إضرام النار في الجسد… موضة الاحتجاجات

منذ حادث وفاة البوعزيزي حرقا بتونس، أضحى إضرام النار في الذات، موضة الاحتجاجات. عند كل استفزاز أو تماطل في فتح الحوار وتلبية المطالب، يعلن المحتجون عن محرقة جماعية أو فردية، وسيلة للضغط على المسؤولين، خاصة بعد 20 فبراير. جهة فاس بدورها، ابتليت بالظاهرة، وسجلت حادثا مأساويا بمولاي يعقوب، وتهديدات بالإحراق في مواقع مختلفة خاصة بميسور، لما لوح سكان قبيلة أهل إكلي، بمحرقة لمناسبة الذكرى الأولى لاعتصامهم، بعد هدنة دامت أسابيع، لإفساح المجال للسلطات، لتسوية مشكل احتجاجهم. وفضلت تلك الجماعة السلالية، الاستمرار في احتجاجاتها بطرق سلمية، بعيدا عن أي محرقة أو إضرام النار في الذات، لإيمانها بمشروعية مطالبها بعد أن تضررت مصالحها جراء استحواذ «مافيا العقار»، على أراضيها، عكس ما أقدم عليه، 3 أعوان مصلحة مؤقتين ببلدية مولاي يعقوب. صباح يوم الثلاثاء 15 مارس الماضي، التأم أعضاء المجلس البلدي لمولاي يعقوب، لإنهاء الدورة العادية لفبراير، في مرحلة تكميلية خصصت لتدارس النقطة المتعلقة بالمخطط الجماعي للتنمية خلال الفترة الممتدة بين سنتي 2001 و2016. لا أحد منهم، كان يعتقد أن يحاولون إحراق أنفسهم.فشلت كل محاولات الأعوان الثلاثة، إقناع رئيس البلدية، بضمان استفادتهم من تعويضات الأشغال الشاقة، وترسيمهم بعد سنوات من العمل المضني الذي لم يجنوا منه، سوى المشاكل والمتاعب بعد أن تم تعطيل ملفهم الإداري بسبب «غيابه المتعدد» حسب ادعائهم. في ذاك الصباح طرقوا بابه نحو الحادية عشرة، مجددين مطالبهم، لكنه «لم يستجب لذلك»، بل تعرضوا إلى سب وشتم واعتداء، حسب ادعائهم، ما أجج غضبهم ليعمدوا إلى صب البنزين فوق أجسادهم، ويصابوا بحروق متفاوتة الخطورة تطلبت نقلهم إلى المركز الاستشفائي الجامعي بفاس.لم يكن الأعوان يوسف بابا وأحمد بهراوي ومحمد الهيلوش، ينوون من إضرام النار في أجسادهم، سوى إثارة الانتباه لملفهم، وهم الذين لم يرسموا رغم قضائهم بين 11 و12 سنة، في العمل، بينما يفرض قانون الوظيفة العمومية، الترسيم بمرور 7 سنوات فقط، على بداية العمل.كانت ساحة البلدية كانت شاهدة على هذا الحادث، الذي اختلفت رواية البلدية بخصوصه، بعد أن عمد رئيسها إلى توضيح ما نشر في حينه، زاعما أن إضرامهم النار في أجسادهم، «افتراء وكذب لا صلة له بالحقيقة»، متحدثا عن «مغرر بهم، احتجوا أمام مقر البلدية وتم استقبالهم وحل سوء الفهم لديهم».قال الرئيس إن المشكل حل بحضور السلطة المحلية في شخص باشا المدينة، مستدركا القول إنه «بعد خروجهم من مكتبي، وبدء أشغال الدورة، فوجئنا بأنهم يريدون حرق أنفسهم، فهرعنا لإنقاذهم ، فلم نجد أي أثر للحروق التي ادعت الجرائد لا من الدرجة الأولى ولا الثالثة». ولم يكتف الرئيس بتكذيب ونفي واستنكار الحادث الذي وصفه ب»الفتنة»، بل أدلى بتقرير طبي منجز من قبل الطبيب الرئيسي بالمركز الصحي مولاي يعقوب، شهد فيه استقباله ليوسف بابا وأحمد البهرواي، ومراقبتهما صحيا لساعتين، ل»يتأكد أنهما في صحة جيدة وسمحنا لهم بمغادرة المركز».لكن هذا الطبيب لم ينف انبعاث رائحة البنزين من جسدي الشخصين وملابسهما، ووجود بعض الضيق في تنفسهما وحساسية جلدية مع احمرار، وحالة غثيان، تطلبت علاجا بأدوية مضادة للحساسية والغثيان وجرعات مهمة من الأوكسجين، وغسل جسديهما بالماء الساخن والصابون. ومهما تكن تبريرات الرئيس، وحقيقة إضرام الأعوان الثلاثة للنار في أجسادهم، فواقع عملهم وعدم ترسيمهم يطرح أكثر من علامة استفهام، خاصة أن أحدهم يبلغ من العمر 56 سنة، وقضى أكثر من 12 سنة في العمل بالمصلحة. ولو حلت مشاكلهم، ما كانوا ليقدموا على ما حدث. حميد الأبيض (فاس)

إضرام النار في الجسد… موضة الاحتجاجات

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

محاولات انتحار بعدد من المدن لأسباب اجتماعية

محاولة مفبركة لإحراق الذات بالرباط

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات