الكرة النسوية… الحقائق الصادمة

أندية تنفق نصف منحتها في رحلة واحدة إلى العيون ونظام البطولة يعقد الوضع خلف الوعود التي تطلقها جامعة كرة القدم حول الكرة النسوية، والمعطيات التي تم تقديمها في مناظرة مراكش التي اختتمت أول أمس (الثلاثاء)، تعيش الكرة النسوية واقعا مأساويا، على عدة واجهات. وتعاني الأندية مشاكل كبيرة في التمويل، إذ تقل منحتها 50 مرة عن منح فرق الذكور، كما تعاني مشاكل أخرى، بسبب ظروف الممارسة والتكوين، فيما يزيد نظام البطولة من تعقيد الوضع أكثر، في الوقت الذي سجل فيه تحسن في الملاعب. التمويل... 50 مرة أقل من أندية الذكور يتوصل كل فريق بالقسم الأول لكرة القدم النسائية ب 150 ألف درهم منحة من الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، مقسمة على شطرين، قيمة كل واحد 75 ألف درهم. وتوصلت الأندية بالشطر الأول بعد نهاية مرحلة الذهاب، ومازالت تنتظر الشطر الثاني. وفي المقابل، تحصل فرق القسم الأول للذكور على منحة من الجامعة تقدر ب600 مليون سنتيم، تضاف إليها 120 مليون سنتيم، إضافة إلى عائدات الجمهور والاحتضان وسهولة التسويق بفعل النقل التلفزيوني، الأمر الذي تفتقده الأندية النسوية. ولمعرفة حجم معاناة الأندية، فإن فريقا مثل أطلس 05 للفقيه بنصالح أنفق نصف المبلغ الذي تسلمه من الجامعة عن الشطر الأول في رحلة واحدة إلى العيون، لمواجهة النادي البلدي، إذ كلفته الرحلة 44 ألف درهم، علما أن الفريق مطالب برحلة ثانية لمواجهة آسا الزاك. وينطبق الوضع نفسه على أولمبيك آسفي الذي يقوم برحلات طويلة مماثلة، وتعرض لحادثة سير في يناير الماضي كادت تودي بحياة عدد من أفراد البعثة. ويعاني الوداد أيضا المشكل نفسه، إذ يتنقل إلى العيون وآسا الزاك. وإضافة إلى مصاريف التنقلات التي ترهق كاهل الفرق، تؤدي الأندية مصاريف أخرى، كأجور اللاعبات المتراوحة بين 1500 درهم و5 آلاف درهم، وأجور المدرب والمعد البدني ومدرب الحارسات والسائق، بالنسبة إلى كل فريق. ويفرض على الفرق أداء مصاريف مناديب المباريات المحددة في 250 درهما، تضاف إليها مصاريف التنقل، حسب المدينة التي يقطن فيها كل مندوب، ومصاريف سيارة الإسعاف المحددة في 300 درهم لكل مباراة، ومصاريف كراء الملعب بالنسبة إلى بعض الفرق. وتتسلم فرق القسم الثاني، التي تتنافس في ثلاثة أقسام، وتقطع مسافات طويلة، عشرة ملايين سنتيم، علما أن كل فريق يخوض 18 مباراة في كل موسم، ما يضاعف حدة الأزمة التي تعانيها هذه الفرق. نظام البطولة... هدر مدرسي وتعميق للأزمة تعاني أندية الكرة النسوية كثيرا بسبب النظام الجديد للبطولة الوطنية، بعد اعتماد نظام شطرين، عوض ثلاثة أشطر في القسم الأول، وثلاثة أشطر عوض أربعة في القسم الثاني. ويفرض نظام الشطرين على الأندية قطع مسافات طويلة، والقيام برحلات قد تستغرق أربعة أيام في بعض الحالات، الأمر الذي يرهق ماليتها، ويحول دون استفادة الأندية من التلميذات والطالبات، ما يفرض عليها التعاقد مع لاعبات شبه محترفات، بموجب عقود، وكل هذا يزيد في المصاريف. ومن أكثر الفرق التي تعاني كثيرا بسبب اختلالات النظام الجديد للبطولة، أطلس 05 الفقيه بنصالح الذي نقل من تادلة إلى الجنوب، بسبب النظام الجديد، وأولمبيك آسفي الذي نقل من الوسط إلى الجنوب أيضا. وفي القسم الثاني، تعتبر وضعية الإشعاع السرغيني أكثر تعقيدا، إذ حكم عليه بالتنقل كل موسم إلى الداخلة وكلميم وطانطان، علما أن منحة أندية هذا القسم لا تتجاوز عشرة ملايين سنتيم. وحكم المشرفون على نظام البطولة على نادي كودير الرشيدية باللعب في شطر الشمال، ما يعني التنقل إلى مدن وزان وآزرو والقنيطرة وسلا وطنجة وخنيفرة، الأمر الذي يجعل هذا الفريق مهددا بتجميد نشاطه نهائيا، وتشريد لاعباته. ويضطر فريق الرشيدية إلى القيام برحلات مكوكية تستغرق أياما، إذ أن اقل مسافة يقطعها هي 600 كيلومتر، في الوقت الذي لا تتعدى منحته عشرة ملايين سنتيم، شأنه شأن باقي أندي القسم الثاني. يقول رئيس فريق"للأسف تم تغيير نظام البطولة، وفرضوا علينا قطع مسافات خيالية، لكن المشكلة أن الدعم لم يتغير، رغم الوعود الكبيرة التي نتلقاها". الكرات... وعود ثلاث سنوات بينما توزع جامعة كرة القدم الكرات مجانا على الأندية في جميع الأقسام، رغبة منها في توحيد كرات المباريات، فإن فرق الكرة النسوية محرومة منها. ورغم المراسلات التي قامت بها الأندية للجامعة بهذا الشأن، منذ ثلاث سنوات، إلا أن طلباتها لم تلق أي تجاوب من قبل الجامعة، التي اكتفت بتقديم وعود، لكن دون أن تفي بها. يصرح رئيس ناد بالبيضاء في هذا الصدد "منذ ثلاث سنوات، ونحن نطالب وننادي بتسليمنا كرات، مثل فرق الذكور، لكن الجامعة ترفض، هذا يحز في النفس كثيرا، ويجعلنا نطرح علامات استفهام كبيرة حول تعامل الجامعة معنا". وإضافة إلى اقتناء الكرات، فإن الفرق النسوية تؤدي مصاريف أخرى متعلقة بالتسيير اليومي، فيما تتولى اللاعبات اقتناء الأحذية، وواقي الساق من مالهن الخاص. التمثيلية... "نرى نوال في التلفزيون فقط" مازالت تمثيلية الأندية النسوية في المكتب المديري لجامعة كرة القدم تشكل جرحا غائرا في نفوس رؤساء الأندية، بعدما فوجئوا باختيار نوال المتوكل ضمن المكتب المديري، وإقصاء خديجة إلا، رئيسة المجموعة الوطنية، والتي تسير في البطولة النسوية منذ أكثر من 15 سنة، ونزهة المدغري، التي ولجت مجال التسيير منذ سنوات أيضا. وقال رؤساء الأندية إن اختيار نوال المتوكل شكل صدمة كبيرة لهم، ليس لأنه يتعارض مع القانون الأساسي للمجموعة الوطنية الذي ينص على أن رئيسها يكون عضوا في المكتب المديري للجامعة بطريقة أوتوماتكية، ولكن لأن نوال لا علاقة لها بالكرة النسوية، لا من قريب ولا من بعيد، بما أنها لا تسير أي فريق في هذه البطولة، ولا تعرف شيئا عن هموم الأندية. ولم تعقد نوال المتوكل أي اجتماع مع الأندية منذ تعيينها في المكتب المديري، فيما عقدت اجتماعا واحدا بالجامعة الأسبوع الماضي مع لجن خاصة، خصص فقط للتحضير لمناظرة مراكش حول الكرة النسوية الإفريقية، ما جعل مسؤولا في أحد الفرق يقول"نوال المتوكل لا نراها إلا في التلفزيون". ويتولى إسماعيل الزيتوني إعداد مشاريع للكرة النسوية، لكن النظام الجديد والمشاكل المترتبة عنه، جعلت الأندية تطالب بمراجعة هذا الوضع. التكوين... فشل آخر للارغيت في غياب بطولة للفئات الصغرى، عمدت الإدارة التقنية إلى اعتماد برنامج دراسة ورياضة بمعهد المعمورة لفائدة لاعبات يتم انتقاؤهن من الأندية في فئتي أقل من 15 سنة، وأقل من 17 سنة. ويتم إلزام اللاعبات بتوقيع عقود تكوين مع الجامعة، رغم أنهن يتوفرن على رخص مع أنديتهن الأصلية، التي تعتبر الأمر نوعا من انتهاك حقوقها. ويصطدم برنامج الإدارة التقنية الذي وضعه المدير التقني ناصر لارغيت بمشاكل كبيرة، ذلك أن اللاعبات يفتقدن المنافسة بسبب غياب البطولة، ويكتفين بخوض التداريب وتلقي الدروس النظرية، الأمر الذي يؤثر سلبا على أداء المنتخبين الوطني لهتين الفئتين. وعوض أن تدعم الإدارة التقنية بطولات الفئات الصغرى في العصب الجهوية، فإنها سلكت طريقا قصيرا وسهلا، حسب عدد من الرؤساء، لكنه غير ذي جدوى، معللين ذلك بأداء المنتخب الوطني الذي تراجع بشكل لافت، فبعد أن كانت الكرة النسوية الوطنية تتأهل إلى كأس إفريقيا والبطولة العربية في عهد المدربين السابقين، وأبرزهم عبد الكبير العلوي السليماني، أصبحت المنتخبات الوطنية تقصى في المراحل الأولى. وعود لقجع... متى تتحقق؟ ذكر رؤساء الأندية الذين تحدثت إليهم "الصباح" الرئيس فوزي لقجع، بوعوده لهم منذ بداية ولايته على رأس الجامعة. وقال هؤلاء الرؤساء إن لقجع وعد في اجتماع بالمحمدية، قبل ثلاث سنوات، بتحسن وضعية الأندية النسوية، واعترف بتقصيره في حقها، ثم قال في تصريح آخر بقناة "ميدي 1 تيفي" بأن تكون 2015 سنة الكرة النسوية، دون أن يفي بذلك، بل زاد الوضع سوءا، بعد تكليف أعضاء وصفوهم بالغرباء عن ملف الكرة النسوية. ودعا هؤلاء الرؤساء فوزي لقجع إلى عقد اجتماع معهم في أقرب وقت، محذرين من تبعات الوضع الحالي، وتداعيات المشاريع التي يتم تهييئها، والتي لن تزيد الوضع إلا سوءا. ومن بين النقاط السلبية في النظام الجديد نزول أربعة فرق من كل شطر بالقسم الأول وصعود مثلها من القسم الثاني، الأمر الذي يؤدي إلى صعود فرق ضعيفة وبدون تجربة، الأمر الذي يزيد في ضعف المستوى العام. مشاريع مرفوضة قدمت خلية من رؤساء الأندية النسوية مشروعا للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، قصد اعتماده، لكن الجامعة اعتمدت مشاريع أخرى. ويقضي المشروع اعتماد نظام ثلاثة أشطر مع منح كل ناد 24 مليون سنتيم، أو مجموعتين مع منحة 50 مليونا، أو مجموعة واحدة مع منحة 100 مليون لكل فريق. وينص المشروع على أن التكوين تتكلف به العصب الجهوية وعن طريق الفئات الصغرى للأندية، وتحديدا في فئتي أقل من 15 سنة، وأقل من 17 سنة. وفي المقابل، اعتمدت الجامعة مشروعا ينص على اعتماد شطرين في القسم الأول (شمال وجنوب) مع منحة 15 مليون سنتيم لكل فريق، وثلاثة أشطر في القسم الثاني مع منحة عشرة ملايين لكل فريق. واقترحت الأندية على الإدارة التقنية القيام بدورات تكوينية لفائدة مدربيها ولاعباتها السابقات، لكن طلبها قوبل بالرفض من قبل الإدارة التقنية. الكرة النسوية بالبيضاء مهددة يتوقع أن تفقد البيضاء ممثليها في القسم الأول لكرة القدم النسوية بداية من الموسم المقبل، بفعل المشاكل المالية التي يعانيها فريقا الوداد الرياضي والنصر الرياضي سيدي مومن، ويزيد من تفاقمها نظام البطولة. ويحصل فريقا البيضاء على منحة من مجلس المدينة لا تتجاوز مليوني سنتيم، وهو مبلغ لا يغطي مصاريف رحلة واحدة إلى العيون أو آسا، فيما تحصل فرق تتنافس معهما في القسم نفسه على منح أكبر، خاصة في خنيفرة والعيون وآسا، لتغطية هزالة منحة الجامعة. ومن تبعات النظام الجديد للبطولة ونظام المنح، غياب التوازن بين الفرق، إذ سمح لفرق تتوفر على عائدات أخرى، بالسيطرة على الكرة النسوية، خاصة الجيش الملكي والنادي البلدي للعيون. إنجاز: عبد الإله المتقي

الكرة النسوية… الحقائق الصادمة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

وداد... صرخة صحافية

العثماني: المغرب وفي لأشقائه الأفارقة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات