دراسة: السخرية مكبوتة في المغرب

أكدت أنه آن الأوان للتفكير جديا لإعادة جو السخرية السياسية التي عرفها المغاربة «السخرية السياسية بالمغرب مازالت مكبوتة، وغير مسموح بها بشكل رسمي وشفاف»، هذه خلاصة دراسة أعدها الباحث في العلوم السياسية محمد شقير، تحت عنوان «السخرية والسلطة بالمغرب: من المأسسة إلى التجريم»، مضيفا أنه رغم بعض الأعمدة الساخرة المتناثرة في بعض الجرائد والأسبوعيات الصادرة ببلادنا، ورغم تناول الرسوم الكاريكاتورية بعض الشخصيات السياسية بالسخرية والتندر من النظام المخزني بالمغرب، فإن ذلك «مازال لم يكرس بعد لثقافة سياسية ترسخ روح الدعابة والفكاهة وحرية التندر والهزل من مختلف مكونات المنظومة المخزنية بالمغرب».وأوضحت الدراسة نفسها أن كل تنكيت ولو كان بسيطا يعتبر لغة، لذلك فهو يبطن إفصاحا عن موقف ما إزاء ظاهرة أو واقعة اجتماعية ما، خصوصا إذا كانت هذه الواقعة سياسية تقتضي من المجتمع أن يحدد موقفه ورأيه فيها سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، شفويا أو كتابيا اهتماما أو لامبالاة. واعتبر الباحث نفسه أن إغلاق نافذة عبد الرفيع الجواهري والتضييق على الفنان الساخر أحمد السنونسي «بزيز»، ومنع عروضه حول السخرية من بعض رموز النظام المخزني في القناتين الأولى والثانية، والمتابعة القضائية التي تعرض لها الصحافي علي لمرابط نتيجة تندره من شخصيات ورموز مخزنية، وتوقيف جريدتيه الساخرتين والحكم عليه بعدم مزاولة مهنة الصحافة لعشر سنوات، دليلا على كبت السخرية السياسية في بلادنا، فالجوهر المخزني السياسي الذي يقوم، حسب شقير، «على مجموعة من الطابوهات والمقدسات لا يمكن أن يتقبل أي سخرية تمس بثوابت سياسية تقوم على الهيبة والطاعة والتقديس». مضيفا أن الممارسة السياسية مازال ينظر إليها من طرف النخب السياسية على أنها هي قبل كل شيء «مظهر جدي» لا ينبغي «الهزل» به أو «التملغ معه».وقال شقير إنه آن الأوان في التفكير جديا لإعادة جو السخرية السياسية التي عرفها المغاربة لمدة أكثر من ثلاثة قرون من خلال إعادة الاحتفال بسلطان الطلبة وتطوير آلياته ومظاهره وتعميم ذلك في مختلف الأقاليم، والعمل على السماح لمأسسة صحافة ساخرة من خلال إصدار أسبوعيات ساخرة مع فسح المجال لأعمدة ساخرة في مختلف الإصدارات الصحفية، بالإضافة إلى تدشين مهرجانات للسخرية السياسية تشكل متنفسا لمختلف النكت الشعبية التي تلقى، يقول الباحث، «بسرية وتكتم حول مختلف الشخصيات والمشاكل السياسية التي يعرفها النظام السياسي بالمغرب». وخلص الباحث نفسه إلى الأنظمة السياسية القوية والسليمة هي التي تستطيع أن تضحك بشكل علني وحضاري من كل ثوابتها ومقدساتها دون خوف أو توجس، الشيء الذي يزيد في مناعتها وحصانتها ، ف»الشعب كما قال هال «يضحك وينكت دائما، فمن استطاع فهم ضحك الشعب والتحكم فيه، أمكنه أن يتحكم في كل شيء بعد ذلك».واعتبرت دراسة شقير أن التنكيت بشكل عام يعتبر ظاهرة اجتماعية تبلورت من خلال تبلور وتعقد البنيات الاجتماعية، مضيفة أنه أصبح يلعب وظيفة أساسية في مختلف المظاهر الاجتماعية بما في ذلك المظاهر السياسية. وقالت الدراسة إن ارتباط التنكيت بالسياسة يرجع إلى أن الأخيرة تحظى باهتمام الجميع سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. وهكذا ف»التنكيت السياسي يعتبر ظاهرة سياسية تتوفر على كل المقومات والخصائص التي تميز باقي الظواهر السياسية الأخرى».وزادت الدراسة أن تميز العلاقات السياسية بعلاقة جماعية تبطن موقفا «صراعيا» بين أطراف تحكمهم وضعية غير تكافئية، يمنح النكتة السياسية صفة «علاقة سياسية بمضمونها الجماعي وطابعها الصراعي»، لذلك يقول الباحث في دراسته، «إن من يتمعن جيدا في طبيعة النكتة عموما سيجد أنها تشكل أرقى الأشكال السياسية، بحيث أنه عندما ننكت عادة، فنحن ننكت بالضرورة على حساب شخص آخر، فالضحك يجب أن يكون دائما عل حساب طرف ثالث يستخدم أداة لتحقيق إشباع رغبتنا في الضحك»، ويتابع، «يمكن أن نبكي أو نبتسم مع شخص ما، لكن لا يمكن إلا أن نضحك من شخص آخر، مما يجعل بالتالي النكتة جوهريا وسيلة سياسية، مادام أن السياسة تقتضي دائما وجود خصم أو عدو مشترك. فنحن نمارس السياسة عادة مع أطراف يعدون أنصارا ضد طرف أو أطراف آخرين يعدون خصوما وأعداء»، والخصم المشترك في كل نكتة سياسية، حسب الدراسة نفسها «يتحدد في الحكم بمختلف شخصياته وأجهزته، إذ يعمد المنكت إلى رسم صورة كاريكاتورية من خلال شخصية رمزية نمطية معينة ترمز للحكم أو لأحد اشكاله توسم بمختلف الصفات التي تثير الهزء والازدراء والضحك، الشيء الذي يفضي إلى أن مجرد ذكرها يهيئ المستمع للضحك».ض.ز

دراسة: السخرية مكبوتة في المغرب

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

النكتة الجنسية والإفلات من الرقابة

الدين...حقل ألغام فجرته النكتة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات