العقوبة التأديبية وفق التشريع المغربي

عقوبات الموظف العمومي والقاضي محددة على سبيل الحصر وتخضع لمبدأ "لا عقوبة إلا بنص" العقوبة التأديبية، هي غير العقوبة بالمفهوم الجنائي، التي يفرض فيها المشرع جزاء على جريمة ارتكبها شخص يصبح مسؤولا عن الفعل الذي ارتكبه. إن كل موظف يخالف الواجبات المنصوص عليها في قانون الوظيفة العمومية، أو النصوص التنظيمية، أو أوامر الرؤساء الصادرة في حدود القانون، أو يخرج على مقتضى الواجب في أعمال وظيفته، أو يقصر أو يهمل في تأديتها، بما تتطلبه من دقة وأمانة، أو يخل بالثقة المشروعة في الوظيفة الموكلة إليه، يعد مرتكبا للخطأ الإداري يسوغ متابعته تأديبيا. يشكل فعلا تأديبيا، كل ما يصدر عن الموظف من إخلال بواجب منصبه - إيجابا أو سلبا - سواء كان ذلك الإخلال، نص أو لم ينص عليه القانون، ما يستوجب توقيع الجزاء التأديبي عليه. العقوبات التأديبية إن العقوبات التأديبية - على خلاف الجرائم التأديبية - محددة على سبيل الحصر، وهي تخضع لمبدأ "لا عقوبة إلا بنص"، وأن السلطة التأديبية المختصة بتطبيق الجزاء ملزمة بتوقيع العقوبة التي حددها المشرع من قبل، ولا يجوز لها - أي السلطة التأديبية - أن تتجاوزها أو أن تبدل غيرها مهما كانت الدوافع، وإن كل عقوبة مخالفة للائحة العقوبات يجب إلغاؤها لمخالفتها لمبدأ "شرعية العقوبة". والعقوبات التأديبية التي تطبق على الموظف العمومي - المرسم في وظيفته -، هي عقوبات محددة في (الفصل 66) من قانون الوظيفة العمومية على سبيل الحصر، وهي مرتبة كالآتي، الإنذار والتوبيخ، والحذف من لائحة الترقي والانحدار من الطبقة والقهقرة من الرتبة، والعزل من غير توقيف حق التقاعد، والعزل المصحوب بتوقيف حق التقاعد. وهناك عقوبتان تكتسيان صبغة خصوصية وهما: الحرمان المؤقت من كل أجرة، باستثناء التعويضات العائلية لمدة لا تتجاوز ستة أشهر، والإحالة الحتمية على التقاعد، ولا يمكن إصدار هذه العقوبة إلا إذا كان الموظف مستوفيا للشروط المقررة في تشريع التقاعد. وكل عقوبة من العقوبات المذكورة تتطلب شرحا خاصا لا يسع المجال لذلك في هذا المقال. غير أن للموظف المتابع تأديبيا الحق في أن يطلع على ملفه الشخصي بتمامه، وعلى جميع الوثائق الموضوعة به، وذلك بمجرد ما تقام عليه مسطرة التأديب، وبإمكانه أن يقدم إلى المجلس التأديبي ملاحظات كتابية أو شفهية، وأن يستحضر الشهود، وأن يحضر معه مدافعا باختياره، وللإدارة أيضا حق إحضار الشهود. ويمكن للمجلس التأديبي أن يطلب إجراء بحث تكميلي إن لم يكتف بالمعلومات المعطاة له عن الأفعال المؤاخذ عليها المعني بالأمر أو عن الظروف التي ارتكب فيها تلك الأعمال. ويجب على المجلس التأديبي لإنزال عقوبة تأديبية بموظف اعتماد وقائع محددة وليس عموميات، وإلا لكانت الإدارة جائرة في قراراتها، والقرار التأديبي يجب أن يكون كتابيا ومعللا، ويتضمن الأفعال التي يعاقب عليها الموظف، وإن اقتضى الحال الظروف التي ارتكب فيها الموظف الأعمال التي تستوجب تأديبه. وهذا ما أقرته المحكمة الإدارية بالرباط في حكمها رقم 12 الصادر بتاريخ 27 يونيو 1994 الذي جاء فيه: "وبعد المداولة" من حيث الشكل: حيث أن الطعن وقع داخل الأجل ومستوف لكافة الشروط القانونية فهو مقبول من هذه الناحية. من حيث الموضوع: حيث يعيب الطالب على القرار المطعون فيه انعدام التعليل، وأنه غير مشروع لأنه معيب من حيث التكييف، بدعوى أن الأبحاث التي أجريت في عين المكان حول ما نسب للطاعن من مخالفات (القيام بتصرفات منافية للنظام الداخلي للمؤسسة) لم تؤكد ولم تنسب إليه أي فعل يستوجب به مؤاخذته، وحيث ردت الإدارة على الوسيلتين، أنها غير ملزمة بذكر أسباب القرار المتخذ في حق الطاعن، بل يكفيها أن تبين ذلك في معرض جوابها، أما حول ثبوت المخالفات، فإن التقارير المنجزة في هذا الشأن سواء من قبل مدير السجن الفلاحي بأوطيطة أو من لجنة التفتيش التي عايشت الأحداث وتقصت الحقائق واستمعت إلى عدة أطراف من سجناء، أكدت أن الطاعن تورط في ممارسات مشبوهة وباشر ضغوطات على السجناء لإخضاعهم لنزواته غير المشروعة. وحيث يتجلى مما سبق الإشارة إليه أن هيأة المجلس التأديبي اعتمدت في اقتراح تأديب الطالب على التقارير المنجزة من مدير السجن، أو من لجنة التفتيش، هذه التقارير كلها لا يُكتشف منها، ولا تؤكد أو تثبت أن الطاعن قام بالأفعال المنسوبة إليه، والتي بموجبها أحيل على المجلس التأديبي. وحيث لئن كانت لهيأة المجلس التأديبي الصلاحية في تقدير الحجج المطروحة عليها لتكوين قناعتها، فإنه يتعين عليها أن تعتمد في ذلك على وقائع محددة ومعينة وثابتة، لا على تقارير تتضمن مجرد عموميات، والتي وصفتها الإدارة بممارسات مشبوهة... دون أن تثبت تلك الممارسات. إن دور القضاء الإداري هو مراقبة الإدارة على الوقائع التي اعتمدتها في إنزال العقوبة التأديبية على المخالف، والقضاء الإداري وجد لحماية المواطن من تجاوز السلطة. وحيث أنه يكون المقرر المطعون فيه مشوبا بالشطط في استعمال السلطة عندما اعتمد وقائع غير ثابتة، الأمر الذي ينبغي إلغاؤه. لذا فإن المحكمة الإدارية قضت بإلغاء القرار المطعون فيه، فالأحكام والقرارات التي يصدرها القضاء يجب أن تكون معللة فبالأحرى القرارات الإدارية التي تصدر عن الإدارة. العقوبة التأديبية للقاضي القضاة يتمتعون بحماية الدولة وفق مقتضيات القانون الجنائي، والقوانين الخاصة الجاري بها العمل، مما قد يتعرضون له من تهديدات، أو تهجمات، أو إهانات، أو سب، أو قذف، وجميع الاعتداءات أيا كانت طبيعتها أثناء مباشرة مهامهم أو بسبب القيام بها. والقضاة ضمن لهم الدستور الحق في حرية التعبير، بما يتلاءم مع واجب التحفظ والأخلاقيات القضائية، بما في ذلك الحفاظ على سمعة القضاء وهيبته، كما خولهم الدستور الانخراط في الجمعيات، وإنشاء جمعيات مهنية، مع مراعاة واجب التحفظ والأخلاقيات القضائية، واحترام واجب التجرد واستقلال القضاء، مع احترام المبادئ والقواعد الواردة في مدونة الأخلاقيات القضائية، ويحرص على احترام تقاليد القضاء وأعرافه والمحافظة عليها. والدستور يوجب على القاضي حماية حقوق الأشخاص والجماعات وحرياتهم وأمنهم القضائي، وتطبيق القانون، ولا يتلقى القاضي بشأن مهمته أي أوامر أو تعليمات، ولا يخضع لأي ضغط، ويمنع القاضي من إبداء رأيه في أي قضية معروضة على القضاء. * قاضي مستشار بمحكمة النقض أستاذ بالمعهد العالي للقضاء سابقا

العقوبة التأديبية وفق التشريع المغربي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"البيكيني" الإسلامي يقسم العالم

تيرمينا مدربا لفتح البيضاء

مقالات ذات صلة