التيمومي… المايسترو المتواضع

مسار حافل بالألقاب للاعب الدولي السابق وعمالقة أوربا طلبوا وده يعد محمد التيمومي، نجم المنتخب الوطني والجيش الملكي في الثمانينات، نجما ساطعا في كرة القدم الوطنية والإفريقية، برز باتحاد تواركة في بداية مساره الرياضي، قبل أن تنتقل شهرته بسرعة البرق إلى باقي أحياء العاصمة الرباط، ويذيع صيته في المغرب والعالم في أقل من 10 سنوات، بسب موهبته المتميزة في كرة القدم. وشكل المسار الرياضي لـ «حمودة»، كما يحلو لزملائه في المنتخب والجيش الملكي مناداته، مثالا حقيقيا لكل شاب، سعى إلى شق حياته في عالم المستديرة، بأحلام الصبا نحو بلوغ قمة الكرة الإفريقية والعالمية، رغم قلة الإمكانيات، والظروف الاجتماعية الصعبة التي يعيشها أبطال، رسموا الابتسامة في محيا الجمهور المغربي، بعد أن ضحوا بالكثير من أجل رفع راية المغرب في المحافل الدولية. التيمومي... الإنسان كل من يتكلم عن التيمومي، إلا وينعته بالقلب الكبير، في إشارة إلى تواضعه مع الجميع، وقربه من همومهم، والعجيب أن الكثير من الناس الذين صادفتهم «الصباح»، يحكون مواقف إنسانية عاشوها مع «حمودة»، الطفل البسيط الذي انطلقت مسيرته الرياضية من تواركة، لتصل شهرته إلى أقصى الأرض. وساهمت نشأته في بيت متشبع بالقيم الدينية والاجتماعية، في أن يخطف قلوب الملايين من المغاربة، الذين أحبوه وتابعوه في العديد من الملاحم الكروية داخل الوطن وخارجه، خاصة أن لديه كاريزما قوية، تجعل كل من صادفه يكن له احتراما، لأسلوبه في الكلام، ولطريقة تواصله مع الناس، متناسيا آلامه مع الإصابة التي عاناها منذ سنوات، دون أن يثير ضجة، ويتهم المسؤولين بالإهمال، سيما أنه اتخذ من العفة أسلوبا للحياة. تلميذ باموس تعلق قلب التيمومي بالساحرة المستديرة منذ نعومة أظافره، إذ وجد الظروف مهيأة لممارسة رياضته المفضلة مع أبناء الحي، الذي عاش رفقتهم طفولة عادية، وداعب فيها الكرة في ملاعبها الخشنة المكسوة بالتراب والأحجار، وهناك تعلم أبجديات كرة القدم، قبل أن ترصده أعين اتحاد تواركة، الذي لعب لجميع فئاته، قبل أن ينتقل إلى الجيش الملكي، بعد أن شكل محط اهتمام كيلزو، المدرب السابق للمنتخب الوطني والجيش الملكي. غير أن علاقة «حمودة» بالجيش بالملكي، لم تكن وليدة التحاقه بالفريق، وإنما قبل أن يكمل عقده الأول، إذ كان والده حريصا على مرافقته إلى ملعب الفتح، لمتابعة مباريات الفتح الرياضي والجيش الملكي، وهناك تأثر بالراحل إدريس باموس، وتمنى أن يحمل قميصه في يوم من الأيام، فكان له ما أراد، بعد تجربة متميزة قضاها، واستطاع أن يلفت بموهبته الفريدة العديد من المتتبعين. وظهرت موهبة التيمومي في وقت مبكر جدا، إذ أنه تمكن من حرق الكثير من المراحل، واستطاع أن يلفت انتباه مسؤولي الكرة بسرعة كبيرة، بعد أن التحق بفريق الكبار باتحاد تواركة، ولم يتجاوز عمره 16 سنة، إذ انتقل بعدها إلى الجيش الملكي، قبل أن ينادى عليه لتعزيز صفوف المنتخب الوطني للفتيان ثم الشباب، الذي لعب فيه إلى جانب بادو الزاكي وعزيز بودربالة ورشيد الطاوسي وغيرهم، تحت إشراف حسن أقصبي، اللاعب الدولي السابق. مسيرته بالجيش اندمج التيمومي وسط جيل من اللاعبين المتميزين بالجيش الملكي بشكل سريع جدا، لأن موهبته ومهاراته أهلتاه ليشق طريقه بين أفضل اللاعبين على المستوى الوطني في تلك الفترة، أمثال عبد القادر وخليفة وشلال وأومزدي وكريمين والعامري ومولاي الطاهر ولعرايشي وكاش وبداوي وواديش، وهو جيل تعايش منذ سنوات، وكان من الصعب على لاعب صغير السن، أن يثبت كفاءته بينهم. وساهم كليزو في اندماج التيمومي مع الفريق، لأنه كان يؤمن بموهبته، إضافة إلى أنه كان محط اهتمام من جميع اللاعبين أثناء لعبه في تواركة، كما أنه كان جاهزا تقنيا وبدنيا. وتوج التيمومي بالعديد من الألقاب على الصعيد المحلي مع الجيش الملكي، أبرزها حصوله على الازدواجية موسم 1984، وخوضه منافسات كأس إفريقيا للأندية البطلة في السنة الموالية، إذ ساهم بشكل كبير، في أن يفتح باب تألق الأندية المغربية على المستوى القاري، بعد أن قاد الفريق العسكري إلى التتويج بأول لقب إفريقي للمغرب على صعيد الأندية. غير أن تلك المرحلة ارتبطت بحادث مؤلم، هز جميع الشعب المغربي، بعد إصابته بكسر في مباراة نصف النهاية إياب بالرباط أمام فريق الزمالك، ساهمت في تراجع مستواه، رغم أنها لم تفقده لمسته الساحرة، ولكنها حرمته من المشاركة في نهائيات كأس إفريقيا للأمم مصر 1986، وظهر بعدها بوجه رائع في نهائيات كأس العالم في السنة ذاتها، وكان وراء التمريرة الحاسمة التي سجل منها ميري كريمو الهدف الثالث للمنتخب أمام البرتغال، وعبرت به نحو ثمن النهائي، رفقة جيل من اللاعبين المتميزين. مساره الاحترافي تلقى التيمومي عروضا احترافية كثيرة في مساره الرياضي، أولها من لوهافر الفرنسي منذ أن كان عمره 16 سنة، ومن بين الأندية التي سعت لانتدابه فالنسيا وليدز يونايتد من إنجلترا وجوفنتوس الإيطالي، ومارسيليا الفرنسي الذي كان يشرف عليه ميشيل هيدالغو، ودرب المنتخب الفرنسي ما بين 1976 و1984. ومن بين الأندية التي سعت للتعاقد معه سرفيت جنيف السويسري والعين الإماراتي، الذي التقى مسؤولوه والدته وخاله، كما أنه التقى مجموعة من اللاعبين الكبار أمثال يوهان كرويف الذي حاول ضمه لأجاكس أمستردام، وميشال بلاتيني أيضا. غير أنه بعد مشاركته رفقة المتتخب الوطني في مونديال المكسيك، التحق التيمومي بمورسيا الإسباني، بطلب من المسؤولين العسكريين، وهو العرض الذي تفاجأ به شخصيا، بحكم أنه لم يشكل أحد طموحاته، ما دفعه إلى تغيير وجهته نحو لوكرين البلجيكي، كما أنه تلقى عروضا من أندرلخت أيضا، غير أن القوانين لم تسمح له بذلك، وطلب منه مسؤولو ليل ،تغيير جنسيته للالتحاق بهم، غير أنه رفض الأمر، قبل أن ينتقل إلى فريق سويق العماني ولعب له ثلاثة مواسم، ثم عاد بعدها إلى المغرب، حيث لعب للاتحاد البيضاوي والجيش الملكي في نهاية مساره في موسمي 1994 و1995. الكرة الذهبية شكلت الكرة الذهبية في مسار محمد التيمومي، إحدى أبرز المحطات التاريخية في كرة القدم الوطنية، بحكم أنها كانت ثاني كرة ذهبية يحصل عليها لاعب مغربي، بعد أحمد فرس، اللاعب الدولي السابق ونجم شباب المحمدية، بحكم مساره الجيد مع المنتخب الوطني، وتتويجه بلقب 76. ولم يكن من السهل على لاعب مغربي أن يتوج بالكرة الذهبية في تلك الفترة، سيما أن الكنفدرالية الإفريقية، كانت تعج بالمصريين والأفارقة جنوب الصحراء، الذين كانوا يفضلون أبناء جلدتهم، على لاعب من شمال إفريقيا، لا مساند له في "كاف". واستحق التيمومي الكرة الذهبية في 1985، بعد أن نالها بفضل الإنجازات التي حققها رفقة المنتخب الوطني في الفترة بين 1981 و1986، والجيش الملكي في الفترة ذاتها، وعبد الطريق نحو زميله في المنتخب الوطني بادو الزاكي ليحمل الكرة الذهبية من بعده في السنة الموالية. ولم تكن الكرة الذهبية الجائزة الوحيدة التي نالها التيمومي في مساره الرياضي، بل حاز العديد من الألقاب على الصعيد المحلي والقاري والدولي، ونقش اسمه بأحرف من ذهب في تاريخ الرياضة الوطنية، التي مازالت تنتظر لاعبا في مستواه. محبوب القصر يعود حب الملك محمد السادس للتيمومي إلى الصغر، إذ كان يرافقه في لعب مباريات كرة القدم، بملعب الغولف بالمشور السعيد بالرباط، وساهمت في ذلك تربيته وأخلاقه العالية، التي تميز بها في جميع مراحل حياته. ولم يكن اختياره ضمن مرافقي الملك محمد السادس، من قبل الملك الراحل الحسن الثاني، لأنه لا يتقن فقط لعب كرة القدم، بل لأن أسلوبه في الكلام يضاهي أسلوبه في مداعبة الكرة، وكثيرا ما استفسر عنه الحسن الثاني المدرب كيلزو، الذي كان يشيد دائما بأخلاقه، وبمهاراته الكبيرة، وكان يتنبأ له بمستقبل زاهر في كرة القدم. ومازالت العلاقة بين التيمومي والملك محمد السادس مستمرة إلى يومنا هذا، إذ طلب الملك من فوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، الاهتمام به، بعد أن وقف على معاناته بسبب الإصابة، وطلب منحه كل الإمكانيات للتعافي، وإنهاء آلامه. كما أن حب الملك الراحل الحسن الثاني له، ساهم في تسهيل انتقاله إلى الجيش الملكي، بالنظر إلى أنه المؤسس للفريق، وبحكم أن المفاوضات عرفت صراعا دار بين الجنرال حسني بنسليمان، رئيس الجيش الملكي، و»القايد» مسعود، رئيس اتحاد تواركة، إذ اضطر إلى حسم انتقاله بسرعة. وبعد إصابته بكسر أمام الزمالك في نصف نهائي كأس إفريقيا للأندية البطلة، أمر الملك الراحل الحسن الثاني نقله إلى فرنسا للعلاج على نفقته، غير أن الدكتور المشرف على المنتخب التمس إجراءها بالمغرب، وبالضبط في مستشفى محمد الخامس العسكري بالرباط. إنجاز صلاح الدين محسن

التيمومي… المايسترو المتواضع

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الأسود يعودون إلى ملعب الرباط

إيقاف شخص حاول الاعتداء على الناصري

مقالات ذات صلة