قال لـ "الصباح" إن المونديال المشترك سيعيد ترتيب العلاقة بين المغرب وإسبانيا والبرتغال تحتضن الصويرة، اليوم (الجمعة) وغدا (السبت)، الدورة الحادية عشرة، لمنتدى حقوق الإنسان لمهرجان كناوة وموسيقى العالم حول موضوع "المغرب وإسبانيا والبرتغال: تاريخ بمستقبل واعد"، بفندق بأطلس الصويرة منتجع رياض. المنتدى، الذي ينظم بشراكة مع مجلس الجالية المغربية بالخارج، يستضيف شخصيات ضمن موائد نقاش مع مداخلة تمهيدية للرئيس السابق للحكومة الإسبانية، خوسيه لويس رودريغيز ثاباتيرو. عن خلفيات اختيار هذا المحور موضوعا للمنتدى وعن فرص التقارب التي يمكن أن يتيحها التنظيم المشترك لمونديال 2030 بين المغرب وإسبانيا والبرتغال، يفصل إدريس اليزمي، الفاعل في مجال حقوق الإنسان، القول ضمن هذا الحوار مع "الصباح"، كما يتحدث رئيس مجلس الجالية المغربية بالخارج عن العلاقات مع دول الجوار الإيبيري ومواضيع أخرى تجدونها في الحوار التالي. أجرى الحوار: عزيز المجدوب اختار المنتدى توجيه محاور ندواته لهذه الدورة نحو شبه الجزيرة الإيبيرية وعلاقة الجوار التي تربطها بالمغرب ما هي أسباب نزول هذا الاختيار؟ هذه السنة جاء اختيار محور المنتدى على بعد أقل من ستة أعوام، على التنظيم المشترك لكأس العالم بين المغرب وإسبانيا والبرتغال سنة 2030، وهو الحدث الذي يعد تتويجا للعلاقات الإنسانية العميقة والمتنامية ودليلا قويا على الروابط المتينة التي تجمع البلدان الثلاثة. فبين المغرب والبرتغال وإسبانيا تاريخ مشترك يفوق الألف سنة من العلاقات والتدفقات الإنسانية والاقتصادية والثقافية المتفاوتة حسب الظروف والأحداث، وهو تاريخ طويل وغير منقطع، تضمن محطات إيجابية وأيضا صراعات مازال بعضها حاضرا في النقاش ولدى الرأي العالم في كل بلد على حدا، مما يجعل من التنظيم المشترك لهذه التظاهرة الرياضية العالمية، مناسبة للتقارب والتكامل ويتيح فرصة مناقشة التحديات والمتغيرات التي قد تواجهها الدول الثلاث، وهو ما يتطلب المزيد من التعاون والتفاهم والاحترام المتبادل. ما هو الدور الذي يمكن أن يلعبه المثقفون والفاعلون الجمعويون والرياضيون في تقوية الروابط التي تجمع بين المغرب وإسبانيا والبرتغال؟ بين المغرب وإسبانيا والبرتغال هناك جوار متجذر في التاريخ فيه تقاربات وصراعات أيضا، وهناك علاقات سياسية واقتصادية قوية ومستقرة لكنها تمر بفترات من الأزمات التي غالبًا ما تكون قصيرة ومكثفة، وعلاقات إنسانية مهمة معقدة ويعيقها حذر دائم، لا سيما من قبل جزء من الرأي العام الإسباني. وفي هذا الإطار، فإن العمل الرئيسي الذي يجب القيام به هو إزالة التصورات السلبية والأحكام المسبقة الموجودة في كلا الجانبين وزيادة فرص التفاهم المتبادل والحوار والتضامن. وقد تم إنجاز الكثير في هذا الجانب، مثل العمل الذي تقوم به منذ سنوات مؤسسة الثقافات الثلاث في إشبيلية (وكان لي شرف عضوية مجلس إدارتها)، والبيت العربي في مدريد، والمعهد الأوربي للبحر المتوسط في برشلونة. وعلى الجانب المغربي، يقوم معهد الدراسات الإسبانية البرتغالية التابع لجامعة محمد الخامس بالرباط بعمل مكثف منذ سنوات عديدة. كما أن مبادرات معاهد سرفانتس في المغرب مهمة للغاية. أعتقد أننا بحاجة إلى زيادة الإمكانيات المتاحة لهذه المؤسسات الأكاديمية والثقافية وربما إنشاء مؤسسات أخرى، في مجال النشر أو الترجمة على سبيل المثال. ما هي المستويات والمحاور الكبرى التي تؤطر هذا التوجه وما هو دور الجالية المغربية في هذا التقارب؟ رغم كل الصعوبات، فإن العلاقات المغربية الإسبانية أكثر كثافة وتنوعاً، والتقارب على مستوى الشركات أوسع نطاقاً وأكثر بروزا على أرض الواقع. لذلك فإن التنظيم المشترك لكأس العالم من هذا المنظور، يشكل فرصة ذهبية للبرتغال والمغرب لاكتشاف بعضهما البعض بشكل حقيقي، وفرصة للشعبين للتعرف على بعضهما البعض والتعاون بشكل أفضل. يجب التذكير دائما بأننا لا نبدأ من الصفر، وأن العديد من الفاعلين الأكاديميين والسياسيين والثقافيين يشتغلون كل يوم، من أجل التقارب والتعاون. ومن الضروري تعزيز الإمكانيات المالية والبشرية المخصصة لهم. كما أعتقد أنه من المهم العمل في اتجاهين: الترجمة والتاريخ. وكدليل على التحولات التي عرفتها الجالية المغربية في الخارج، قمنا خلال السنوات الثلاث الأخيرة بدعوة سبعة روائيين مغاربة إسبان إلى معرض الكتاب بالرباط يكتبون باللغتين الإسبانية والكتالانية وهم: مريم المهداتي، ومحمد المرابط، وليلى كروش، وكريمة زيالي إيتابريوان، وسعيد القداوي، ويوسف الميموني، ونادية حفيظ. وسيكون اثنان منهم حاضرين في الصويرة. كل هؤلاء المبدعين يثرون الثقافة المغربية والإسبانية على حد سواء ويوسعون مجال الخيال في المغرب وشبه الجزيرة الإيبيرية. ونتمنى أن تترجم أعمالهم قريبًا لإتاحة الفرصة للقراء المغاربة للاطلاع عليها. ولكن بشكل عام، تنبغي إعادة النظر وتوسيع برامج الترجمة في الأدب والعلوم الإنسانية في البلدان الثلاثة. إلى أي حد يمكن أن يساهم التنظيم المشترك لمونديال 2030 في إعادة تركيب وتشكيل العلاقة بين البلدان الثلاثة؟ وإلى أي حد يمكن أن يدفع بها إلى الأمام؟ ولو أنني لست متخصصا، لكنني تشرفت بالمساهمة في إعداد الفصل الخاص بحقوق الإنسان في ملف ترشح المغرب لاستضافة كأس العالم 2026. رغم أن الأمر كان يشكل فقط جزءا صغيرا من الملف، لكنني أدركت حجم العمل التحضيري الذي يجب القيام به في الفترة، التي تسبق مثل هذا الحدث. هذا التنظيم المشترك يضعنا جميعاً أمام عدد من التحديات غير المسبوقة، لأنها مغامرة تشمل ثلاثة بلدان في قارتين، يجمعها شغف مشترك بكرة القدم، ولكن بثقافات وتقاليد سياسية وثقافية متقاربة ومتباعدة في آن واحد. كما أن هذا التنظيم المشترك يتيح فرصا اقتصادية هائلة ويشكل حافزا استثنائياً للتعاون بين بلداننا. يبدو أنه تم إعطاء دفعة سريعة على مستوى الاتحادات الكروية، مع دعم سياسي من أعلى المستويات، مثلما أظهره جلالة الملك في عدة مناسبات. كل ما تبقى الآن هو الحفاظ على الزخم وإشراك المجتمعات، ومن هنا تأتي أهمية هذا المنتدى. ما هي رمزية تنظيم هذا النقاش فوق أرض الصويرة وضمن فعاليات مهرجان كناوة وموسيقى العالم؟ تم إطلاق المنتدى في سياق الحركة المزدوجة للمطالب والإصلاحات، التي عرفتها المملكة سنة 2011، لا سيما مع اعتماد الدستور الجديد. وقد ارتأينا بالتعاون مع نائلة التازي وفريقها أن المهرجان الذي عمل على مصالحة المغرب مع عمقه التاريخي وتنوعه الثقافي، هو الأنسب لاحتضان هذا الفضاء الجديد للنقاش الديمقراطي. وبمعدل عشرين مشاركا في كل دورة، استقبلنا أكثر من 200 شخص، وحرصنا قدر الإمكان على ضمان المساواة بين الجنسين، والجمع بين قضايا الساعة والمقاربة متعددة التخصصات وحرية الخطاب والنقاش الهادئ. قد لا نكون الأجدر لإجراء تقييم دقيق، لكننا نعتقد بأن هذا الحدث أصبح موعدا قارا ينتظره عدد من رواد المهرجان، وفضاء فريدا يثري النقاش المواطن، الذي لا يمكن بدونه أن نأمل في ديمقراطية حية. كلمة ثاباتيرو بعد الكلمة الافتتاحية التي سيلقيها الرئيس السابق للحكومة الإسبانية، خوسيه لويس رودريغيز ثاباتيرو، سيتطرق المنتدى لثلاثة محاور رئيسية، حيث ستتناول المائدة المستديرة الأولى آثار التاريخ المشترك للدول الثلاث الذي يمتد لأكثر من ألف عام، والثانية ستبحث في أوجه التقارب وإسهامات الرياضة والثقافة والفنون، والثالثة حول الحركية البشرية والواقع الاقتصادي. وكما هو الحال دائمًا، سيشارك في الندوات باحثون وفنانون ومبدعون وسياسيون وفاعلون جمعويون ونقابيون، كما سيكون الجمهور مدعوا كالعادة للتفاعل مع الضيوف بشكل مطول. مبادرات في الظل من المهم الوقوف عند المبادرات العديدة التي قامت بها على مدى عقود من الزمن شخصيات ومنظمات غير حكومية، تشتغل غالبا في الظل، من أجل تعزيز التضامن والصداقة بين ضفتي المتوسط. وقد كان لي شرف المشاركة إلى جانب اللاعب عزيز بودربالة والصحافي بدر الدين الإدريسي قبل أسابيع في إحياء الذكرى التاسعة عشرة لـ"بينا ريال مدريد ريماتي" التي تجمع أنصار النادي المدريدي في تطوان. وفي نموذج آخر في الجانب الثقافي، تم أخيرا في غرناطة تنظيم معرض رائع يضم 200 قطعة من المجوهرات الأمازيغية في مؤسسة التراث الأندلسي، مأخوذة من المجموعة الخاصة للسفير الإسباني السابق في المغرب (1997-2001)، خورخي ديزكالار دي مازاريدو، وسيستمر المعرض حتى بداية العام المقبل. إلا أنه وإن كان لا يزال هناك الكثير القيام به مع إسبانيا، فإنه في ما يتعلق بالبرتغال فهناك مجهود أكبر يجب بذله. بحوث تأريخية في مجال التاريخ أيضا، تم إنجاز عمل كبير. فقد شاركنا في ترجمة كتاب الدكتور ميمون عزيزة من جامعة مكناس، وهو عمل مرجعي عن الحماية الإسبانية. كما نظم المعهد الملكي للتاريخ، برئاسة الأستاذ محمد كنبيب، ندوة كبرى في ماي 2023 حول تاريخ العلاقات الإسبانية المغربية، ومن المقرر أن تُنشر أعمالها قريباً. ومن بين المشاريع المطروحة في هذا المجال جعل نتائج البحوث الأكاديمية في متناول القراء في ضفتي البحر الأبيض المتوسط. كما يتعلق الأمر بالتعريف بهذا التاريخ، بما في ذلك المحطات القوية مثل "حرب الريف "والحرب الأهلية الإسبانية" عبر أشرطة وثائقية وأفلام ومسلسلات. في سطور < من مواليد 1952 بفاس < ناشط في مجال حقوق الإنسان. < رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان في المغرب منذ 3 مارس 2011. < حاصل على دبلوم من مركز تكوين واستكمال تكوين الصحافيين بباريس. < عضو بالمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، وعضو سابق لهيئة الإنصاف والمصالحة، وعضو المجلس الإداري لمؤسسة الثقافات الثلاث. < المندوب العام لـ "جنيريك" (Génériques) وهي جمعية متخصصة في تاريخ الأجانب والهجرة في فرنسا، ورئيس تحرير مجلة "Migrance"، ونائب سابق لرئيس الرابطة الفرنسية لحقوق الإنسان (LDH)، وعضو سابق للجنة التنفيذية للشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان. < الكاتب العام للفيدرالية الدولية لعصب حقوق الإنسان (FIDH)، وهو رئيس المؤسسة الأورومتوسطية من أجل المدافعين عن حقوق الإنسان وعضو المجلس الإداري ومجلس التوجيه للتجمع الوطني لتاريخ الهجرة بفرنسا. < من أعماله: مساعدته في إخراج فيلم "فرنسا، أرض الإسلام؟" سنة 1984، كما عمل مفوضاً عاماً لمجموعة من المعارض الخاصة بالهجرة وحقوق الإنسان، كما شارك في تحرير وتنسيق العديد من الإصدارات من بينها: > "مــــــــــــــن أجل حقوق الإنسان1989" (باللغتين الفرنسية والإنجليزية - سيروس-آرتيس، باريس، 1989). > "الأجــــانب في فرنسا، دليل مصادر الأرشيفيات العمومية والخاصة" (القرنين 19 و20) > "باريس العربية" (لاديكوفيرت - 2003).