فرصة تاريخية أمام البرلمان المصري ليعبر عن الثورة

يجب أن يشرك المصريين في صياغة مبادئ الدستور «برلمان الثورة وأمن المجتمع»، بينما تجد هذه الكلمات النور تكون آخر مراحل الانتخابات البرلمانية قاربت على الانتهاء بإعادة المرحلة الثالثة، ويبقى انعقاد البرلمان في أولى جلساته يوم 23 يناير الجاري لنسدل الستار على حقبة سوداء مرت بمصر ختمت بتزوير إرادة الشعب في آخر انتخابات أجراها الحزب الوطني المنحل في أكتوبر 2010. لا شك أن إتمام الانتخابات البرلمانية خطوة مهمة في طريق الاستقرار والتحول الديمقراطي الذي نؤمله بعد قحط واستبداد على مدى ثلاثين عاما، تفتح الطريق أمام خطوات أخرى مهمة تكرس الاستقرار والهدوء، مثل انتخاب الجمعية التأسيسية وخاتمة الإجراءات انتخاب رئيس مصري وطني يملك القدرة على أن يكون خادما للشعب، راعيا لحقوقه.أمام هذا البرلمان فرصة تاريخية ليحظى بأن يكون فعلا «برلمان الثورة»، معبرا عن رغبات الشعب وأمانيه وطموحاته، وحتى يصل البرلمان المنتخب إلى هذه الدرجة السامقة، عليه أن يعي أنه ثمرة تضحيات الشهداء الذين قضوا نحبهم من أجل حرية شعب وأحلام أمة، عليه أن يقرر في أولى جلسات انعقاده امتنانه للشهداء ويقدم التحية الواجبة لهم ولذويهم وأسرهم، بالإعلان قدما عن تعقب الجناة المجرمين، الذين قتلوا أبناءنا عمدا مع سبق الإصرار والترصد، وبذل الوسع من أجل إنجاز محاكمات عادلة وحقيقية وسريعة دون تسويف أو مجاملة أو تستر أو حماية، لن يرضى الشعب كله، ليس فقط ذوي الشهداء، بغير القصاص وإنزال العقوبات الرادعة. هذه رسالة البرلمان الأولى التي ينبغي أن تصل إلى الجميع.على البرلمان أن يضع في أولوياته تصفية كل الأمور العالقة الخاصة بالشهداء وأسرهم والمصابين، بصرف كل مستحقاتهم وكفالة العلاج الكامل على أرفع مستوى، فقد كنا نرى امتيازات للأثرياء والأباطرة الذين يكنزون الأموال.إذا أراد البرلمان أن يكون معبرا فعلا عن الثورة، ناطقا بلسانها، عليه أن يٌشرك «الأمة المصرية»، بكل ألوان الطيف السياسي، في صياغة مبادئ الدستور المرتقب، الدستور عقد اجتماعي يرعى علاقات كل أطراف المجتمع وينظم الحقوق والواجبات للجميع، يعمق مضامين المواطنة على قاعدة المساواة.الحقيقة أن إشارات وردت من قيادات حزب الحرية والعدالة في تصريحات أكدت الحرص على مشاركة الجميع في صياغة الدستور، تبقى ترجمة هذه التصريحات لمبادئ وخطوات تنفيذية، وفي المقابل لابد أن يتوقف المتربصون المنافسون خصوم التيار الإسلامي عن غمز ولمز «أحزاب الأغلبية» في هذا الصدد، لا ينبغي للخلاف السياسي أو العقائدي أن يكون دافعا للنقد وتكوين الاحتقان بين المواطنين.أعتقد أن قيادات «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية للإخوان، جادون في توجههم هذا، مخلصون في نواياهم حول إشراك جميع القوى السياسية في جمعية كتابة الدستور، خصوصا لو حررنا المسألة من النوازع الشخصية أو الحزبية، فلا يوجد اختلاف على بقاء المرجعية الدستورية المجتمعية، ممثلة في المادة الثانية من الدستور الملغى، بكون دين الدولة الإسلام واللغة العربية هي اللغة الرسمية والشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للدستور، إذن لا خلاف حول حزمة المواد التي تشكل باب الحقوق والحريات العامة.ولا خلاف أيضا حول ضرورة تقليص صلاحيات رئيس الجمهورية المقررة في دستور 71، التي تؤيد بقاءه في الحكم وتمنحه سلطات كارثية تحوله إلى فرعون، فلا مجال لمولد فرعون جديد في مصر، يبقى أن نبلور «طعم الدولة أو لونها» في حزمة المواد التي تحدد شكل الحكم كونه رئاسيا أو برلمانيا، وأظن أيضا أن الرأي الراجح أو الغالب يكمن في تغليب النظام المختلط، الذي يجمع بين الرئاسي والبرلماني بنكهة رئاسية أو طعم رئاسي، وأظن أيضا أن الرأي الغالب يتمحور في ضرورة إلغاء ما يسمى «مجلس الشورى»، فهو يكلف الخزينة مبالغ طائلة ترهق الدولة المصرية الجديدة. ويغني عن شورى المجلس بكفاءات تكنوقراط موجودين بالفعل في مناصب «مستشار الوزير» أو «مستشار الرئيس». لا يوجد ما يبرر تفرد «الأغلبية الإسلامية» بصياغة الدستور، إذ لا حاجة لهم بذلك، فقط علينا أن نمنحهم حقهم في فرصة حصلوا عليها باختيار حقيقي لأول مرة في تاريخ مصر.علينا واجب مهم في الفترة المقبلة، أن نقدم العون الصادق والمخلص «للقضاء المصري» حتى يستطيع استعادة ثقته في نفسه، ومن ثم استعادة الشعب الثقة فيه، وحتى يبقى قادرا على تطهير نفسه بنفسه من قلة سارت في ركب السلطة. علينا إدراك أن وجود قضاء مستقل هو الضمانة الحقيقية لاستقرار الأوضاع وشعور الشعب بتوفر حماية جدية متمثلة في سلطة قضائية، لقد تفوق القضاء المصري على نفسه، ورغم كل الصعوبات التي قابلته وقلة الإمكانيات، في إدارة أنجح انتخابات برلمانية في التاريخ الحديث، يستحق معها التحية رغم كون القضاء لا يقدح فيمدح. بقلم: منتصر الزيات عن موقع «المصري اليوم»

فرصة تاريخية أمام البرلمان المصري ليعبر عن الثورة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الحكومة المصرية والمجلس العسكري لم يرتبا استقبالا لإسماعيل هنية

"أولاد حـارتـنـا" تـتـحـول إلـى فـيـلـم

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات