كناوة لم تكن موسيقى العبيد

الفنان محمد جبارة يكشف تفاصيل أغنيته الإفريقية الجديدة "هوسة مانو" قال الفنان محمد جبارة إنه بصدد تصوير «فيديو كليب» لأغنيته الجديدة «هوسة مانو» الذي يحتفي فيه بالموسيقى الإفريقية. كما كشف الفنان المغربي عن علاقته بموسيقى «كناوة» ومعلميها البارزين منهم الراحلان محمود غينيا وعبد الرحمن باكو، إضافة إلى تفاصيل أخرى تتعلق بمساره الفني تجدونها في هذا الحوار. < ما هو الجديد الذي تحضره في الفترة الحالية؟ < أنا بصدد تصوير أغنية جديدة بعنوان «هوسة مانو» انتهيت من تسجيلها، أستعيد فيها فن تاكناويت في علاقته بمنابعه الأصلية بالقارة الإفريقية خاصة قبائل «هوسة» بنيجيريا. < ما هي الفضاءات التي اخترت تصوير الأغنية بها؟ < ركزت في الغالب على الصويرة والمناطق المجاورة لها، بحكم العلاقة الوطيدة لهذه المدينة تاريخيا وفنيا بتاكناويت، كما أن الأغنية فيها استعادة لجانب من تاريخ هذا الفن العريق الذي يجب أن يصحح ويعاد النظر في ما يتم تبليغنا عنه. < مثل ماذا؟ < مثلا هناك صورة يراد ترسيخها عن فن كناوة بأنها موسيقى خاصة بالعبيد، وهي صورة تنم عن استعلاء استعماري في تكريس النظرة الدونية للمغرب باعتباره بلدا كان يعج بالعبيد وهي بطبيعة الحال نظرة خاطئة لا تمت بصلة للواقع التاريخي، إذ ببحث بسيط فيه يتبين أن من يصفونهم عبيدا كانوا أسرى حروب لمقاومة المستعمر الذي غزا بلدانا إفريقية عديدة، وكان يتم تصدير الأسرى باعتبارهم عبيدا، كما أن الفن الذي تحدر إلينا من هذه الفترة وحفظته لنا موسيقى كناوة، يعبر عن مزاج الشخصية الإفريقية، ومن حسن حظ المغرب أن هذه الموسيقى تشكل جزءا من تراثه ومؤشرا على التعدد والتنوع الذي يطبع فنونه. < الملاحظ أن الاهتمام بالفن الإفريقي صار «موضة» في المغرب خلال الفترة الأخيرة سيما بعد اختيار البلد المصالحة مع القارة السمراء سياسيا واقتصاديا؟ < اهتمامي بالفن الإفريقي ليس طارئا ولا وليد اليوم، وليس مسايرة للموضة، بل هو نابع من اقتناعي الخاص بالروابط التاريخية والفنية التي تربطنا به، إذ منذ أن ولجت المجال الفني حرصت على أن أمزج الإيقاعات المغربية الأصيلة، وهي إفريقية محضة، وأنغامها الموسيقية، مع الموسيقى الغربية التي تشبعت أيضا بعشقها، إذ أن المزج الموسيقي «الفيزيون» يشكل أيضا أحد المداخل الأساسية لربط الجسور بين الشعوب فنيا، وبطريقة أيسر وأسهل، عبر البحث عن المشترك بين الإيقاعات والأنغام التي تفرزها الحضارة الإنسانية لأن الإنسان واحد والفن واحد مهما تعددت أشكاله وصوره. < إلى جانب اهتمامك بالمزج الموسيقي لك اهتمام آخر بإعادة توزيع الأغاني القديمة؟ < نعم فإعادة توزيع الأغاني القديمة يمنحها حياة أخرى وامتدادا في الزمن، فرغم عشقي للموسيقى الغربية مثل الروك وغيرها، إلا أنني تربيت على سماع الأغنية المغربية الأصيلة وأنغامها التي أبدعها فنانون استثنائيون مثل الراحل عبد القادر الراشدي وعبد الوهاب الدكالي وناس الغيوان وغيرهم، لكن هذه الأغاني رغم روعتها إلا أنها عانت مشكلا في التوزيع الموسيقى إذ في الغالب سجلت على نحو «مونوفوني» أي بمسار صوتي واحد، لذا فإن الطابع «البوليفوني» أي إضفاء تعدد الأصوات عليها عبر التوزيع الموسيقي الحديث يبرز قيمتها الفنية الحقيقية ويجعلها قابلة للاستهلاك حتى لدى المستمع الغربي. < قضيت جزءا من حياتك في إسبانيا قبل أن تقتنع أن تألقك الفني لن يكون إلا في المغرب كيف جاء ذلك؟ < درجت على الاشتغال مع العديد من الفنانين الغربيين والمغاربة، منهم على وجه الخصوص بعض معلمي كناوة مثل الراحل محمود غينيا، إذ رافقته بالكيتار الكهربائي في العديد من سهراته بأوربا، وفي إحدى المرات كنت بصدد مرافقته في العزف بمهرجان «كناوة» بالصويرة، في بداية الألفية الجديدة، لكن خلافا بينه وبين المنظمين في آخر لحظة جعله يرفض المشاركة، فوجدت نفسي في موقف حرج سيما أنني جئت من إسبانيا من أجل العزف أمام الجمهور، فما كان مني إلا أن قصدت المعلم عبد الرحمن باكو، نجم مجموعة ناس الغيوان، فاقترحت عليه نفسي للمشاركة في سهرة أحياها ضمن المهرجان فكانت فرصة ليكتشفني الجمهور هناك باعتباري مغربيا يعزف موسيقى غربية إلى جانب كناوة، في الوقت الذي كان فيه المنظمون بمجرد ما يفكرون في تقديم وصلة فيزيون يستدعون عازفين غربيين وكأنهم الوحيدون الذي يجيدون فعل ذلك. كان ذلك نوعا من «الحكرة» < سبق أن قدمت ألبوما جمعت فيه عازفين كناويين كيف كان ذلك؟ < نعم كان ذلك في 2003، إذ عدت إلى الصويرة واخترت 15 عازفا كناويا، واعتكفنا في قرية الديابات لمدة ستة أشهر من أجل إعداد ألبوم غنائي بعنوان «قنطرة» حقق نجاحا كبيرا لدرجة أن مجلة أمريكية متخصصة في الموسيقى كتبت عنه بأنه «ألبوم لكل الأزمنة» وبفضله توصلت برسالة ملكية وأنا في إسبانيا تهنئني على نجاحه، ومنها فهمت أنه علي العودة إلى المغرب، ومن هناك استأنفت مساري الفني الذي توزع بين الغناء والعزف والتأليف والتوزيع الموسيقيين الخاص بالأفلام والأعمال التلفزيونية. أجرى الحوار: عزيز المجدوب في سطور > من مواليد أكادير. > قضى فترة في وجدة قبل أن يهاجر إلى إسبانيا. > تعلم الموسيقى بشكل عصامي وفي رصيده أزيد من 8 ألبومات.

كناوة لم تكن موسيقى العبيد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

أمير وتحيحيت في "لالة العروسة"

مصر تفشل مخططا إرهابيا جديدا

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات