بنهيمة: الهيكلة الجذرية للخطوط الملكية أصبحت ضرورية

الرئيس المدير العام لـ "لارام" قال إن النتائج الأولية أكثر من مشجعة وتنبئ بتحول الشركة إلى آلة لإنتاج الأرباح أكد إدريس بنهيمة، الرئيس المدير العام للشركة، أن الوضعية المتأزمة التي عاشتها المجموعة، بعد أزمة 2008، التي ضربت قطاع الطيران على المستوى العالمي، كانت تهدد مستقبل الشركة، ما فرض اعتماد مخطط من أجل إعادة الهيكلة. وأوضح أن سياسة فتح الأبواب، دون اعتماد إجراءات مواكبة ومقاربة تدريجية، أضرت كثيرا بنشاط «لارام». واعتبر أن من شأن وجود الخطوط الملكية المغربية في وضعية مالية جيدة ونجاح عملية الهيكلة، أن يمكن من أخذ قرارات اختيار الشريك المرتقب في شروط صحية ودون إكراهات ما هو تقييمكم للوضعية المالية للمجموعة بعد سنة من التوقيع على عقد برنامج مع الدولة؟ انسجاما مع مقتضيات العقد البرنامج الذي وقع مع الدولة في 21 شتنبر 2011 ، تم التركيز على خمس دعائم هي: عقلنة المصاريف، تقليص حجم الشركة وتحسين جودة الخدمات، تقليص عدد المستخدمين في إطار مخطط المغادرة عبر التفاوض، الزيادة في رأس المال، الَتزامات الدولة، وإستراتيجية التنمية وتركيز مهام الشركة على مهنة الناقل الجوي. فيما يخص أهداف المحاور الثلاثة الأولى يمكن القول إنها أصبحت من الماضي، إذ تمكنا من تحقيق هدف توفير مليار درهم من المصاريف كل سنة، وذلك خلال الثمانية أشهر الأولى، ويرجع الفضل في ذلك لمجموعة من الإجراءات، منها، على سبيل المثال لا الحصر، حذف 17 خطا من بين الخطوط الأكثر عجزا والموارد المرتبطة بها؛ مخطط تقليص عدد المستخدمين الذي حقق أهدافه قبل التاريخ المحدد بحوالي سنة ونصف. كما نوجد في وضعية متقدمة فيما يخص تقليص استهلاك الوقود وذلك بفضل تعاون الربابنة والبرنامج المعلوماتي الجديد الخاص ببرمجة الرحلات، مما نتج عنه تحسن في مواعيد الرحلات وكذا والتقدم في حل مشاكل الأمتعة. كما مكنت عملية إعادة حجم الأسطول وتطويره من تقليص معدل عمر الطائرات إلى سبع سنوات، فضلا عن برنامج في طور الإنجاز يهم تجديد مقصورات الطائرات خاصة تلك التي تعمل في الرحلات الطويلة. هل يعتبر عقد البرنامج مقدمة لخوصصة الشركة؟ اسمحوا لي أن أقول لكم إن الذين يزعمون هذا الطرح مخطئون، ولعل النتائج الأولية لهذا البرنامج الطموح تكذب كل هذه المزاعم. وقبل ذلك أريد أن أؤكد على أن توقيع اتفاقية الشراكة، أمام جلالة الملك حفظه الله، مع صندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية بهدف دخوله في رأسمال الشركة ب 1.6 مليار درهم، يعد حدثا و لحظة هامة في تاريخ العلاقة بين الخطوط الملكية المغربية والدولة وكذا عربون ثقة في مختلف مكونات الشركة، التي أبانت عن حس كبير بالمسؤولية وعن روح التفاني طيلة فترة الأزمة، تمثل في تجميد الأجور والترقيات سنتي 2010 و2011، الاتفاق على مخطط للمغادرة الطوعية الموقع في غشت 2011 وأخيرا إعلان الربابنة دعمهم لمخطط الهيكلة.إنه يشكل، قبل كل شيء، قطيعة مع الفهم السابق لدور الخطوط الملكية المغربية في جهاز الدولة، إذ لم تعد الشركة معزولة بل أصبحت تشكل جهازا فاعلا في قطاع النقل الجوي معترفا به من طرف الدولة، وله مهام وأهداف محددة بشكل أوضح و أفضل.كانت الخطوط الملكية المغربية من قبل وعلى امتداد عقود، تعاني نوعا من الانعزال إلى درجة أن بعض المسؤولين المركزيين يعبرون عن نوع من الامبالاة اتجاه مصير الشركة وعن عدم اهتمام حتى بما يقع داخلها. لذلك كنا بحاجة لوقت طويل لاقناعهم بخطورة الوضعية التي مرت منها وبأهمية الاقتراحات والحلول التي تقدمنا بها. لكن، بعد التوقيع على العقد البرنامج، لم تعد الدولة مجرد مساهم عاد في الشركة، بل أدمجت الخطوط الملكية المغربية في إستراتيجيتها للنقل الجوي، والتي تهم الأهداف الشاملة فيما يخص ربط المغرب بباقي دول العالم، ومشروع الجهوية الموسعة ثم إنعاش السياحة.وموازاة مع هذا، مكن العقد البرنامج من وضع أدوات التتبع التي تضمن ليس فقط المحاسبة، ولكن تمكنها من أن تصبح متضامنة مع قرارات الشركة فيما يخص تطورات مجال الطيران التي تكون في بعض الأحيان قاسية، وعليه أصبحنا اليوم نتوفر على لجنة تتبع للعقد البرنامج يساعدها مكتب مستقل، واتفاقية بخصوص دور الدولة باعتبارها مراقبا، وخلية لتتبع توصيات المجلس الأعلى للحسابات وثلاث لجان منبثقة عن المجلس الإداري مهمتها التدقيق، بالإضافة إلى تتبع الاستثمارات والحكامة.وقد طلبنا من الدولة وضع العقد البرنامج ليس لتمكيننا من الدعم لتغطية الخسائر الناجمة عن الاستغلال، ولكن لتمكيننا من الوسائل المالية لتنفيذ التحولات الضرورية لتصبح الشركة، وفي وقت وجيز، مربحة.وقد حددنا لهذه الغاية هدفا طموحا بتقليص المصاريف بنحو مليار درهم في السنة. وقد التزمت الخطوط الملكية المغربية كذلك بترشيد حكامتها، وضمان خدمة جيدة والتركيز على مهنة الناقل الجوي والتخلي عن كل الأنشطة الأخرى، خاصة الصناعة والفندقة. وتنص باقي أهداف العقد البرنامج على توضيح انتظارات الدولة من الخطوط الملكية المغربية، مثل تحقيق تنسيق جيد بين المكتب الوطني للمطارات و"لارام"، ووضع آليات تهدف إلى تحقيق توازن خطوط الخدمة العمومية مثل الشبكة الداخلية، وبعض الخطوط السياحية ثم نقل الحجاج. لكن، للأسف، كان علينا الانتظار حتى شتنبر 2011 لتوقيع هذا العقد البرنامج. وقد أثر هذا التأخير بشكل كبير على مصالح الشركة، وكذلك على مصالح الدولة المساهمة.و بعد التوقيع على العقد البرنامج و من الناحية المالية، تمت الزيادة في رأسمال الشركة ب 1.6 مليار درهم، لكن هناك مسألة هامة لابد من ذكرها، وهي أن العقد البرنامج توقع ضرورة إتمام هذه الزيادة بدعم إضافي يصل إلى 1.2 مليار درهم وذلك ما بين 2013 و2014. لكن نتائج الاستغلال الإيجابية مكنت من توفير 600 مليون درهم كموارد خاصة، وذلك راجع إلى الجهود الكبيرة التي بذلها مجموع العاملين، بالإضافة إلى سياسة تجارية ذكية وجريئة. وإذا ما تواصلت وتيرة النتائج الإيجابية فلن تحتاج الشركة إلى أي دعم خارجي. ما هي نتائج عملية إعادة الهيكلة على مستوى الموارد البشرية المتمثلة في المغادرة الطوعية؟في هذا الإطار لا بد من الإشارة إلى أن المخطط الاجتماعي يعد حقا نموذجا يقتدى به، لأنه أنجز في جو توافقي بفضل تعبئة جميع الشركاء الاجتماعيين وبرضى كل المنخرطين في هذا البرنامج الذي خصص تعويضا ماليا محفزا جدا ومكنهم من الاستفادة من مجموعة من الخدمات الاجتماعية المهمة مثل التقاعد الخاص بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي انطلاقا من 55 سنة والأمني الصحي انطلاقا من 45 سنة. كما تم تخصيص معالجة استثنائية للحالات الاجتماعية التي تم رصدها وتحديدها من طرف النقابات. و قد أسفرت المغادرة التوافقية إلى انتقال عدد مستخدمي الشركة من 5600 إلى 3900 في يونيو 2012 مسجلا انخفاضا بنسبة 35 في المائة، وسيتم استدراك واسترجاع الكلفة الإجمالية التي رصدت لهذا المخطط الاجتماعي في ظرف سنتين ونصف سنة فقط. التخلي عن مجموعة من المهن لتقليص التكاليفلماذا قررت الخطوط الملكية المغربية التخلي عن عدد من المهن المرتبطة بمجال الطيران والتركيز على مهنتها الأصلية؟ كما قلت سابقا فالتخلي عن مجموعة من المهن يدخل في إطار خطة تقليص التكاليف التي تندرج بدورها في مخطط إعادة الهيكلة المبرمج في مقتضيات العقد البرنامج. فبعد الأزمة التي مرت منها الشركة في 2009 - 2011 كان جليا أن على الشركة الاهتمام بمهنها الرئيسية عوض التكلف بأنشطة أخرى تتطلب جهودا من الناحية المالية والبشرية والتقنية، وهو ما يثقل كاهل الشركة. وهكذا، فعملية تركيز نشاط الشركة على مهنة النقل الجوي همت لحد الآن ثلاثة أنشطة صناعية، بالإضافة إلى التكوين الذي سنتخلى عنه لفائدة المؤسسات العمومية المختصة، كما هو حال تكوين الميكانيكيين الذي يضطلع به مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل.أما فيما يخص الصيانة، وتدبير الخدمات الأرضية للطائرات وتدبير التغذية على متن الطائرات فقد تم اختيار نموذج وعملية التنفيذ جارية، إذ سيتم اختيار شريك من مستوى عال، كالخطوط الجوية الفرنسية للصناعات للتكفل بالصيانة، وخلق فروع تمتلك فيها لارام 50 في المائة على الأقل من رأسمالها، إذ سيتكفل الشريك بالتدبير والبحث عن أسواق جديدة. ونتوقع أن ننتهي من هذا الأمر في نهاية العام الجاري، وهو ما سيمكن الخطوط الملكية المغربية من تحويل العديد من التكاليف الثابتة إلى تكاليف متحولة. كما نهدف إلى تحسين جودة هذه الخدمات المهمة جدا، وكذا تكيف أفضل مع التقلبات المتواصلة التي يعرفها قطاع النقل الجوي الدولي. فتحنا أجواءنا حتى أصبح البعض مثل القراصنةكيف تقيمون سياسة فتح الأجواء؟لا بد أولا من التذكير بالسياق التاريخي الذي اتخذ فيه هذا القرار، فقبل سنة 2002 كانت الخطوط الملكية المغربية شركة وطنية كلاسيكية، محمية نسبيا من المنافسة. فقد كانت تستفيد من احتكار مجموعة من الخدمات الغذائية الخاصة بالطائرات بكل مطارات المغرب، ومن تعامل تفضيلي من طرف السلطات الجبائية والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي فضلا عن امتيازات أخرى... و اختارت الحكومة، خلال 2004، نهج سياسة التحرير الكلي والسريع للنقل الجوي، وذلك عكس ما نهجته مثلا في مجال الاتصالات حيث الرخص تمنح بالتدريج، كما أن القطاع يتوفر على وكالة للتقنين. أما في مجال الطيران المدني الذي دخل رسميا إلى عالم التحرير في 2006، فقد فتحنا أجواءنا لكل من هب ودب إلى درجة أن بعض الفاعلين الذين استفادوا من سياسة فتح الأجواء أصبحوا يتصرفون مثل قراصنة، كما نلاحظ اليوم، إذ هناك من بدأ يساوم الدولة كي يواصل توجيه رحلات نحو المغرب. فقد عشنا كذلك تجربة خلق شركات كان تنعت بأنها وطنية خسرت أموالا باهظة طيلة عدة سنوات، ودون أن يتحرك أحد.وكان من المفروض أن تواكب إستراتيجية فتح الأجواء هاته، التي لا يمكن لأحد أن ينكر أفضالها فيما يخص دمقرطة خدمات النقل الجوي، بثلاث عمليات تهم مجموعة الخطوط الملكية المغربية، تتمثل في خلق فرع "أطلس بلو"، المتخصص في النقل الجوي منخفض التكلفة، ومركزة أنشطة "لارام" في مطار الدار البيضاء، ثم ضخ ما بين 3 و4 ملايير درهم لتمكين المجموعة من هيكلة ذاتها.لكن النمو الكبير الذي حققته "لارام" ما بين 2002 و2008، الذي تميز بمضاعفة الشركة لرحلاتها والبدء في عملية الهيكلة على حسابها الخاص، ما مكن من تقليص التكلفة بحوالي 19 في المائة، خلال هذه الفترة، إلى درجة أن "لارام" أصبحت أكبر من كل شركات الطيران المغاربية مجتمعة، واحتلت الرتبة الثالثة إفريقيا وكانت تنافس الخطوط المصرية على الرتبة الثانية؛ أعطى الانطباع بإمكانية تجنب إجراء هيكلة مكلفة وقاسية في الوقت نفسه.وفي هذه الظروف حلت الأزمة العالمية لسنة 2008، لتضر بشكل كبير بأنشطة "لارام"، ما عرقل مسارها التنموي. وبدأت، خلال هذه الفترة، رحلات الخطوط الملكية المغربية تتراجع. ورفعت شركات الطيران منخفضة التكلفة تنافسيتها لتنتقل من 550 ألف مقعد سنة 2006 إلى 7 ملايين و50 ألف مقعد سنة 2010، ما أدى إلى توقف نشاط "أطلس بلو" في بداية 2011. وكان من نتائج هذه المنافسة الشرسة أن "لارام" لم تعد تستطيع الزيادة في أسعار التذاكر لمواكبة ارتفاع أسعار النفط، وتحولت بسرعة إلى آلة لإنتاج الخسائر بشكل بنيوي. في بداية 2010، تأكد الجميع بأن العودة إلى زمن النمو أصبحت وهما وأن عملية الهيكلة الثقيلة للشركة، التي كانت متوقعة في 2002، أصبحت ضرورة ملحة لتحقيق ثلاثة أهداف، ممثلة في وضع حد لسياسة النمو، وتقليص حجم الشركة وتقوية تنظيمها، ثم البحث عن التمويل الضروري. و هذا ما قمنا به. ويمكنني القول إن النتائج الأولية أكثر من مشجعة تنبئ بتحول الشركة إلى آلة لإنتاج الأرباح. "لارام" لن تعرض بأبخس الأسعار إن مستقبل القطاع في التحالفات والاندماجات والتقاطبات، و نحن ننتظر بشغف نتائج الدراسة التي يشتغل عليها مكتب الدراسات KPMG بدعم من مكتب دراسات أمريكي (SH &E) لوضع المخطط التنموي 2015 – 2025. فمن خلال نتائج هذه الدراسة سنعمل على تحديد الأسواق الهامة بالنسبة إلينا، والشكل الذي سيكون عليه الأسطول خلال هذه الفترة، والحاجيات المحتملة للشركة فيما يخص التمويل الإضافي، وكذا ما سنستفيده من أي شراكة مع فاعل دولي في القطاع. وسيظل من حق الدولة المساهمة أخذ قرار دخول شريك جديد وتحديد هويته. لكن ما أود التأكيد عليه هو أنه ليس من المتوقع أن تتخلى الدولة عن المراقبة الإستراتيجية للشركة.ومن شأن وجود الخطوط الملكية المغربية في وضعية مالية جيدة ونجاح عملية الهيكلة أن يمكنا من أخذ هذه القرارات الهامة في شروط صحية ودون إكراهات. ولارام ليست معروضة للبيع بأبخس الأسعار واختيار الشركاء سيتم في احترام تام للمصالح الإستراتيجية للمملكة إنشاء خطوط إفريقية مبرراته اقتصادية إن الخطوط الرابطة مع إفريقيا تكتسي طابعا مهما بالنسبة إلى الخطوط الملكية المغربية. فالشركة تحتل الرتبة الثالثة في إفريقيا من ناحية المداخيل التي تتجاوز مداخيل الخطوط الجزائرية والخطوط التونسية معا.وتطور نشاط الخطوط الملكية المغربية في القارة الإفريقية يفوق التطور الذي يشهده نشاط الشركة في أوروبا وفي فرنسا التي تعد السوق التاريخية للنقل الجوي بالمغرب، وإنشاء الخطوط بالقارة الإفريقية تمليه أولا وقبل كل شيء مبررات اقتصادية، وإذا كانت هذه المبررات الاقتصادية التي أعطت ثمارها كما سبق ذكره، من شأنها أن تعزز العلاقات الوطيدة للمملكة مع الدول الإفريقية فذلك يقوي دور الخطوط الملكية المغربية التي هي، شركة وطنية في خدمة المصالح العليا للوطن.فيجب التذكير أن الخطوط الملكية المغربية هي بالفعل أداة لها وزن مهم في القارة الإفريقية فهي وسيلة لربط عدد كبير من المواطنين الأشقاء الأفارقة بمختلف بلدان العالم (أوروبا وأمريكا خصوصا). وهذا يملي علينا أن نبذل المزيد من الجهد لتقوية موقع الشركة الوطنية في القارة وتطويرها لتصبح واحدة من شركات الطيران الأولى في إفريقيا. أجرى الحوار: عبدالواحد كنفاوي

بنهيمة: الهيكلة الجذرية للخطوط الملكية أصبحت ضرورية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الحرارة تضاعف أعباء المواطنين في رمضان

تعديلات مرتقبة في إجراءات الحصول على التأشيرة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات