اجتهادات قضاة النقض في “كوب 22”

رواق المحكمة في قمة المناخ استعرض قرارات متقدمة في فض النزاعات البيئية استقطب مؤتمر المناخ العالمي "كوب 22" عددا مهما من المؤسسات والمرافق الحيوية للدولة، أثثت إلى جانب الجمعيات والمنظمات غير الحكومية فضاء المنطقة الخضراء بقرية باب إيغلي في مراكش، التي تستقبل آلاف الزوار على مدار اليوم، منذ انطلاق أشغال قمة المناخ الاثنين الماضي، يتعلق الأمر بمؤسسات حساسة مثل محكمة النقض، التي بصمت مشاركتها في الحدث باستعراض منجزاتها في مجال حماية البيئة، والحرص على احترام التشريعات المتعلقة بها في القانون، وذلك من خلال اجتهادات قضائية وأحكام، عرضتها المحكمة في رواقها الخاص. بدر الدين عتيقي (موفد الصباح الى مراكش) كشفت الاجتهادات القضائية لمحكمة النقض بخصوص الشأن البيئي، تحديدا تلوث الهواء، عن تقدم تشريعي في تدبير الملفات الإدارية، التي تنتصب فيها الدولة طرفا في النزاع، إذ رفضت المحكمة طلبا استئنافيا في نزاع بين المجمع الشريف للفوسفاط ومجموعة ورثة (أشخاص طبيعيون)، معللة الرفض بأن إثبات الضرر والعلاقة السببية بينه وبين الفعل الضار أمر واقع، ذلك أن المحكمة عندما قضت بالتعويض، اعتمادا على الخبرة المأمور بها لتحديد الضرر، وعلاقته بالجهة المنسوب إليها إحداث الضرر، أثبتت وجود ضرر ناتج عن انبعاث غازات الفليور والمواد الدقيقة المتطايرة المصاحبة لها، أثناء تصنيع الحامض الفوسفوري والأسمدة عبر أبراج بعد غسلها، للتقليل من انبعاثها في الهواء، وأن هذه النفايات تنتهي بالتساقط على أوراق النباتات وأرض المشتكين. وفي اجتهاد قضائي آخر، أكد قرار لمحكمة النقض أن الضرر الناتج عن تلويث البيئة لا يخضع للتقادم، إذ رفضت المحكمة طلبا استئنافيا من صاحب محل حرفي يستغل في ممارسة أعمال النجارة بواسطة آلات كهربائية، ينتج عنه ضجيج وتلوث وروائح بسبب المواد الكيماوية والغبار، ذلك أنه إذا كان الضرر ثابتا لدى محكمة الاستئناف عبر ضجيج وغبار الآلات، حسب نص القرار، فإن قضاة النقض أكدوا أن الضرر هنا، المتمثل في إصابة عائلة المشتكي بالربو بسبب الغبار، لا يمكن إخضاعه للتقادم، لعدم معرفة بداية تأثيره، حتى ولم يكن هذا المرض نتيجة الاعتبارات المذكورة (الغبار). سوء الجوار تناولت قرارات محكمة النقض واجتهاداتها في مجال حماية البيئة، ملفات "سوء الجوار"، خصوصا تلك التي تنتصب فيها الدولة طرفا، إذ أقر قضاة النقض في ملف يعود إلى 2008، مسؤولية المجمع الشريف للفوسفاط ضد أحد الأشخاص الطبيعيين، ثابتة في إلحاق الضرر بالجيران، انطلاقا من نظريتي مضار الجوار وتحمل التبعية، فالنظرية الأولى المعروفة أيضا، بالضرر غير المألوف، الذي يتجلى حسب وقائع القضية،في انبعاث الدخان والغازات من معامل المؤسسة الفوسفاطية، ما تسبب في الإضرار بمزروعات المدعي، وهي مسؤولية لا تقوم على الخطأ أو التعسف في استعمال الحق، وإنما على نظرية تحمل التبعية، بمعنى أن المجمع يتحمل نتيجة نشاط استعمال معامله، التي يستفيد منها، ما يلزمه في المقابل بأداء تعويض لأصحاب الأراضي المجاورة والمتضررة. وأيدت محكمة النقض حكما استئنافيا في قرار صادر في 2009، ضد صاحب محل لإصلاح السيارات، من خلال التأكيد على صواب الإجراء الذي اتخذه رئيس المجلس الجماعي ضد المستأنف، إذ استند على مقتضيات المادة 50 من القانون رقم 78-00، المتعلق بالميثاق الجماعي، في توجيه إنذار إلى صاحب المحل، الذي يزاول نشاطه بدون ترخيص في حي سكني، ويقلق راحة السكان ويتسبب في أضرار بيئية، خصوصا أن الإطار التشريعي المذكور، يخول لرئيس المجلس ممارسة اختصاصات الشرطة الإدارية في ميادين الوقاية الصحية والنظافة والسكينة العمومية، ومن ضمنها مراقبة الأنشطة التجارية والمهنية غير المنظمة. استغلال المقالع رفضت محكمة النقض في قرار معلل، يعود تاريخ صدوره إلى 2012، طعنا استئنافيا للمندوبية السامية للمياه والغابات، في مواجهة المجلس القروي إثنين أكلو، بعد أن اعتبرت المحكمة أن القرار الإداري الذي اتخذته المندوبية بالتجديد لترخيص شركة لاستغلال مقلع للحصى، موضوع احتلال مؤقت للملك الغابوي، مخالفا لأحد العناصر الواقعية التي بني عليها، ذلك أن الدولة (مندوبية المياه والغابات)، استندت في اتخاذ قرارها على محضر اجتماع المجلس القروي، الذي قرر عدم الموافقة على طلب الشركة بتجديد الترخيص، اعتبارا لشكايات للمواطنين حول الأضرار التي لحقتهم جراء استعمال المتفجرات، إذ كان ينبغي على الدولة هنا، حسب منطوق القرار، قبل إصدار قرارها، ألا تتغاضى عن هذه المعطيات، والأخذ بعين الاعتبار جميع العناصر القانونية والواقعية. ومن هذا المنطلق، فإن الملك الغابوي، موضوع الاحتلال المؤقت، من أجل استغلاله مقلعا للحصى، يوجد داخل المجال الترابي للجماعة، علما أن تحديد شروط المحافظة على الملك الغابوي واستغلاله واستثماره من الاختصاصات الذاتية للمجلس الجماعي، طبقا للمادة 36 من القانون 00-78، المتعلق بالميثاق الجماعي، وبالتالي فإن الإطار التشريعي يخول للمجلس، السهر على ضمان الوقاية الصحية والنظافة وحماية البيئة، وحسب مقتضيات المادة 40 من القانون نفسه، فإن صفة ومصلحة رئيس المجلس في هذه النازلة، تظل قائمة للطعن في تجديد ترخيص الاستغلال من قبل المندوبية السامية للمياه والغابات. الأمن البيئي سجلت الاجتهادات القضائية لمحكمة النقض تقدما كبيرا، حين رفضت استئناف الدولة ضد حكم بالتعويض لفائدة أحد الفلاحين بجماعة القصابي، بعد أن أتلفت الخنازير البرية محصوله من القمح الطري، إذ علل قضاة النقض القرار الصادر في 2013، بالتأكيد على أنه إذا كانت الدولة سمحت واحتفظت بوجود الخنازير المذكورة فوق أراضيها، والعيش فيها قصدا، وأصدرت قوانين لحمايتها وصيدها أيضا، لإنها تكون تبعا لذلك، ملزمة باتخاذ الاحتياطات اللازمة لحراستها ومنعها من إحداث الضرر، وبالتالي فإن المحكمة لما تبين لها من وثائق الملف، تأكدت من تسرب هذه الحيوانات إلى أرض المتضرر واتلفت المحاصيل، كما هو ثابت من خلال الخبرة المنجزة، ما يحيل على ثبوت مسؤولية الدولة بمقتضى الفصل 87 من قانون الالتزامات والعقود. وعادت محكمة النقض في قرار آخر، صادر في 2011، اعتبرت خلاله أن عدم تحديد المنطقة المحمية، لا يعني السماح بنزع براعم النخيل منها، وكذا عدم التقيد بالمقتضيات القانونية التي توجب الحصول على إذن سابق من الإدارة للقيام بذلك، إذ تعاقب المادة 17 من القانون 01 - 06، المتعلق بالتنمية المستدامة بمناطق النخيل وبحماية نخل التمر، كل من اقتلع أو قطع نخلة أو عدة نخلات تمر، دون إذن سابق من الإدارة، وكذلك الأمر في المادتين 12 و13 من القانون نفسه، اللتين تتضمنان عقوبات في حق كل من شوه أو أحرق نخلة أو عدة نخلات تمر، أو ألحق بها ضررا مستديما، أو أتلف واحدة أو أكثر من الشتلات أو الأغراس الفتية. التسرب النفطي يجر "سامير" إلى المحكمة لا تكاد علاقة شركة "سامير" بالمحاكم تنتهي، إذ سجلت الشركة التي تعيش حاليا فصول التسوية القضائية، حضورها في أحد قرارات محكمة النقض، الذي رفض طلبا استئنافيا ضد حكم صادر لفائدة أشخاص طبيعيين، يملكون أرضا فلاحية في دوار أولاد حسون بالصخيرات، ويزاولون عليها أنشطة الفلاحة وتربية المواشي، توجهوا إلى المحكمة للمطالبة بتعويض عن الضرر اللاحق بهم، من قناة نفطية تمر تحت أرضهم، تربط بين معملين للتكرير تابعين للشركة، أدى تسرب المواد النفطية منها، إلى تلـويث الفرشة المائية والآبار، وتسبب أيضا، في نفوق مجموعة من المواشي، قبل أن تصبح الأرض غير صالحة للفلاحة، ما نتج عنه في النهاية، إفلاس المتضررين.

اجتهادات قضاة النقض في “كوب 22”

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مزوار: بيروك استخدمت جنسية غير معترف بها

متضررون من مشروع بتطوان يستنجدون بالملك

مقالات ذات صلة