تحديث السياسة الجنائية أولوية في إصلاح منظومة العدالة

قضاة ومحامون وأساتذة جامعيون طالبوا بتطوير العدالة الجنائية وتعزيز ضمانات المحاكمة العادلة نظمت محكمة الاستئناف ومحكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء، يوم الجمعة الماضي، في إطار مواكبة الحوار الوطني حول الإصلاح الشامل والعميق لمنظومة العدالة، ندوة اختارت لها عنوان "تحديث السياسة الجنائية وتطوير العدالة الجنائية وتعزيز ضمانات المحاكمة العادلة"، شارك فيها قضاة وأساتذة جامعيون ومحامون شخصوا واقع السياسة الجنائية وقدموا مقترحات لتطويرها في أفق الإصلاح المرتقب... الصباح حضرت أشغال الندوة ونقلت ما دار فيها... تحديث السياسة الجنائية في مجال العقوبة محمد جوهر أستاذ التعليم العالي: القانون الجنائي يضم نصوصا متآكلة وغير متناسبة لا من حيث التجريم ولا من حيث العقاب قال محمد جوهر، أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بالدار البيضاء، إن العقوبة في النظام الجنائي المغربي تعاني أزمة كبيرة. مضيفا أن القانون الجنائي المغربي الموروث عن الحقبة الاستعمارية، والتي عمر الآن لنصف قرن، يضم نصوصا متآكلة وغير متناسبة لا من حيث التجريم ولا من حيث العقاب. وأبدى جوهر، أربع ملاحظات أساسية، أولاها أن المنظومة الجنائية المغربية وبالضبط في ما يخص مجال العقوبة تتميز بجمودها، على أساس ظهير 1962، هذا الظهير الذي نقل حرفيا عن المدونة صيغة الجنائية الفرنسية، والتي تضرب بجذورها إلى بداية القرن 19 مع تبني مدونة نابليون الجنائية. مع الفرق التالي، وهو أن القانون الجنائي الفرنسي تطور كثيرا بعد الستينات، وبلغ أوج تطوره بتبني مدونة جنائية جديدة سنة 1992، أعيد فيها بشكل جذري في منظومة العقوبات.الملاحظة الثانية تتمثل في أن الحديث عن العقوبة من صميم مواضيع السياسة الجنائية، وهذا يجرنا لنبش بعض الأسئلة المثيرة، التي قد تستفز بعضا من ذوي القناعات الراسخة، التي لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها، وهي كالتالي: هل للمغرب فعلا سياسة جنائية؟ إذا كان كذلك، فما هي الهيأة المسؤولة التي تقوم برسم معالمها، وتحديد توجهاتها، والإشراف على تطبيقها، وتقييمها وتعديلها؟ وعلى أي أساس موضوعي تقرر هذه السياسة الجنائية؟ وما هي الأهداف والمبادئ التي يجب أن تخدمها؟إن وجود أي سياسة جنائية رشيدة تستحق هذا الاسم، يقوم بالضرورة على معرفة علمية دقيقة بتمظهرات الإجرام في بلد معين وبتطوره في الزمان والمكان. فجميع المصالح الإدارية تتوفر على إحصائيات، ولكن لا تتم معالجتها بشكل علمي، ولا تتم قراءتها بشكل تقاطعي يمكن أن يفيد في اتخاذ القرارات الصائبة.كذلك الأمر في ما يتعلق بمردودية القطاع الجنائي والآليات التي يعمل بها والموارد المرصودة له، وكذا انعكاسات النظام الجنائي والأسلوب الذي يعمل به على وضعية السجون، ولا على التعاطي مع العقوبة السالبة للحرية كعقوبة بامتياز، وتقييم نجاعتها في ما يخص محاربة العود والتقليص من الجريمة، فإننا بكل بساطة نفتقد في المغرب إلى جهاز يقوم بتقييم لقطاع الإجرام والعقاب. فالنظام الجنائي بهذا الشكل يدور في حلقة مفرغة.فلحد الساعة لا يتوفر المغرب على مرصد الإجرام والعقاب على غرار النموذج الفرنسي وذلك رغم ما جاء في الخطاب الملكي ل 20 غشت 2009 من ضرورة إحداث مثل هذا الجهاز.الملاحظة الثالثة تتمثل في أن أزمة العقاب في المغرب تتمحور بالأساس حول عقوبتين تثيران كثيرا من الإشكال، وهما عقوبة الإعدام والعقوبة السالبة للحرية.إن هذه الإشكالية تدعونا إلى إعادة النظر في النظام العقابي لترشيد استعمال العقوبة السالبة للحرية، سواء على مستوى سن القوانين أو على مستوى تطبيقها.الملاحظة الرابعة والأخيرة تنبع من فكرة جد بسيطة، هي أن الجريمة شر بطبيعتها، وإذا لم تكن العقوبة نافعة تحولت إلى شر ثان يضاف إلى الأول. انطلاقا مما سبق، يرى جوهر، أن المحاربة الناجعة والفعالة للإجرام، تقتضي معرفة علمية موضوعية بمظاهره وتطوره. وتمر بالضرورة عبر إحداث مرصد وطني للإجرام والعدالة الجنائية، مع مراجعة النظام العقابي بشكل جدري بحيث يمكن تحقيق نوع من التناسب بين العقوبة وخطورة الفعل الجرمي، وتنويع آليات النظام العقابي باللجوء إلى بدائل العقوبة السالب للحرية وما أكثرها، ويمكن في هذا المجال الاستفادة من تجارب الأنظمة الجنائية في إطار القانون المقارن، و الأخذ بشكل أكبر بمبدأ تفريد الجزاء الجنائي بشكل يتناسب أكثر مع خطورة الجاني وأوضاعه الاجتماعية، وتفعيل ملف الشخصية الذي ينير القاضي حول الجوانب البيولوجية والنفسية والاجتماعية للمجرم، وتوسيع صلاحيات وسلطات قاضي تطبيق العقوبات حتى يتمكن من تكييف العقوبة بحسب مصلحة الجاني ومصلحة المجتمع. ويشرف كقاض على تنفيذ العقوبة عوض تركها للإدارة لكي تتصرف فيها، ومراجعة مقدار الغرامات فيما يخص الحد الأدنى والحد الأقصى، وتبني نظام الغرامات التناسبية، وتفريد الغرامة حسب الوضعية المالية والاجتماعية للمعني بالأمر، وتعبئة الموارد البشرية والوسائل المادية التي من شأنها أن تعزز إصلاح الجناة وإعادة إدماجهم في المجتمع، وإشراك الضحية في إيجاد حل مرض للواقعة الإجرامية ويشعر الجاني بخطئه ويدفعه إلى سلوك أكثر إيجابية، وتأهيل الموارد البشرية العاملة في القطاع الجنائي بمختلف تخصصاتها عن طريق تنظيم دورات تكوينية في علم الإجرام وعلم العقاب للممارسين، وعن طريق نهج التخصص بالنسبة لمن سيكرسون عملهم في قطاع العدالة الجنائية. إنجاز: الصديق بوكزول و كريمة مصلي

تحديث السياسة الجنائية أولوية في إصلاح منظومة العدالة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

منتخب الطاوسي يدخل المنافسة محتشما

مرسي يعلن من الرياض تأسيس "الأممية الإسلامية الجهادية"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات