استهلاك إعلامي أم تطهير للبلاد؟

المتابعات الجارية والأحكام الصادرة في ملفات الفساد ونهب المال العام شأن خاص بالقضاء منذ انطلاق شرارة المتابعات القضائية في ملفات وقضايا الفساد بالمغرب، دخل حقوقيون ومنتمون إلى تنظيمات مدنية تدافع عن المال العام وتدعو إلى الحرب على الفساد، على الخط، وبدؤوا يطالبون باستكمال التحقيقات في ملفات مع متورطين آخرين، وأن تشمل التحقيقات والمتابعات ملفات أخرى، وسط المطالبة بإنشاء هيأة مستقلة للحقيقة واسترجاع الأموال المنهوبة على قاعدة عدم الإفلات من العقاب، والذي يجب أن يشمل كل قضايا الفساد المالي التي عرفها المغرب منذ الاستقلال إلى الآن، باعتبار أن هذا الفساد ليس مجرد انحراف في تطبيق القانون، بقدر ما هو أسلوب ممنهج لتدبير الشأن العام عن طريق الامتثال للتعليمات واستغلال النفوذ في غياب تام للآليات الديمقراطية التي تعتمد أساسا على مبادئ المساءلة والمحاسبة وسيادة دولة القانون والمؤسسات.من هنا يمكن أن نخلص إلى السؤال الجوهري والأساسي في المعادلة، وهو هل محاكمات قضايا الفساد، بما يوازيها من إطاحة برؤوس ظلت إلى وقت قريب تصول وتجول، هي للاستهلاك الإعلامي فقط، ولا تعدو أن تكون «محاولة لإلهاء الشعب، وصرف أنظاره واهتمامه عن المشاكل الحقيقية التي يعانيها الشعب المغربي والعربي عامة»، أو «لتصفية حسابات عالقة»، كما يرى البعض، أم أن المطلوب اليوم أكثر من أي وقت مضى هو الحرص على تشجيع الحملات القائمة ضد ناهبي المال العام، حتى تستمر وتتمكن من الإطاحة برأس آخر رمز من رموز الفساد؟يرى البعض أن طبيعة المتابعات الجارية في قضايا الفساد، ولا حتى الأحكام الصادرة، شأن القضاة، لكن ما يحير المواطنين المغاربة هو عدم الإجابة بكثير من الشفافية والوطنية والمصداقية عن أسئلة يطرحونها دائما عندما تقفل المحاكم مثل هذه الملفات الخطيرة بالبراءة أو التخفيف أو غير ذلك، إذ أين الأموال؟ أين العدالة وأين الحقيقة؟ أين الأرقام المنهوبة التي تحدثوا عنها؟ وكيف السبيل لإصلاح المؤسسات المخربة؟ وهل فعلا كانت مصلحة البلاد والعباد هي الداعي وراء فتح هكذا ملفات؟ أم أن الأمر يعزى إلى تصفية حسابات ضمن لعبة سياسية كان من المفروض عدم إقحام القضاء فيها، وفي انتظار رجوع المتهمين الأبرياء غانمين سالمين إلى معاقلهم وشركاتهم وممتلكاتهم، يضع المغاربة أياديهم على قلوبهم في انتظار قضية جديدة ومتهمين جدد. هناك من يصر على أن التحقيقات والمتابعات الجارية كانت انتقائية، ويستدلون على ذلك بأنه لم يتم التعرض بشكل موضوعي لملفات عديدة في شموليتها، واقتصرت الأبحاث أو الاعتقالات على بعض مسؤولي وأطر بنوك وشركات كانت عمومية وتمت خوصصتها، أو تساهم الدولة بجزء في رأسمالها.هؤلاء المتورطين الكبار الذين تم إيداعهم في السجون أو اقتيدوا إلى المحاكمات، لا ننفي مسؤولياتهم التقصيرية وعدم احترامهم للقوانين والضوابط الجاري بها العمل في مجال تدبير ملفات القروض أو الصفقات أو المشاريع موضوع المتابعة، لكن كان حريا بالقضاء أن يتبع الإجراءات نفسها بخصوص إدارات ومؤسسات وأسماء أخرى. محمد البودالي

استهلاك إعلامي أم تطهير للبلاد؟

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

بورتريه: الشنتوف... قاضي الإرهاب والفساد

خمس ملاحظات حول محاكمات الفساد

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات