الحجيوي: الصراع وراء تداخل الدورتين

الجامعي قال إن التحكم في زمن الدورة يتوقف على توافق الدولة والأحزاب قال نجيب الحجيوي، رئيس شعبة القانون العام في كلية الحقوق بسطات، إن من الطبيعي أن يستأنف البرلمان أشغاله في دورته العادية للحسم في مشاريع القوانين التي لم يتم البت فيها في الدورة الاستثنائية. وأضاف الحجيوي أن التحكم في زمن هذه الدورة العادية التي ستستمر أقل من شهر تقريبا يتوقف على مدى توافق الدولة والأحزاب حول هذه القوانين بشكل يضمن تدبير هذه الفترة الانتقالية، كما عرج الحجيوي على ظاهرة الغياب والصراعات التي تعرفها قبة البرلمان، وفي ما يلي نص الحوار: افتتحت مساء يوم الجمعة الماضي أشغال الدورة التشريعية العادية، علما أن الدورة الاستثنائية مازالت لم تختتم، هل تتصورون أن الحاجة ملحة لاستمرار انعقاد الدورة الاستثنائية؟من الناحية الدستورية، لا يمكن أن تستمر الدورة الاستثنائية حتى ولو لم تتمكن من تصريف جدول أعمالها الذي وضعته عند افتتاحها، لأن حلول الدورة العادية يلغيها بالضرورة حتى ولو لم يصدر مرسوم لختمها.شيء طبيعي أن يستأنف البرلمان في دورته العادية أشغاله للحسم في مشاريع القوانين التي لم يبت فيها بشأن استثنائي، وأعتقد أن هذا التداخل بين الدورتين الاستثنائية والعادية يرجع بالضرورة إلى النقاشات والصراعات الحادة سواء بين الدولة والأحزاب، أو بين الأحزاب في ما بينها حول القوانين المؤطرة للانتخابات التشريعية.زد على ذلك أن السرعة التي تمت بها صناعة هذه القوانين من قبل وزارة الداخلية خلقت ارتباكا واضحا لدى الدولة والأحزاب والمواطنين والباحثين، خصوصا أن الجميع يريد تنزيل ما جاء به الدستور من ضمانات وحريات على أرض الواقع.كيف تتوقعون أن تكون الأجواء تحت قبة البرلمان خلال هذه الفترة "الانتقالية"؟ أعتقد جازما أن تستمر الأجواء نفسها خلال الدورة العادية بسبب استمرار النقاشات والصراعات حول مشاريع قوانين، خصوصا تلك المتعلقة بالمسألة الانتخابية.فنحن إزاء زمن سياسي ضاغط على الدولة والأحزاب، فالتحكم في زمن هذه الدورة العادية التي ستستمر أقل من شهر تقريبا يتوقف على مدى توافق الدولة والأحزاب حول هذه القوانين بشكل يضمن تدبير هذه الفترة الانتقالية، وهذا الزمن السياسي الذي سيلقي بظلاله بدون أدنى شك على الاستحقاقات المقبلة المقرر إجراؤها يوم 25 نونبر، فالسؤال الذي يجب طرحه وتدبيره بهذا الخصوص هو كيفية التوفيق بين الضغوطات الزمنية من جهة، وإنتاج توافقات وتعاقدات بين الدولة والأحزاب من جهة ثانية؟ ثم ضمان جودة القوانين المؤطرة للانتخابات المقبلة. وأعتقد أن هذا المثلث متساوي الأضلاع يتضمن العديد من الرهانات والتحديات ومشروط بقدرة الدولة على ترويض وتدبير الخلافات القائمة حاليا ثم مشروط أيضا بإرادة الأحزاب على نسج تحالفات موضوعية وقوية ومفهومة وليس وفق سياسات ديماغوجية تخدم المصالح الضيقة.لكن ألم يكن حريا بالحكومة أن تفكر في صيغة أخرى لتفادي الارتباك الذي سيحصل على مستوى المؤسسة التشريعية، وهناك احتمال كبير أن تكون لغة الغياب هي الطاغية، وبالتالي ستتعذر مناقشة مشاريع القوانين المبرمجة خلال دورة أكتوبر بالشكل الكافي؟صحيح لأن ظاهرة الغياب داخل البرلمان معطى ثابت في تاريخ الممارسة البرلمانية بالمغرب. هناك برلمانيون اختاروا منذ مدة البقاء في دوائرهم التي سينتخبون فيها، خصوصا الذين يوجدون في مناطق بعيدة، ومن هنا يطرح سؤال حول ما ستضيفه هذه الدورة التي ستنتهي بعد حوالي شهر من افتتاحها؟أبان الواقع المعيش أن ظاهرة غياب البرلمانيين غير مرتبطة فقط بلحظة التحضير للانتخابات، بل حتى في الحالات العادية، لذلك، نلاحظ أن البرلمان المغربي فاقد للروح، وليس له عمقا اجتماعي أو قيمة مؤسساتية، إذ يظهر كبنية تائهة وسط النظام السياسي والدستوري بالمغرب، زد على ذلك أن هذا الغياب يمكن تبريره بغياب جزاءات في النظام الداخلي للبرلمان التي يمكن أن تفرض على كل برلماني ثبتت في حقه غيابات متكررة دون مبرر موضوعي. إنها ظاهرة تسائلنا جميعا، وتتطلب إجراءات حاسمة لإعادة الروح والدفء إلى المؤسسة البرلمانية حتى تتمكن من ممارسة الصلاحيات القوية التي منحها إياها الدستور الجديد. بمناسبة الحديث عن دورة البرلمان، كيف تتوقعون تشكيلة البرلمان المقبل، وهل بإمكان الأحزاب التي تحالفت في إطار التحالف من أجل الديمقراطية، أن تتبوأ المكانة التي تسمح لها بأن تحتل الصدارة في برلمان ما بعد 25 نونبر؟إن منطق التحالفات بالمغرب يشكل بالنسبة إلى الباحثين صعوبة بالغة، لأن مثل هذه التحالفات البهلوانية والهجينة تبقى بعيدة كل البعد عن فلسفة التحالف، كما هو متعارف عليه في الدول الديمقراطية، أحيانا نستغرب ونتساءل عن ما يجمع تحالفا معينا لا يتوفر لا على هويات مشتركة، ولا على مرجعيات مشتركة، ولو حتى قناعات ومصالح مشتركة...، فالتحالف من أجل الديمقراطية مثلا الذي يجمع بين أحزاب اليمين واليسار والإسلامية، معارضة/أغلبية... بمثابة فسيفساء غير مفهوم وغير مبرر، هذا التحالف يستدعي وقفة سوسيولوجية وسياسية وفلسفية عميقة، ويطرح العديد من علامات الاستفهام وأسئلة من قبيل، هل هذا التحالف يستطيع خلخلة المشهد الحزبي والسياسي وعقلنته؟ أم سيزيد ضبابيته وتعقده؟ هل سيستمر هذا التحالف إلى ما بعد الانتخابات؟ أم سرعان ما سيصبح زوبعة في فنجان، وستبدأ رحلة البحث عن تحالفات أخرى؟ هل هذا تحالف من أجل الديمقراطية؟ أم تحالف من أجل تطويق حزب العدالة والتنمية وعزله؟ ربما هذه الأسئلة، أجوبتها غير واضحة وتطرح العديد من الأفكار التشكيكية حول النوايا الحقيقية لهذا التحالف.أما مسألة حصول هذا التحالف على أغلبية المقاعد، فهذا أمر مستبعد لعدة مؤشرات وأسباب، أولها أن قائد هذا التحالف، ألا وهو حزب الأصالة والمعاصرة، اهتزت صورته بشكل واضح من جراء الشعارات التي رفعتها الحركات الاجتماعية ضده وتوجهاته وبراءته السياسية، ثم إن الأحزاب الأخرى الملتحقة بالرباعي الأول ليست لها قاعدة انتخابية كبرى، ولا امتدادات مجتمعية ملموسة، زد على ذلك أن مشروع هذا التحالف غير واضح ولم يعلن عنه بعد، حتى ولو تم ذلك، فإن تباين وتناقض المرجعيات والمنطلقات يجعل إمكانية بلورة مشروع مجتمعي أمرا صعبا، بل مستحيلا. ارتباطا بموضوع البرلمان، هناك توجس من أن تفرز الانتخابات المقبلة نخبة شبيهة بالنخبة الحالية، إن حصل هذا، ولو بنسبة 80 في المائة، هل يمكن للمؤسسة التشريعية أن تساهم في تنزيل مقتضيات الدستور الجديد، التي تتطلب سن مجموعة من مشاريع القوانين التنظيمية تحت قبة البرلمان؟ أعتقد أن المؤشرات الحالية تتجه نحو تأكيد مطلب أساسي، ألا وهو استمرار الوجوه والنخب التقليدية نفسها، ذلك أن خلال التزكيات الممنوحة تؤكد أن الأحزاب السياسية لم تستطع القطع مع الممارسات السابقة، ولا تريد المغامرة بتزكية أطر جديدة لا تجربة لها ولا مال ولا ارتباطات مجتمعية ...، لأن سوسيولوجية الانتخابات بالمغرب تؤمن بالرجل القوي عوض الرجل المؤهل، بالرجل الذي ينفق أكثر، عوض الرجل الصالح أكثر، وبالرجل القادر على تحصين قلعته الانتخابية عوض فقدانها، زد على ذلك أن سيطرة منطق القبيلة والمال والارتباطات العائلية تؤشر على استمرارية النخب التقليدية العتيقة وتأجيل سؤال دوران النخب. أعتقد أن تغيير وجه البرلمان يتطلب بالضرورة جرأة وإرادة قوية أولا من قبل الدولة عبر فرض شروط صلبة في القوانين الؤطرة للانتخابات وللعمل البرلماني بشكل عام، ثم من الأحزاب لتزكية الأطر المؤهلة والبريئة ماديا وسوسيولوجيا ثم ثالثا من قبل المواطنين لاختيار الرجل الصالح في المكان المناسب، ولكن على المدى القريب، هناك صعوبة بالغة لبلوغ ذلك لأنه في المجتمعات المركبة مثل المغرب، لا جديد يولد بقوة ولا قديم يموت بسرعة. أجرت الحوار: نادية البوكيلي

الحجيوي: الصراع وراء تداخل الدورتين

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

إبراهيمي: نرحب بالبنوك الإسلامية

دورة أكتوبر... قصيرة في الزمن غنية في التشريع

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات