فضح المجالس… وسيلة لإدارة المشاورات

بنكيران يدير المفاوضات بقليل من الكلام وكثير من التسريبات لحزب العدالة والتنمية قصة طويلة مع "التسريبات"، فحينما وصل إلى الحكومة بدأ في تسريب الوثائق قصد الضغط على معارضيه، ودفعهم إلى الصمت في مواجهة سياسات الحكومة. فحينما اختار التجمع الوطني للأحرار، عقب انتخابات 2011 المعارضة، تسربت وثيقة "تبادل العلاوات" إلى وسائل الإعلام بين رئيس الحزب صلاح الدين مزوار والخازن العام للمملكة. يومها أدركت الأحزاب أن الأمر يتعلق بأسلوب في تدبير الاختلاف يطبع عمل أفراد "بيجيدي" الذين تغلغلوا في دهاليز الدولة. لقد أدار رئيس الحكومة المكلف، عبد الإله بنكيران، مشاورات تشكيل الحكومة بقليل من الكلام وكثير من التسريبات. وقد نهج هذا الأسلوب من أجل الرد على مفاوضيه، من جهة، والتأثير على مسار المفاوضات، من جهة ثانية، بما يخدم اصطفاف الراغبين في دخول الحكومة إلى جانبه. أولى هذه التسريبات قضية اشتراط التجمع الوطني للأحرار، استبعاد حزب الاستقلال من تشكيلة الحكومة نظير دخول الأحرار في التحالف. وثانيها، حين أعلن قيادي في العدالة والتنمية، لا يحضر جلسات المشاورات طبعا، أن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية اقترح على رئيس الحكومة المكلف تشكيل الأغلبية دون انتظار التجمعيين الذين كانوا يستعدون حينها لعقد مؤتمر استثنائي ينتخبون فيه عزيز أخنوش خليفة لسلفه صلاح الدين مزوار. تسريبات كان لها وقع على تدبير بنكيران لتحالفاته المقبلة، فنهج هذا الأسلوب إستراتيجية في التعاطي مع مطالب الأحزاب التي يفاوضها، بغرض تحقيق هدفين: الأول يكمن في محاولة كشف الغطاء عن مواقف الأحزاب التي تجالسه حيال بعضها البعض، بشكل يضعها جميعا في موقع تصادمي ويجعله هو في وضعية الحكم بينها، والباحث عن تذويب خلافاتها حتى يضمن مشاركتها جميعها في تشكيلته الحكومية. والغاية من ذلك أن يحتفظ رئيس الحكومة بهامش للمناورة يدير بها ما تبقى من الزمن التفاوضي المتبقي قبل العودة إلى الملك، في حال فشل في تشكيل الحكومة كما سبق ووعد بذلك. أما الهدف الثاني، فيكمن في إيهام الأحزاب أن الأغلبية العددية التي يبحث عنها متوفرة، وأنه حين يفاوض من موقع الأغلبية في البرلمان، يكون في منأى عن شروط الحزب الذي يفاوض، وهذا ما حدث مع التجمع الوطني للأحرار، حين التقى رئيسه، بعد أن حصل على ضمانة من قيادة الاتحاد الاشتراكي، يقضي بمشاركته في الحكومة. فالتسريبات التي تشي بوجود أغلبية عددية تشكلها أحزاب الكتلة الديمقراطية، إلى جانب العدالة والتنمية، يمكن لها أن تشكل وسيلة للضغط على الحلفاء المفترضين، من قبيل الأحرار والحركة الشعبية، الذي وقع في الفخ حين تودد في بيانه الأخير لرئيس الحكومة بصفته "سياسيا محنكا" قادرا على تجاوز "البلوكاج". تصريح صدر في بيان للمكتب السياسي للحركة الشعبية، وقرأ فيه الكثير من المتتبعين وجود مخاوف حركية من إبعادها عن التحالف الأغلبي. في إدارة بنكيران لمشاورات تشكيل الحكومة، لم تكن التسريبات وحدها آلية لتدبير هذه المرحلة، بل استغلت قيادة العدالة والتنمية إفادات أمين عام حزب الاستقلال، حميد شباط، بشأن وجود اتصالات سابقة بين الاستقلال والاتحاد والأصالة والمعاصرة، كانت تروم قطع الطريق أمام قيادة "بيجيدي" للحكومة لولاية ثانية. هذه المعطيات استغلها بنكيران ليزكي طرحه القاضي بإبعاد "البام" عن دائرة المشاورات من جهة، والإبقاء على كل الأوراق في دائرة التفاوض من جهة أخرى. فالسباق حول رئاسة مجلس النواب، الذي كان جزءا من اتفاقات سرية بين الاتحاد الاشتراكي و"البام"، وفقا لتسريبات شباط عن اللقاء الذي جمعه بإلياس العماري وإدريس لشكر، (السباق) لن يكون إلا من داخل تفاوض جماعي يجعل رئاسة مجلس النواب جزءا من تفاهمات تشكيل الأغلبية. إحسان الحافظي

فضح المجالس… وسيلة لإدارة المشاورات

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

زعيم المعارضة الجزائرية يصدم نظام بوتفليقة ويحذر من الدخول في صراع مع المغرب

مشاورات بنكيران… "بارد وسخون"

مقالات ذات صلة