اختلالات قانون صندوق التكافل العائلي

هـزالة الحصيلـة الكميـة والكيفيـة المتعلقة بالمخصصات المالية التي تـم صرفهـا للفئـات المستفيدة بقلم: مريم الناصير* تشكل النفقة ثمرة التداعي أمام أقسام قضاء الأسرة، والتي نظم المشرع الأحكام المتعلقة بها من خلال القسم الثالث من الكتاب الثالث من مدونة الأسرة (من المادة 187 إلى المادة 205 )، بيد أن كثرة القضايا المعروضة على القضاء جعل منها ظاهرة مستفحلة، لم تفلح معها المساحيق التشريعية التي حملها القانون رقم 70.03 الصادر في الثالث من فبراير 2004 بحيث بلغ عدد قضايا النفقة الرائجة أمام المحاكم في 2012 ما مجموعه 55933، كما سجل بقسم قضاء الأسرة بأكادير خلال 2007 ما مجموعه 201 قضية ، كما شهد قسم قضاء الأسرة بورزازات في السنة ذاتها تسجيل ما مجموعه 219 قضية. وراء هذه الأرقام يقف طابور من المعاناة النفسية والاجتماعية لأسر تعيش الهزالة والتفكك على أكثر من مستوى ، لأجل هذا تدخل المشرع بإصدار القانون رقم 41.10 المتعلق بتحديد شروط ومساطر الاستفادة من صندوق التكافل العائلي، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5904 بتاريخ 30 دجنبر 2010، إلى جانب النصوص التنظيمية المرتبطة به ، الصادرة في إطار المرسوم رقم 2.11.195 المنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 15 شتنبر 2011. وبالنظـر إلى القصـور الذي ما زال يعتـري مقتضيات القانون رقم 41.10، والحصيلـة الهزيلـة لأزيـد من سـت سنوات على تفعيل مقتضيات صنـدوق التكافـل العائلـي، عملـت وزارة العـدل على إعـداد مشـروع قانون رقـم 83.17، يقضـي بتغيير القانون رقم 41.10 المتعلق بتحديد شروط ومساطر الاستفادة من صندوق التكافل العائلـي، الذي تمت المصادقـة عليه في المجلس الحكومـي المنعقـد بتاريخ 7 دجنبر 2017. ومـن ثم ستسعـى هذه الدراسـة إلـى رصـد جملـة من الاختلالات التي ما زالـت تعتـري القانون رقم 41.10 المحـدث لصندوق التكافـل العائلـي، وذلك في ضوء مشروع القانون المرتقـب، الذي وصفتـه المذكرة التقديميـة المعـدة من طـرف وزارة العـدل، بأنـه " مشـروع مجتمعـي"، يصـدق في حقـه قـول الشاعـر: " ألقــابُ مملكـة في غيـر موضعهـا *** كالهـرّ يحكـي انتفاخـا صولـة الأســد ". وهذه حزمـة من الإشكالات القانونية والعمليـة المرتبطة بصندوق التكافـل العائلـي في ضوء الإصلاحات المحتشمـة، والتي نصوغهـا كالتالـي: أولا : أنه باستقراء مقتضيات مشروع القانون الجديد المعـدل للقانون رقم 41.10 المتعلق بصندوق التكافل العائلي، نجده أنـه قـد حـاول أن يوسـع من دائـرة المستفيدين من التسبيقـات الماليـة المقدمة من طرف الصندوق، وذلك لتشمـل الزوجـة المعوزة والأولاد مستحقـي النفقـة خـلال قيـام العلاقـة الزوجيـة، إلـى جانب الأولاد مستحقي النفقـة بعـد انحـلال ميثـاق الزوجيـة (المـادة الثانية من مشروع القانون رقم 83.17). بيـد أن محـاولات المشـرع هاتـه تظـل محتشمـة، ولا تعكـس إرادتـه من وراء إحداث هذا الصندوق، والمتمثلة في إقرار وتكريس مبدأ التكافل والتضامن العائلي بين أفراد المجتمع، حيث يظل الاسم الذي أطلق على هذا الصندوق ( صندوق التكافل العائلي) اسما شكليا طالما أنه يقصي فئات واسعة تدخل تحت مسمى "العائلة "، كالأطفال المهملين والوالدين المعوزين، والمرأة المطلقـة المعوزة غير الأم (التي لا تتوفـر على أبناء)، إذ تـم رصـد المخصصات المالية لهـذا الصندوق لدعـم أطفـال المرأة المطلقـة، وليـس لدعـم المرأة المطلقـة، التي ستظل تحت وطأة الفقـر والهشاشـة، مع العلم أن أغلب النسـاء المطلقـات لا يتوفّـرن على أي دخـل قـار. ثانيا : إن المشـرع المغربي، سواء في ضوء القانون رقم 41.10، أو في ظل المشروع المرتقـب، أقام تمييزا غير مبرر بين الأم المطلقة المعوزة وغير الأم المطلقة المعوزة (التي لا تتوفـر على أبناء)، حيـث تـم رصـد المخصصات المالية لهـذا الصندوق لدعـم أطفـال المرأة المطلقـة، وليـس لدعـم المرأة المطلقـة في حـد ذاتهـا، التي ستظل تحت وطئـة الفقـر والهشاشـة، مع العلم أن غالبية النسـاء المطلقـات لا يتوفّـرن على أي دخـل قـار، إذ جاء في المادة الثانية من مشروع القانون رقم 83.17 المعدل للقانون رقم 41.10 المحدث لصندوق التكافل العائلي على أنه : " يستفيد من التسبيقات المالية للصندوق إذا تأخـر تنفيذ المقرر القضائي المحدد للنفقـة أو تعذر لعسر المحكوم عليه أو غيابه أو عدم العثور عليه : مستحقو النفقة من الأولاد بعد انحلال ميثاق الزوجية وثبوت عوز الأم، مستحقو النفقة من الأولاد خلال قيام العلاقة الزوجية بعد ثبوت عوز الأم، مستحقو النفقة من الأولاد بعد وفـاة الأم، الزوجـة المعوزة المستحقة للنفقـة ". هذا التمييز نجد المشرع التونسي قد تجاوزه من خلال إحداثه صندوق ضمان النفقة وجراية الطلاق، المؤرخ في 5 يوليوز 1993 ، الذي نص من خلال الفصل الأول منه على أن : "إحداث صندوق لضمان النفقة وجراية الطلاق المحكوم بها لفائدة المطلقات وأولادهن حسب الشروط المنصوص عليها بهذا القانون"، هكذا لم يميز المشرع التونسي بين المستفيدة المطلقة الأم وغير الأم وكذا بين المعوزة وغير المعوزة، فالنفقة تعتبر من الديون الممتازة التي تتمتع بها النساء المطلقات بقوة القانون. ثالثـا : إذا كان مشروع القانون رقـم 83.17 المعدل للقانون رقم 41.10 المحدث لصندوق التكافل العائلـي، قـد متع أطفال الأم المعوزة المطلقـة وأطفال الزوجة المعوزة من الاستفادة من التسبيقات المالية للصندوق، فإنـه قـد أقصـى فئـات أخرى من الأطفـال، ما زالـوا يرزحون تحت وقـع القهـر والتهميـش الاجتماعـي، كالأطفـال المولودين خارج مؤسسة الزواج، مـع العلـم أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان، قـد تقـدم من خلال تقريره حول " وضعيـة المساواة والمناصفـة بالمغـرب"، بتوصيـة تتعلق بتوسيـع نطـاق الدعـم المقـدم في إطـار صندوق التكافـل العائلـي، ليشمل الأطفـال المولوديـن خارج إطـار الزواج. رابعــا : لقـد أظهـرت عمليـة تتبـع ومواكبـة تفعيـل صندوق التكافل العائلـي، هـزالة الحصيلـة الكميـة والكيفيـة المتعلقة بالمخصصات المالية التي تـم صرفهـا للفئـات المستفيدة، إذ عـرف عدد المقررات الصادرة عن محاكـم المملكة خلال 2013 ما مجموعـه 3600 مقـرر استفادة من مخصصات الصندوق، تمـت معالجـة 2932 ملفـا فقـط من طـرف صندوق الإيـداع والتدبير، بغـلاف مالي مجموعـه: 17.624.032,00 ( أي أقـل من 18 مليون درهـم)، من أصـل 160 مليـون درهـم المرصـودة لصندوق التكافل العائلي سنويا من ميزانيـة الدولـة. خامسـا : أن المشرع واجه الفئات المستفيدة من المخصصات المالية للصندوق بإجراءات مسطرية وإدارية معقدة ، مع العلم أن المستوى التعليمي لهذه الفئات ضعيف جدا ، كما قد تطول الإجراءات لتمتد شهورا، حيث إن شهادة العوز المسلمة من طرف الوالي أو العامل قد لا تحصل عليها الأم المطلقة إلا بعد شهور من العناء جريا بين ردهات المصالح الإدارية، هذا على خلاف المشرع التونسي، الذي اكتفى فقط بالإشارة إلى ضرورة وجوب تقديم طلب الاستفادة مع إثبات قضية إهمال الأولاد . * باحثة بمختبر الدراسات الفقهية والقضائية وحقوق الإنسان جامعة سيدي محمـد بن عبد الله (فــاس)

اختلالات قانون صندوق التكافل العائلي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

التحقيق في وفاة مهاجرة بمراكش

تفكيك شبكة للتزوير بالرشيدية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات