مرت 9 أشهر على الحسم في صفقة 6 ملايير دون أن يرى البيضاويون شبح مرحاض واحد "ممنوع البول"... "اللي بال هنا الله يعطيه القطع"... "من بال هنا... كلب"... هي كتابات حائطية بـ "البنط العريض" يصادفها البيضاويون أينما ولوّا وجوههم في أحياء وشوارع مدينتهم، بسبب الروائح الكريهة التي يتسبب فيها "البوالة" الذين يقضون حاجتهم البيولوجية أينما اتفق، في غياب فضاءات خاصة لذلك في العاصمة الاقتصادية للمغرب وواحدة من أكبر مدنه. وقد نفهم أن المسيرين المنتخبين في هذه المدينة، آخر همّهم المواطن المسكين، الذي لا يجد أصلا أين يركن سيارته ولا أين يتجول ويتنزه مع أبنائه، ولا كيف يصل إلى وجهته كل يوم في ظل الازدحام والأوراش والأشغال العمومية التي لا تنتهي، فما بالك بإيجاد مرحاض عمومي، لكنها "شوهة" ما بعدها "شوهة"، حين يرغب سائح أجنبي في قضاء حاجته، فلا يجد أمامه سوى مقهى أو "مول" أو محطة قطارات قد يضطر إلى قطع مسافة طويلة قبل أن يصلها، في مدينة تصرّ على أن تصنّف نفسها ضمن قائمة "المدن الذكية"، في حين أن الذكاء بعيد بمسافات ضوئية عن المشرفين على شؤونها. مرت 9 أشهر اليوم على بت شركة "البيضاء للتهيئة"، في ملف الشركة التي حظيت بصفقة تشييد 100 مرحاض عمومي في أرجاء العاصمة الاقتصادية، دون أن يرى البيضاويون شبح "طواليت" واحدة، مع أن الصفقة كانت مغرية جدا، إذ وصلت ميزانية المشروع إلى حوالي 6 ملايير سنتيم، أي بمعدل 60 مليون سنتيم للمرحاض، وهو ثمن شقتين في السكن الاجتماعي، "ويشيط الصرف". قيل إن المراحيض العمومية الجديدة ستكون مزودة بتقنية متطورة وذكية للتنظيف الأوتوماتيكي وقيل إن بعضها سيكون مخصصا لذوي الاحتياجات الخاصة، وقيل إن الحاجة إلى تكوين تقنيين في المجال من أجل استغلال هذه الخدمة العمومية ملحة قبل الشروع في تشييدها، وصمتت "البيضاء للتهيئة" ومعها مجلس المدينة كل هذه المدة، كالعادة، في انتظار الإفراج عن أول مرحاض عمومي، ذات سنة، بعد أن تخلت المجالس المتعاقبة على تسيير المدينة عن مراحيضها القديمة التي تحولت إلى أطلال، وأصبح المواطنون يضطرون إلى التنفيس عن حاجياتهم البيولوجية في الهواء الطلق، في خطوة تفتقد إلى الكثير من روح التحضر وحب المصلحة العامة، التي انعدمت أساسا عند المنتخبين والمسيرين أنفسهم. نورا الفواري