بّا ابراهيم … حكاية تدمي القلب

طرد من عمله بعد 30 سنة من الخدمة وعائلته استولت على إرثه وعاش في كرتونة إلى أن انسلخ جلده قصة بّا ابراهيم مع ظلم "الزمان" وغدر ذوي القربى، تحزن القلب وتدمي الفؤاد. وهي، رغم أنها تكاد تتشابه مع العديد من القصص الإنسانية الأخرى، تبقى مختلفة في الكثير من تفاصيلها المأساوية. فالرجل، الذي قارب السبعين من عمره، طرد من العمل في شركة توزيع الأدوية التي اشتغل بها "عساسا" مدة 30 سنة، مقابل 300 درهم في الشهر، كما طرد من المسكن الذي كان يؤويه بمستودعها، بعد أن نال منه المرض، ليجد نفسه في الشارع، يبيت في "كرتونة"، عرضة للبرد والجوع والألم. بّا ابراهيم لا يتكلم مع أحد. رغم أنه لم يفقد صوته. ولا يطلب صدقة أو أعطية من أحد، لأن عزة نفسه تمنعه من ذلك. لذلك اختار أن يظل أسير "كارتونته"، لا يأكل ولا يشرب إلا "بزز"، بفضل ما يجود عليه به بعض جيران الحي، ولا يتحرك من مكانه، منذ شهور. ينام جنب مقر الشركة التي تنكرت له بعد سنوات من "السخرة"، إلى أن انسلخ جلده. يحكي بعض سكان الحي، نقلا عن مستخدمين في الشركة، أن بّا ابراهيم يتحدر من منطقة سوس. جاء إلى البيضاء قبل حوالي ثلاثين سنة بعد أن احتال عليه إخوته وجعلوه يوقع وثائق باع لهم من خلالها أراضيه، واستولوا على أمواله وإرثه و"خلاوه يد لقدام ويد اللور". لا معيل له ولا أسرة ولا أبناء يسألون عنه، ولا مكان يأوي إليه بعد الشركة، سوى الشارع. رق قلب بعض محبي فعل الخير، والذين ما زالت الإنسانية تحركهم في هذا الزمن الأغبر، لحال بّا ابراهيم، فقرروا نقله إلى مستشفى محمد السادس بالحي المحمدي، الذي رفض في البداية تسلمه، بمبرر أن "البلاصة ما كايناش"، و"ما كاينش اللي يقابلو"، قبل أن يخضع لإصرار المحسنين ولبعض التدخلات، ويمنحه سريرا، دون أن يتكلف أحد من الطاقم الطبي بحالته. تقول إحدى المتطوعات للعناية بالرجل، وهي واحدة من الجيران، في حديث مع "الصباح": "تا واحد ما كا يحط فيه يديه من غير ممرضة ما خداماش فالسبيطار. ولا يعتني به أحد إلا المتطوعون من بعض أبناء الجيران وأفراد عائلة بعض زملائه المستخدمين وبعض الناشطين في الجمعيات، الذين يأتون له بالدواء والحفاظات والأكل"، قبل أن تضيف متأثرة "كا يدير كلشي تحت منو. وبما أنه لم يتحرك من مكانه منذ شهر، خماج ليه اللحم ديالو. نقوم بما أمكن من أجل العناية به. ورغم أنه ما يزال رافضا للكلام، وليس على لسانه إلا كلمة الحمد لله، إلا أنه بدأ يحرك رجليه قليلا وتأكدنا من أنه ليس مصابا بالشلل". اليوم، بالإضافة إلى البحث الدائم عن الأدوية والمراهم التي يتطوع لجلبها المحسنون، أحيانا من خارج المغرب لأن بعضها غير متوفر، أصبح الشغل الشاغل لهؤلاء المتطوعين هو إيجاد مكان يمكنه أن يؤوي بّا ابراهيم، بعد أن رفضت خيرية تيط مليل استقباله، وإلى جانبها دور العجزة التي تقول إنها لا تقبل بداخلها نزيلا مريضا. فهل من أبواب أخرى يمكن طرقها في مغرب 2020؟ نورا الفواري

بّا ابراهيم … حكاية تدمي القلب

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

إيقاف مروجي ممنوعات

خمس سنوات لعسكريين يروجان مخدرات

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات