت الطريقة التي اعتمدتها هي البحث عن نقط ارتكاز لتساعد على تذليل هذه الصعاب، على مستوى استئنافية القنيطرة بتكليف رئيس كتابة الضبط بتبليغ الاستدعاءات تحت الإشراف المباشر للرئيس الأول، ثم في المدن كلفت رؤساء المحاكم الابتدائية بها بالسهر بصفة شخصية على تبليغ الاستدعاءات، وإلى جانب رئيس كتابة الضبط ورؤساء المحاكم الابتدائية تم ربط الاتصال برؤساء الدوائر والباشاوات والقواد وتم التركيز على المجال القروي، حيث يكثر التقاضي، وشملت هذه الحملة الملفات المسجلة في 2021 وما قبلها، ثم مرحلة ثانية ملفات 2022 وأجري تقييم لهذه الطريقة التي أظهرت نجاحها ب82 في المائة، ونحن عازمون في يوليوز على تدشين المرحلة الثانية بشأن الملفات التي لم تبلغ، وظهرت نتائج تلك العملية في تصريف الملفات، إذ أن أغلبها جهز وبعضها صدرت فيه الأحكام. إذن الإشكال الحقيقي للنجاعة هو التبليغ... > أقول لكم بنسبة كبيرة هذه الملفات المزمنة ليست فقط في الدائرة الاستئنافية للقنيطرة، ولكن بحكم اشتغالي رئيسا لعدة محاكم ابتدائية دائما النسبة المائوية الكبيرة من أسباب عدم البت في الملفات المزمنة ترجع إلى عملية التبليغ، وأيضا الأسباب التي يمكن أن تفضي إلى القضاء على الملفات المزمنة تكمن أساسا في تنشيط عملية التبليغ وفي حرص المسؤولين القضائيين إلى جانب المسؤولين الإداريين على الإشراف الشخصي على عمليات التبليغ، لأنه بدون ذلك ستضيع عملية التبليغ في الروتين الإداري. الآجال الاسترشادية سبق للرئيس المنتدب أن أصدر دورية بشأن الآجال الاسترشادية إلى أي حد تم احترامها؟ > أولا، تحديد الآجال الاسترشادية للبت في القضايا لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتجاوز المقتضيات المسطرية المنصوص عليها في القانون، وبالتالي لا يتصور من الناحية القانونية والمنطقية أن يؤثر إعمال الآجال الاسترشادية سلبا على حقوق المتقاضين وحقوق الدفاع، فالآجال الاسترشادية لما بدأ الحديث عنها وتم تكريسها بالدورية الصادرة عن الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، كان الهدف منها التحكم في الزمن القضائي، من جهة وعدم هدر الزمن القضائي، من جهة ثانية، كان الملاحظ أن هذه المسألة لا يعطاها الاهتمام الكافي. الآن المسؤولون في المحاكم منذ مدة ليست بيسيرة وخاصة بعد صدور الدورية بدؤوا يضعون في صلب اهتماماتهم مراعاة الآجال الاسترشادية المنصوص عليها في الدورية، وهي مجرد آجال استرشادية لا يمكن أن تهدر الآجال القانونية للبت في القضايا عندما ينص عليها قانونا. 14 شكاية في ستة أشهر يشعر المواطن بنوع من فقدان الثقة في القضاء من خلل بعض الممارسات، هل استطعتم استعادة منسوب الثقة لدى المواطن؟ > الحديث عن إعادة الثقة في القضاء، يشكل هدرا للمجهودات التي بذلها أسلافي من الرؤساء الأولين، سواء الرئيس الأول المغادر أو الذين سبقوه، لما التحقت بالمحكمة لاحظت أن منسوب الثقة جيد، لذلك لا يمكن الحديث عن إعادة الثقة، إنما يمكن الحديث عن ترسيخ هذه الثقة أو الزيادة في منسوبها، بطبيعة الحال في أي مرفق عام تعلق الأمر بالمحاكم أو المرافق العامة الأخرى، لابد أن يجد المسؤول عنها مؤشرات إيجابية داخل ذلك المرفق، وهناك أيضا مؤشرات إيجابية كثيرة، من ضمنها سياسة الباب المفتوح التي كان ينهجها سلفي، وقد خطوت على درب سياسة هذا الباب المفتوح باستقبال المواطنين والاستماع إلى شكاياتهم، بغية ترسيخ ثقتهم في محكمة الاستئناف بالقنيطرة، وعلى هذا المستوى وجدت أن عدد الشكايات المسجلة بالمحكمة ليس بالعدد الكبير في 2023 إذ سجلت محكمة الاستئناف بالقنيطرة 63 شكاية سواء الشكايات المنصرفة إلى عملها القضائي أو الإداري أو تلك المنصرفة للعمال القضائي والإداري للمحاكم الابتدائية التابعة لها ومراكز القضاة المقيمين، وفي هذه السنة سجلنا 14 شكاية، خلال ستة أشهر الأولى وهو رقم ينبئ بأن ثقة المواطنين في قضاء محكمة الاستئناف بالقنيطرة وباقي محاكم الدائرة لها منسوب جيد. منح المجلس الأعلى للمسؤول القضائي دور مستشار الأخلاقيات، إذ يعتبر العين الساهرة على تنزيلها داخل محاكم الدائرة، بالنسبة إليكم كيف تبلورون ذلك الدور؟ > الحديث عن مستشار الأخلاقيات يحيل على المادة 33 من مدونة الأخلاقيات والدورية الصادرة عن المجلس الأعلى للسلطة القضائية الصادرة في يونيو 2022، والتي تنيط بالرئيس الأول دور مستشار الأخلاقيات تتركز حول مجموعة من المبادئ، أولا في استقلال القضاء، وما ينبغي أن يتحلى به القضاة من حياد وتجرد وفي مساواة المتقاضين أمام القضاء، وفي النزاهة والكفاءة والاجتهاد في الجرأة والشجاعة الأدبية، في مراعاة واجب التحفظ، في ما ينبغي أن يتحلى به القضاة من اللباقة وحسن المظهر، كل هذه المبادئ يلعب مستشار الأخلاقيات، الرئيس الأول من جهة والوكيل العام من جهة أخرى، دورا مهما في التعريف بها وثانيا في تكريسها، وثالثا في لفت الانتباه إليها كلما حاد البعض عنها، ونحن باعتبارنا مستشار أخلاقيات ننتهز فرصة التفتيش اللامركزي في إعادة التعريف بهذه المبادئ وفي تكريسها وإثارة النقاش في كل لبس يمكن أن يحيط بها. دراسة الشكايات أولوية في إطار الدور الذي يلعبه الرئيس الأول، باعتباره مستشارا للأخلاقيات، فهو يتلقى مجموعة من الشكايات، تنقسم من حيث مصدرها إلى شكايات ترد على الرئيس الأول من المواطنين مباشرة، وشكايات ترد من المحامين مباشرة، وصنف ثالث يرد على المسؤول القضائي من المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وتنقسم هذه الشكايات من حيث الجهات المعنية بها إلى شكايات تهم العمل القضائي والإداري بمحكمة الاستئناف بالقنيطرة، وأخرى تهم العمل القضائي والإداري للمحاكم الابتدائية بالدائرة الاستئنافية، وطريقة المعالجة تنقسم إلى قسمين، فإذا تعلقت الشكاية بالمؤدى القضائي أو الإداري لمحكمة الاستئناف، فإن الرئيس الأول يقوم ببحث سريع حول مضمونها، ثم يدرس المؤدى الذي أدى إلى تشكي المواطن، ثم يتولى في المرحلة الثالثة توجيه جواب يتضمن توضيحا حول فحوى الشكاية، أما إذا تعلق الأمر بشكايات تهم باقي محاكم الدائرة، فإنها توجه إلى رؤسائها لتلقي التوضيحات اللازمة منهم، ثم توجه الأجوبة على ضوء ذلك إلى المشتكين في أقرب الأوقات الممكنة قضايا الطلاق والتطليق بالنسبة إلى طبيعة القضايا التي تغلب في الدائرة القضائية، بخصوص الشق المدني، هناك ثلاثة أصناف التي تشكل أغلب الملفات الرائجة، تأتي في مقدمتها الملفات الاجتماعية، نزاعات الشغل وحوادث الشغل، ثم القضايا الأسرية، إذ تعرف الدائرة القضائية ارتفاعا في قضايا الطلاق والتطليق، ثم تأتي قضايا المدني المتنوع، وبعدها قضايا العقار. أما في الشق الزجري، فهناك جريمة انتزاع عقار من حيازة الغير، وجرائم السرقة الموصوفة وجرائم القتل العمد. توحيد العمل القضائي بالنسبة للتفتيش اللامركزي القضائي، فإنه يهدف إلى الوقوف على مدى تنفيذ البرامج المسطرة في محاضر الجمعيات العامة للمحاكم التابعة للدائرة القضائية، ورصد الإخلالات والمعيقات، التي تحول دون الرفع من النجاعة القضائية وتحسين الأداء القضائي، والرفع من جودته وتوحيد العمل القضائي بالدائرة، والوقوف على مدى تنفيذ التوصيات الواردة في التقارير المفتشية العامة، إذ يتم إعداد برنامج للتفتيش اللامركزي القضائي، يتم عرضه على المفتش العام للمفتشية العامة للشؤون القضائية، وبالتنسيق مع الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئيس النيابة العامة يسطر البرنامج النهائي للتفتيش. وقد وجدت هذا المشروع مهيأ قبل التحاقي وبدأت في تفعيله مع الوكيل العام للملك بالمحكمة، وكانت البداية بالمحكمة الابتدائية بسيدي قاسم والمحكمة الابتدائية بسيدي سليمان في يونيو الماضي، وسيتم ضمن البرنامج الانتقال إلى المحكمة الابتدائية بسوق أربعاء الغرب، والمحكمة الابتدائية بمشرع بلقصيري، على أن يتم إنهاؤه بالمحكمة الابتدائية بالقنيطرة. كما تمت برمجة لقاءات مع رؤساء المحاكم بالدائرة القضائية، للعمل على توحيد العمل القضائي، الذي يظهر أن به اختلافات وأيضا توحيد بعض المساطر الإدارية بعد العطلة القضائية. بورتريه شغف مستمر اختار عبد الهادي زحاف، الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بالقنيطرة القضاء عن قناعة وحب، وهما المتلازمتان اللتان صبغتا مساره المهني منذ 1990، إذ شكلت تلك السنة نقطة البداية في الغوص في بحر القضاء، وتحقيق العدالة، وهو بالنسبة إليه شغف مستمر. كانت البداية 1990، بعد التخرج من المعهد الوطني للدراسات القضائية في 1992، إذ تم إلحاقه بالمحكمة الابتدائية بالرباط، بقرار من وزير العدل آنذاك المرحوم مصطفى بلعربي العلوي، ولما انعقدت دورة المجلس الأعلى للقضاء عين قاضيا بالمحكمة الابتدائية بالقنيطرة، في أكتوبر 1994، إلى غاية أكتوبر 1995.ثم أعيد تعيينه مرة ثانية بالمحكمة الابتدائية بالرباط لسنوات أسندت له خلالها غرفة الأحوال الشخصية والميراث والغرفة العقارية، والقضايا الجنحية التلبسية للمعتقلين، إلى غاية يونيو 2002. بعد القضاء الجالس وتدبير الملفات، جاء دور المسؤولية القضائية، إذ عين رئيسا للمحكمة الابتدائية بسيدي سليمان إلى نهاية فبراير 2006، ليعين رئيسا للمحكمة الابتدائية بتمارة ( رئيسا مؤسسا لها)، إذ لم تكن من قبل في مدينة تمارة لا محكمة ابتدائية ولا مركز قاضي مقيم . تنوعت المسيرة المهنية للزحاف، الذي عاد لأشهر إلى القضاء الجالس بمحكمة الاستئناف بالرباط، مستشارا، وبعدها إلى المفتشية العامة بوزارة العدل ، ومكت فيها إلى فبراير 2015، إذ عين رئيسا للمحكمة الابتدائية بالرباط لمدة تسع سنوات، إلى أن عين رئيسا أول في القنيطرة.

زحاف: التخليق مرآة الثقة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

اعتداءات جسدية تورط عون سلطة

تبديد 80 مليارا بمحطة الرباط المدينة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات