تحذيرات من محاولات إعادة إنتاج التخلف تزامن التوتر بين سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، والأحزاب المتحالفة معه، مع تحذيرات من أن تكون حسابات إخوان بنكيران بعيدة المدى و تهدف إلى الضغط من أجل إعادة إنتاج نماذج فكرية متخلفة و إتاحة الفرصة لأنصار النكوص والانغلاق و خنق أصوات التحرر من قيود الرجعية. ولم يجد الاتحاد الاشتراكي المشارك في الحكومة بدا من الدعوة إلى تعميق التأويل الديمقراطي والحداثي للدستور، خاصة في ما يتعلق بالحريات الجماعية والفردية، وحقوق الإنسان، والتصدي لكل محاولات إعادة إنتاج النماذج الثقافية المتخلفة، التي تسعى إلى النكوص والانغلاق، بدل التحرر من قيود الفكر الرجعي، والسير في طريق التنوير والانفتاح على الحضارات الإنسانية المتقدمة وعلى سيادة العقلانية والعلم والفكر النقدي. وأكد المجلس الوطني للاتحاد المنعقد في 3 فبراير الجاري بالرباط انخراط الحزب في معركة التحديث، إلى جانب كل المؤسسات والهيآت التي تسعى إلى ذلك، في إطار تحالفات واضحة الأهداف والغايات، لمقاومة تيارات الغلو والإيديولوجيات الظلامية، مشددا على أهمية الإصلاحات السياسية، خاصة ما يتعلق بالمنظومة الانتخابية، التي أثبتت التجربة الملموسة أنها لم تعد صالحة، بل إنها أصبحت من أسباب إنتاج الرداءة في أداء المؤسسات المنتخبة، وفي إعطاء صورة سلبية عن النخب، وترويج قيم الفساد والرشوة والزبونية، سواء بأشكال مباشرة عن طريق شراء الأصوات أو غير مباشرة عبر شبكات الإحسان المغشوش، لذا فإن الحزب يلح على ضرورة فتح هذا الورش بشكل مبكّر، قصد معالجة الاختلالات التي تعتريه. ونوه الاتحاديون بالمبادرات التي تم اتخاذها في مجال تكريس المساواة بين الجنسين، كان آخرها السماح للمرأة بتولي مهنة العدول، بكل ما تحمله هذه المسؤولية من حمولة ثقافية، في مجتمعنا المغربي، واعتار أن التفعيل الديمقراطي للدستور، في مجال المساواة، يحتم على كل المؤسسات الرسمية والشعبية، العمل على توفير كل الأدوات والوسائل وتغيير العقليات، لإنصاف النساء ورفع كل أشكال الحيف والتمييز ضدهن، مستحضرين التراكم الفكري والسياسي، للحزب، الذي يشكل تراثا تاريخيا، والذي جاء ثمرة لاجتهادات جماعية ولمساهمات القيادات الوطنية والمحلية، وشكل أهم مرجعيات الخطاب الديمقراطي الحداثي، والصيرورة النضالية الميدانية للحزب، على كافة الأصعدة، الوطنية والمحلية والقطاعية. ولم يجد رفاق إدريس لشكر، الكاتب الأول، بدا من إعلان رفضهم الصريح للخطاب الشعبوي، الذي يروجه البعض حول العمل السياسي، من منطلق أن الهيآت الحزبية والنقابية والجمعوية، لا تقوم بدور كافٍ في الوساطة، معتبرين أن الدور الأساسي لهذه الهيآت هو تمثيل أعضائها، والنضال من أجل تحقيق مطالبها والمساهمة في الشأن العام، سواء من موقع الأغلبية أو المعارضة أو المجتمع، مما يستدعي من المؤسسات التنفيذية والتشريعية القيام بدورها الذي يخوله لها الدستور، فهي المسؤولة عن تنفيذ السياسات العمومية، ومراقبتها وتقييمها، بشراكة مع هيآت التشاور. ياسين قُطيب