إيساكسون: ترامب سينهي ملف الصحراء

رئيس قسم الشؤون السياسية في اللجنة اليهودية الأمريكية قال لـ "الصباح" إن الحكم الذاتي بات الحل الوحيد الدكتور جايسون إيساكسون هو رئيس قسم السياسات والشؤون السياسية في اللجنة اليهودية الأمريكية (AJC)، ومحلل بارز في الشؤون السياسية الدولية، وناشط في دعم السلام العربي الإسرائيلي. نسق اجتماعات وزارية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأوربا، وألقى محاضرات في معاهد دبلوماسية مرموقة. حصل على أوسمة رفيعة، منها وسام العرش من الملك محمد السادس، ووسام الفنون والآداب من فرنسا. جايسون، أحد أبرز مهندسي تحول مواقف واشنطن تجاه قضية الصحراء المغربية، ووجه إستراتيجي في دعم السلام العربي- الإسرائيلي. من كواليس محادثات مدريد إلى دهاليز القرار الأمريكي في عهد ترامب، كان حاضرا بذكاء دبلوماسي لافت. ما الذي يدفع رجل سياسة يهودي أمريكي للدفاع عن مغربية الصحراء؟ وكيف يرى زيارة وزير الخارجية المغربي لواشنطن، ومستقبل المنطقة في ظل التحولات الجيوسياسية المتسارعة؟ التقته "الصباح" في واشنطن على هامش الزيارة الرسمية التي قام بها ناصر بوريطة وزير الشؤون الخارجية والتعاون والمغاربة المقيمين بالخارج، لواشنطن ولقائه بنظيره الأمريكي ماركو روبيو وبمستشار الأمن القومي مايك والتز. التقيناه وكان الحوار التالي: أجرى الحوار: محمد السعدوني (واشنطن) كيف تقيمون زيارة وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة إلى واشنطن ولقاءه مع نظيره الأميركي ماركو روبيو، كأول وزير خارجية عربي يقوم بزيارة رسمية إلى واشنطن في ظل إدارة الرئيس ترامب؟ > كانت زيارة الوزير بوريطة زيارة بالغة الأهمية. فلأنه أول وزير خارجية عربي، وشمال إفريقي، وإفريقي يزور الولايات المتحدة ويلتقي بالإدارة الأمريكية الجديدة يُعد أمرا ذا دلالة كبيرة. وأن يمنح هذا الشرف للمغرب فهو أمر مهم للغاية. كما أن اقترابنا من الاحتفال بالذكرى الـ250 للعلاقة التاريخية بين المغرب والولايات المتحدة، تزامناً مع استعداد أمريكا للاحتفال بالذكرى الـ 250 لاستقلالها العام المقبل، كل ذلك يشير إلى عمق العلاقة الوثيقة التي لطالما جمعت بين الولايات المتحدة والمغرب. وقد رأينا هذا بشكل واضح في الإدارة الأولى للرئيس ترامب، ونراه يتكرر اليوم في الإدارة الثانية. التصريحات التي أُدلي بها خلال الزيارة، وإعادة التأكيد على الدعم الأمريكي لمقترح الحكم الذاتي، أي الخطة المغربية بشأن الصحراء، كانت بالتحديد الكلمات التي كنا بحاجة لسماعها، وهي تكرار دقيق لما قيل في الأسابيع الأخيرة من الإدارة الأولى لترامب. وإن استمرار هذا الموقف في الإدارة الثانية، بل ودعمه بشكل أقوى وأوسع، هو أمر بالغ الأهمية. قرنان ونصف قرن من الصداقة بين الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المغربية، هل يمكن القول إنها علاقة مستقرة وثابتة، بغض النظر عن الإدارة الحاكمة، سواء كانت جمهورية أم ديمقراطية؟ هل هذا صحيح؟ > (مقاطعا)، انظر، يشهد العالم الآن خاصة في منطقة شمال إفريقيا، وفي كامل الشرق الأوسط، حالة من عدم الاستقرار المتكرر، والفوضى، والحروب. لكن هناك صديق قوي واحد للولايات المتحدة، وهو ملكية قوية، تحظى بدعم شعبي، وتاريخ من العلاقات القوية اقتصادياً، وسياسيا، وإستراتيجيا مع الولايات المتحدة. نحن نعلم ذلك جيدا هنا، وإدارة تلو الأخرى، سواء جمهورية أو ديمقراطية، كانت تدرك هذه الحقيقة. ومن الواضح، ويجب أن يُقال، إن الإدارة السابقة، إدارة بايدن، قدمت دعما للمغرب، لكن ليس بالقوة نفسها أو الصلابة التي نراها الآن في إدارة ترامب. صحيح أنهم لم يتراجعوا عن الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء، لكنهم أيضاً لم يدفعوا بهذا الملف إلى الأمام. أما هذه الإدارة، أي إدارة ترامب الثانية، فهي بوضوح تنوي المضي قدما في اتجاه إنهاء ملف الصحراء لصالح المغرب، ونحن ندعم ذلك بقوة. برأيكم، لماذا يبدو أن الجزائر مضطربة للغاية من بيان وزارة الخارجية الأمريكية، إلى حد إصدار وزارة الخارجية الجزائرية بيانا مضادا يدين الموقف الأمريكي؟ > رد فعل الجزائر ليس مفاجئا، وانزعاجها ليس خفيا، بالنظر إلى حملتها الطويلة لإنكار شرعية السيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية للمملكة، والأولوية التي يبدو أن الجزائر توليها لمحاولة تقويض الشراكة الإستراتيجية بين المغرب والولايات المتحدة. ما هي رؤيتكم لآفاق العلاقات المغربية الأمريكية، خصوصا في ظل الاستعداد للاحتفال بمرور 250 سنة على العلاقات التاريخية التي تجمع البلدين منذ اعتراف المملكة باستقلال الولايات المتحدة الأميركية سنة 1777؟ > المستقبل مشرق. أولا، يجب أن نشير إلى أن المغرب، من بين عدد قليل جدا من الدول حول العالم، يتمتع بنسبة رسوم جمركية منخفضة وفق النظام الجديد الذي فرضته إدارة ترامب، وهو ما قد يُشكّل ميزة اقتصادية وتجارية للمغرب. وبالطبع لدينا اتفاقية للتبادل الحر بين الولايات المتحدة والمغرب، وسيتم البناء على النجاحات التي حققتها هذه الاتفاقية، وآمل أن تجلب المزيد من النجاحات في المستقبل. لكن هناك الكثير من القواسم المشتركة بين الولايات المتحدة والمغرب، وبصراحة، ينظر إلى المغرب مرة أخرى صديقا مستقرا وموثوقا به في العديد من الجوانب، سواء من الناحية الاقتصادية أو الإستراتيجية بالنسبة للولايات المتحدة. لقد شهدنا زيادة في مستوى التعاون العسكري بين الولايات المتحدة والمغرب. كما لاحظنا مؤشرات على جهود متزايدة لتعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين، مع اعتبار المغرب بوابة لأفريقيا وسوقاً مهماً في حد ذاته بالنسبة للولايات المتحدة. والحقيقة أن الولايات المتحدة تسجل فائضاً تجارياً مع المغرب بدلا من العجز التجاري الذي نواجهه مع دول أخرى، وهذا يُعتبر أيضاً مصدر فخر للولايات المتحدة. أعتقد أن الولايات المتحدة ترغب في بيع المزيد إلى المغرب، كما أنها ترغب في شراء المزيد من المغرب. لذا أعتقد أننا نسير على الطريق الصحيح في العديد من المجالات. المملكة لها أصدقاء في مراكز القرار الأمريكي إلى أي مدى تعتقد أن زيارة وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة إلى واشنطن ستكون مفيدة للطرفين، الولايات المتحدة والمملكة المغربية؟ وما خلفية استقبال مستشار الأمن القومي مايك والتز للوزير المغربي؟ > إن حقيقة أن وزير الخارجية قد تم دعوته للقدوم إلى الولايات المتحدة أول وزير خارجية عربي وإفريقي هو أمر بالغ الأهمية، وهي علامة أخرى على أن المغرب لديه أصدقاء في الولايات المتحدة الأميركية، وأصدقاء في أماكن عالية جدا في مراكز القرار الأمريكي، بما في ذلك، بالمناسبة، في المجتمع اليهودي الأمريكي، حيث كان هناك دعم قوي ومتواصل، خاصة من منظمتنا، اللجنة الأمريكية اليهودية، لهذه العلاقة القوية والحيوية والمهمة بين الولايات المتحدة والمغرب، وبصراحة، بين المغرب والدول البراغماتية الأخرى في المنطقة، وإمكانية مزيد من دمج إسرائيل في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. أما بالنسبة للقاء بوريطة بمستشار الأمن القومي. فأنا أعرف من خلال منظمتنا، ولدينا مكاتب عبر أوربا أيضا، وتاريخ طويل من الاتصال، بالطبع مع المغرب، ولكن مع دول عبر المنطقة، وأنا أعرف الدور الذي لعبه المغرب في محاربة التطرف والإرهاب، بالشراكة مع الحكومات الأوربية وأيضا مع الحكومة الأمريكية. أنا متأكد من أن هذه المبادرة، التي هي أساسية للاستقرار والسلام عبر المنطقة، قد تم تعزيزها من خلال لقاء بوريطة مع مايك والتز، مستشار الأمن القومي، وأيضا مع وزير الخارجية روبيو وآخرين الذين التقى بهم أثناء وجوده في واشنطن. وهذا أمر مهم جدا للولايات المتحدة من أجل أمننا، وهو مجرد إثبات آخر للشراكة التي توجد ويجب أن تستمر بين بلدي والمملكة المغربية الشريفة الحليف الاستراتيجي والتاريخي، القوي للولايات المتحدة الأمريكية‪.‬ الحكم الذاتي هو الحل الوحيد وزارة الخارجية الأمريكية، على ضوء اجتماع الطرفين الأمريكي والمغربي، أصدرت بيانا حاسما حول الصحراء المغربية، حيث صرح وزير الخارجية الأمريكي بأن الولايات المتحدة تدعم مقترح المغرب الخاص بالحكم الذاتي، واعتبرته جادا وموثوقا وواقعيا، كونه الأساس الوحيد لحل عادل ودائم للنزاع القائم حول صحراء المغرب؟ > نعم، أعتقد أننا سمعنا كلمات مماثلة أحيانا من الإدارات الأمريكية السابقة حول أن خطة الحكم الذاتي المغربية جدية وذات مصداقية، وربما قيل ذلك من قبل، لكنه لم يقل بدرجة التأكيد نفسها على أنها الخطة الوحيدة للمضي قدما. وأعتقد أن هذا كان أمرا مهما في الطريقة التي صاغ بها الوزير ذلك البيان الحاسم. من الواضح أن ذلك كان مهماً جدا، مهماً للمغرب، ومهما للولايات المتحدة، مهما لاستقرار المنطقة، ومهما أيضا لوضع حد لهذا التاريخ المؤسف خلال نصف القرن الماضي، والمضي قدما تحت السيادة المغربية. صور الملك معلقة في منازل بإسرائيل إذن، في رأيك، كيف يمكن لاتفاقيات أبراهام أن تتحرر بشكل أكبر لتعزيز السلام الدائم والتعاون في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مع لعب المغرب دورا محوريا في هذه العملية؟ > نعم، نحن نعلم أن المغرب سيلعب دورا محوريا في إعادة أمل السلام. ولهذا ترى صور الملك محمد السادس معلقة على جدران منازل في إسرائيل. ولهذا السبب تُبث الأغاني المغربية على محطات الإذاعة الإسرائيلية. هناك انسجام واضح وتكامل طبيعي. نحن نمر بفترة صعبة، ولا يمكننا تجاهل الحديث عن ذلك. هناك حرب دائرة، وأشياء مروعة تحدث. سنتجاوز هذه الحرب. نحن نعرف لماذا تحدث. لقد كان هناك عمل متطرف، إرهابيون غزوا إسرائيل، أخذوا رهائن، وقتلوا 1200 إسرائيلي. وكان لابد لإسرائيل أن ترد. كان عليها أن تزيل التهديد الذي تشكله حماس. وخلال هذا الرد، حصل قدر كبير من المعاناة والدمار، وهذا أمر مؤسف. نحن نعلم ذلك. وقد غير هذا مواقف الناس تجاه إسرائيل في جميع أنحاء المنطقة، بالطبع. علينا أن نعيد بناء هذه العلاقات. علينا أن نعيد بناء الثقة. علينا أن نبني على الألفة الطبيعية الموجودة بين شعوب المنطقة وإسرائيل. وأنا أعلم أننا قادرون على تحقيق ذلك. لقد كنا هناك في الماضي، وسنعود مجددا بفضل حكمة وتوجيهات جلالة الملك وحكومته، وغيرها من الحكومات المسؤولة والبراغماتية في المنطقة. ونحن سنتجه نحو هذا المسار. المغرب بلد عظيم، بلد عريق، غني ثقافيا، ومتنوع اقتصاديا. وهو بلد يملك روابط تاريخية حقيقية مع كل من الولايات المتحدة ومع شعب ودولة إسرائيل. وأتوقع أن يكون دور المغرب في المضي قدما باتفاقيات أبراهام، وتوسيعها، وتعميقها، والمساهمة في بناء منطقة أكثر استقرارا وازدهارا، دورا محوريا. سيكون المغرب أحد صانعي هذا التاريخ الجديد. المغرب فاعل في السلام العربي الإسرائيلي ما هي الفرص التي ترونها لتعميق العلاقات بين الولايات المتحدة والمغرب في مجالات مثل التجارة والاستثمار والمجتمع المدني؟ وكيف يمكن لمنظمات مثل اللجنة اليهودية الأمريكية AJC أن تساهم في تعزيز هذه الشراكة؟ > لقد التزمت اللجنة اليهودية الأمريكية (AJC) منذ سنوات بإبراز العلاقة التاريخية والمثمرة بين الولايات المتحدة والمغرب من خلال زيارات منتظمة مع أعضاء مجلس إدارتنا، وتوفير منصات في مؤتمراتنا الوطنية وشبكتنا التي تضم 25 مكتبا إقليميا في أنحاء البلاد لمسؤولي الحكومة المغربية وقادة الأعمال والمجتمع المدني والديني، وتذكير المسؤولين في بلدنا بالقيم والرؤية والوعود التي تمثلها المملكة. نحن نؤمن بأن هذا الانكشاف المستمر في مجتمعنا والرأي العام الأمريكي الأوسع على فرص التعاون المتعددة مع المغرب سيقود إلى علاقات أوثق وأكثر عمقا. وفي الوقت نفسه، نرى، ونحن ملتزمون بالمساهمة فيه، أن للمغرب دورا متقدما في تعزيز السلام العربي الإسرائيلي، بما في ذلك تسهيل حل واقعي وعادل ودائم للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

إيساكسون: ترامب سينهي ملف الصحراء

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تفكيك شبكة لـ "القرقوبي" بسلا

الصحراء المغربية ... الجزائر طرف رئيسي

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات