دراسة: اختصاص المحكمة التجارية للنظر في عقد بيع عقار (2/2)

كلما كان العقد مختلطا كما في نازلة الحال فإن الخيار في تحديد المحكمة المختصة متروك للمتقاضي تقدم مدع بمقال إلى المحكمة الإدارية بأكادير من أجل إلغاء قرار مؤسسة العمران الرامي إلى مراجعة الثمن للبقعة التي استنفاد منها من 900 درهم للمتر المربع إلى 2100 درهم للمتر المربع. وتقدمت شركة العمران بدفع الاختصاص النوعي على أساس أنها شركة تجارية تأخذ شكل شركة مساهمة، وبالتالي فهي شركة من أشخاص القانون الخاص، مما ينعقد معها الاختصاص للقضاء العادي لا القضاء الإداري. مما لا شكا فيه، أن محكمة الاستئناف العادية ملزمة بإيقاف البت في الموضوع، إلى حين نظر الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى.لأن الوضعية ستكون غير مستساغة من الناحية القانونية لو فصلت في الموضوع تأييدا أو إلغاء، وقضى المجلس الأعلى بعدها بعدم الاختصاص، مما تكون معها قد فصلت موضوعا في قضية خارج اختصاصها النوعي.ولمحكمة الاستئناف العادية، أن تقضي بإلغاء الحكم المستأنف موضوعا، وتقرر إحالة الملف على المحكمة المختصة إعمالا لقضاء المجلس الأعلى. وإن قرر المجلس الأعلى رد الاستئناف المقدم بشأن الاختصاص النوعي، ففي هذه الحالة، تواصل النظر في الموضوع، ويمنع عليها بالتالي مناقشة نقطة الاختصاص النوعي الذي سبق عرضه أمام المجلس الأعلى، كما يحظر على قضاء المجلس الأعلى أن يعيد عرض نقطة الاختصاص أمامه وهو ينظر في الطعن بالنقض ضد القرار الاستئنافي لمحكمة الاستئناف. الفرضية الثالثة: أن تحكم المحكمة الابتدائية باختصاصها نوعيا، وتقضي في الموضوع برفض الطلب.ويقبل هذا الحكم الطعن بالاستئناف أمام الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى في الشق المتعلق بالاختصاص النوعي من طرف المتمسك به، والطرف المدعي الذي رفض طلبه، له أن يطعن في الاستئناف أمام محكمة الاستئناف العادية، ونميل إلى أن الطعن أمام الغرفة الإدارية موقف لإجراءات الفصل في الموضوع أمام محكمة الاستئناف العادية.وقد يقع الدفع بعدم الاختصاص النوعي لإدارية النزاع أمام المحكمة التجارية، وهل الحكم الصادر عن هذه الأخيرة، يقبل الطعن بالاستئناف أمام محكمة الغرفة الإدارية للمجلس الأعلى باعتبار الفصل 13 من قانون 41/90 عام و شامل لجميع المحاكم العادية، أمام محكمة الاستئناف التجارية في إطار مقتضيات الفصل 8 من قانون 93/95 المحدث للمحاكم التجارية.ما درج عليه العمل القضائي انعقاد صلاحية البت في نقطة الاختصاص لمحكمة الاستئناف التجارية، ولو تعلق الدفع بإدارية النزاع، و أصبحت بذلك تقوم بوظيفة الغرفة الإدارية في حل إشكالية التنازع، وهذه الوظيفة لا تملكها محكمة الاستئناف العادية.وما يعيق إحالة هذا النزاع أمام المجلس الأعلى ما استقر عليه الأخير من أن نقطة الاختصاص النوعي متى فصلت فيها محكمة الاستئناف التجارية لا يقبل أي طعن عاد أو غير عاد، ولو وقع الطعن بالنقض وهذا الموقف لا نميل إليه.وفي القرار موضوع التعليق، عرض النزاع أمام المحكمة التجارية عملا بقرار الإحالة من الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى القاضي بإلغاء حكم المحكمة الإدارية التي قضت باختصاصها، على اعتبار أن العقد الإداري موضوع النزاع، لا تتوفر فيه مقومات العقد الإداري.والسؤال المطروح أمام قضاء النقض، إذا كان العقد موضوع المنازعة لا تتوفر فيه مقومات العقد الإداري، فهو بالتالي عقد من عقود القانون الخاص، فهل يتعلق الأمر بعقد تجاري حتى ينعقد الاختصاص النوعي للمحكمة التجارية، أم عقد من العقود المدنية التي تختص بها المحكمة الابتدائية؟وللجواب على هذا السؤال كان على قضاة النقض البحث في معايير توزيع الاختصاص بين المحكمة الابتدائية قصد إعمال آثار الإحالة بعد إلغاء الحكم القاضي باختصاص المحكمة الإدارية.ومما جاء في تعليل القرار:أن العقد الرابط بين الطرفين يفتقر إلى مقومات العقد الإداري، لذا فإن المنازعة في أي شرط فيه كالمنازعة في الثمن كما في نازلة الحال- هي منازعة ذات طابع تجاري محض، مما يعود اختصاص النظر فيه إلى القضاء التجاري.ويقتضي هذا التعليل إبداء ما يلي:1 - أن عقد البيع عقد مدني صرف ويبقى من اختصاص المحاكم الابتدائية.2 - أن عقد البيع قد يخرج من صبغته الأصلية المدنية ليصبح عقدا تجاريا بطبيعته، إذا تحققا شرطان مجتمعان:1 - أن يكون أطراف العقد تجارا.2 - أن يكون هذا العقد متعلقا بأعمالهم التجارية. وإذا تحقق هذان الشرطان في عقد البيع، خرج من نطاق اختصاص المحكمة الابتدائية إلى اختصاص المحكمة التجارية عملا بالفصل 5 من قانون إحداث المحاكم التجارية.وقد يكون العقد تجاريا بشكله، إذ أصبغ عليه المشرع صبغة العقد التجاري بصريح النص. ولقد عدد المشرع حصرا أنواع العقود التجارية الشكلية في عدة نصوص قانونية، و أعفى القاضي من البحث في معياري تكييف العقد من العقد المدني إلى العقد التجاري. ولا يعتبر عقد البيع من العقود التجارية الشكلية ويخرج بالتالي من اختصاص المحاكم التجارية. 3 - أن عقد البيع الذي تبرمه شركة تجارية موضوعه تفويت عقار للسكن لا يعتبر عقدا تجاريا، لان تجاريته تقتضي أن تتحقق الصفة التجارية في الأطراف وفي الموضوع، وبذلك التكييف لا يتوقف على معيار واحد و هو تجارية أحد الأطراف.4 - وقد يكون العقد عقدا مختلطا، حيث يعد عملا تجاريا بالنسبة إلى الطرف التجاري وعملا مدنيا للطرف المدني، ففي هذه الحالة، فإن الطرف التجاري لا يحق له أن يقاضي الطرف المدني أمام المحكمة الابتدائية، في حين أن الطرف المدني محق في مقاضاة الطرف التجاري أمام القضاء المدني أو أمام القضاء التجاري، و لا يحق للطرف التجاري أن يدفع بعدم الاختصاص النوعي أمام القضاء التجاري لأنه يقاضى أمام المحكمة التي أسست للنظر في نزاعاته أصلا.ويستفاد من هذه القواعد القضائية، انه كلما كان العقد مختلطا كما في نازلة الحال، فإن الخيار في تحديد المحكمة المختصة متروك للمتقاضي الطرف المدني.ويظهر أن قضاء المجلس الأعلى في القرار المطعون فيه لم يستحضر المرجعية التشريعية الدقيقة لاختصاص القضاء التجاري في علاقته مع القضاء المدني من جهة، واعتمد المعيار العضوي/العمل التجاري كمناط لاختصاص القضاء التجاري من جهة، ومن جهة أخرى مارس حق الخيار المتروك للمتقاضي في تحديد المحكمة المختصة، وقرر إحالتها على القضاء التجاري مؤكد الاستثناء بدلا عن الأصل الممثل في القضاء المدني. عمر أزوكـــــــــار: محام بهيأة البيضاء

دراسة: اختصاص المحكمة التجارية للنظر في عقد بيع عقار (2/2)

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

ألفا بلوندي يسطع في سماء "أزلاي" بورزازات

اتهام الجمعية المغربية للمرأة القاضية بالتبعية

مقالات ذات صلة