الباعة المتجولون يحدثون فوضى عارمة بالحي الحسني

انتشارهم في تزايد وشكايات المواطنين لا تلقى آذانا مصغية الأزقة والشوارع الموجودة بمركز الحي الحسني الشعبي كادت تنمحي أثارها من الوجود. ليس لأن زلزالا هد جاداتها وأوصالها أو طوفانا جرف إسفلتها وأرصفتها، بل اختفت معالمها بسبب الغزو الكثيف الذي شنه الباعة المتجولون عليها. أشبه بالأسواق الأسبوعيةشارع أفغانستان، وشارع سيدي بنور، وزنقة سيدي الخدير، وزنقة 80 و75... كلها تحولت إلى أسواق يومية، شبيهة بالأسواق الأسبوعية التي تنعقد بالبوادي والبلدات الصغيرة، تعج بعربات على ظهرها كل أنواع السلع تقريبا التي يمكن أن تخطر على بالك.«ولاو قارين» يقول أحد التجار بالواجهة المطلة على شارع أفغانستان من السوق البلدي وهو يقصد أن «مالين الكرارص» أصبحوا يحتلون كل شبر تقريبا من طرقات الحي الحسني وأرصفتها. ويضيف التاجر الذي طلب عدم ذكر اسمه أنه عندما تدنو الساعة الثالثة بعد الزوال تنغلق أغلب الطرق وتتحول حركة السير إلى جحيم لا يطاق «أما من يقصد هذا السوق على متن سيارته فإنه لن يعثر لها أبدا على موقف، لأن المساحات المخصصة لذلك محتلة»، ثم يستطرد فيما يشبه النصيحة «إذا حاول أحدهم أن يستفيد من حقه في ركن سيارته، فإنه سيصطدم بواحد من الباعة المتجولين الذين سيزمجرون في وجهه ويكشرون عن أنيابهم للحيلولة دون أن يزاحمهم».هذا الأمر يؤكده أيضا عبد الله، الذي يقطن بالحي ذاته، والذي يقول إن احتلال الملك العمومي من طرف الباعة المتجولين صار أمرا عاديا جدا «إلى درجة أنك أصبحت تستأذن من صاحب الكروصة لتمر أو تركن سيارتك .. وشوف تشوف إلى ما تشانقتيش معاه». لا للعجلة العربات المجرورة والقارة توجد في كل مكان وأصبحت تحجب واجهات المحلات التجارية المنتشرة بكثافة في المنطقة. هنا تجد الملابس والأواني والخضروات والفواكه الطازجة والجافة، وخارج أيام رمضان تجد حتى أصحاب السندوتشات الذين تملأ روائح وأدخنة «شواياتهم» كل مكان. ويبدو أن هؤلاء تحولوا من السندويتشات إلى بيع «الهندية». السائقون الذين يعبرون شارع أفغانستان صار لزاما عليهم أن يقودوا ببطء خشية أن يصطدموا بعربة ما أو سيارة أخرى قادمة من الاتجاه المعاكس، يحدث هذا رغم أن الشارع به مساران في كل اتجاه. التاجر الذي تحدثنا إليه يؤكد أن هذه الفوضى العارمة تحدث أمام مرأى ومسمع السلطات المحلية، ويضيف متسائلا «رجال السلطات المحلية يقومون بجولات يومية في المنطقة ويشاهدون هذا الأمر عن كثب فلماذا لا يتحركون؟». التاجر نفسه يوضح أن هذه الجهات «تكتفي بحملات موسمية محدودة لا تلبث أن تعود بعدها الأمور إلى ما كانت عليه أو أسوأ». في المساء تُغلق زنقة سيدي الخدير في وجه حركة السير بسبب الأعداد الكبيرة من العربات التي تجتاح المنطقة. عربات محملة بالفواكه والخضروات وشتى صنوف البضائع تصطف بمحاذاة بعضها البعض. ولا تتوقف آثار هذه «الكارثة»، على حد تعبير بعض تجار المنطقة، على الفوضى وخنق المسالك في وجه حركة المرور، بل إنها تمتد لتشمل كذلك تلك الأكوام الضخمة من الأزبال التي يخلفونها وراءهم والتي تشوه مناظر المنطقة وتنشر بها روائح كريهة لا تطاق. أحياء متضررة ومقر الأمن لم يسلم هذه الفوضى الكبيرة لم تقتصر أضرارها على طرقات وشوارع الحي الحسني، إذ تطورت لتشمل كذلك الأحياء السكنية التي غزتها العربات المجرورة المحملة بالخضر والفواكه والأسماك. ومن جملة هذه الأحياء هناك حي الوردة الذي تحولت أزقته إلى مرتع للعربات والأزبال والروائح النتنة. لكن مأساة سكان هذا الحي لم تنته عند الأزبال والتلوث، بل إنها تشمل كذلك التلوث السمعي الذي يتسبب فيه صياح وصراخ الباعة وكذلك مشاحناتهم وخصوماتهم، والتي تتطور أحيانا إلى تبادل السباب والكلام المنتقى من قواميس العهر والفحش أو ما سماه أحد أبناء الحي «تحت السمطة»، وهو أمر «يحدث كل يوم وبمعدلات كبيرة إلى درجة أننا صرنا نخشى الجلوس مع أمهاتنا وآبائنا مخافة أن تنفلت كلمة قبيحة ونابية من فم أحد هؤلاء الباعة»، يضيف المتحدث نفسه. هؤلاء السكان طرقوا كل الأبواب، بما فيها باب عامل الحي الحسني ووالي جهة الدار البيضاء الكبرى، يشكون الإزعاج الذي يتسبب فيه الباعة المتجولون والأضرار التي لحقتهم جراء التفشي الكبير لهذه الظاهرة، إلا أن صراخهم ذهب أدراج الرياح، طالما أن شكاياتهم لم تجد إلى الآن من يحقق فيها ويستجلي حقيقتها. مصادر «الصباح» تؤكد أن بعض أصحاب المحلات التجارية وكذلك حراس السيارات وجهات داخل أجهزة السلطات المحلية تسهل أمر انتشار ظاهرة الباعة المتجولين، ذلك أن أصحاب المحلات منهم من أصبح يكري المساحة الواقعة امام محله مقابل سومات تصل إلى 3 آلاف درهم، أما حراس السيارات فهناك حديث عن أنهم يتلقون مبالغ تتراوح بين 40 و50 درهما لليوم عن كل «كروصة» مقابل السماح لصاحبها باحتلال مكان مخصص أصلا لركن السيارات، في حين، تضيف مصادرنا، أن رجال السلطات المحلية يحصلون على إتاوات مادية وعينية مقابل غض الطرف عن هذا الوضع.الغريب في الأمر أن الاجتياح من طرف الباعة المتجولين الذي يعرفه الحي الحسني نالت نصيبا منه حتى بعض رموز سيادة الدولة. فمقر الدائرة الأمنية رقم 15 يكاد يكون محاصرا بالعربات المجرورة و»الفراشات» والأزبال التي يخلفها كل نشاط تجاري على حدة بالمنطقة. مصدر من داخل الدائرة الأمنية أسر إلى «الصباح» أن الأمر يتطلب حلا جذريا لاستئصال هذه الظاهرة، كما رمى بكرة المسؤولية في ملعب السلطات المحلية، قائلا إن المصالح الأمنية «يتوقف دورها على تنظيم حركة المرور». وأشار المصدر ذاته إلى أن هناك «تساهلا في التصدي إلى الظاهرة وهو ما أدى إلى تفاقمها». محمد أرحمني

الباعة المتجولون يحدثون فوضى عارمة بالحي الحسني

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الوردي ينتصر لتوظيف خريجي المعاهد الخاصة

النافورات والرشاشات المائية سلاح الوجديين

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات