الوسيـط يرفـع الرايـة البيضـاء

39 توصية لحقت بمائة أخرى مركونة على رفوف مكاتب بنزاكور إذا كانت مقاصد مؤسسة الوسيط، التي خلفت ديوان المظالم، تصب في جبر الأضرار ورفع المظالم التي قد يعانيها المواطنون جراء اختلالات سير بعض الإدارات، أو سوء تطبيقها للقانون، بما قد يصدر عن بعض المسؤولين الإداريين من تعسف أو شطط أو تجاوز في استعمال السلطة، فإن المؤسسة ظلت منذ تأسيسها قاصرة عن أداء هذا الدور، إذ تؤثث رفوفها مئات التوصيات، التي ما زال أصحابها معلقين دون حل، بين إدارة متعنتة وتوصيات مؤسسة دستورية يصفها المتضررون بـ«الصورية»، علما أن عدد التوصيات التي استنفد أصحابها جميع السبل دون جدوى، أي تلك التي بلغت النفق المسدود، يصل إلى مائة توصية، وهو رقم مرشح للارتفاع حسب المعطيات الجديدة، الواردة في التقرير السنوي لوسيط المملكة. يفيد الاضطلاع على فحوى التقرير السنوي الصادر عن وسيط المملكة، استمرار حالة «بلوكاج» في عمل هذه المؤسسة، التي لم تعبر بعد إلى مرحلة ما بعد دستور 2011، إذ ما زال الظهير المؤسس لهذه المنظومة التي تستهدف الدفاع عن مصالح المواطن في علاقته مع الإدارة، قاصرا عن تسليحها بالإجراءات والتدابير الكفيلة بأداء دور فاعل واكتساب الصبغة التنفيذية في تدخلاتها، ذلك أن المادة 14 من الظهير المذكور، تلزم الإدارة داخل أجل 30 يوما، قابلة للتمديد لمدة إضافية، بالقيام بالإجراءات اللازمة للنظر في القضايا المحالة عليها من الوسيط، الذي يتعين إخباره كتابة بالقرارات أو الإجراءات التي اتخذت بشأن توصياته واقتراحاته، وهو الأمر الذي لا ينفذ فعليا على أرض الواقع، ذلك أن معطيات خاصة، حصلت عليها «الصباح»، تؤكد استمرار احتفاظ المؤسسة بما يناهز 100 توصية لم يتم تنفيذها أو إيجاد حل بشأنها حتى الآن، علما أن حملة توصيات عبد العزيز بنزاكور، وسيط المملكة، أصبحوا يراهنون اليوم على تدخل ملكي من أجل إنصافهم. وينطلق حملة التوصيات في الدفاع عن تمكين الوسيط من سلطات تنفيذية واسعة، من أن التوصيات صادرة باسم الملك، بما يجعلها حسب رأيهم، نافذة ومحصنة وغير قابلة للطعن، بينما يتهمون رئيس الحكومة بعدم تفعيل اختصاصاته الدستورية، خصوصا الواردة في المادة 89 من الدستور، التي تنص على أن الحكومة تمارس السلطة التنفيذية، وتعمل تحت سلطة رئيسها، على تنفيذ البرنامج الحكومي وضمان تنفيذ القوانين. علما أن الإدارة موضوعة تحت تصرفها، فيما تمارس الإشراف والوصاية على المؤسسات والمقاولات العمومية، وبالتالي فعبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، تخلى عن جزء من اختصاصاته التي تخوله إجبار الإدارة على تنفيذ ما يرد في توصيات مؤسسة الوسيط، وفق الضوابط القانونية المحددة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى محمد حصاد، وزير الداخلية، الذي تملص من دوره في تفعيل مبدأ الحلول، المنصوص عليه في الفصل 77 من الميثاق الجماعي، في حق الجماعات الترابية الرافضة لتنفيذ التوصيات الصادرة عن الوسيط. "في انتظار غودو" واقع حملة التوصيات اليوم، يصح فيه ما تحتمله المسرحية الشهيرة «في انتظار غودو» لكاتبها الإيرلندي صمويل بيكيت، من معاني الانتظار دون جدوى، والتيه بين مؤسسة لا تمتلك القوة التنفيذية لإجبار الإدارة على تصحيح اختلالاتها، وحكومة تنصلت من التزاماتها في هذا الشأن، وهو الواقع الذي تؤكده إحصائيات السنتين الماضيتين، الواردة في التقرير السنوي لمؤسسة الوسيط، ذلك أنه إلى حدود دجنبر الماضي صدرت عن وسيط المملكة 283 توصية إجمالا، تمت الاستجابة لـ62 منها فقط، أي أقل من ربع التوصيات (21.9 %). وتعذر الاستجابة لما مجموعه 39 توصية، بتأكيد من الإدارات المعنية (طرف النزاع مع صاحب الشكوى والتظلم)، التي تمسك أغلبها بالأسباب التي سبق أن تحججت بها خلال مناقشة القضية، الأمر الذي اعتبره الوسيط غير مقبول، لأن ما تتشبث به هذه الإدارات تم تجاوزه والرد عليه، ليوجهها إلى البحث عن الصيغة التي تؤدي إلى بلوغ ما تم الحسم فيه، فيما تأتي على رأس هذه الإدارات، وزارة الداخلية بمفهومها الشامل، أي الإدارة والجماعات الترابية، فيما لم يتم إخبار المؤسسة بمآل127شكاية، لم يتفقدها المعنيون بها من المشتكين، ما يمكن اعتباره تسوية للنزاع القائم بشأنها، بينما توصلت بمراسلات بشأن 50 توصية، تؤكد الإدارة أنها في طور الدراسة. أما خمس توصيات، فكان مصيرها في ردهات المحاكم، إذ فضل أصحابها اللجوء إلى القضاء، ما عجل بحفظ الملفات المتعلقة بها. ويظهر رصيد الوسيط من متأخرات الشكايات والتوصيات ومآلها، الذي يرجع لسنوات سابقة، أن 390 شكاية تمت تسويتها أو أخذت طريقها إلى ذلك، أي ما يمثل 22.6 % من إجمالي الشكايات المتخلفة، فيما تعذرت تسوية 435 شكاية، وصدرت بشأنها مقررات أو توصيات، أي ما يتجاوز الربع (25.2 %)، علما أنه ما زالت 755 شكاية في طور البحث والتحري (43.7 %)، وكذا 112 شكاية تم توجيه أصحابها من لدن الإدارة إلى ما يتعين فعله (6.5 %)، فيما رفعت المؤسسة يدها عن 34 شكاية بعدما تبين أنها معروضة على القضاء (2 %)، إلى جانب 388 شكاية تمت مراسلة المشتكين بشأنها، من أجل تتميم الملف لقبول الشكاية (17.4%)، موازاة مع حفظ 42 شكاية (1.9 %)، ناهيك عن 41 شكاية أحيلت على المجلس الوطني لحقوق الإنسان (1.8 %)، و39 شكاية لا تندرج ضمن اختصاص المؤسسة (1.7 %). حبر على ورق تفاقم مشكل التوصيات غير المنفذة، بارتفاع الصادر منها خلال السنة الماضية بزائد 45 %، ليستقر عددها عند 283 توصية، إلا أنها تظل حسب حسن العمراني، حمل توصية، حبرا على ورق، الذي لم تجد مشاكله مع والي جهة فاس من أجل استعادة قطعة أرضية طريقا للحل منذ سنوات، رغم توفره على توصية من الوسيط بإعادة الوعاء إليه، ذلك أنه استفاد بتاريخ 20 ماي 2005 بموجب مقرر من والي الجهة، يرخص له بالكراء بالتراضي لقطعة أرضية مخزنية مساحتها تتجاوز خمسة هكتارات، وتقع على الطريق المحورية صفرو- إيموزار كندر، ليشرع في عملية الاستثمار وإعداد الدراسات بخصوص مشروع، قبل أن يفاجأ في 2009، بصدور قرار عن الوالي يقضي بالعدول عن القرار السابق، بحجة أن الأرض المذكورة، خصصت من أجل المنفعة العامة، قصد إنجاز منشآت جامعية عليها. ويوضح العمراني أنه استنفد جميع السبل من أجل إجبار الإدارة على إعادة أرضه إليه، رغم أن اللجنة الجهوية وافقت على الملف الاستثماري الذي تقدم به بخصوص القطعة الأرضية المذكورة، مؤكد أن التوصية التي يحملها ذيلت بما يفيد تسجيل الوسيط عدم تنفيذ الإدارة للالتزام الصادر عنها لصالح المشتكي، وبالتالي ضياع مشروعه الاستثماري، ما يؤكد أحقيته في الحصول على تعويض من جبر الأضرار التي لحقت به، إذ دعا وسيط المملكة في هذا الشأن، والي جهة فاس، إلى اتخاذ جميع الإجراءات المناسبة لمنح التعويض الملائم للمعني بالأمر عن تلك الأضرار، كما أمر بتبليغ هذه التوصية إلى كل من وزير الاقتصاد والمالية ووالي الجهة، ومدير أملاك الدولة بالرباط، وكذا المشتكي، وإخبار المؤسسة بما تم تخصيصه للموضوع داخل أجل ثلاثة أشهر، إلا أن هذه الأشهر تحولت إلى شهور وسنوات، علما أن تاريخ صدور التوصية يعود إلى السنة ما قبل الماضية. نزاعات الاقتصاد والمال على غرار ملف العمراني الاستثماري، تلقى الوسيط ما مجموعه ألفا و482 شكاية ذات طبيعة اقتصادية ومالية خلال السنة الماضية، أي 15.4 % من الشكايات المتوصل بها، التي تدخل ضمن اختصاص المؤسسة، ترتبط في إجمالها بالامتناع عن تنفيذ الأحكام وطلبات تسوية الوضعية المعاشية، المدنية أو العسكرية، وكذا طلبات الاستفادة من الخدمات الاجتماعية، ونزاعات مع مؤسسات الدولة تحمل الطبيعة ذاتها، إلى جانب منازعات جبائية، وأخرى تخص أملاك الدولة، إضافة إلى تظلمات من قرارات إدارية، وشكاوى متعلقة بتسوية الوضعية الإدارية والمالية للموظفين، وطلبات التمكين من المستحقات المالية عن نزع الملكية. وتوزعت باقي الشكايات المتوصل بها من قبل الوسيط بين قطاعات التربية الوطنية والتكوين المهني (ألف و21 شكاية)، والتشغيل والشؤون الاجتماعية (694 شكاية)، وكذا الفلاحة والصيد البحري (467 شكاية)، والطاقة والمعادن (398 شكاية)، إلى جانب التجهيز والنقل (368 شكاية). أما توزيع الشكايات حسب التقسيم الجهوي الجديد، أظهر استحواذ جهة البيضاء- سطات على 17.7% من الشكايات، متبوعة بجهة فاس- مكناس بما نسبته 12.3 %، ثم جهتي طنجة- تطوان- الحسيمة والرباط- سلا- القنيطرة بالحصة نفسها 11.7%. بنكيران "مسخوط" الوسيط تتلقى مؤسسة الوسيط استنادا إلى المادة 26 من الظهير المؤسس لوسيط المملكة، تقارير سنوية من المخاطبين الدائمين لها (الإدارات المختلفة)، بما يمكن من تتبع عمل الإدارة في مجال الشكايات والتظلمات، وكذا طلبات التسوية المحالة عليها، في الوقت الذي تمركزت رئاسة الحكومة على رأس الإدارات التي امتنعت عن تزويد وسيط المملكة بتقريرها السنوي، وهو المعطى الذي لم يغفله تقرير المؤسسة، إلى جانب وزارتي الثقافة والفلاحة وقطاع التكوين المهني بوزارة التربية الوطنية، وكذا المجمع الشريف للفوسفاط، والمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، إضافة إلى التعاضدية العامة للتربية الوطنية واتصالات المغرب، ناهيك عن شركة «مرسى ماروك» والشركة الوطنية للنقل واللوجستيك، علما أن المؤسسة توصلت بما مجموعه 45 تقريرا سنويا حتى متم أبريل الماضي، بزيادة نسبتها 32.5 % مقارنة مع السنة الماضية. الداخلية والجماعات... حائط المبكى أفاد تصنيف بنية الشكايات الموضوعة على طاولة عبد العزيز بنزاكور، وسيط المملكة، تركز 36.7 % من الشكايات في قطاع الداخلية والجماعات الترابية، إذ توصل الوسيط بما مجموعه ثلاثة آلاف و536 شكاية في هذا الصدد، همت التظلم من قرارات إدارية، والامتناع عن تسليم شهادات أو وثائق إدارية، وكذا عدم الاستفادة من برامج إعادة الإسكان وإشكاليات تصاميم التهيئة، إلى جانب طلبات الاستفادة من الخدمات الاجتماعية، والاعتداء المادي على الملكية ونزعها من أصحابها، إضافة إلى عدم الوفاء بالعهود والالتزامات المالية، وعدم تنفيذ الأحكام الصادرة ضدها. وبلغ عدد الشكايات التي توصل بها وسيط المملكة ما مجموعه ثمانية آلاف و442 شكاية خلال سنة، حوالي 80 % منها لا تدخل بحكم طبيعتها وموضوعها ضمن اختصاص المؤسسة، أي ستة آلاف و206 شكايات، لتحتفظ بألفين و236 شكاية فقط، اعتبرت ضمن مجال اختصاصها، وراسلت في هذا الشأن الإدارات المعنية، بشأن ألف و726 منها، فيما دعت 388 مشتكيا إلى استكمال المعطيات التي تمكن من البت فيها، في الوقت الذي تم حفظ 42 شكاية لعدم الوقوف على ما يبرر التدخل، وأحالت 41 شكاية على المجلس الوطني لحقوق الإنسان للاختصاص. بدر الدين عتيقي

الوسيـط يرفـع الرايـة البيضـاء

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الرجاء وطنجة يبحثان عن ثالث فوز

المحاسبة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات