دفاع المرأة عن حقوقها … الشعباني: تمرد على التقاليد

النصوص الجديدة "فتحت باب جهنم" على الرجل ولم يعد "سيد المجتمع" قال علي الشعباني، باحث في علم الاجتماع إن دفاع المرأة عن حقوقها وإطلاق قوانين لحمايتها، جعل كثيرا من الرجال وسط المجتمع المغربي يعتبرون أنه بمثابة تمرد على العادات والتقاليد وأن ذلك فتح عليهم أبواب جهنم. عن وضعية المرأة داخل المجتمع وتعامل «العقلية الذكورية» معها في ظل القوانين المنصفة لها يتحدث علي الشعباني في الحوار التالي: < هل القوانين الجديدة منها قانون حماية المرأة من العنف والتحرش جعلت المرأة كما يعتبر البعض تتمرد أو «تضسر» على الرجل؟ < ما يلاحظ حاليا أن هناك بعض مظاهر التمرد على بعض العادات والتقاليد التي كانت تقنن الحياة ما بين الذكور والإناث. ولهذا بدأنا نلاحظ بأن الكثير من النساء يظهرن بعض السلوكات أو بعض الممارسات التي تتحدى تلك الأعراف والتقاليد، وأيضا العلاقات في ما بين الجنسين. وهذا يرجع إلى التحولات التي عرفها المجتمع المغربي على الكثير من الأصعدة منها الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، التي ساهمت في تغيير نمط التفكير عند الكثير من النساء، لذلك لا يمكن أن نعتبر أن تلك القوانين جعلت المرأة، كما يقال بالدارجة «تضسر» على الرجل، وإنما في الواقع تعبيرها عن طريق سلوكات وممارسات دفاعا عن حقوقها، تختلف عما كان يألفه الرجل المغربي من العنصر النسوي في وقت سابق. وفي هذا السياق، فإن ما تعيشه المرأة اليوم يأتي في إطار تحولات مجتمعية وحضارية وثقافية وغيرها أعطتها الحق أن تكون واعية بواقعها الاجتماعي وحقوقها ومدركة لما لها من واجبات وتعبر عنها بأساليبها الجديدة، التي قوبلت بالرفض واعتبرت من قبل البعض «ضسارة» وتمردا على التقاليد. < لماذا يرفض المجتمع دفاع المرأة عن حقوقها وينظر إليها بسلبية حين يتعلق الأمر برفضها التعرض للتحرش مثلا أو أي شكل من أشكال العنف؟ < أعتقد أنه أمر طبيعي أن الرجل المغربي لا يقبل كثيرا من سلوكات وممارسات المرأة في الوقت الراهن، فذلك ناتج عن تراكمات تاريخية، على اعتبار أنه سابقا كانت المرأة تابعة لإملاءات الرجل وخاضعة لإرادته. وبالتالي فالرجل المغربي الحالي بعقليته الذكورية قد لا يقبل هذا الخروج عما كان يعتبره امتيازا بالنسبة إليه، ومن ثم اعتبر هذه السلوكات تمردا عليه وعلى إرادته ومكانته داخل المجتمع. < يرى البعض أن المرأة أخذت أكثر من حقها، فما تعليقك على ذلك؟ < ربما العكس وهذا ليس دفاعا عن المرأة ولكن حقيقة، فنحن لانزال في بداية الطريق ولا أعتقد أننا خرجنا من طوق المجتمعات التقليدية الهجينة وتبنينا كل قيم الحداثة داخل المجتمع المغربي، إذ مازال يتخبط وسط ممارسات تاريخ قديم جدا بعيد عن الواقع. وفي هذا السياق، فالمرأة لم تأخذ ما يمكن أن تستحقه من حقوق ومكانة داخل المجتمع، خاصة في ما يتعلق بتغيير النظرة إليها من قبل الرجل المغربي. فهي نظرة تطبعها عدة أمور، إذ يتم اعتبارها أنها «تابعة إليه» وأنه «سيدها» ويجب عليها أن تتصرف وفق إملاءاته. وأعتقد أن كثيرا من القوانين مازالت لم تعط الحق للمرأة مثلا في ما يخص مناصب العمل والأجور والمساواة فيها، وأيضا ما يتعلق بمكانتها في مجتمع يطمح أن يكون متقدما ومتطورا. < في بعض الحالات يكون المجتمع أكثر قسوة على المرأة المتزوجة حين يتعلق الأمر مثلا برفضها كثيرا من الأمور وتمردها عليها ولجوئها إلى المحاكم دفاعا عن حقها، فما رأيك؟ < صحيح، أن المجتمع يكون أكثر قسوة على المرأة المتزوجة، مقارنة مع العازبة وهذا مرتبط بالمخلفات التاريخية، إذ كانت حين تتعرض للعنف من قبل زوجها وتشتكي إلى والديها فإن اللوم يقع عليها ويتم تحملها مسؤولية كل ما يحدث ونعتها بعبارات من قبيل «ضسرتي» و»ما بغيتيش ديري دارك» و»وليتي زايغة». وغالبا ما تتدخل أسرة الزوجة في الصلح بينها وبين زوجها وتحملها المسؤولية أكثر ما تحملها للرجل، كما أن محكمة الأسرة أخذت ما كان سائدا في المجتمع باستنساخ التقليد السائد، إذ عندما تشتكي المرأة من الزوج غالبا ما تخفف المحكمة من الوضع، وتحاول أن تصلح ذات البين وتحد من الصراع بينهما. والمجتمع لم يتقبل بعد الوضعية الجديدة للمرأة، خاصة المتزوجة، التي مازال يقول إنه عليها الصبر والتضحية، حتى لو تعلق الأمر بتعرضها للعنف أو التحرش. < كيف ينظر الرجل أو «العقلية الذكورية» إلى القوانين التي جاءت لتنصف المرأة؟ < أكيد لن يتقبل الرجل، الذي يحظى بامتيازات معينة داخل المجتمع، أن يحدث أي تغيير يحرمه منها أو يمس بأي شكل من الأشكال تلك الامتيازات مادام يعتبر نفسه «سيد البيت» و»سيد المجتمع» وأن الكل يخضع لإرادته (الزوجة، الأبناء، باقي أفراد العائلة...)، كما أن كل من يبدي مظهرا من مظاهر الخروج عن طوعه يعتبر متمردا. وفي هذا الصدد، عندما تدخل المشرع وسن العديد من القوانين التي تنصف ولو جزئيا المرأة كان لابد أن تظهر فئة من الرجال رافضة للقوانين التي تهم المرأة، إذ اعتبروا أنها تمس مكانتهم وتفتح أبواب جهنم على الرجال حين يتعلق الأمر بمطالبة النساء بحقوقهن، كما أن كثيرا منهم علقوا على الأمر بالقول «هذا آخر الزمن... وصلنا إلى عصر أصبحت فيه المرأة تملي وتفرض علينا فيه رأيها». أجرت الحوار: أمينة كندي في سطور أستاذ باحث في علم الاجتماع. شغل منصب مدير الأبحاث في المعهد الملكي لتكوين الأطر بالرباط. نشر عدة كتب داخل المغرب وخارجه.

دفاع المرأة عن حقوقها … الشعباني: تمرد على التقاليد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

بوريطة: لا مفاوضات ثنائية مع بوليساريو

مساواة الرجل والمرأة ... الرباح: حقوق النساء لا تهدد الرجل

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات