بجاية … كره النظام وعشق الكرة

الفتح يدخل القلوب في موطن زيدان وبنزيمة حلت بعثة الفتح الرياضي المتوجهة إلى بجاية الجزائرية بمطار الرباط سلا في الساعة الثامنة صباح السبت الماضي، والتفاؤل يحدو جميع أفرادها في العودة بنتيجة إيجابية تقرب الفريق من خوض النهائي الثاني في مساره ضمن مسابقة كأس الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم. كل شيء طبيعي داخل مطار الرباط سلا، اللاعبون والطاقم التقني لفريق الفتح الرياضي دخلوا في انسجام كبير مع المشجعين الذين رافقوا الفريق والوفد الإعلامي، وعلامات التركيز على المباراة بادية عليهم من خلال ارتدائهم زيا موحدا، باستثناء المسؤولين الذين كانوا يسهرون على إعداد الترتيبات المتعلقة بالسفر. الرحلة إلى بجاية استغرقت الرحلة إلى بجاية ساعة ونصف في طائرة خاصة تابعة للخطوط الملكية المغربية. كل لاعب اختار طقوسه الخاصة من أجل سفر مريح، فالبعض منهم اختار الاستماع إلى الموسيقى، والبعض الآخر تحلقوا حول بعضهم من أجل قضاء وقت ممتع في انتظار الوصول، فيما فضل آخرون قراءة القرآن، باستثناء المهدي خاليص الذي بدا أن الرحلة لم تكن مريحة بالنظر إلى وضعية الكراسي التي لا تتناسب مع طوله الفارع. بعد انطلاق الرحلة كانت فرصة للمسؤولين من أجل تجديد التحية للمرافقين للوفد من إعلاميين وجمهور، خاصة رئيس الفريق حمزة حجوي الذي لم يظهر إلا قبل إقلاع الطائرة بدقائق معدودة، وعند وصول الطائرة وجدت البعثة في استقبالها ممثلا عن وكالة الأسفار المتعاقدة مع الفريق من أجل إعداد سفرياته إلى الخارج، وممثل شركة جزائرية للأسفار لها شراكة مع نظيرتها المغربية، من أجل استقبال الجمهور في فندق خاص بهم والوفد الإعلامي في فندق يبعد بأمتار قليلة عنه، فيما انتقل اللاعبون في حافلة خاصة إلى فندق آخر يعد من أحسن الفنادق ببجاية وأحدثتها. بجاية تتزين انطلقت الاستعدادات للمباراة التي جمعت مولودية بجاية والفتح الرياضي صباح السبت الماضي، من خلال تخصيص استقبال بالشهب الاصطناعية للوفد المغربي، الكل على علم بوصوله، بالنظر إلى صغر المدينة التي تعد ثاني عاصمة لمنطقة القبائل بعد تيزي وزو، ومن أفضلها بالنظر إلى توفرها على أحد أكبر مصانع تكرير البترول وميناء كبير، ولها مناطق جبلية خلابة تسحر كل من يحل بها، غير أن الأمر ليس كذلك وسط المدينة التي توجد بها أوراش كبيرة للسكن وطرقها غير معبدة، وتنبعث فيها روائح كريهة، لكن جميع الشوارع الرئيسية تتزين باللونين الأسود والأخضر، وكل السيارات تطلق المنبهات إيذانا باقتراب المباراة، وتتزين بشريطين أسود وأخضر. الجميع يرحب بوفد الفتح الرياضي من رجال أمن وجمارك وأبناء منطقة القبائل ببجاية، وتحدوهم رغبة كبيرة للفوز في المباراة، ويطمحون لتسجيل نتيجة كبيرة تقربهم من التأهل إلى النهائي. "كرابس" بأحد الشوارع الرئيسية لبجاية تجمع أفراد من مختلف الأعمار يستعدون للمباراة، إنهم بكل بساطة الفصيل المساند لفريق مولودية بجاية، ويطلق عليهم التراس سرطان البحر بحكم أن المدينة توجد على ساحل البحر الأبيض المتوسط، ويرتدون الزي الرسمي الخاص بهم، ويعملون على تزيين منطقتهم كما أكدوا ذلك لـ «الصباح الرياضي». و»التراس كرابس» لا تختلف في أفكارها عما هو متعارف عليه في جميع الفصائل التي تشجع أنديتها بالعالم، غير أنهم يعتبرون أنفسهم في دولة أخرى غير دولة الجزائر، ويقولون إنهم لا يعترفون بالنظام الجزائري، وليست له سلطة عليهم في منطقتهم، ولهم علاقة وطيدة ب»التراس وينرز» الفصيل المشجع للوداد الرياضي، ويؤكدون أنهم سينزلون عندهم عند مجيئهم إلى المغرب. ويمارس أعضاء «التراس كرابس» نشاطهم دون مضايقات من السلطات الجزائرية، والجميع يعرفهم إلى درجة أن الكل يقف من أجل الاحتفال معهم وأخذ نصيب من الأشرطة الخضراء والسوداء لتعليقها على سيارته أو دراجته. ويعتبر أعضاء «التراس كرابس» أن فريقهم مولودية بجاية هو الفريق الأول في المدينة بحكم أن الفريق الثاني شبيبة بجاية يوجد في الدرجة الثانية، رغم أن العديد من المهتمين بالشأن الرياضي الجزائري يقول إن الشبيبة فريق قادم بحكم أنه مهيكل بشكل جيد، وله رؤية جيدة مستقبلا، وسيكون له شأن كبير في الكرة الجزائرية. جمهور الفتح رافق الفتح الرياضي حوالي 20 مشجعا جاؤوا إلى بجاية رفقة الفريق حاملين معهم شعارات الفريق والراية الوطنية، وأثبتوا أنهم لحمة واحدة لا يمكن لأحد أن يفرق بينهم. ورفض جمهور الفتح المرافق لفريقه مغادرة مطار بجاية بعد أن أوقفت السلطات الأمنية الجزائرية أحدهم كان قادما من بلجيكا بجواز سفر بلجيكي، بداعي عدم توفره على تأشيرة دخول التراب الجزائري، وقرروا الاعتصام إلى حين الإفراج عنه، إذ استقبلوه بالتصفيقات والتهليل، بعد أن سمحت له السلطات الجزائرية بمرافقة زملائه. واستغل الجمهور الفتحي وجوده ببجاية من أجل إجراء رحلة استكشافية بالمنطقة، بتنسيق مع مسؤولي الفتح الرياضي الذين وفروا لهم النقل، من خلال شركة السياحة المتعاقدة مع الفريق، وتمكنوا من زيارة منطقة غوراية الجبلية التي تعطي نظرة على المدينة من الأعلى، كما استغلوا وجودهم بها لاستكشاف أهم المناطق التجارية، رغم بنياتها التحتية الهشة، وشوارعها الضيقة والمزدحمة. بنزيمة وزيدان تفتخر بجاية بانتماء نجمي ريال مدريد زين الدين زيدان وكريم بنزيمة إليها، وبكونها الموطن الأصلي لهما، وبأنها المدينة التي يرتبطان بها وجدانيا. ويحكي بعض الزملاء لـ «الصباح الرياضي» أن كريم بنزيمة ياتي سنويا إلى بجاية من أجل لقاء أفراد أسرته، إذ أن جده مازال موجودا بإحدى القرى القريبة من بجاية، وله علاقة كبيرة بها، إذ أنه يفضل التجوال بها، والاستمتاع بمناظرها الطبيعية الخلابة، كما أن له علاقة وطيدة بعائلته التي يأتي لزيارتها دائما. وبخصوص زيدان، فرغم انشغالاته دائما، خاصة بعد ان أصبح مدربا لريال مدريد، إلا أنه يحب دائما المجيء، لكن على عكس بنزيمة، إذ أن زيارته لها لا تتعدى ثلاثة أيام فقط، كما أنه يفضل المجيء في سرية تامة، وفي طائرة خاصة صغيرة الحجم، كما أنه لا يحب أن يثير الاهتمام. ويوجد بالمدينة بعض أقرباء زيدان يزورهم دائما، كلما حل بها، كما أنه يحب أصوله القبائلية، فهو مهما علا شأنه في كرة القدم عبر العالم، يظل ابن بجاية المحبوبة. ملعب المباراة انتقل وفد الفتح الرياضي والجمهور المرافق له رفقة وسائل الإعلام المغربية في حافلة صغيرة الحجم، وكانت رحلة شيقة زينتها قفشات الجمهور الرباطي الذي انسجم مع جميع الزملاء الإعلاميين. ورغم أن الرحلة كانت قصيرة بحكم أن الملعب ليس بعيدا جدا عن فندقي الجمهور والصحافة، إلا أنها كانت مليئة باللقطات الجميلة التي قربت الجمهور الرباطي من المنابر الإعلامية التي رافقت الفتح، والشيء نفسه مع اللاعبين الذين اندمجوا بشكل كبير مع الجمهور، وحفزوهم بشكل كبير. ورسم جمهور بجاية لوحات جميلة في ملعب الوحدة المغاربية، وكانت تشجيعاتهم قوية جدا، استعملوا فيها جميع وسائل التشجيع المتاحة، والممنوعة في غالبيتها في الملاعب المغربية، كما أن رجال الأمن لم يتدخلوا لمنعهم، رغم أنهم كانوا يقفزون في بعض المرات فوق الحواجز ويتخطون الشبابيك الحديدية، من أجل تشجيع الفريق. ولقي مولودية بجاية مساندة قوية من التراس المساند لشبيبة القبائل الذي يعد الفريق الأول بالمنطقة، بالنظر إلى تاريخه الكبير في كرة القدم الجزائرية، إذ حل العديد من أفراده بملعب الوحدة المغاربية حاملين معهم وسائل تشجيع خاصة بفريق مولودية بجاية، وكانت درجة الحماس كبيرة، إذ عاين «الصباح الرياضي» نقل أحدهم من قبل الإسعاف بعد أن أغمي عليه بعد انطلاق المباراة بدقائق معدودة. أجواء احتفالية توجهت بعثة الفتح الرياضي مجتمعة إلى مطار بجاية بعد نهاية المباراة مباشرة، مرفوقين بالعديد من سيارات الأمن التي أمنت لهم الطريق، التي كان فيها كل شيء عاديا، لم تشهد أي أحداث شغب، رغم أن الملعب يوجد وسط منطقة آهلة بالسكان. وبعد الصعود إلى الطائرة واجتياز الحواجز الأمنية بالمطار، انطلقت أجواء خاصة بين اللاعبين، ووضح بجلاء مدى العلاقة الوطيدة التي تجمعهم، إذ أطلق المدافع الصلب آس مانداو الألوان الموسيقية التي يعشقها ويحب سماعها، وبدأ معه جميع اللاعبين في ترديدها، بما في ذلك الطاقم الإداري والإعلامي المرافق للفريق، علما أنه سهر طيلة الرحلة على توفير أجواء جيدة للاعبين والوفد ككل. وعكس رحلة الذهاب التي كانت فيها الأجواء أقل حميمية، فإن رحلة العودة كانت مليئة بالقفشات بين اللاعبين، وأحدثوا أجواء أنستهم الرحلة، رغم يومهم الشاق والمتعب. صلاح الدين محسن (موفد الصباح الرياضي إلى بجاية)

بجاية … كره النظام وعشق الكرة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

بوخبزة يترشح في تطوان بلائحة مستقلة

تذاكر مزورة بملعب تادلة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات