زيـوت قـلي مسـرطـنـة

مطاعم تستعملها أكثر من ثلاث مرات وضعف المراقبة يزيد من تهديد صحة المواطن مطاعم ومحلات للأكل تكرر استخدام زيت القلي طيلة الأسبوع، بغرض كسب المزيد من الأموال دون مراعاة لشروط السلامة الصحية، لكن الضحية هو المستهلك لأن القلي بالزيوت أكثر من ثلاث مرات يجعلها تتوفر على مواد تسبب أوراما سرطانية تظهر بعد سنوات. "عندما تدق ساعة الجوع، لا طعام سيئ" مثل ياباني يحمل بين معانيه الفلسفية العميقة، دلالات اقتصادية قوية، حول تنامي الطلب على "الوجبات السريعة" والإفراط في استهلاكها، مما شكل بيئة سانحة لتكاثر مطاعم ومحلات الأكل الخفيف، التي تستغل تزايد الإقبال على منتجاتها من أجل مضاعفة الأرباح على حساب السلامة الصحية للمستهلكين. "الغالب الله ميمكنش ليا ناكل جميع الوجبات في الدار، الخدمة كتخليني نبقا النهار كامل على برا" بلكنته السوسية يجيب سعيد وهو مسؤول في مكتبة دراسية، عن سبب إقباله على الوجبات السريعة، ويضيف "الماكلة فالمحلات ولات عادة يومية من نهار جيت نخدم فكازا". زيوت مسرطنة عاينت "الصباح" مجموعة من المحلات الشعبية بالبيضاء التي تستخدم زيت القلي في إعداد الوجبات، فوجدت أن الانتباه إلى صلاحيته هو آخر اهتمامات أصحاب هذه المحلات، حيث يتكرر استخدامه طيلة الأسبوع في مخالفة لنصائح الأطباء بعدم استعمال زيت القلي أكثر من 3 مرات. يكمن خطر زيت القلي في أضراره الصحية البعيدة المدى، فعملية تكرار استخدامه تتسبب في الإصابة بالعديد من الأمراض السرطانية، ذلك أن هنالك عدة عوامل تساعد على ظهور السرطان منها العامل الجيني والبيئي وعامل الأدوية والعامل الغذائي، وهنا نتحدث عن زيوت الطهو التي تطرح إشكالية كبيرة، الأمر الذي يؤكده بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، موضحا أن الأمراض الناتجة عن زيت القلي تكون مزمنة، فهي ليست مثل حالات التسمم العادي وإنما تتطلب من 5 سنوات إلى 15 سنة لتصيب المستهلك. القلي أكثر من سبع ساعات يقر عدد من العاملين بالمطاعم في حديث مع "الصباح" باستخدام الزيت في عملية القلي لأكثر من 7 ساعات يوميا وإضافة زيت جديد كلما نقصت الكمية المستخدمة، وقبل الإغلاق يصفى زيت القلي من الشوائب كبيرة الحجم لإعادة استخدامه في اليوم التالي، ما يؤشر على مخاطر حقيقية تهدد صحة المستهلكين للمأكولات المقلية. في هذا السياق، يؤكد عبد الخالق الرمضاني، اختصاصي في التغذية، أن أغلبية زيوت القلي تتوفر على دهنيات، وبتعرضها للحرارة والشمس والهواء تقع عملية أكسدة تؤدي إلى تغيير موادها، وينتج عن هذا التفكك تحول الدهنيات إلى مواد جديدة عصية على الهضم ذات تأثيرات سلبية على المعدة، حيث تؤدي إلى صعوبة في الهضم وقد يصل الأمر إلى التقيؤ. ويضيف الرمضاني في إفادته لـ "الصباح": "زيوت القلي يجب أن تستبدل بشكل دوري، حيث يجب ألا تتجاوز أكثر من أربع مرات في الأسبوع لأن من شأن ذلك أن يؤدي إلى الإصابة بأمراض متعددة كالسمنة والضغط الدموي والسكري والقلب وغيرها، ثم إن مراقبة درجة حرارة زيت القلي مهمة جدا لأن ذلك يقلل من الإصابة بالأورام السرطانية مثل البروستات والثدي والحلق". يبرر صاحب مطعم، بشارع إبراهيم الروداني، استخدام زيت القلي أياما متتالية بارتفاع نفقات تسيير المطعم وأداء نفقات العمال، قائلا "أنا منقدرش نرمي الزيت، كل حاجة غالية وإلى رميتو يوميا غادي نخسر". في مقابل ذلك، التقينا بصاحب محل لقلي الأسماك، وسط المدينة، والذي قال لـ "الصباح" إنه "يغير الزيت كل صباح حتى لا يترك أي رائحة غير مرغوبة تجعل الزبون ينفر من المحل". في المقابل يشرح حمدون الحسني، متخصص في أمراض الغدد والتغذية، طرق الوقاية من التسمم الغذائي، قائلا "ينبغي عدم تجاوز 100 درجة من الحرارة في قلي الزيت بمعدل ثلاث مرات فقط، وعند تراكم بعض المواد السوداء في الحواشي لابد من استبدال الزيت بدلا من إزالة المواد الضارة". هذه الإجراءات لا تقلص من مخاطر التعرض لتسمم غذائي، حسب رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، الذي نبه أصحاب المطاعم إلى الأخذ بعين الاعتبار طبيعة زيت الطهو، فمثلا الزيوت المصنعة المعروفة بزيوت المائدة تسهم في الإصابة بداء السرطان، في حين أن الطهو بالزيوت ذات الأصل النباتي الواحد كالصوجا والليمون يقلل من مخاطر الأورام السرطانية. اختلالات لجن المراقبة تعتبر المواد الغذائية العامل الثالث المساهم في ارتفاع حالات التسمم، حيث تشكل التسممات الغذائية 17 في المائة من مجموع التسممات بالمغرب، بناءً على ما صدر عن المركز المغربي لمكافحة التسمم واليقظة الدوائية، التابع لوزارة الصحة، السنة الماضية. أرقام تكشف ضرورة مراقبة المواد الفاسدة الموجهة للاستهلاك، حيث تمكنت المصالح التابعة للمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، خلال العام الماضي، من مراقبة مليونين و3700 طن من المنتجات الغذائية، وحجز وإتلاف 4700 طن من المواد الغذائية غير الصالحة للاستهلاك. تعتري عملية مراقبة المواد الفاسدة مجموعة من الفجوات، المرتبطة بعمل اللجان المختلطة التي تنسقها السلطات المحلية، ذلك أن مسؤولية مصالح السلامة الصحية لا تشمل الباعة المتجولين، لأن نشاط هذه الفئة غير قانوني، وبالتالي لا يخول لها التدخل لإبعادهم عن الشارع أو متابعتهم، فمصالح الأمن الوطني والدرك الملكي، المشاركة في اللجان الإقليمية هي التي تمتلك سلطة التدخل. يضاف إلى ذلك العمل الموسمي لهذه اللجان المقتصر على بعض المناسبات الاجتماعية كرمضان أو عيد الأضحى، وكذا الإمكانيات البشرية المحدودة. وفي هذا الإطار يطالب رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، بضرورة "مراقبة سلامة وجودة الزيوت سواء في المعامل أو الأسواق، وختم المنتجات بختم المكتب لنعرف أنها مراقبة، ثم توفير وسائل نقل خاصة بالزيوت، وكذلك إلزامية توفر أصحاب المحلات على دبلوم محدد". مشكل الباعة المتجولين نشاط الباعة المتجولين غير القانوني يعيد إلى الواجهة عدم قانونية الشكايات الموجهة ضدهم في ما يخص التسمم الغذائي، لأنها أماكن غير مرخصة. في هذا الإطار توصل محمد المغفري، رئيس الجامعة المغربية للدفاع عن حقوق المستهلك، بالعديد من الشكايات ضد أصحاب هذه الفئة، "إلا أن المتابعة القانونية مستحيلة لأنها أصلا أماكن غير مرخصة كما أن المشتكي ليست لديه حجة ضد هذه الفئة، بخلاف الأماكن المرخصة التي يحصل فيها المستهلك على الوصل الذي يشكل ملف المتابعة القانونية مرفقا بشهادة من الطبيب تبين الضرر الصحي" على حد تعبيره. مصطفى شاكري

زيـوت قـلي مسـرطـنـة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

والي الرباط يصفع البام

القضاء يؤكد صلاحية أدلة ابتزاز الملك

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات