الإجهاض السري يدر ملايين الدراهم

أسعار العمليات تتراوح ما بين 4 و15 ألف درهم وتجرى في عيادات ومصحات ومنازل يشكل مجتمع الطابوهات مرتعا للسرية التي تدر بسببها فئات اجتماعية أرباحا طائلة ويعرض بسببها ضحايا الغالي والنفيس من أجل اتقاء شر "الفضيحة" خوفا من المجتمع.الإجهاض السري بالمغرب نموذج لطابو يرفض بسببه المجتمع الاعتراف بالواقع علنا، وإن كان يقر بوجوده حين يخلد إلى ذاته.لم يعد من المعقول الاستمرار في حجب شمس الحقيقة بالغربال، في ما يخص تنامي ظاهرة الإجهاض السري بالمغرب، والإحصائيات توضح ذلك. الأرقام المتداولة تتحدث عن 1000 حالة حمل غير شرعي، أو غير مرغوب فيه يوميا، وعن 500 إلى 600 حالة تجهض بشكل يومي من طرف أطباء متخصصين وغير متخصصصن، أومن خلال تناول الأعشاب المسهلة لذلك، أوباستعمال أدوات حادة أو تناول جرعات زائدة من الأدوية، و150 إلى 250 إجهاضا غير طبي، و50 إلى 100 حالة تتابع الحمل.وحسب دراسات ميدانية أشرفت عليها الجمعية المغربية لتنظيم الأسرة وأعلنت عن نتائجها بداية سنة 2008، فإن فئة النساء في سن الإنجاب المتراوحة أعمارهن ما بين 19 و49 سنة والتي تعتبر أكثر الفئات عرضة للأخطار المرتبطة بعملية الإجهاض، تشكل النساء المتزوجات منها 52 بالمائة، في حين تبلغ نسبة العازبات بنسبة 42 بالمائة، في حين تشكل المطلقات والأرامل 6 بالمائة، وبالتالي، وحسب هذه الدراسة، فالفتيات المراهقات أكثر عرضة لأخطار الإجهاض.حاول حزب العدالة والتنمية استغلال هذه الأرقام وتنظيم يوم دراسي حول الموضوع، إلا أن المقاربة الأخلاقية والدينية أثبتت عدم نجاعتها، والأفضل، حسب عدد من الأطباء والحقوقيين، أن يتصالح المجتمع مع ذاته فيعترف بظاهرة الأبناء غير الشرعيين وحتمية تقنين عملية الإجهاض كما حدث في أوربا المسيحية في وقت مضى.تجني مافيا الإجهاض السري بالمغرب ملايين الدراهم جراء اتساع دائرة فتيات ونساء يطلبن « ستر الفضيحة والعار» بسبب مواليد صنفوا في خانة غير الشرعيين حسب الدين وتقاليد وأعراف المجتمع، الذي يبدو متشددا مع هذه الفئات الاجتماعية، رغم أن مصير أغلبها لم يكن بيدها في اختيار انجاب مواليد، بن إكس، في جنح الظلام.قصص عديدة لنساء وفتيات أنجبن جراء « خطأ» في التقدير أو علاقة جنسية غير شرعية، أو اغتصاب أو من خلال ما يعرف ب» زنا المحارم».غالبية العينات التي سألنا عنها أحد أطباء أمراض النساء والولادة، تتحدر من الفئات الاجتماعية محدودة الدخل، بنسبة تزيد عن 50 في المائة لفتيات في مقتبل العمر وجدن أنفسهن ضحايا علاقات عاطفية مع أشخاص تخلوا عنهن لمجرد أن سمعوا بأنهن يحملن جنينا داخل احشائهن أو نتيجة نزوات جنسية عابرة.أما الفئات الأخرى التي تختار عملية الاجهاض السري لأسباب متعلقة بخطورة الإنجاب على حياتهن، فيؤكد الطبيب أن النسبة لا تتعدى 20 أو 30 في المائة، وغالبا ما يكون الإجهاض في المستشفى بأمر من الطبيب.يخبرنا طبيب أمراض الولادة أن عيادات مافيا الاجهاض السري تتكاثر في الأحياء الفقيرة والمتوسطة، معظمهم أطباء في بداية مشوارهم المهني يسعون بكل جهد إلى جني أرباح طائلة من وراء ممارسة هذا النشاط غير الشرعي مستغلين طغيان التوجه المحافظ داخل المجتمع ومنع القانون للإجهاض من أجل القيام بأعمالهم في جنح الظلام، وغالبا ما يكون هؤلاء مدعومين بجهات تعمل في مصحات أو وسطاء نساء تربطهن علاقات ممتدة مع فتيات من بائعات الهوى، واللائي يقمن بجلب الزبائن للطبيب، الذي قد يجني في اليوم الواحد ما بين 4 آلاف و 15 ألف درهم بالنسبة إلى العملية الواحدة، ويزيد المبلغ بحسب إذا ما كان الحمل قد تجاوز عشرة أسابيع، وهو ما يجعل متوسط دخل الطبيب الذي يجري مثل هذه العمليات يتراوح في المتوسط ما بين 15 و20 ألف جرهم يوميا، أي بمعدل يفوق 30 مليون سنتيم في الشهر ويزيد عن 300 مليون سنتيم سنويا.الأرقام التقريبية لأرباح ممتهني هذا النشاط غير الشرعي لا يمكن تدقيقها، حسب المصدر ذاته، لأن حالات «الكورتيج» تبقى غير معلنة، ويتم سرا بعيدا وبوسائل متعددة.هناك أطباء أصبحوا مختصين فقط في إجراء عمليات الإجهاض السري، وهناك من توقف بعد أن حقق مداخيل مالية مهمة في بداية مشواره المهني، إلا أن هناك بالمقابل «تساهل» من قبل السلطة نفسها مع تتبع الظاهرة وملاحقة المافيا التي تتحكم فيها، يخبرنا مصدر حقوقي، أن عيادات أطباء ومصحات معروفة متهمة بالقيام بمثل هذه الأنشطة خاصة في المدن التي تكثر فيها الدعارة، إلا أن ذلك لا يعني أن الأمور تقف عند فضاء التطبيب بل قد تطول حتى المنازل والفيلات.العمليات التقليدية في الإجهاض لم تعد قائمة، بل هناك عقاقير تسهل عملية الإجهاض تستورد من أوربا، تستعمل من قبل الطبيب ل «إخراج الجنين» يسبقها تخدير للمرأة الراغبة في الإجهاض.هناك أيضا حالات عديدة لفتيات ونساء يجهلن أنهن حوامل، يقصدن الطبيب صدفة فيكتشفن أنهن يحملن اجنة غير شرعية منذ شهور، أغلب حالات من هذا النوع، لا يقصدن الطبيب بعد انقطاع الدورة الشهرية إلا بعد فوات الأوان، أي بعد بداية تشكل الجنين، وفي حالات من هذا النوع، يخبرنا أحد الأطباء، يقوم الطبيب بإخبار المريضة بأنها حامل منذ شهور، وهو ما يجعل الأخيرة في حل من أمرها، إما اختيارمكان بعيد عن الأهل من أجل الولادة أو» التغطية على الفضيحة» بالقيام بالإجهاض السري الذي تبقى طريقه معروفة لدى عدد من وسيطات وممتهنات الدعارة على وجه الخصوص. التعامل مع الظاهرة بمنطق الحملات محدودة الأثر والتي تليها ملاحقات قضائية للجناة، لن سعف في الحد منها رغم مخاطرها الجمة على حياة المرأة. كما أن غياب الاجتهاد الفقهي في هذا الباب، خاصة في الحالات التي يكون فيها الجنين لم يتشكل بعد، أو في الحالات التي تكون فيها المرأة تعرضت لاغتصاب من قبل قريب أو شخص آخر، يجعل الظاهرة في تنامي مستمر حسب المعطيات المتداولة والتي تتجاهلها وزارة الصحة، إذ أن الطرف المستفيد من عدم مواجهة الظاهرة من خلال تقنين حالات الإجهاض وشروطه، هي مافيا الإجهاض السري. رشيد باحة

الإجهاض السري يدر ملايين الدراهم

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الشنا: الإجهاض ضروري في الحالات القصوى

نساء حائرات بين الإجهاض السري والتحول إلى أمهات عازبات

مقالات ذات صلة