قانون المسطرة الجنائية الجديد على المحك

يسعى إلى تقييد صلاحيات ضباط الشرطة القضائية مهما اختلفت الآراء حول جهاز الشرطة القضائية، فإن له أدوارا طلائعية في الحفاظ على الأمن والاستقرار، ومحاربة ظواهر الجريمة والانحراف. والمؤكد أن عمل هذا الجهاز سيعرف طفرة نوعية من حيث الجانب الحقوقي، بعد الاهتمام الكبير بهذه المسألة من طرف المشرع المغربي، في قانون المسطرة الجنائية الجديد، وذلك بتحديد صلاحيات الشرطة القضائية، وتقنين تدخلاتها. كما أن من شأن لقانون المسطرة الجنائية أن يساهم في الحرص على النزاهة في عمل عناصر الشرطة القضائية، وتفادي الانزلاق في أي مطبات قانونية، كما يتضمن نصوصا زجرية لردع رجال الأمن المخالفين، وإرغامهم على احترام القانون، بدل التصرف بعشوائية. وشدد أحد المهتمين على أنه من أجل تطبيق سليم لمقتضيات القانون الجديد، يجب تضافر جهود جميع المسؤولين، والحرص على الجدية والصرامة في احترام القانون، وتعليمات المسؤولين الإداريين.وحتى يواكب قانون المسطرة الجنائية الجديد تطلعات المرحلة ورهانات الظرفية، تم الحرص على إعادة النظر في صلاحيات ضباط الشرطة القضائية، خصوصا في ما يتعلق ببعض الفصول التي تشجع على ممارسات الشطط وتلفيق التهم المجانية، وطبخ المحاضر، كما هو الشأن بالنسبة إلى الجنح التي لا تحتاج إلى أكثر من شهادة ضابط، للزج بصاحبها في السجن.ويرى رجال قانون أن النصوص لا تكفي، والمقاربة الرقابية وحدها غير مجدية، ولضمان إصلاح فعال وحقيقي، يتوجب التفكير في وضع استراتيجية فعالة لدعم جميع العناصر المشتغلة في جهاز الشرطة القضائية، وذلك عن طريق توفير جميع الإمكانيات والوسائل المادية واللوجستية التي يحتاجونها لأداء مهامهم، كما يجب النظر بعين الاعتبار إلى أهمية التعويضات المالية عن الجهود التي يبذلونها، وذلك من أجل تحفيزهم وتشجيعهم.تدخلات بعض رجال الشرطة القضائية، في إطار عملها الاعتيادي، قد تكون إحياء تصرفات قاتلة ومتهورة، تجلب على الدولة برمتها مشاكل كبيرة. ما حصل قبل نحو ثلاث سنوات في مدينة صفرو، والمشاكل الأمنية والاجتماعية التي ترتبت عنها، خير دليل على ذلك.فقد ساهم جهاز الشرطة القضائية، الذي يلعب أدوارا أساسية في استتباب الأمن ومحاربة الظواهر الإجرامية، من جانبه في سنوات الجمر والرصاص التي شهدها المغرب سنوات السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، فقد كانت عناصره تنسق مع الاستعلامات، التي تهيئ الملفات، وتعد لوائح بأسماء مناضلي الأحزاب اليسارية الراديكالية ومتزعمي الحركات المتشبعة بأحلام الثورة، لتباشر مداهمات وعمليات اعتقال. وحتى لا تظل الشرطة القضائية أداة قوية في أيدي بعض أقطاب السلطة، حرصت مديرية الشؤون الجنائية والعفو، تحت إشراف وزارة العدل، على تطويق صلاحيات الشرطة القضائية بإضافة صلاحيات جديدة إلى النيابات العامة، حتى تظل معظم تصرفاتها خاضعة للمراقبة.الأبحاث والتحريات التي أجريت لتحديد ملابسات كشفت بالملموس أن الأمر ناتج عن ممارسات الشطط التي يقوم بها بعض رجال الأمن في حق المواطنين، وشرارة الغضب الأولى انطلقت بعد أن أقدم عميد شرطة على إهانة مجموعة من الأشخاص، كانوا يريدون القيام بوقفة احتجاجية سلمية لإطلاع المسؤولين المحليين على وضعياتهم الاجتماعية المزرية مع غلاء المعيشة وقسوة ظروف الحياة، فاندلعت الأحداث، التي تسببت في إثارة مسلسل من الشغب والقلاقل، لم تنته إلا بشق الأنفس.وبتعبير أحد المتتبعين، فإن «مثل هؤلاء المسؤولين يعتبرون أنفسهم فوق القانون، ويعتقدون أن جميع المواطنين المغاربة يجب أن يكونوا تحت سيطرتهم وبطشهم»، لذلك وجب وضع حد لتجاوزات البوليس في قانون المسطرة الجنائية.ورغم الأدوار الطلائعية التي تلعبها الشرطة القضائية في خدمة الأمن والاستقرار ومحاربة ظاهر الجريمة والانحراف، فإن بعض عناصرها غالبا ما يتورطون في انزلاقات، سواء بسوء نية، أو عن غير قصد. كما أنها، أمام ضعف المراقبة والتشريع، قد ترتكب أخطاء مهنية جسيمة، لا تحاسب عليها، وإنما يدفع آخرون ثمنها. وزارة العدل، الوصية على النيابات العامة، انتبهت منذ فترة إلى خطورة هذا الأمر، ووجهت، قبل إقدامها على تعديل قانون المسطرة الجنائية، منشورا إلى الوكلاء العامين لدى محاكم الاستئناف ووكلاء الملك لدى المحاكم الابتدائية، يحمل توقيع محمد النبوي، مدير مديرية الشؤون الجنائية والعفو، يحذرهم فيه من انزلاقات الشرطة القضائية، وتجاوز صلاحياتها.وجاء في المنشور الوزاري «لقد بلغ إلى علمي أن الشرطة القضائية تقوم، استنادا إلى تعليمات النيابة العامة، باستدعاءات في قضايا تكتسي طابعا مدنيا»، مع أن الشرطة تتعامل مع المعنيين كما لو كانوا متورطين في جرائم.وطالب وزير العدل ومدير الشؤون الجنائية، من الوكلاء العامين ووكلاء الملك، بإجراء التحريات والأبحاث، نظرا لما لهذا الموضوع من أهمية، وخطورة في الآن نفسه. ودعا الوزير والمدير رؤساء النيابة العامة إلى التقيد بمقتضيات القانون وتنفيذها بكل دقة، وأن يطلعوا نوابهم عليها، مع الرجوع إلى الوزارة في كل ما قد يعترضهم من صعوبات في تنفيذها. محمد البودالي

قانون المسطرة الجنائية الجديد على المحك

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

حق المتهم في الصمت...امتحان جديد لضباط الشرطة القضائية

المهام الجديدة للنيابة العامة في القانون الجديد

مقالات ذات صلة